أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


المعلمون وفرصة النقابات

بقلم : د.باسم الطويسي
30-08-2014 02:45 AM
على الرغم من أن الإضراب حق عمالي مكفول دستوريا، إلا أن هناك شبه توافق وسط الكثير من النخب المستقلة على أن الطريقة التي تدير بها نقابة المعلمين ملف مطالبها غير مقنعة، وفيها الكثير من شبهة التوظيف السياسي. وهنا يبرز بقوة سؤال قديم جديد: هل السياسة محرمة على النقابات؟ وهل انشغال هذه التنظيمات المهنية بشؤون المهنة وتطويرها، يحرمها من إبداء مواقف سياسية، أو التعبير عن آراء في شؤون الحياة العامة؟
مما لا شك فيه أن من حق النقابات التعبير عن مواقف سياسية، ومن حقها أن تعكس اتجاهات سياسية وفكرية طالما أنها تمثل الإرادة التي جاءت بها الصناديق، ولكن من دون أن تختطف المهنة وتحولها إلى أداة من أدوات اللعبة السياسية. فالمهنة التي ترتبط بخدمة عامة، يجب أن تبقى مستقلة، ولا يجوز أن توظف في المناورة السياسية. والخلل يحدث حينما يضيق المجال العام وتصبح أدوات المناورة السياسية محدودة ونادرة، ما يدفع القوى السياسية إلى البحث عن أي فرصة أو أداة توظفها، وتحديدا تلك الأدوات ذات التماس المباشر مع الرأي العام.
إن الآلية التي تدير بها الحكومة ونقابة المعلمين ملف الإضراب ومطالب المعلمين، تكشف حجم فجوة التنمية السياسية في طريقة التعبير عن المطالب السياسية، وفي طريقة التعاطي معها؛ إذ ثمة نزق سياسي متبادل، وغياب واضح لدور النقابات الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني.
يحتاج العمل النقابي إلى مسار طويل من بناء الثقة، أولا، مع المجتمع، لا أن تكون أولى جولات أو معارك العمل النقابي يدفع ثمنها المجتمع. فملف المعلمين المعلق اليوم، يشكل فرصة حقيقية أمام النقابات للعودة كقوة مؤثرة في الحياة العامة، إذا ما استطاعت النقابة الناشئة إدارته من دون أي أثمان يدفعها المجتمع.
حرية التنظيم النقابي تعد، من دون شك، حقا أساسيا من حقوق الإنسان، وترتبط بمعظم المعايير الدولية لتنظيم العمل. فالمزيد من الحرية والمزيد من التنظيم للعمل النقابي، سيشكلان إضافة نوعية للتحديث والتنمية والإصلاح، وتحديدا الإصلاح السياسي، حينما نربط الحقوق والحريات والتنظيمات بالقاعدة الإنتاجية. ويمكن أن يقال الكثير بشأن الخبرة الأردنية في دور النقابات المهنية والعمالية، لكن الأهم هو الدور الإصلاحي المنتظر في بناء تنظيمات نقابية أوسع وأقوى وأكثر ارتباطا بأجندة تنموية وسياسية محلية.
لقد نشطت النقابات المهنية الأردنية خلال عقد التسعينيات مع بداية التحولات الديمقراطية، واستطاعت ملء الفراغ في التنظيمات السياسية، وعلى رأسها الأحزاب التي عانت وما تزال من أمراض مزمنة، ما فتح الباب أمام النقابات لأن تشكل فاعلا سياسيا أساسيا في مقدمة مصفوفة المعارضة، وجعلها في الواجهة لفترة زادت على عقد ونصف العقد، فدفعت الثمن على المستوى التنظيمي وعلى المستوى الفردي لبعض الناشطين النقابيين. وبالنتيجة، تراجع وهج النقابات، وأخذ دورها السياسي بالاضمحلال. وهو ما لاحظناه في ضعف دورها في الحراك الشعبي خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
يرجع تفسير تراجع دور النقابات إلى تناقض المواقف من الثورات العربية، والذي انعكس بشكل أساسي على الحراك داخل الشارع الأردني، إلى جانب عدم قدرة النقابات على مواكبة الحراك الشعبي الذي تجاوز مطالبها وخطابها في ذلك الوقت. وقبل ذلك هناك الانقسام داخل النقابات ذاتها الذي لم يتمكن على مدى السنوات الماضية من تشكيل نواة لجماعة وطنية ديمقراطية عابرة للتيارات السياسية والأيديولوجية، تؤمن بالديمقراطية وبالدولة الأردنية.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012