أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


أبلة عزيزة

بقلم : احمد حسن الزعبي
31-03-2014 01:25 AM
في عالمنا العربي ، ليس فقط من يموت بــ»يطولن رجليه»..كذلك من يتبوأ منصباً سياسياً رفيعاً ،أو يفكّر – مجرّد تفكير- أن يتبوأ منصبا سياسياً ... حتى تنهال عليه كلمات الثناء فجأة ،والتغزّل بنظافة يديه وسحر عينيه وسماكة أردافه التي ستخلد على الكرسي إلى أبد الآبدين،كما سيتم التنقيب عن ماضية بالقلم والفرشاة لتسليط الضوء على عبقرية الطفولة ، وفراسة القائد ، وبُعد التفكير ،حتى يراودك الشعور للحظة أن النبوة لم تختم بعد وان الملائكة ممكن أن تنزل على الأرض لترتدي بدلة «سموكن»!.
قبل أسبوع نشرت صحيفة عربية مقابلة مع «أبلة عزيزة» المعلّمة التي (تقول) أنها درّست المرشّح للرئاسة المصرية عبد الفتاح السيسي في الصفوف الابتدائية.. تقول الأبلة عزيزة في مقابلتها :أن السيسي كان طالباً متفوقاً، وتحدّثت عن سجاياه منذ الطفولة وقوة شكيمته – مش عارف شو يعني شكيمة- المهم وتحدّثت أيضا عن تفرّد شخصيته عن باقي الطلاب ،وتميّزه الدائم ، فلم يكن يسكت على الخطأ منذ الطفولة ، ثم مدحت نفسها على الهامش قائلة : «أصلاً ..أنا لم أكن أدرّس إلا الفصول المتفوقة، وهو كان من الطلبة المتفوقين».
للتذكير فقط السيسي موالد 1954 فلو افترضنا أن الأبلة «عزيزة من غير قيام».. درّسته في الصف الرابع ابتدائي، ذلك يعني أن آخر مرّة فحصت فيها «شكيمة» المشير كان قبل 50 عاماً..يا قوة الله...كيف توهّجت ذاكرة الأبلة فجأة وتذكّرت طالب من بين ألاف الطلاب التي أشرفت عليهم ودرّستهم طوال مسيرتها التعليمية الحافلة..بصراحة نصف قرن كادت أن تنسينا وطناً مثل فلسطين ..فكيف تتذكّر « الأبلوات « الطيبات المعجوقات بين البيت والمدرسة طفلاً «مدحوشاً» بين عشرات الطلبة في صف مهمل في حي فقير هكذا فجأة فور ترشّحه للرئاسة ...
**
قبل سنوات استضافت إحدى الفضائيات العربية مدرّسة زعيم عربي آخر..ولتكتمل حلقة النفاق سألت المذيعة المعلّمة ..احكيلنا عن «الزعيم العربي فلان» كيف كان في المدرسة...لم تجد المعلمة كلمات تباري فيها نفاق المذيعة ...حتى تنحنحت وقالت: فضلاً عن طيبة قلبه وتقاسمه طعامه مع زملائه الا أنه لكثرة حبه للمدرسة وتعلقه بالدراسة كان يداوم يوم الجمعة...والمدرسة مسكّرة»!!..لا اله الله ومحمد رسول الله..واضح التعليم واضح!!.

ترى لماذا يصرّ الإعلام الرسمي على جعل الزعيم العربي انسانا خارقا للعادة؟؟؟ لماذا يصر على استحضار «الفلاش باك» ليرينا كيف كان « الأول على صفة»،والأقوى بشخصيته ، وحرصه ان يبقى متفوّقاً في جميع المواد حيث لم تنقص علامة واحدة من مواده طيلة 12 سنة دراسة ...مع أن «نيوتن» أبو الهمايم لم يكمل الصف «العاشر» وقرف المدرسة ...المشكلة أننا نعرف جيداً «البير وغطاه»..سيما عندما يرافق كل ذلك التفوّق التاريخي هذا «التدهور» المضارع...
**
لماذا نصرّ عل صناعة الزعيم العربي كروح من الإله من انه بشر، له قدرات محدودة في مجالات،وله تميز في مجالات أخرى ، في سياسته واقتصاده وقيادته يصيب ويخطىء ينجح ويفشل ، يمرض ويعطس، ويلبي نداء الطبيعة مثل أي كائن حي..
ختاماً «أبلة عزيزة» لم تعد مجرد امرأة بسيطة تسعى الى أكل عيشها في هذا الزمان..بحمد الله هناك صحف «ابلة عزيزة» وتلفزيونات «ابلة عزيزة» ومؤسسات رسمية بكوادر وموظفين وموازنات تقوم بعمل «أبلة عزيزة»!..

باختصار ...نحن أمة «ابلة عزيزة»..
(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
31-03-2014 07:13 AM

وأمه النفاق والتسحيج أيضاً

2) تعليق بواسطة :
31-03-2014 09:02 AM

أحسنت وأبدعت!

3) تعليق بواسطة :
31-03-2014 11:13 AM

ههههههههههه أضحكتني في عقلي وقلبي وعبر فمي وكان ذلك من شروش القلب والعقل

4) تعليق بواسطة :
31-03-2014 11:23 AM

اننا استاذي الفاضل احمد الزعبي عبدة اشخاص ولا يمكن لنا السير الى الامام طالما نحن تحت نير العبوديه والعبد لم ولن يعرف طريق الحريه طالما هو مسكون بالخوف ومكبل بالجبن واعطني حريتي وبعدها لنظر ماذا افعل ،ان الشعوب المتقدمه شقت طريقة لان طريق الحريه معبده وممهده وها هي تصنع المعجزات

5) تعليق بواسطة :
31-03-2014 08:10 PM

كم انت مبدع ايها الرائع ومقالاتك تصلح ان تكون ديوان او ماده تعليميه تدرس في المعاهد والجامعات ولك تقديري واحترامي

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012