أضف إلى المفضلة
الأحد , 05 أيار/مايو 2024
الأحد , 05 أيار/مايو 2024


إذا لم تستحِ؟!

بقلم : د.محمد ابو رمان
15-07-2014 01:52 AM
لم يعد هناك ما يدهش في عالم السياسة العربية اليوم؛ إذ أصبحنا نرى غرائب وعجائب لها أوّل وليس لها آخر، كما يقال. فمن التطبّع النفسي مع مشاهد القتل والذبح والمجازر والأهوال في كل من سورية والعراق، إلى إعلان الخلافة الإسلامية من قبل تنظيم مهمّة أفراده هي قطع الرؤوس والتفجير والمفخّخات، وهوايتهم صلب الناس وجلدهم، وديدنهم تكفير وقتل المختلفين، مروراً بإعلان 'إمارة جبهة النصرة'، ردّاً على خلافة البغدادي، بالتزامن مع مشاهد العنف الاجتماعي والردّة نحو الهويّات البدائية والطائفية والعرقية، وانهيار الأخلاق والقيم، حتى وصل الأمر إلى أن يصبح التحرّش والاغتصاب الجماعي للفتيات ظاهرة طبيعية في مصر!
الجديد هذه المرّة هو أن يبلغ التعري الأخلاقي والثقافي ما نراه اليوم من موقف نخب سياسية وإعلامية عربية، وتحديداً مصرية، من العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، بذريعة الموقف من حركة حماس، والتفكير في إفشالها والقضاء عليها، عبر الجيش الإسرائيلي.
صحيح أنّ المواقف الرسمية العربية لم تكن في يوم من الأيام على درجة واحدة ولا نوايا موحدة في الموقف من إسرائيل، وصحيح أيضاً أنّ هناك تناقضا بين تصريحات ومواقف بعض الأنظمة المعلنة وخطابها الحقيقي تحت الطاولة؛ لكنّ الأمر لم يصل سابقاً، خلال العقود السابقة، إلى أن يأخذ طابعاً مكشوفاً في تأييد العدوان الإسرائيلي أو عدم إدانته في الحدّ الأدنى، أو حتى التلاعب بحجم ما يحدث وطبيعته في التغطية الإعلامية العربية عموماً.
ربما الحالة الفجّة تظهر حالياً في بعض أبواق الإعلام المصري الذين يؤيدون، صراحةً أو ضمناً، العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، أو يبررونه. فهذا مستوىً جديد من الابتذال والتردّي، وتأكيد على محاولة هذه الزُمر تكريس نمط من السياسة النازية والعنصرية، وتسويقها في أوساط الرأي العام. وهي بالتأكيد عملية لا يمكن أن تلقى أي درجة من النجاح الشعبي، لأنّها تتناقض مع وجدان المواطنين البسطاء، وأبسط البديهيات الدينية والقومية، بل وحتى الإنسانية لديهم!
المفارقة تكمن (ويا لحجم المفارقات في واقعنا اليوم!) في تلك المقارنة السخيفة التي طغت في فترة سابقة ما بين عبدالفتاح السيسي، الرئيس المصري الحالي، والرئيس جمال عبدالناصر؛ فأيّاً كان الموقف من ناصر والاختلاف مع مشروعه السياسي وتقييم مرحلته التاريخية؛ إلا أنّ الرجل كان صاحب مواقف قومية واضحة ومعاديا لإسرائيل، على النقيض من التوجهات المعلنة لعبدالفتاح السيسي والجوقة الإعلامية المؤيدة له، والتي تتخذ مواقفها طابعاً عنصرياً. وهو ما برز بوضوح قبل العدوان الحالي على غزّة، عبر التحريض الكبير ضد السوريين المقيمين في مصر، وضد الغزّيين والعمل على 'شيطنتهم' أمام الرأي العام المصري، وتبرير الإجراءات التعسّفية بحقهم، لمجرّد الظنّ أو الاشتباه بتوجهات إسلامية لديهم!
في المقابل، وكي لا نعتّم المشهد تماماً، ثمّة حركات ومبادرات مجتمعية ومواقف شعبية تسير على الخطّ الآخر، وتخلق مساراً مضاداً للانهيار الذي نراه في مختلف الدول العربية.
ما نحتاجه اليوم هو أن نخلق الأمل والفرصة لعدم الوقوع في هذا المستنقع المرعب، والوقوف في وجه النخب المغرقة في الهويات البدائية أو النازية أو المتطرفة، دينياً أو علمانياً. ومثل هذه المهمة التاريخية أصبحت أولويتنا اليوم، لأنّ الهزيمة الحقيقية تكمن في الثقافة والوعي قبل أي شيء آخر. وللحديث بقية..
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-07-2014 11:00 AM

عندما نجح الاسلاميين بالجزائر في الانتخابات قبل بضع سنين قام الجيش المتأمرك بالانقلاب الغاشم وأستولى على السلطة وكان من نتيجة ذلك حرب اهلية أريقت بها الدماء والقتل لعدة سنوات وفي مصر انقلاب على الاسلاميين الذين جاؤ بالانتخاب بحجج انهم لم يخدمو الشعب وفشلو في ادارة الاقتصاد وفشلو سياسياً رغم انهم لم يعطو الحد الادنى من الفرصة والوقت الكافي ليكون الحكم عليهم موضوعي وعادل والان جاء حكم العسكر ماذا قدم وماذا غير للأحسن؟ لاشيء سوى ان المطلوب عدم الرغبة في حكم الاسلاميين لكي لاتتحرر الامة العربية من التبعية للغرب الاستعماري ؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
15-07-2014 04:08 PM

بالنسبة للبطش واتنكيل بالمعارضين ليس وقف على داعش او الخلافة الانظمة العربية فعلت اكثر مما تتهم به الفصائل الارهابية الانظمة العربية فعلت ذلك بقمة الخسة والانحطاط قطعت اوصال وانتهكت اعرض ولايجب ان تقارن تصرفات دول بتصرفات تنظيمات منفلتة ولم نسمع ممن يدعون الانصاف والبحث عن الحق ....

3) تعليق بواسطة :
15-07-2014 07:53 PM

لا تنسى تونس وليبيا وتركيا والأردن وغيرها من بلاد المسلمين التي يرفض الغرب وعملاؤه أن يقودها تيار بستمد أفكاره في الحكم من شرع الله.

ألم يجبر الإخوان المسلمون على ترك الحكم في تونس الثورة؟ ألا يحارب حفتر الإخوان المسلمين في ليبيا بأموال السعوديين والإماراتيين؟ ألم ينقلب العسكر على الحكومات الإسلامية في تركيا في أكثر من مرة؟ ألا يتعرض أردوغان لمؤامرة محلية إقليمية دولية لإسقاطه؟ ألم تتعرض جماعة الإخوان المسلمين وقادتها في الأردن للحصار والتشويه والإغتيال السياسي؟

إنها أجندة واحدة من أقصى الأرض إلى أقصاها أن لا ترتفع للمسلمين راية، وألا تتحقق لهم غاية!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012