أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 21 أيار/مايو 2024
الثلاثاء , 21 أيار/مايو 2024


إشكالية الهوية الوطنية الاردنية

02-02-2014 03:21 PM
كل الاردن -

الدكتور محمد بني سلامة


- تغيير الهوية الوطنية الأردنية باستمرار أدى إلى ضعفها وضبابيتها.
- الهوية الوطنية يمكن أن تكون عامل توحيد وتقدم أو معول هدم وتدمير.
- هبة الكرك نقطة انطلاق أساسية في رحلة تشكل الهوية الوطنية.
- سياسة فرق تسد لا تزال ركيزة في أسلوب التعامل مع مكونات الشعب الأردني.
- وحدة الضفتين لم تؤدّ إلى خلق هوية وطنية مشتركة غير قابلة للتجزأة.
- لا بد من قوننة ودسترة قرار فك الارتباط لمنع تذويب الهوية لافلسطينية ولإثبات الوجود واستعادة الحقوق.
- الخروج من أزمة الهوية يستلزم تجديد المشروع الوطني الأردني ومقاومة ثقافة النفاق.


تاليا نص محاضرة ألقاها الكاتب بدعوة من ديوان عشيرة الغرايبة في بلدة حوارة:

بداية اسمحوا لي أن أتقدم بجزيل الشكر إلى كافة أبناء عشيرة الغرايبة على هذه الدعوة الكريمة في هذا الديوان العامر الذي سبق لي أن دخلته أكثر من مرة في مناسبات اجتماعية ووطنية، لا سيما أنني تربطني علاقات محورية بالكثير من أبناء هذه العشيرة وأخص بهم بالذكر أستاذي الفاضل الدكتور مازن خليل غرايبة وكذلك الأخ الدتكور هشام غرايبة، والمناضلين هاشم غرايبة وأدهم غرايبة وذاكر غرايبة وساري غرايبة والكثير، وبالرغم من حالة الإحباط والعزوف عن الشأن العام هذه الأيام إلا أنني لم أستطع إلا تلبية هذه الدعوة.
إنني أحب وطني وشعبي وإنني أتألم على ما آلت إليه ظروف وحالة هذا الوطن الذي تعرض لأكبر عملية نهب وسرقة بتاريخه الحديث، وهذا الشعب الذي تتكرس فيه ثقافة النفاق وحالة واللامبالاة والعزلة والسلبية والاغتراب، وهذه المعارضة الوطنية التي تعاني من الضعف والشرذمة والتفكك بالرغم من صدق الانتماء الوطني لأفرادها، في العشرينات والثلاثينات قبل الاستقلال والخمسينات والستينات بعد الاستقلال كانت الجماهير بكل ألوانها السياسية تهب بدافع الهوية الوطنية الصادقة إلى عقد المؤتمرات وتنظيم المظاهرات واللقاءات وإصدار البيانات وغيرها من أنشطة ونضال وطني.
الواقع المأساوي الذي نعيشه هذه الأيام حيث يقف الجميع عاجزاً عن وقف الانهيار هو محصلة سياسات ممنهجة غلّبت الولاء للنظام على الانتماء للوطن والمصلحة الخاصة على العامة، وتفكيك المجتمع والهوية الوطنية إلى درجة التعامي عن الخطر الذي بات يهدد الوطن والوجود والماضي والحاضر والمستقبل.
تهدف هذه المحاضرة إلى التعرف على محاولات تشكيل الهوية الوطنية الأردنية منذ مرحلة ما قبل نشوء الدولة الأردنية عام 1921 حتى اليوم، وذلك من خلال استعراض الجهود التي قامت بها الدولة الأردنية والتي خضعت لظروف ومتغيرات داخلية وخارجية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية أدت إلى تغيير الهوية الوطنية الأردنية ما بين هويات دينية وقومية وإقليمية وقطرية وقبلية متصارعة وغير مستقرة، بحيث أصبحت ورقة الهوية إحدى الأوراق التي يستخدمها النظام السياسي بما يتلاءم مع مصالحه، وقد أدت هذه السياسات إلى فشل الدولة في خلق هوية وطنية جامعة لمواطنيها، الأمر الذي يستدعي إعادة بناء الهوية الوطنية الأردنية على أسس ثابتة وواضحة لمنع تفككها، ولتسهيل عملية الاندماج الاجتماعي وبناء هوية وطنية نهائية، والتي بدونها يسود الانقسام والصراع في المجتمع.
مقدمة:
في البداية، لا بدَّ من تحديد مفهم الهوية الوطنية كمدخل للحديث في موضوع اللاجئين وإشكالية الهوية الوطنية الأردنية، وذلك من أجل طرح موضوعي بعيد عن المؤثرات الأيدولوجية، لا سيما أن مفهوم الهوية الوطنية، مفهوم حساس، ومُثير للجدل والاختلاف في ظل سياقات معرفية، ومفاهيمية متعددة، ويزداد حساسية وتعقيداً في ظل الحالة الأردنية، حيث الصراع بين الهوية ومشاعر الانتماء، وتعدد الولاءات أو غياب الولاء السياسي الموحد، وهو ما يعكس أزمة الهوية، بعبارة أخرى يمكن القول أن أزمة الهوية هي اقتصاد فكرة الشعب الواحد، والدولة الواحدة، والحكومة الواحدة، والوطن الواحد، والمصير الواحد، والولاء الواحد، والهوية الواحدة، والهدف الواحد، والرؤية الواحدة. فإذا فقدت الهوية فلا وجود للانتماء أو الولاء أو الهدف أو الرؤية.
الهوية الوطنية هي ببساطة 'شعور الفرد بالخصوصية أو التميّز نتيجة الانتماء إلى دولة واحدة أو أمة واحدة'، أو مجتمع واحد أو وطن واحد، هذه الخصوصية أو التميّز تشكل جوهر وجود الفرد وشخصيته المتميّزة.
وتلعب الهوية الوطنية دوراً بارزاً في تعزيز الوحدة الوطنية، وإرساء دعائمها على أسس متينة وراسخة، فتمنح أبناءها الشعور بالأمن والطمأنينة والاستقرار، فالهوية الوطنية عامل توحيد توفّر فرصة حقيقية للمجتمع لتحقيق التكامل والاندماج الوطني، مما يعزّز فرص المجتمع في التقدم والازدهار، وتحقيق العيش المشترك، من أجل حياة إنسانية حرّة كريمة لأبناء الهوية الواحدة، وتحقيق التكامل والاستقرار في المجتمع، وزيادة حجم مشاركة المواطنين في الحياة السياسية، وأساس راسخ لتعزيز الكيان السياسي الموحد للدولة.
وعلى النقيض تماماً، فإن انقسام وصراع الهويات، يُلحق أفدح الأضرار بالدولة والمجتمع على حد سواء، ويقف عائقاً أمام الاستقرار والتقدم، ويعيق بناء الدولة وقيامها بوظائفها في التنمية، وتحقيق الأمن وضمان القانون، والنظام، وبفشل الدولة تفقد مبررات وجودها.
وفي العالم العربي، والأردن جزء منه، فشلت الدولة في تحقيق الاندماج، وتوحيد مشاعر انتماء المواطنين لها كهوية وطنية جامعة لهم، وضامنة لمصالحهم، فأزمة الهوية الواحدة من أبرز الأزمات التي تعاني منها معظم الدول العربية، بحيث أصبحت الهوية الوطنية في ظل صراع الهويات القبلية والمذهبية والطائفية والقطرية، وسيلة للصراع والانقسام، وربما الحرب الأهلية.
الهوية الوطنية الأردنية: إطلالة تاريخية
يمكن القول أنّه في ظل الحكم العثماني، لم يكن في منطقة ما كان يعرف بـ عبر الأردن (TransJordan) وحدة إدارية تسمى الأردن، وبالتالي لم يكن في البلاد مجتمع سياسي أردني بالمعنى الحقيقي للكلمة، ومصدر الهوية للشخص كان يتحدد على أساس عشائري أو جغرافي ضيّق (القرية) أو كجزء من كيان ديني.
التاريخ الأردني هو جزء أساسي من الهوية الوطنية الأردنية، وبالتالي لا يمكن فهم وإدراك الهوية الوطنية الأردنية بعيداً عن الخلفية التاريخية للمجتمع الأردني بمختلف مضامينها ومراحلها، فمطلع القرن العشرين هو الزمن السياسي الذي بدأت فيه الهوية الوطنية الأردنية بالتبلور.
وفي هذا المقام، يمكن اعتبار ثورة الكرك عام (1910) نقطة مركزية في التاريخ السياسي للكيان الأردني، ومحاولة أولية لتشكيل هوية وطنية أردنية، حيث كانت الثورة رداً على السياسات العثمانية المتمثلة بالتعسف في فرض الضرائب وسياسة التتريك التي كانت سياسة عنصرية بامتياز، فانتقلت الثورة من الكرك إلى الطفيلة ومعان جنوباً، وتوقف الكثير من المزارعين في عجلون وجوارها شمالاً عن دفع الضرائب للحكومة العثمانية، فالصراع هو الحاضنة التي تتبلور فيها الهوية الوطنية، وقد مثلت ثورة الكرك مصدر إلهام للحركات القومية العربية في دمشق وجبل الدروز وصولاً إلى الحجاز، حيث رأى العرب في ثورة الكرك إمكانية لاتحاد القبائل العربية والتحرر من نير الحكم العثماني.
مؤتمر أم قيس: محطة في طريق تشكيل الهوية الوطنية الأردنية
يُعتبر مؤتمر أم قيس الذي عقد في 13 أيلول عام 1920 أول برنامج سياسي وطني في تاريخ البلاد الحديث، حيث طالب المؤتمرون بتأليف حكومة عربية وطنية مستقلة برئاسة أمير عربي، ولم يحددوا هوية ذلك الأمير، وبالتالي ارتكزت الهوية الوطنية الأردنية منذ البدايات على القومية العربية كمنطلق في تحديد الهوية الوطنية الأردنية، لذلك يمكن اعتبار هذا المؤتمر نقطة الانطلاق للهوية الوطنية الأردنية، كحركة قطرية ذات أهداف خاصة، لكنها غير منسلخة عن جذورها القومية، فالأردنيون كانوا يعتبرون أنفسهم جزءاً من النسيج الاجتماعي والسياسي لبلاد الشام بحكم التاريخ والجغرافيا والروابط المجتمعية وغيرها، ومع صعود النزعة القومية اعتبروا أنفسهم جزءاً من الأمة العربية.
وبالعودة إلى مؤتمر أم قيس فقد طالب المؤتمرون بدولة مستقلة ليس لها أية علاقة بفلسطين، وبذلك عبروا عن إحساسهم بنزعتهم الاستقلالية، ورغبتهم بدولة مستقلة، دون التنكر للأراضي العربية المجاورة، فلسطين، حيث طالبوا أيضاً بمنع الهجرة اليهودية ومنع بيع الأراضي لليهود، فقد كانوا ضد وعد بلفور.
الهوية الوطنية الأردنية في عهد الأمير عبد الله
عندما انتقل الأمير عبد الله من معان إلى عمان، وشرع في إنشاء الدولة الأردنية الحديثة، بدأ في إنشاء الدولة الأردنية الحديثة في منطقة ليس لها خبرة سابقة بمفهوم الدولة لا سيَّما أنَّ منطقة شرق الأردن عانت زمن الحكم العثماني من العزلة والإهمال، واتبع الأمير سياسة مزدوجة أو متناقضة، فمن جهة، سعى الأمير إلى إنشاء سلطة مركزية في منطقة عانت من الانقسامات العشائرية والمناطقية، واتبع سياسة فرق تسد في التعامل مع القبائل الأردنية من خلال سياسة الاحتواء أو الإرضاء حيث تم منح امتيازات متعددة لبعض زعماء العشائر بالدولة مثل منحهم الرتب والمراكز وتفويض الأراضي بأسمائهم كواجهات عشائرية، والإغداق عليهم بالمنح والعطايا والمكارم، بحيث أصبحت كل قبيلة تسعى لتحقيق مصلحتها بالدرجة الأولى، مما جعل التنافس والعداء هو السمة المميزة للعلاقة بين هذه القبائل، وهو الأمر الذي أدى لاحقاً إلى الصراع مع الدولة ومن جهة أخرى سعى الأمير إلى خلق هوية قومية للدولة، فقد استعان بعدد غير قليل من الأشخاص من ذوي الأصول غير الأردنية، والذين تسلموا وظائف عليا في الدولة الناشئة من أهمها رئاسة الوزراء*، وبعض هؤلاء كانوا يعملون بوحي من بريطانيا، ويسعوا لتحقيق أغراضها، وتوطيد نفوذها، لدرجة عدم الاكتراث بتوجيهات الأمير، وقد عبّر الأردنيون من استيائهم من هذه الشخصيات، ومعظمهم أعضاء في حزب الاستقلال، تحولوا من حركة وطنية إلى تجار همهم الاستثمار وتحقيق المصالح، وبلوغ المناصب، وقد بلغ استياء الأردنيين لهذه الفئة ذروته في ثورة العدوان عام (1923)، والتي رفعت شعار: 'الأردن للأردنيين'، ونادت بإخراج كلِّ الغرباء من البلاد.
إلا أن هذه الدعوة لم تجد آذاناً صاغية من الأمير الذي استمر في سياسته القومية، فيذكر المؤرخ د. علي محافظة أنه خلال حقبة الإمارة من عام 1921 حتى عام 1946 شهد الأردن تشكيل 18 حكومة تولى رئاستها 8 أشخاص منهم 3 من أصل سوري و3 من أصل فلسطيني وواحد لبناني وواحد حجازي، وبالتالي لم يشغل أي أردني منصب رئاسة الحكومة حتى عام 1946.
واستمر النضال الوطني لتحقيق الاستقلال، حيث عُقِدَت المؤتمرات الوطنية، فكان المؤتمر الوطني الأول عام (1928)، واعتبر نفسه ممثلاً شرعياً للشعب الأردني، وتمخض عنه الميثاق الوطني الذي يعتبر نقطة تحول هامة في مسيرة الحركة الوطنية الأردنية، وتاريخ الأردن المعاصر، وهو أول تعبير سياسي منظم عن الهوية الوطنية الأردنية، وعكس درجة عالية من الوعي السياسي لأبناء البلاد، وقد جاء الميثاق بعد صدور أول دستور في تاريخ البلاد عُرف بالقانون الأساسي، وركَّز كافة السلطات بيد الأمير خلافاً لأماني وتطلعات الشعب الأردني، بإقامة حكم نيابي ديمقراطي.
واستمرت صيغة المؤتمرات الوطنية، حيث عُقد المؤتمر الثاني عام 1929، والثالث عام 1930، والرابع عام 1932، والخامس عام 1933. وتكمن أهمية هذه المؤتمرات من خلال مقرراتها التي أكدت على رفض الانتداب البريطاني، ومسؤولية الحكومة أمام المجلس النيابي المنتخب، حيث بدأت تتبلور معالم الشخصية الوطنية الأردنية، وكذلك المبادئ الأساسية للنضال السياسي للحركة الوطنية الأردنية حتى تحقيق الاستقلال عام 1946. في هذه المرحلة، كانت الهوية الوطنية الأردنية في أوجها، وكان هناك وعي جمعي عميق ونضال وطني صادق من أجل التحرر الوطني 'الاستقلال'.
التحول من هوية وطنية واحدة إلى هوية مركبة
منذ أن وضع الأمير عبد الله أقدامه على أرض الأردن عام 1921 حتى استشهاده عام 1951 على أرض فلسطين، طوال ثلاثين عاماً، لم يتخلَّ عن حلمه بتحقيق مشروع سورية الكبرى، أو بلاد الشام، وإقامة الدولة في شرق الأردن، كان بنظرة الخطوة الأولى نحو ذلك الحلم، في مذكراته لم ينسَ ما قاله له وزير المستعمرات البريطاني (ونستون تشرشل): 'إذا بقيت هنا (في الأردن) وتصرفت بشكل جيد، وتدبرت شؤونك هنا وفي الحجاز، فإننا نتأمل أنَّ فرنسا سوف تتراجع عن قرارها وتحقق العدالة في غضون أشهر بإعادة بلاد الشام إليك'.
ولما أدرك الأمير استحالة تحقيق حلم سورية الكبرى، أخذت أنظاره تتجه إلى فلسطين، والتي كان دوماً على اتصال مباشر مع زعمائها، فبالنسبة له فلسطين وشرق الأردن واحد، ومع تلاحق التطورات السياسية في المنطقة وأبرزها حرب عام 1948، فقد أتيحت الفرصة للأمير عبد الله ضم الضفة الغربية، وذلك بعد عقد سلسلة من المؤتمرات الوطنية بدعم من الأمير عبدالله، أبرزها مؤتمر أريحا بتاريخ 1/12/1948، حيث طالبت الزعامات الفلسطينية في ذلك المؤتمر بضم الجزء المتبقي من فلسطين (الضفة الغربية) إلى شرق الأردن ومبايعة عبد الله بن الحسين ملكاً على عرش الدولة الموحدة، وتمت الوحدة عام 1950، ولم يتم استفتاء رأي الشعب بشأنها سواء في الضفة الغربية أو الضفة الشرقية، وهو الأمر الذي يثير بعض الشكوك بسلامتها وقانونيتها، ولم تعترف الدول العربية حين ذاك بتلك الوحدة واعتبرتها احتلال. لم تكن هناك أية معارضة أو مجابهة فلسطينية هامة في الضفة الغربية للوحدة، فقد قبل الفلسطينيون بالأمر الواقع، واجتهدوا بتطويره ودفعه للأمام، فالفلسطينيون لم يمارسوا حكم أنفسهم بأنفسهم، وبالتالي لم يشعروا بأنهم تنازلوا عن تجربة كيانية مستقلة، وقد كان من نتائج تلك الوحدة أن أصبح عدد سكان الدولة ما يقارب مليون نسمة ثلثيهم في الضفة الغربية، منهم ما يقارب نصف مليون لاجئين في الضفتين. وتبع الوحدة تشكيل حكومة جديدة من أبناء الضفة الشرقية والضفة الغربية، وكذلك تمَّ استحداث وزارة جديدة باسم وزارة اللاجئين، وتمَّ إجراء انتخابات نيابية مناصفة بين الضفة الغربية والضفة الشرقية، وأصبح مواطنو الضفة الغربية مواطنين أردنيين، حيث أصدر مجلس الوزراء الأردني بتاريخ 20/12/1949 قراراً بتعديل قانون الجنسية الأردني الصادر عام 1928، تم بموجبه منح الجنسية الأردنية لسكان الضفة الغربية بحيث أصبحوا مواطنين أردنيين يتمتعوا بجميع ما للأردنيين من حقوق ويقدموا ما عليهم من واجبات، إلا أن البعض يأخذ على هذه الوحدة الكثير من الملاحظات لا سيَّما فيما يتعلق بالمكون الفلسطيني، منها:
1- بقي اسم الدولة الجديدة المملكة الأردنية الهاشمية، ولم يُضف للاسم شيئاً يتعلق بفلسطين أو الضفة الغربية.
2- بقيت عاصمة الدولة الجديدة عمان.
3- عند تشكيل أول مجلس أعيان في الدولة الجديدة الموحّدة تكون من (20) شخص (12) منهم شرق أردنيين إضافة إلى رئيس المجلس.
4- هذه الحقائق عكست رؤية الملك عبد الله في إبقاء مركز الثقل بأيدي الشرق أردنيين بالرغم من أن الفلسطينيين كانوا يشكلوا ما نسبته ثلثي سكان الدولة الجديدة.
وبالمجمل، لم تؤدِّ الوحدة إلى خلق هوية وطنية مشتركة غير قابلة للتجزئة، فهناك فرقً كبيرٌ بين أن يكون للإنسان هوية وطنية بناء على قرار سياسي أو بموجب جواز سفر أو هوية شخصية، وبين أن يكون له هوية وطنية متجذرة في الروح والوجدان والعقل والضمير الوطني، فالهوية الوطنية مرتبطة بالوطن الذي يعيش في الوجدان، ويُضحى بالغالي والنفيس من أجله، وبالتالي شهدت السنوات اللاحقة من التفاعل بين الأردنيين والفلسطينيين نوعاً من الصدام بين الطرفين في أكثر من محطة، وذلك على النحو الذي سنتناوله في الصفحات القادمة.
حيث برزت أكثر من هوية وطنية في إطار الوطن الواحد، نتيجة عدم القدرة لعى توحيد الهويتين تحت مظلة واحدة أو خلق هوية واحدة شاملة للجماعات المنضوية تحتها 'الأردنيين والفلسطينيين'، الفلسطينيين رأوا أن الأردن تحت يافطة العروبة أو الوحدة، يريد إبقاءهم تحت عباءته السياسية، ويسعى لكبح أية محاولة لبروز هوية وطنية فلسطينية، والأردنيون رأوا في المرحلة الجديدة نوع من التهميش لهم ونوع من التفكيك لهويتهم أو خلق تناقضات وتصدعات وشقوقاً في الهوية الوطنية الأردنية والتي من شأنها أن تؤثر سلباً على أهدافهم الوطنية.
الهوية الوطنية الأردنية في عهد الملك حسين
الوحدة بين الضفتين، أعطت الانطباع بأن المجتمع الجديد واحد، وغير قابل للتجزئة، وبالنسبة للملك حسين فهذه الوحدة مقدسة باركها الرب، وأيَّدها الشعب، وربما تكون تكوّن نواة للوحدة العربية.
وفي السنوات الأولى من عهدات الملك حسين كان هناك نوع من التوافق بين الأردنيين والفلسطينيين يحفظ مصالح الطرفين، الفلسطينيين نظروا للأردنيين كأخوة عرب يقدموا لهم المساعدة ضد الصهاينة المحتلين لأرضهم، والأردنيين كانوا ينظروا للفلسطينيين بعين العطف والرحمة. وبناء على ذلك سعى الأردن لتشكيل هوية وطنية موحدة للأردنيين والفلسطينيين، إلا أن كثير من الفلسطينيين تمسكوا بهويتهم الأم (الهوية الفلسطينية)، وهنا لا بد من الإشارة إلى دور وكالة الأونروا في حث الفلسطينيين على التمسك بهويتهم وتعريف أنفسهم على أنهم فلسطينيين حتى يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الوكالة، وقد نتج عن ذلك اختزال الفلسطينيين في اللاجئين، أو اختصار قضية فلسطين في قضية اللاجئين، بالرغم من عدم تمكن اللاجئين من التعبير عن هويتهم في بلاد اللجوء بشكل قانوني وحقوقي.
في منتصف الستينات بدأت تتشكل الوطنية الفلسطينية بمعناها الهوياتي والكياني والسياسي، وهذا يعود إلى نشوء منظمة التحرير الفلسطينية التي قادت النضال الوطني الفلسطيني، رافعة شعارات التحرير طريق الوحدة، ولا وصاية ولا تبعية ولا احتواء، ونادت باستقلال القرار الفلسطيني، لقد مثل ميلاد منظمة التحرير نقطة تحول هامة في علاقة الدولة الأردنية مع أغلبية سكانها، حيث ظهر الانقسام الاجتماعي، وبدأت ملامح الصراع بين الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية، وأصبح الفلسطينيين مصدر لعدم الاستقرار في الدولة، بينما اعتبر الأردنيين ركيزة الاستقرار.
وفي المقابل، فإن حرب عام 1967، قد مهدت الطريق لظهور هوية وطنية أردنية، تميّز نفسها عن الهوية العربية والفلسطينية، وهذه كانت مقدمات للصراع بين الهويتين الذي انفجر في أيلول عام 1970، حيث بدأت الدولة الأردنية بعد أحداث أيلول عام 1970 التأكيد على الهوية الوطنية الأردنية، وأصبح الانتماء للعشيرة أو القربة أو المنطقة الجغرافية مصدراً هاماً لتعزيز الهوية الوطنية الأردنية، والولاء للنظام السياسي، والتنصل قدر الإمكان من الهوية العربية كهوية للدولة الأردنية، وبالتالي ظهرت هويتان منفصلتان على نفس الأرض هوية أردنية، وأخرى فلسطينية. وهكذا فإن كثير من الفلسطينيين تعزز لديهم الشعور بأن الأردن هو مجرد إقامة مؤقتة، وليس وطن أو مقر نهائي، رافضين كل محاولات إنشاء هوية أردنية هجينة تحتوي كل من الأردنيين والفلسطينيين.
لقد جاءت أحداث أيلول عام 1970 لتشكل نقطة تحول هامة جداً في تشكيل الهوية الوطنية الأردنية، فبعد الأحداث بدأت الهوية الشرق أردنية للدولة تظهر بطريقة بارزة ومعها بعض ملامح هذه الهوية مثل الهوية القبلية البدوية والهوية الإسلامية والهوية الهاشمية ويمكن القول أن بروز الهوية الوطنية الفلسطينية قد ولد الوعي الوطني الأردني حيث بدأت الهوية الوطنية الأردنية ترسم نفسها منذ عام 1970 عندما كان هناك صراع بين الهوية الوطنية الأردنية والفلسطينية وبعد تلك الأحداث أخذت الدولة الأردنية تشكل الهوية الوطنية الأردنية على أسس القيم القبلية والولاء للنظام السياسي بعيداً عن الهوية الفلسطينية والعربية.
لقد كان لوجود منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن تداعيات شديدة على العلاقات الأردنية الفلسطينية داخل المجتمع الأردني في الضفة الشرقية، وقد خلقت أنشطة المنظمة في الأردن شرخ خطير بين الأردنيين والفلسطينيين، حيث أدت أنشطة المنظمة إلى كثير من الخلافات بين الجانبين، عندما تحولت المنظمات الفدائية إلى دولة داخل الدولة الأردنية، وأثارت الكثير من الأسئلة حول قضايا حساسة لم تناقش من قبل مثل العلاقة بين الأردنيين والفلسطينيين، وقضية ولاء الفلسطينيين للنظام السياسي وسياسة النظام الأردني تجاه الفلسطينيين.
وفي عام 1974، أقرت الجامعة العربية اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية المُمثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني سواء في الأراضي المحتلة أو الشتات، وقد ألقى الملك حسين خطاباً مطولاً في ذلك المؤتمر أشار فيه إلى أن الأردن لم يكن في يوم من الأيام ضد بناء الشخصية الفلسطينية أو ضد التمثيل الفلسطيني المستقل وأن الجنسية المكتسبة للفلسطيني لا تعني أنه فقد حقوقه الثابتة والمشروعة، وقال في ذلك الخطاب: ((لا نستطيع التسليم بأن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل جموع الفلسطينيين الذين تواجدوا في المملكة الأردنية الهاشمية وأصبحوا من مواطني الدولة وجزءاً كبيراً من شعبها في الضفتين وحملوا جنسيتها، واندمجوا اندماجاً عضوياً في كل مناحي الحياة ودوائرها وميادينها ومؤسساتها، لا نستطيع أن نقبل أن حكومة هؤلاء المواطنين لا تمثلهم ولا تنطق باسمهم ولا تتولى قضيتهم، وإنما تقوم بكل ذلك ومن فوق سلطة الدولة وحقها منظمة التحرير الفلسطينية!)) ، وقد قبل الأردن ذلك القرار مساندة للفلسطينيين من أجل استعادة حقهم وإقامة كيانهم المستقل على أرضهم عندما تتحرر، الأمر الذي دفع الأردن إلى زيادة التأكيد على الهوية الأردنية، وأردنة الدولة إلى حد مناداة البعض بأن الأردن هو للشرق أردنيين فقط.
انتهاء وحدة الضفتين
بتاريخ 31/7/1988 أعلن الملك حسين في خطاب سياسي له عن فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية وذلك استجابة لرغبة منظمة التحرير الفلسطينية، وتحت ضغط عربي شاركت فيه معظم الدول العربية، وذكر الملك حسين في ذلك الخطاب بأن قرار وحدة الضفتين وفق قرار مجلس الأمة الأردني عام 1950 كانت الوحدة مشروطة لحين إيجاد حل للقضية الفلسطينية، ومقيّدة بعدم المساس بالتسوية النهائية، ومؤقتة أي ليست نهائية أو دائمة باعتبار أن الضفة الغربية هي جزء من فلسطين وليس كل فلسطين، وبالتالي كان الاحتفاظ بذلك الجزء وديعة لحين تمكن الشعب الفلسطيني ممارسة حقه في تقرير مصيره، وقد رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بذلك القرار واعتبرته نصراً للقضية الفلسطينية، يحفظ الهوية الوطنية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأبرزها حق العودة وفق قرارات الشرعية الدولية.
وطمأن الملك حسين في ذلك الخطاب الأردنيين من أصول فلسطينية المقيمين في الأردن بقوله: ((على أنه ينبغي أن يُفهم بكل وضوح وبدون أي لُبس أو إبهام، أن إجراءاتنا المتعلقة بالضفة الغربية إنما تنقل فقط بالأرض الفلسطينية المحتلة وأهلها، وليس بالمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني في المملكة الأردنية الهاشمية بطبيعة الحال، فلهؤلاء جميعاً كامل حقوق المواطنة، وعليهم كامل التزاماتها تماماً مثل أي مواطن آخر مهما كان أصله)).
وبموجب ذلك القرار أصبح أهل الضفة الغربية بدون جنسية ولكن تحت إدارة منظمة التحرير الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
لم يصدر الأردن أية قوانين تضح تفصيل أسس فك الارتباط، وإنما أصدرت وزارة الداخلية تعليمات فك الارتباط حيث نصت المادة رقم (2) من تلك التعليمات على سحب الجنسية الأردنية من سكان الضفة الغربية: كل شخص مقيم في الضفة الغربية منذ ما قبل تاريخ 31/7/1988 يعتبر مواطناً فلسطينياً وليس أردنياً.
ثم أخذت دائرة المتابعة والتفتيش التابعة لوزارة الداخلية بتصويب أوضاع حملة الجنسية الأردنية من الفلسطينيين من سكان وأبناء الضفة الغربية، وهو الموضوع الذي لا زال يثير الكثير من الجدل في أوساط المجتمع الأردني، لا سيما في ضوء منع القضاء الأردني من النظر في قضايا سحب الجنسيات من المواطنين الفلسطينيين باعتبار ذلك الأمر يتعلق بشؤون السيادة.
عند توقيع اتفاقيات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ثم الأردن وإسرائيل، فقد أُجل البت في قضايا اللاجئين إلى المرحلة النهائية من عملية السلام التي لم تكتمل فصولها بعد، فالأردن هو أكبر مستضيف للاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين، ويعيش على أرضه أكثر من 2 مليون لاجئ فلسطيني، ومن البديهي أن السلام يقتضي إزالة وإنهاء الوقائع الناجمة عن الحرب وعلى رأسها مسألة اللجوء الفلسطيني، إلا أن الجانب الأردني قد تنازل عن حقه كدولة مضيفة فقد اعتبرت المادة 8 من معاهدة وادي عربة قضية اللاجئين والنازحين مشكلة إنسانية ناجمة عن النزاع في الشرق الأوسط، ولا يمكن تسويتها بشكل كامل على الصعيد الثنائي، وأحالت البحث فيها إلى لجنة رباعية تطبق برامج الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين والنازحين بما في ذلك المساعدة على توطينهم، وبالتالي تعتبر هذه الاتفاقية أول وثيقة سياسية يوقع عليها الأردن ويقر بالتوطين وليس بتنفيذ حق العودة كحل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وفي نفس الوقت، فقد تخلى المفاوض الفلسطيني بموجب اتفاقية أوسلو عام 1993 عن حق العودة الذي جاء في البند 12 من الاتفاقية حيث تقرر اللجنة الرباعية الاتفاق على أشاكل السماح بدخول الأشخاص الذين نزحوا من الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 بالتوافق مع الإجراءات الضرورية لمنع الفوضى والإخلال بالنظام، وبالتالي بقيت مسألة المكوّن الفلسطيني في الهوية الأردنية معلقة لحين التوصل إلى اتفاقية سلام نهائية بحيث يتم التوافق على عودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية التي ما من شك بأن قيامها سينعكس إيجاباً على مسألة الهوية الوطنية الأردنية.
الهوية الوطنية الأردنية في عهد الملك عبد الله الثاني
بعد أن تسلّم الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم في البلاد عام 1999، فقد أطلق إرادة الإصلاح والتحديث، وأصبحت مسألة الهوية الوطنية على رأس أجندة الدولة الأردنية، فمسيرة الإصلاح السياسي في البلاد فتحت الباب على مصراعيه أمام مسألة الهوية الوطنية، فالهوية تعد محفز هام للانخراط في العمل السياسي، الأردنيين من أصول فلسطينية وكذلك الإسلاميين عبّروا عن مطابهم في تمثيل عادل لهم في مختلف مؤسسات الدولة الأردنية بوسائل ومناسبات عديدة، مؤكدين على ضرورة إعادة النظر بكافة القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قانون الانتخاب.
وفي عام 2002، أطلق الملك عبد الله الثاني مبادرة الأردن أولاً، لتعزيز أسس الدولة الديمقراطية العصرية، وترسيخ روح الإنتماء بين المواطنين، ونشر ثقافة التسامح والاحترام، وسيادة القانون، والحريات العامة، والمحاسبة والعدل والمساواة، وتغليب مصلحة الأردن على غيرها من المصالح، مبادرة الأردن أولاً هي رسالة واضحة تبين أولويات الأردن في ضوء التحديات الداخلية والخارجية، فقد جاءت بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الضفة الغربية عام 2000، حيث شهد الأردن في أعقاب اندلاع الانتفاضة الكثير من المظاهرات المنادية بوقف التطبيع مع إسرائيل، وإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان، وإلغاء معاهدة السلام، وقد شارك في هذه المظاهرات أردنيين من أصول فلسطينية وشرق أردنيين من إسلاميين وقوميين ويساريين.
لذلك جاءت المبادرة، وسط أجواء إقليمية مضطربة، وحاولت ربط مفهوم الهوية الوطنية الأردنية بمفهوم الأمن، لدرجة أن البعض أطلق على المبادرة تسمية 'الأمن أولاً'، بدلاً من الأردن أولاً، بينما رأى آخرون أن المبادرة جاءت قبيل العدوان الأمريكي على العراق، وتمثَّل نوعاً من الارتداد على العروبة كعنصر أساسي من عناصر الشخصية الوطنية الأردنية، فالأردن أولاً تعني أن العرب ثانياً.
هذه التحولات في مفهوم وعناصر الهوية الوطنية الأردنية، تبين كيف أن الظروف الداخلية والأحداث الخارجية، تلقي بظلالها على عناصر ومفهوم الهوية الوطنية الأردنية، فمن أجل مواجهة الاختلالات الداخلية، وفي ضوء هشاشة الهوية الوطنية الأردنية تبرز مفاهيم الأمن والاستقرار، والمصلحة الوطنية على حساب مفاهيم العروبة والديمقراطية والإصلاح السياسي.
رسائل إلى الملك عبد الله الثاني
في الأول من أيار عام 2010 وجه مجموعة من المتقاعدين العسكريين رسالة جريئة إلى الملك عبد الله الثاني أعربوا فيها عن مخاوفهم من أن تؤدي المخططات الإسرائيلية للضفة الغربية حيث الحصار والتهجير والطابور الخامس في الأردن المؤيد للسياسة الأمريكية في المنطقة من أنصار التوطين والمحاصصة السياسية إلى هلاك البلاد، حيث شرحت الرسالة أن الحكومات الأردنية المتعاقبة شرعت بالفعل في اعتماد نظام المحاصصة المتجه نحو الوطن البديل في المستويات السياسية والإدارية والسيادية، ويظهر ذلك من خلال تولية السلطات الرئيسية والقيادات والمواقع الحساسة في الدولة الأردنية لغير مستحقيها، حتى من دون أن يحصل بعضهم على كامل حقوق الجنسية.
وتحدثت الرسالة عن مخطط لصنع أغلبية ديمغرافية من الفلسطينيين في الأردن وعن حملة منظمة لتجنيس المزيد من الفلسطينيين الأردنيين تمهيداً لإحياء المشروع الصهيوني القديم بتحويل الأردن إلى وطن بديل، وتصفية القضية الفلسطينية على حسابه عبر التهجير وفرض سياسة المحاصصة، وطالب الموقعين على الرسالة التي سميت لاحقاً ببيان الأول من أيار بوقف ما اعتبر نوع من التهجير الصامت إلى الأردن، وكذلك إنهاء تداخل المواطنة مع الضفة الغربية وإصدار قوانين لتنفيذ قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية وإعادة الاعتبار للهوية الوطنية الأردنية في كافة المجالات.
حيث يرى أصحاب البيان ضرورة دعم حق العودة للاجئين الفلسطنيين إلى بلادهم، ولكن ليس على قاعدة منحهم حقوق المواطنة المتساوية في الأردن لأن هذا يعني توطينهم نهائياً في الأردن، فالحديث عن الحقوق المنقوصة وامتيازات المواطنة الكاملة تعفي الفلسطيني من عبء النضال الوطني والتفكير في فلسطين وحق العودة طالما أتيحت لهم بحبوحة العيش في وطن بديل وهو الأردن، وهذا يعيق حق العودة ويخدم المخططات الصهيونية وبالتالي لا بد من توفير البيئة المناسبة للفلسطيني للنضال والتمسك بحق العودة والحفاظ على الهوية الوطنية لكل من الأردنيين والفلسطيني، فالفلسطيني هو فلسطيني ولا يجوز أن يكون أردني.
لقد أثار بيان الأول من أيار جدلاً واسعاً في الأردن، وبدأ كأول معارضة جادة للنظام السياسي، وكان ذلك قبل انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي، فقد اعتبرها البعض محاولة وطنية صادقة من رجال الملك المخلصين باعتبارهم قادة عسكريين متقاعدين، وهم من غلاة الوطنيين المنحدرين من قبائل أردنية، ولاحقاً حاول هؤلاء المتقاعدين تطوير خطابهم السياسي بإعداد أوراق عمل سياسية واقتصادية واجتماعية تتناول الكثير من شؤون الدولية الأردنية، وبشكل عام لقي ذلك البيان تأييداً واسعاً من أبناء المجتمع الأردني من أصول شرق أردنية والذين اعتبروا الجيش وضباطه العاملين والمتقاعدين الأقرب إلى نبض الشعب وضميره، فهم جنود الوطن الأوفياء.
وقد تبع أصدار ذلك البيان توجيه العديد من الشخصيات والقوى الوطنية الأردنية رسائل مماثلة للملك عبد الله الثاني تطالب بما جاء به بيان الأول من أيار وتؤكد على ضرورة دسترة وقوننة قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية لوضع نهاية للضبابية التي تسود العلاقات الأردنية الفلسطينية، ووضع ضوابط للمواطنة بحيث لا يتم سحب جنسيات من المواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية بطرق غير مشروعة، وبالمقابل منح الجنسية بطرق غير شرعية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين ممن لا تنطبق عليهم شروط التجنيس وفق قرار فك الارتباط، مما يثير مخاوف متبادلة، مخاوف الإقصاء والتمييز من جهة ومخاوف التهجير والتوطين من جهة أخرى، معتبرين أن إيجاد حل لهذه الإشكالية هو الأساس لعملية الإصلاح في البلاد.
وفي المقابل، يشعر المواطن الفلسطيني بأنه دافع عن الأردن وأسهم في بناءه وترسيخ نظامه، وفي خدمة الدولة الأردنية، وتعزيز استقلالها وتحقيق نموها وتقدمها، وبموجب الوحدة فقد امتلك حق المواطنة وبعدها ضاعت أرضه أو ضُيِّعَت وهي في عهد المملكة، حيث يشعر أنه ليس له دور في ضياعها أو تسهيل احتلالها أو التقصير في الدفاع عنها أو مقاومة احتلالها، وبالتالي لا بد قبيل الحديث عن المواطنة أو حق العودة أن يعاد للفلسطيني أرضه التي تعهد الأردن مسؤوليتها، فالفلسطيني فقد وطنه وليس له شأن في ذلك وإنما هو شأن أردني، وعليه فإنه ينبغي النظر إلى اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بأن لهم الالتزام بحق العودة وفق قرارات الشرعية الدولية دون أن يتناقض ذلك مع حقوق المواطنة، وإن ما شهده الأردن من سحب لجنسيات بعض اللاجئين هو نهج مدمر للوحدة الوطنية، فالفلسطينيون ليسوا جالية مقيمة في الأردن بلا حقوق مع كثير من الواجبات.
نحو تسوية تاريخية
البحث عن تسوية داخلية بين المكونين الأساسيين للشعب الأردني: المكوّن الأردني، والمكوّن الفلسطيني، فبغض النظر عن الحقوق التاريخية غير القابلة للتصرف ويتوارثها الفلسطينيون جيلاً بعد جيل – وهي لكل أبناء الشعب الفلسطيني أينما كانوا، وفق قرارات الشرعية الدولية – فقد أصبح الفلسطينيين الأردنيين مكوناً أردني، وهذا يستلزم الاعتراف الصريح بوحدة الشعب الأردني على أساس قيم المواطنة والعدالة والمساواة، غير أنه من الضروري تعريف المواطنة قانونياً، فالانتقائية والغموض في قرار وتعليمات فك الارتباك القانوني والإداري مع الضفة الغربية ترك الباب مفتوحاً لكل أنواع التلاعب السياسي والقانوني والأمني في ملف المواطنة منذ عام 1988 حتى اليوم، حيث تم سحب آلاف الجنسيات من اردنيين دون أساس قانوني، وبالمقابل جرت عمليات غير قانونية تم بموجبها منح الجنسية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، ممن لا ينطبق عليهم شروط المواطنة الأردنية وفق قرار فك الارتباط لعام 1988.
هذا الوضع الغامض وغير القانوني هو مصدر دائم لتشويش العلاقات الداخلية واحتقانها بين مخاوف سحب الجنسيات وبين مخاوف الإغراق الديمغرافي والتجنيس اللاقانوني والتوطين السياسي.
إن وحدة الشعب الأردني تتطلب معالجة هذا الموضوع وإغلاق هذا الملف على أساس قانوني وفق مرجعية دستورية صريحة، بحيث يتوقف تخويف الأردنيين من الأكثرية الفلسطينية المزعومة، وبالتالي إعاقة عملية الإصلاح السياسي وكذلك تخويف الأردنيين من أصل فلسطيني من الميول الإقصائية للشرق أردنيين وبالتالي منع دمجهم في الحياة السياسية والمشاركة في حركة التغيير الديمقراطي.
اللاجئين السوريين: لعبة قديمة ولاعب جديد
مع تفجّر الأزمة السورية، وتدفق ما يقارب 2 مليون لاجئ سوري إلى الأردن، دخلت الهوية الوطنية الأردنية في إشكالية جديدة يمكن اختزالها في غياب استراتيجية وطنية واضحة للتعامل مع مشكلة اللجوء، ولا شك أن الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية يتطلب إعادة النظر بسياسة الحدود المفتوحة، بحيث لا تَحكم هذه السياسة المعايير الدولية فقط، فالدولة عاجزة عن ضبط حدودها، في الوقت الذي يجب أن تُقفل الحدود أو تفتح اعتماداً على مصالح الدولة وأولوياتها، وعجز الدولة عن ضبط حدودها يُهمّش دور المجتمع في اتخاذ أية مواقف أو ردود فعل تجاه هذه الموجات المتلاحقة من اللاجئين، مما يقتل شعور المواطن بالمسؤولية الشخصية تجاه ما يجري داخل حدود الدولة.
لا شك أن مشكلة اللاجئين السوريين في الأردن وغيره من الدول العربية تعكس فشل النظام السياسي العربي والمجتمع الدولي، حيث يزداد تدفق اللاجئين إلى الأردن مع ما يترتب على ذلك من أعباء، ويتراجع الدعم العربي والدولي للأردن بينما يتم تمويل الحرب الأهلية بمليارات الدولارات، وهنا ينبغي أن يكون جزء من الحل لمشكلة اللاجئين السوريين التأكيد على عودة اللاجئين إلى بلادهم في مرحلة ما بعد النزاع بحيث تضع سوريا المستقبلية مصالح اللاجئين في مقدمة اهتماماتها.
مشروع كيري وسؤال الهوية الوطنية الأردنية مجدداً:
يلوح في الأفق مبادرة لتسوية نهائية للقضايا المعقدة التي تم تأجيلها منذ مؤتمر مدريد عام 1991 حتى اليوم، باعتبارها أعقد القضايا لأنها تتناول مسائل اللاجئين والقدس والحدود والمستوطنات وغيرها، وهذه القضايا تمثل جوهر القضية الفلسطينية، وما هو مطروح حالياً ينصب على مصادرة حق العودة، والاكتفاء بالتعويض، والاعتراف بيهودية الدولة، وتوحيد القدس تحت السيادة الإسرائيلية، وسيطرة إسرائيل على المياه والحدود ووادي الأردن. وإذا ما تحقق ذلك لها فماذا بقي للفلسطينيين وعلى أية أرض ستقوم الدولة الفلسطينية، كما ينادي دعاة السلام بحل الدولتين؟ إن تصفية القضية الفلسطينية واغتصاب الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني سيكون له آثار كارثية على الأردن وهويته الوطنية وأمنه واستقراره وسيادته.
ليس بوسع هذه الورقة وفي عجالة أن تقدم حلاً لإشكالية الهوية الوطنية الأردنية، ولكن حسبها أن تشير إلى عدد من البديهيات للخروج من الأزمة الراهنة على صعيد الهوية:
1- لا بد من تجديد المشروع الوطني الأردني والتمسك بالثوابت الوطنية الأردنية، بدءاً من مؤتمر أم قيس والمؤتمر الوطني الأردني عام 1928 والميثاق الوطني الأردني وانتهاءً ببيان الأول من أيار عام 2010.
2- تعزيز مقومات وعناصر الهوية الوطنية الأردنية الجامعة، واعتبار الهويات الفرعية خطر على الهوية الوطنية ومصدر لإضعافها وانقسامها.
3- حسم مسألة العلاقة الأردنية-الفلسطينية من خلال حوار وطني صريح وصولاً إلى دسترة وقوننة قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، بما يفضي إلى فك الارتباط الوثيق بين الهوية الوطنية الأردنية والهوية الوطنية الفلسطينية وذلك لمصلحة الطرفين باعتبار كلا الهويتين مستهدف ولا سيما الهوية الوطنية الفلسطينية فالحفاظ عليها ضرورة لتأكيد الوجود واستعادة الحقوق.
4- إعادة النظر بمناهج التعليم بحيث تؤدي الدور المنوط بها في نشر قيم وثقافة المواطنة والمشاركة ضد ثقافة السلبية والخوف والتردد وثقافة الجرأة والمصارحة وتحمّل المسؤولية بديلاً لثقافة النفاق والضبابية.
خاتمة
لا شك أن مسألة الهوية الوطنية تُعد واحدة من أهم التحديات السياسية الداخلية التي تواجه الكثير من البلاد العربية، والأردن ليس استثناءاً، حيث فشلت الدولة في تحقيق الاندماج السياسي والثقافي والاجتماعي لمكونات شعبها، وبالتالي بناء هوية وطنية نهائية جامعة لها ولمواطنيها.
منذ نشأة الدولة الأردنية عام 1921، فقد ظهر ما يمكن أن نسميه بالصراع الهوياتي في الدولة الجديدة، فمن جهة، أعلن الأمير عن أن الأردن هو لكل عرب وبالتالي أصبحت هويته قومية عروبية، وبناء على هذه الرؤية استعان بعدد غير قليل من غير الأردنيين من أعضاء حزب الاستقلال السوري في إدارة الدولة الجديدة، ومن جهة أخرى سعى الأمير إلى تكريس الهويات القبلية والتقليدية من خلال سياسات فرق تسد بين زعماء العشائر ومنح الامتيازات والمنح والعطايا وتفويض الأراضي وذلك لضمان ولاءهم للنظام السياسي.
ومع تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن عام 1948 ووحدة الضفتين عام 1950 أصبحت الهوية الوطنية الأردنية محكومة بشكل أو بآخر بالوجود الفلسطيني، ودخلت الهوية الوطنية الأردنية في إشكالية جديدة، حيث أصبح في الأردن هويتان: هوية فلسطينية وهوية أردنية، فبالرغم من منح الجنسية الأردنية للفلسطينيين، إلا أن الدولة عجزت عن إدماجهم كلياً ومنحهم كامل حقوق المواطنة، ومع قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وتنظيم الفلسطينيين في صفوفها وبروز الشخصية الوطنية الفلسطينية، والأحداث المتلاحقة بعد حرب عام 1967، وأحداث أيلول عام 1970، دخلت مسألة الهوية الوطنية الأردنية في إشكالية جديدة، حيث الازدواجية في الولاء الوطني والسياسي.
لا تزال سياسة فرق تسد، هي السياسة المتبعة في الدولة الأردنية والتي تقوم على تفتيت المجتمع الأردني على أسس جغرافية وعشائرية وجهوية، حيث تم إعادة إنتاج النظام القبلي، وأصبح القانون العشائري، فوق قوانين الدولة، والانتماء للهويات الفرعية يفوق الانتماء للوطن، فأصبحت مفاهيم المحاصصة، والحقوق المكتسبة، والحقوق المنقوصة، والتوريث السياسي، وغيرها من مفاهيم سائدة في المجتمع الأردني دليل على عدم جدية الدولة في تحقيق عملية الاندماج الاجتماعي وخلق هوية وطنية واحدة جامعة.
وبالمجمل يمكن القول أن الهوية الوطنية الأردنية خضعت لسلسلة من التحولات التي أثرت على تشكيلها، لدرجة يمكن القول أن الهوية الوطنية الأردنية لم تكتمل بعد، حيث أدت الظروف المحلية والإقليمية والسياسات التي اتبعها النظام السياسي إلى تعثر الجهود في تحقيق الاندماج السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي لمكونات الشعب، وبناء هوية وطنية نهائية له، الأمر الذي يستدعي إعادة بحث ومناقشة هذه المسألة على المستوى الوطني للوصول إلى الحلول المناسبة، وإعادة بناء الهوية الوطنية الأردنية على أسس وثوابت واضحة لمنع تفككها.
وفي النهاية، يمكن القول أن الهوية الوطنية الأردنية منذ نشأة الدولة حتى اليوم، هي نتاج التحولات التي شهدتها المنطقة، ولم تتشكَّل أو تتبَلوَر وفق إرادة الأردنيين التي عمل النظام السياسي على احتواءها بأساليب متعددة، الأمر الذي جعل الهوية الوطنية الأردنية تبدو أحياناً غامضة وغير واضحة، ولا شك أن أزمة الهوية الوطنية هو تعبير عن معضلات أخرى في كيان الدولة، فأزمة الهوية دليل على ضعف مستويات الاندماج الوطني، وضعف مستوى المشاركة السياسية، وضعف الشعور الوطني، وفي ظروف كهذه يصبح الحديث عن الهوية الوطنية الجامعة لغواً، وذلك لضعف وهشاشة مكوناتها.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-02-2014 03:38 PM

عاش بيان العسكر

2) تعليق بواسطة :
02-02-2014 04:06 PM

الهوية الاردنية هي الاساس القوي للهوية بلاد الشام و الثورة العربية الكبرى. مشروع سايكس و بيكوك قد انتهى و علينا ان نعمل و بجد على انقاذ سوريا و ارجاعها الى الحضره الشرعية و هي الحضرة الهاشمية و الباقي يتبع باذن الله. نعم حلم و لكنة الاقرب للحقيقة.

3) تعليق بواسطة :
02-02-2014 05:46 PM

مقالك جميل وواقعي,وانا اريد ان اجاوبك في انزعاجك من عدم وجود هوية جامعة وعدم وجود انتماء وولاء حقيقي للاردن وأقول,,أن عدم وجود عدالة اجتماعية وسياسة الاقصاء والتهميش والتمييز ضدالاردنيين من اصل فلسطيني كان هوالسبب بعدم وجود انتماء وولاء حقيقي للوطن..ولكني اجد أن جميع الاردنيين سواء من اصل شامي او من اصل شيشاني وشركسي او من اصل مصري اومن اصل كردي وتركماني او من اصل مسيحي او نوري اجدهم يتمتعون بكامل الحقوق في الاردن

4) تعليق بواسطة :
02-02-2014 06:36 PM

محاضرة متميزة و طرح منطقي و صادق و محق يتناول بالتفصيل التاريخي عوامل الهدم التي استهدفت و تستهدف الهوية الاردنية و يبين اسباب هذه العوامل و يقدم حلولا منطقية لمشكلة عميقة تضرب الوطن في العمق و ممكن لا سمح الله ان تنفجر في اية لحظة انفجارا مدويا... كل التحية و التأييد للكاتب و للمقال

5) تعليق بواسطة :
02-02-2014 07:28 PM

د. محمود الكفارنه : صفوة الكلام وجوهر الحقيقة ونبل الرساله والهدف ومجسات لوحدةالنسيج وقرأة قوية من لدن استاذ اكاديمي مبحر في مجال الأختصاص .طوبى لك اخي الصديق في نبراس نهضة الكلمة وأيقاظ العقل في تبيان حفظ الهوية الوطنية وترسيخها في سجل القوة والمنعة والعز والسؤدد

6) تعليق بواسطة :
03-02-2014 06:59 AM

مع الأسف انو البعض معجب فيما كتبت علي الرغم من عدم وجود أي أساس تاريخي أو جغرافي لكل السرد أعلاه يا أستاذ مؤتمر ١٩٢٠ طلب الانفصال عن فلسطين. ليش الأردن وفلسطين كانو دول وبعدين وبنفس الوقت كانو بدهم شخص عربي يتولي أمرهم !!!!!! والعدوان طلبو أن يكون الأردن للأردنيين يا زلمة العدوان كانو ممنوع يدخلو السلط حسب الاتفاق بينهم وبين السلطية . في العشرينات والأربعنيات العلاقات بين أهل الشمال مع إهل بعض مناطق سوريا وفلسطين مليون مره أوي من العلاقة مع أهل الكرك ومعان

7) تعليق بواسطة :
04-02-2014 01:06 PM

الاردن جزء لا يتجزأ من بلاد الشام وقد كان مرتبط بولاية دمشق معظم الحقبة العثمانية وكافة المراجع تشير الى ذلك وحتى القيادات الاردنية في مطالع القرن العشرين وقبل تشكيل الامارة كانت تطالب بانشاء الدولة الواحدة في بلاد الشام ولا ادل على ذلك ما نشرته الدستور بتوجه مجموعة من وجهاء شرق الاردن الى دمشق عام 1919 لحل مشاكل بينهم وكانوا في ضيافة النادي العربي وتحول اللقاء الى مؤتمر وهتف الحاضرون ضد معاهدة سايكس بيكو ودعوا الى استقلال سوريا الطبيعية

على الجانب الاخر ولكن باختصار حيث غطى كاتبنا العزيز تفاصيل كثيرةلم يوافق الفلسطينيون على ضم الضفة للاردن وبقيت الضفة الغربية مضطربة رغم موحاولات النظام استرضاؤهم بالمشاريع وبالخدمات والمناصب وتوج هذا التوجه في العام 1974 بقرار الجامعة العربية بان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لم توافق القيادة الاردنية على ذلك وتم الاتفاق بين منظمة التحرير والاردن في العام 1987/1988 على ان يذهب السيد عدنان ابوعودة ممثلا عن الاردن وشخصية فلسطينية عن منظمة التحرير للتوقيع على المملكة المتحدة وعند وصول الوفدان الى لندن رفض الوفد الفلسطيني التوقيع على الاتفاق وتبادل الطرفان الاتهامات مما حد بالاردن الى الاعلان عن فك الارتباط ولكن بسياسة اللعم وبقي صاحب القرار راغبا في عودة الوحدة مع الضفة الغربية

لذا يجب دسترة وقوننة فك الارتباط على اساس قرار الجامعة العربية عام 1974 مع الحفاظ على كافة الحقوق المدنية للفلسطنيين واريد ان انوه اليوم الى المقالة الرائعة للكاتب ناهض حتر في شرح العلاقة الاردنية الفلسطينية ولا ارغب في ان ازيد على ما قال بهذا الخصوص

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012