أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


أسرار على قارعة الطريق!

بقلم : د.محمد ابو رمان
03-04-2014 01:00 AM
مؤخّراً، شغلت أربعة موضوعات رئيسة الرأي العام الأردني؛ الأول، هو الصفقة المزعومة ببيع أسهم مؤسسة الضمان الاجتماعي في بنك الإسكان لشركة قطرية؛ والثاني، استشهاد القاضي الأردني رائد زعيتر؛ والثالث، ما يسمّى بخطّة كيري؛ والرابع، ما يثار في الإعلام الغربي والسوري حول دور الأردن المزعوم في تدريب قوات المعارضة السورية.
وفي تلك الموضوعات الحساسة والخطرة، تُرك الأردنيون عالةً على ما يلقيه الإعلام الغربي والعربي، حتى بدا الموقف الرسمي ضعيفاً بضعف الرواية الإعلامية نفسها، وافتقادها للجدّة والمصداقية.
من باب الفضول، قمت بوضع عبارة تصريحات المسؤولين الأردنيين على موقع البحث المعروف 'غوغل' (Google)، لأعرف كم مرّة قدّم فيها المسؤولون الأردنيون معلومات جديدة مهمة للمواطنين حول قضايا تهمّ الرأي العام، فوجدت نفسي غارقاً في عشرات الصفحات التي تبدأ بعبارة 'نفي مصدر مسؤول أردني'، 'نفي وزير الإعلام'، 'نفت الحكومة الأردنية'.. فتصريحاتنا أغلبها يأتي في سياق النفي، لأنّها مبنية على ردود أفعال، ومحاولة 'لملمة الطابق'، بعد أن تكون وسائل إعلام غربية أو عربية تحدثت عنه أو كشفته، حتى أصبح هذا الموضوع مادةً لتندّر الشارع، كتلك النكتة التي تداولها المواطنون وتقول: 'مصدر مسؤول ينفي خسارة الأردن أمام فريق الأورغواي' في تصفيات كأس العالم!
كم مرّة وقع وزير الإعلام، الناطق الرسمي، بحرجٍ شديد وهو يحاول نفي معلومات الكل يعلم تماماً أنّها صحيحة، وليكتشف المواطنون الأردنيون بأنهم آخر من يعلم؟! ربما كثير منا يتذكر تصريحات وزير الإعلام الأردني بعد محاولة اغتيال خالد مشعل، وغيبوبة الحكومة الأردنية إعلامياً في تفجيرات عمّان 2005؛ عندما كانت الفضائيات العربية تبث من موقع الحدث، فيما رئيس الحكومة، حينها، لم يعرف به إلاّ متأخراً.
بالضرورة، لا ألوم وزراء الإعلام الذين شغلوا هذا الموقع؛ إذ لا يستطيع الوزير الحصول على المعلومات الدقيقة والصحيحة، إلاّ بتنسيق وتعاون مع المسؤولين في مراكز القرار الأخرى، وربما حتى الوزير نفسه، في أحيانٍ، لا يعرفها. لكن ما نلوم عليه أولئك الوزراء هو أنّهم يقبلون على أنفسهم، في كثيرٍ من الأحيان، الوقوف موقفاً مخجلاً أمام الرأي العام، عندما يقدّمون رواية هم أنفسهم أول من يعرف أنّها ليست دقيقة ولا محبوكة، ولا مقنعة للمواطنين؛ ما أضعف من أهمية 'موقع الناطق الرسمي' ومن مصداقيته أمام الرأي العام الأردني.
صحيح أنّ جزءاً أساسياً ورئيساً من غياب الشفافية في الرواية الإعلامية الرسمية مرتبط، بدرجة رئيسة، بطبيعة تلك السياسات نفسها. لكن، في المقابل، لا نجد أي اهتمام مهني في بناء الرواية الإعلامية الأردنية، بما يخدم تلك السياسات نفسها، أو يحمل موقف الحكومة، داخلياً وخارجياً. ففي أغلب الأحيان، تخسر حكوماتنا الصورة الإعلامية مجّاناً، إما لهشاشة الرواية وضعفها، أو لغياب المعلومة، أو لتأخر الموقف الرسمي إلى ما بعد انتشار الأخبار في الفضاء العام، فيصبح الموقف الرسمي مقتصراً على النفي ومعالجة الأضرار!
في كثيرٍ من الأحيان، فإن ما يتمّ التعامل معه بوصفه أسراراً في الإعلام المحلي وفي التصريحات الرسمية، يتم تداوله وتشريحه في الإعلام العالمي والعربي. وتبدو المفارقة أنّ ما يصل إلى المواطن الأردني منه ليست الرواية الرسمية الغائبة أو المغيّبة، بل الرواية الأخرى، فتكون خسارة الحكومات مضاعفة؛ أولاً لأنّها لم تستطع حجب المعلومات، وثانياً لأنّ المعلومات التي وصلت هي التي تتعارض تماماً مع الموقف الرسمي!(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012