أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 أيار/مايو 2024
الخميس , 16 أيار/مايو 2024


الـدين آيــة ولـيـس روايـــة..!!

بقلم : حسين الرواشدة
05-10-2014 01:12 AM
منذ أن أخذتني قدماي الى صلاة الجمعة قبل أكثر من أربعين سنة، ومولانا يقف على المنبر ويردد ذات الدعاء، ونحن بأمره نرفع أكفنا الى السماء ونقول: آمين.
دعاء مولانا، وإن تغيرت الوجوه، لم يتغير، ونحن ايضا لم نتغير، أحوالنا مازالت كما هي، وأحوال الذين أشهرنا عليهم الدعاء ربما تحسنت، هم ينتصرون ونحن نلد كل يوم هزيمة، هم يتوحدون ويتمددون، ونحن ننكمش ونجتزأ ونتصارع، لماذا لا يستجيب الله دعاء مولانا، هل ينقصه شيء من (القطران) أم أن إيماننا لم يرتق، واخلاقنا لم تستقم لكي يصعد دعاؤنا للسماء؟
يدعو مولانا باستمرار: اللهم انصر الاسلام والمسلمين، وأهلك الكفرة والمشركين، ونحن نردد خلفة :آمين ...آمين، الدعوة الى النصر مفهومة، لكن ماذا لو استجاب الله دعاء مولانا ولم يبق في الارض إلا المسلمون...ومن أعطاه هذا ( الفرمان) الديني ليطلب (الهلاك) لهؤلاء الذين كرمهم الله لمجرد (إنسانيتهم) أو آدميتهم، هل هدايتهم وحسابهم مرتبط بنا أم بخالقهم الذي ظل الكفر واقع بمشيئته تعالى، ثم ماذا سيخسر لو دعا لهم ( بالهداية) بدل الهلاك؟!
يدعو مولانا ايضا : اللهم انصر المجاهدين، ثم يعدد كل ما يخطر على بالك من بلداننا التي اشتعلت فيها الحروب، لا أحد يعرف - بالطبع- أي صنف من المجاهدين يقصد، ولا فيما اذا كان هذا الذي نراه جهادا أم أن له اسما آخر، لكننا ونحن نتعبد بصمتنا لا نستطيع أن نسأله، أو أننا ربما نثق بما يخبئه مولانا في صدره، فنردد وراءه على الفور: آمين...آمين.
دعاء مولانا يدفعني دائما الى اكتشاف المزيد من جراحات (ذاتنا) المسلمة التي تبدع في الدعاء ولا تتقن العمل، وتستبد في الخصومة ولا ترغب في المصالحة، وتريد أن تنتقم من الآخرين بدل أن تبذل ما بوسعها لكي تصلحهم، وترشدهم الى الصواب.
مولانا يتصور أننا نحن المسلمين دائما على حق، وغيرنا على خطأ ، نستحق النصر وهم يستحقون الهزيمة، نحن عيال الله الذين يحبهم وهم عياله لكنه تعالى لا يحبهم كلهم، حتى لو كان منهم من هو أعدل منا وأقرب اليه بالعمل لا بمجرد الانتساب والكلام.
مولانا يفهم الدين على أنه (سياسة) فيواجه خصومه بالدعاء عليهم، ويتقرب الى جمهوره بما يلزم من تطمينات بالنصر، وأدعية للثبات، ويفهم (الدين) على انه إخبار وإعلام فقط، فيبسط في شرحه وتوضيح روايته،ولا يتذكر بأن هدف الدين ليس تبليغ المعلوم وانما الحث على الاعتبار بهذا المعلوم، حيث لا معنى للدين بمعزل عن (الاخلاق) التي نستدل بها عليه، وهي لا تتعلق بنا -كمسلمين فقط- وانما بكل (انسان) خلقه الله ليتحمل (الأمانة في الارض)، ومهمتنا ليست الدعاء عليه وانما تذكيره بشهادته على وحدانية الخالق بما ينسجم مع فطرته.
مولانا - سامحه الله- يفهم ان وظيفة الدين هي حشر الناس في الدنيا لتصنيفهم ومحاسبتهم، و»التعبد» بالدعاء على الاشرار منهم، والتسيد على المنبر لانزال الاحكام عليهم، وكأن (الدين) هنا سلطة، تفرض بالقهر، أو كأنه (قانون) مهمته الفصل بين المتخاصمين، فيما وظيفة الدين الحقيقية هي (التزكية) و الهداية،وفيما العبودية الصحيحة لا يمكن ان تكون الا ( بالاخلاق) أو أنها هي الاخلاق التي يتحلى بها الانسان وتؤهله بالتالي للانتساب الى هوية (بني البشر) حيث التحضر -لا التدين وحده- هو المقياس، وحيث (التخلق) المتعلق بالخلق، كل الخلق (بفتح الخاء، وتسكين اللام) هو الدليل على الايمان.
مولانا - يحرضنا على (الجهاد) لكنه لا يفكر أن يسبقنا اليه، ولايسمح لاولاده أن يخرجوا حتى للشارع، مولانا يدعو على الظالمين والمفسدين ويسأل الله أن يحفظ ولاة أمر المسلمين، مولانا يذكرنا بأن الاسلام دين رحمة وبأن رسولنا هو المبعوث رحمة للعالمين ثم يختم دعاءه : اللهم عليك بأعداء الدين، مزّقهم كل ممزق يا رب العالمين.
خطبة واحدة تكفي لكي نعرف كيف تحول (الدين) في حياتنا الى مجرد دعاء لا يستجاب له، وخطاب يستفز الآخرين بدل أن يطمئنهم، وروايات نرددها لا تدخل الى قلوبنا، وآيات نحفظها دون أن تغير في سلوكنا...يا سادة الدين آية وليس رواية، الدين مؤسسة وليس نظرية...الدين للعالمين وليس للمسلمين..الدين أخلاق وليس مجرد قوانين وأحكام وبيانات سياسية!!.
على كل حال ، كل عام وأنتم بخير.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-10-2014 02:53 AM

يا أستاذي العزيز أي خير في صلاة كلها شتيمة و دعاء على الناس يدخل فيها المصلي ليرفع قلبه إلى الله فيخرج مملوء بالغضب و الحقد و الكراهية.

هذه ليست صلاة يا أخي الكريم هذا تحريض و نتائجه واضحة في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و السودان و تونس.

قولوها صراحة يجب إعادة تأهيل خطباء المساجد و إلا فستبقى العرب عند فتحة شرج الحضارة تماما تتلقى منها الفضلات و الضربات و هم يقولون: انتصرنا.

2) تعليق بواسطة :
05-10-2014 10:26 AM

"وانك لعلى خلق عظيم " الرب تبارك وتعالى وجل في علاه يصف سيد الخلق بهذا الوصف ،وقبل ذلك شرح له صدره واخبره تعالى سنلقى عليك حملا ثقيلا .
الدين ايه نعم ومؤسسه تربوية فقهية تتعلق بكل نواحي الحياة وعقيدتنا الاسلامية تتصف بالشمول والثبات وانها صالحة لكل زمان ومكان ،ولكن مشكلتنا هي كيف نبني مجتمعناالاسلامي المصقول بالشخصية الاسلامية المبنية على الصدق والامانة والاخلاص في العمل في شتى المواقع الاسلام علمنا كيف نأكل وكيف نلبس وكيف ننام وكيف نبيع وكيف نشتري وكيف نمشي في الشارع ولا نرفع اصواتنا في الاسواق ولا نكثر من الحلف ،وكيف نركب وسيلة المواصلات ..وو الخ.
مشكلتنا نعم في بعض مولانا المنتشرون في كل مكان للأسف ولو حاولت التحدث معة يصدك بعنف ويحمر وجهه في حين كان بعض الاعراب يشد رسول الله علية الصلاة والسلام من رداءه ويهزة يامحمد ،والحبيب يبتسم له ويهدئ من روعه ويجيبه على طلبه . اللهم اهد مولانا سبيل الرشاد.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012