أضف إلى المفضلة
السبت , 25 أيار/مايو 2024
السبت , 25 أيار/مايو 2024


ما أطول وضوءك يا شيخ!

بقلم : ماهر ابو طير
27-06-2014 01:00 AM
سمعني أحدهم وأنا أتحدث وأشكو جهارا من مذابح العرب والمسلمين، والذي يشتغل بمهنة مثل مهنة المتاعب، تتدفق الأخبار مثل السم الى دمه، وينفعل معها بطريقة مختلفة.
نهار واحد يكفيك لتقرأ عن قتلى وجرحى في: فلسطين، لبنان ، سورية ، العراق ، مصر ، ليبيا ، اليمن، باكستان وافغانستان، والقتل مجاني، والراحلون بلا اسم ولاعنوان، ولا ذاكرة.
قبلهم قتلى وجرحى في الشيشان وكل القفقاس، وتركيا، والفلبين، والجزائر، وتونس، والصومال ، والسودان، والعداد مفتوح والذاكرة تفيض بدول وشعوب ذبيحة في كل مكان.
لا يتوقف الدم، وكأن وضوء هذه الأمة بات بالدم فقط، اتكاء على المقولة الشهيرة «ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما الا بالدم» وهو وضوء لا يتوقف ولا نهاية له.
صاحبنا أصرَّ -ردا على كلامي- على أن ما يجري للمسلمين دليل على غضب الله علينا، لأننا «عصاة» فتتم معاقبتنا في الدنيا حتى ننال الآخرة وقد تطهرنا، قائلا.. «إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني» .
يتناسى أن أغلب التسلط، هو بين بعضنا البعض، لا من أمة لا تعرفه، ضد أمة تعرفه، مثلنا وفقا لتعبيره، وصراع الرايات باسم الله ضد بعضها البعض، دليل واضح.
إذ أناقشه مثنى وثلاث ورباع، يصرُّ على رأيه، فأقدم له نماذج لدول وشعوب غير مسلمة، تعيش آمنة، وشعوب اخرى لا تُؤمن أصلا بأي دين، فلا يتم هتك دمها، فيرد إنني ابن اللحظة، وإن كل شعب يعصي الله يدفع الثمن، آجلا أم عاجلا.
هذه هي رؤيته، ولم يعد عنها، لا تحت إقناعي إياه أن الله عفو غفور، ولا تحت قولي له إن المسلم اذا صلىَّ أو تصدق أو صام أو حج، يتم غفران ذنوبه، وهو مصر على أن ما نراه مجرد عقاب نستحقه، من دون الأمم ايضا، لأننا عرفنا التوحيد وفعلنا عكسه بعصياننا.
ذات القصة تفردها بين يدي آخرين فيقولون إن ما يجري فتن تم الحديث عنها سابقا، وان النبي -صلى الله عليه وسلم-، تحدث عن هذه الفتن، فترد على هؤلاءأيضا، ان كل عصر من عصور المسلمين، قيل لأهله إن ما يجري فيه انطباق لعلامات الفتن، وكأن هذه الفتن تتحقق في كل عصر، والكلام عجيب حقا.
كل عصر تقع ذات علامات الفتن فيقال للناس إنها مذكورة مسبقا، فتسأل إذا كان كذلك، فلماذا تعود وتتكرر مرات ومرات، وكأن تبرير هؤلاء تهدئة لنفوسنا بأن هذا أمر لا مفرَّ منه، وتم الحديث عنه مسبقا، فنقبله باعتباره غيبا تحقق.
هذه الأيام نغرق في الروايات، بعضنا يقول ان سفك الدماء من علامات الساعة، وآخر يقول لك انها مؤامرة دولية صهيونية، وثالث يقول لك إن سفك الدم عقاب، ورابع يحكي لك عن رؤيته لظهور المهدي، وخامس يعتبر ان سفك الدم قدر المسلمين على يد عدوهم من الشيطان وانصاره من شياطين وبشر.
إريد تفسيرا لكل ما يجري، ولا أجده، في كل ما يقولون، فلماذا لا يكون من حقي كمسلم أن أعيش حياة آمنة مزدهرة، احصل فيها على حقوقي، لا أكره مسلما آخر، ولا عرقا آخر، ولا أتسلط على الناس، ولا يتسلطون علي، ولا على أمتي.
أريد أن أعيش مثل البشر، ومثل الأمم، فلا أكون مطاردا في موطني ولا بلادي ولا مشبوها في كل الدنيا، ولا أريد أن اكون مشروع شهيد في صراع ليس له علاقة بأي استشهاد لله حقا.
اريد ان تكون أمتي متفوقة، مقبولة، تحترم مكوناتها الداخلية، ولا تتشظى على اساس الأعراق والمذاهب والطوائف، اريد ان اشعر بالأمن حقا، وألا أخاف من المستقبل، وألا أبقى بانتظار موتتي باعتبارها تجري يوميا، عند رؤية كل هؤلاء يموتون دون سبب.
الله بعظمته لم يشرعن الموت دون سبب، وجعله مربوطا بغاية محددة، وإلا كان انتحارا.
علينا أن نسأل السؤال بصوت مرتفع ودون وجل: لماذا نحن المسلمين من دون الأمم لا ترتفع السيوف عن اعناقنا، والقتل يومي، إمَّا على يد الاحتلال، واما على أيدينا نحن، والنتيجة واحدة، أن الدم لا يتوقف، والروح لا قيمة لها، ورخيصة ولا تساوي حبر نعيها.
إريد جوابا مقنعا، ولا تقولوا لي إن هذا عقاب جماعي من الله، ورب العزة -عز و جل- أعظم من ان يعاقب الامهات والاطفال، وأجل قدرا من ان يشرد من ذكروه وعبدوه، حتى وإن شربوا من كأس العصيان، لأن هذا العصيان، انزل الله في وجهه حلولا كثيرة، من استغفارك وصولا الى صلاتك وصدقتك وصومك وتوبتك وذكرك وتسبيحك اياه.
اريد جوابا، وشخصيا اظن الجواب كامن في فهمنا الخاطئ لأنفسنا و وجودنا وحياتنا وديننا وعلاقتنا مع الدنيا والآخرة، ثم في رؤيتنا لمعنى العبودية لله.
«ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم»...ما أطول وضوءك و وضوءنا معك.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-06-2014 02:24 AM

Mr. Maher Abu-Tair, this is probably the best article you've written. I suggest that you keep it somewhere. Unfortunately, everything you wrote in this article is true. This type of expression through writing is extremely important because it is very needed. Unfortunately, much of our problems stem from this unquestionable belief in in an illusive fate that is attached to religion. The questions you ask in your article are very profound questions, and the answers you were getting do not live up to lowest levels of basic reasoning. Our problems are not for lack of living up to God's expectations as much as they are for lack of living up to being human. After all ignorance is plentifull and unfortunately, religion has become its vehicle

2) تعليق بواسطة :
27-06-2014 11:44 AM

صحيح سؤالي لماذا المسلم في اوروبا وامريكا ينعم بالاستقرار ولكنه مشبوه حتى اخواننا المقيمين في الغرب ذبحناهم وجلبنا لهم الشبهه والملاحقه احيانا نحن ولكنهم ينعمون بالامن فعلا المواطن الغربي وحكومات الغرب هم اصلا يطبقون الاسلام الحقيقي في بعض مناحي الحياه ولكنهم غير مسلمون مثلا عندما تقابل شخصا تراه بشوشا يسلم عليك ويبتسم بوجهك ونحن نردد صباح مساء حديث رسولنا الكريم ضحكتك بوجه اخيك صدقه ولكن نحن بحاجه الى اطباء الكون كي يعالجوننا نفسيا من هذا الانفصام المتجذر ثانيا ترى الغربي يطبق القوانين بحذافيرها حيث انه لايكون عبأعلى المدينه من احداث ازمه مروريه او رمي النفايات من الحافلات والمركبات و كما نحن هنا اكثرها كأسة بن العميد وهل نصحوا يوما ان بن العميد يخترع شغله تمنع شاربوا هذه القهوه ان يلقي بكأس العميد المستعمله في وسط الشارع والمتنزهات والدوائر وفي كل مكان . المواطن الغربي لايشكي ولا يفجر ولا ينتقم من البلديه او الحكومه او الدوله التي يسكنها صحيح ان الدوله توفر له جميع احتياجاته التي تعني بالانسان على انه انسان ولكن المواطن تربى منذ الصغر على انه لايأخذ حق غيره وتنتهي حريته عندما تبدأ حرية الاخرين ولم يدمر او يكون سلبيا او انانيا او يصطف بسيارته بمكان ممنوع . ذات يوم رأيت ابا وام على جانب بحيره في امريكا وبرفقة اطفال لهم اثنين وبيد كل من الاطفال سناره لصيد السمك وكل من الاطفال اصتاد سمكه واكتفى والاب والام كذالك يعني 4 سمكات ووضعوهم بحافظه متنقله صغيره بحوزتهم والسمك في البحيره وفير جدا فكنت فظوليا وسألت الاب والام معا لماذا لم تصتادوا اكثر فقال الاب نحن نطبق القانون مسموح لكل شخص ان يصيد سمكه واحده والهدف تعليم الاطفال الصيد والمحافظه على الثروه السمكيه من الانقراظ والتقيد بقانون الصيد والتعامل الانساني وقال هنا الشبكه ممنوع رميها في البحيره حيث انها تخرج سمك اكثر بكثير فنحن نطبق القانون ونعلم اطفالنا على التقيد به وهذا هدفنا . وأخر بيده كيس بلا ستك مخصص ليتناول براز كلبه اجلكم الله ويضعه في الحاويه وأخر لايتدخل في ما لايعنيه وأخر لايمكن ان يصطف بسيارته بمكان مخصص للمعاقين او الحالات الانسانيه كما نسميه نحن وأخر لايمكن ان يدخن بالاماكن العامه نهائياولا بالبيت حيث انه يطبق القانون ذاتيا دون رقابه وأخر لايقطع شجره في الغابه بل يعتني بالضعيفه منها اين نحن من مراقبة عهدنا مع الله وما اكثر ان ننقض عهودنا مع الله ومع انفسنا وربينا ابنائنا على هذا التخلف وابنائنا بدورهم يربوا ابنائهم على تخلف اكثر فألى متى حيث اننا في سبات عميق وفجرنا بعيد وطويل ونفقنا المظلم يزداد وحشه ودماء والكاتب على حق وشكرا له

3) تعليق بواسطة :
27-06-2014 10:02 PM

thank you for this great articale, it really dignose some of our social illnesses

thanks to comments 1 & 2 as well, this is really a noble way of responding to a superb article,

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012