أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


دابوق

بقلم : احمد حسن الزعبي
09-09-2014 12:27 AM
اذا مررت في أي قرية من قرانا وقت الغروب أراهنك الا تجد دكان موضوع على مدخله الأيمن «أباريق وضوء» ومكانس قش ، وعلى يساره «حوّاشات/سقّاطات بلاستيك» ..كما أراهنك الا يكون الحجي مالك الدكان يجلس على كرسي مكون من اطباق البيض الفارغة ويفتح آخر أربعة أزرار من ثوبه الرمادي او الأبيض الشفاف «بدون شبّاح» ويمارس «الفسحلة» المسائية دون إصرار او تقصد...كما أراهنك للمرة الثالثة أن تكون ارضية الدكان وقت المساء مفروشة بشيئين اثنين لا ثالث لهما..»غٌطي قناني بيبسي» وقشر «بزر دوار الشمس» كان قد أقدم على هذه الفعلة فيلق من شباب دخان «الفرط» في القرية..
اذا توقّفت أي سيارة غريبة عن القرية ،وسألت الحجي ما غيره أو احد شباب «اليونستون لايت» وين عزاء آل...فلان..فإنهم سيقومون من مقاعدهم ، ويجيبونه بصوت واحد ..دغري أول يمين في مصلّب يسار براس الطلعة، وأحياناً يرسلون معه طفل صغير كدليل سياحي بهدف إرشاد الضيوف من جهة وبهدف توزيع الصبي حتى يتم مشاهدة مقطع فيديو على خلوي «عناد» من جهة أخرى...
في قرانا الكل مستعدّ للمساعدة والإرشاد ..مثلاً مجرّد ان تقول الختيارة لصاحب باص الكيا المستأجر بالعشم : «هو يا خالة طيّحني عند النفسا»..دون ان تعطي له تفاصيل أخرى للعنوان أو اسم صاحب البيت او حتى اسم «النفسا» الحقيقي..حتى يقوم الشاب بتوصيلها الى المكان مستخدما حدسه أو حاسة شمه لاقتناص رائحة القرفة المنبعثة بين الحارات الضيقة...
أول أمس ذهبت الى دابوق للقيام بأداء الواجب في إحدى المناسبات الاجتماعية ، ولأنني رمثاوي المنشأ والإقامة والفطرة، ولا أملك الخبرة الكافية في عمان فقد ضعت...في دابوق القصور متشابهة مثل وجوه الشعب الصيني،الأسوار مبنية على طراز متناسق، وألأباجورات تسدل جفونها على شبابيك الفلل،والأبواب موصدة ومحروسة، حتى شجر الزينة عندهم قاص «كاريه» ، أدور أدرو في دابوق بحثاً عن العنوان الذي معي ...اللعنة لا علامات فارقة ، لا يوجد حاوية محروقة ،أو قلاب «حصمة» منسي ، أو سور مهدود أو عمدان باطون على ظهر الطابق الأول كانت قد أقيمت ثم توقفت الميزانية فجأة..باسم الله ما شاء الله ولا قوة الا بالله..كل شيء على المسطرة حتى الشوارع عريضة كأحلام شاب عربي ، وناعمة أكثر من وجه نانسي عجرم والأرصفة أنظف من جيب موظف حكومي آخر الشهر..
طبعاً كل هذا التوهان من شارع واسع الى شارع أوسع..وأنا أبحث عن دكان أو محل مواد بناء أقف أمامه وأسأله عن جمعية كذا.. دون جدوى...إلى أن وصلت ، المفارقة انه في الشا رع لم أجد شعباً على الاطلاق ..لا بل لم أجد كائناً حياً يمشي على قدميه لأساله عن «العنوان» كنت انظر الى مداخل البيوت علّي أجد حجة «طالعة تكب عروق ملوخية» او شاب هم بشراء بطاقة امنية «ام الدينار»..او صبي هارب من الاستحمام بــ»اللقن»..او حتى قطة تتمشى على سور.. فالقطط هناك «كافة خيرها وشرها..وبلشانه بالبسبس تبعها»...ما الحل، من الاشارة ثم الالتفاف ، ثم الى آخر الشارع..ثم الى الاشارة ثم التفاف ولم أصدف سائراً على قدميه ...أخيراً وجدت شخصاً راجلاً يرتدي «بنطلون جينز وتي شيرت» يهم بقطع الشارع..أوقفت السيارة فجأة وسلمت عليه «مباوسة»..سألته عن العنوان الذي معي..قال : « بصراحة معرفش ..بس انا اعرف انه في ع الأوصاد التاني في حاجة زي كدا»..شكراً..اهلاً حضرتك..كان وصفه صحيحاً رغم انه غير واضح على الإطلاق..
لم يحيرني في دابوق هذا التنظيم المدورس – لو يشحدونا منه شوي- ولا هذا الرقي ولا الشوارع العريضة المعبدة ع الخيط وكانها «مُسفلته عند حلاق»، ولا الثراء الكبير – فلكل مجتهد نصيب- كما لم يحيرني في دابوق هذا الانطواء الاجتماعي والاختباء خلف البوابات الشاهقة والشغّالات الأسيوية والحراس العرب ...
انا محيّرني شيء واحد فقط...
«منين بيشتروا «زرور النيلة» اذا فيش دكاكين...
ضميني يا كرمة العلي
(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-09-2014 05:24 AM

الله يعطيك العافيه اخي احمد الزعبي على هالمقال الرائع المعبر ...بس حاب اقولك :خليها على الله .

2) تعليق بواسطة :
09-09-2014 08:14 AM

احمد شكرا وانا مستعجل من الاخر اجاوبك منين يشتروا زرور النيله الحارس اللي على الباب يوصوه ويجيبها من دكاكين قريتنا المبنيه على الجلمود ومونتها الشيد والعقده وكمان يجيب عنب مرتب وتين ديفور من القريه . دابوق كل شيئ سويسري الا الحارس منا وفينا

3) تعليق بواسطة :
09-09-2014 08:58 AM

دائما رائع ومبدع يا زعبي يا ابن الاردن يا ابن الشيخه -وعالوجع -بس خايف عليهم نين يشتروا زرور النيله -اه من لفتاتك الحلوه-ان شاء الله تاميم يا ابو عبدالله -هاظا اذا سلمن تا نوصلهن -الخوف من سيارات داعش تسبقنا عليهن

4) تعليق بواسطة :
09-09-2014 09:28 AM

شو بدهم في زرور النيله يا احمد ....زرور النيله للمنيلين زينا

5) تعليق بواسطة :
09-09-2014 10:23 AM

أبشتروش نيلة تنيلهم بالمرة لانهم ما بلبسوا اللبسة مرتين يعني ما عندهم غسيل. و المهم بالموضوع انهم ما بعزقوش الاواعي مع الزبالة أحسن ما يلبسها مواطن طفران لكن بتبرعوا فيها لجمعيات خارجية حتى يستخدمها التبشريين في افريقيا

6) تعليق بواسطة :
09-09-2014 10:29 AM

النيله بتاعهم محلوله في قناني اخي أبو الزعبي مثل الحليب طويل الأمد..هذول مش زيي وزيّك.. ما بتغطوا باللحاف.. بتغطوش من مرّه..لويش بدهم النيله..

7) تعليق بواسطة :
09-09-2014 12:59 PM

لاتخاف يازعبي هضول مخزنيين زورو نيله من زمان من قبل ماتنولد خليني اقربها الك اكثر من لما انباعت فلسطين وعندهم كثير منها نيلونا واجدادنا وبتكفي لااولاد ولادنا ولما تخلص بعملوا طلبيه جديده بس احنا مامنكون بالبلد يعني مش رايح تعرف السر

8) تعليق بواسطة :
09-09-2014 01:59 PM

للوصول لموقع او عنوان بدابوق ما عليك سوى شراء خارطة الشوارع من امانة عمان وان توفر لك العنوان هان عليك الوصول .ثم ان اهل المنطقه لا يغسلون حتى يستخدموا النيله انهم يرتدون اللباس مره واحده ثم يرمى اما اللحف والحرمات ترسل الى دراي كلين وتعود نظيفه ومكويه .خرجت مع احدهم مهمه رسميه ولمدة 10 ايام صدقوني كان بشنتته 21 كلسون فقط يلبس الواحد نص يوم ويرميه وانا كان معي 3 (اغسل وانشر والبس )يا زعبي يا زعبي سواليفك بقدر ما تضحك فهي تجلط فك عنا يا زلمه .

9) تعليق بواسطة :
09-09-2014 06:34 PM

ههههه ذكرتني بعرار المزار رحمة الله عليه .... يجازي بلايشك

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012