أضف إلى المفضلة
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024


"في الميدان يا حميدان"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
17-11-2014 12:30 AM
في المنظور المرئي الملموس، يتمحور القلق الرسمي حول تنظيم 'داعش' و'جبهة النصرة' وأخواتهما، في العراق وسورية؛ كما القلق من موجات جديدة من اللاجئين السوريين. إلاّ أنّ القلق الحقيقي من المفترض أن يتجاوز هذه 'المعاينة' الأولية، للنظر بعمق أكثر إلى ما يدور في الجوار، بوصفه مرحلة انتقالية نحو خريطة سياسية جديدة، مصحوبة بمرحلة من الفوضى الإقليمية والأمنية، وحالة عدم استقرار، وغياب الحكومات المركزية؛ الأمر الذي يجعل التعامل الرسمي الأردني مع الجوار يأخذ أبعاداً جديدة، كبناء شبكة تحالفات وعلاقات تعاون مع قوى اجتماعية وعشائر وقوى وشخصيات سياسية. وهو ما يجعل العلاقة أكثر تعقيداً وصعوبة.
هذه السياسة بدأت بالفعل! فالأردن اليوم يعتمد على علاقاته بالقوى المحلية في جنوب سورية، وفي درعا؛ سواء كانت من فصائل الجيش الحرّ أو حتى العشائر والقوى الاجتماعية، في تأمين المناطق المحيطة والمصالح الأمنية في مواجهة أي خطر يمكن أن يشكّله تمدّد 'جبهة النصرة' في الجنوب، كما حصل مؤخراً، عندما أطاحت 'النصرة' بأحد أبرز حلفاء النظام العربي، أحمد النعمة، واعتقلته.
وكما حدث مع قصة النعمة، فإنّ النفوذ الأردني العميق في الجنوب مطمئن مرحلياً فقط، إلاّ أنّه لا يشكّل ضمانات بعيدة المدى. فعندما هدّد الجيش السوري قبل أشهر باجتياح درعا، أثار ذلك قلقاً شديداً لدى 'مطبخ القرار' في عمان. إذ إنّ مثل هذه المعركة ستعني موجة كبيرة من اللجوء السوري، تصل إلى مئات الآلاف من الأشقاء الهاربين من المعارك. وقد استخدمت الدبلوماسية الأردنية أوراقها كافة لإيقاف هذا الهجوم، وتأجيل ما يشبه الكارثة الإنسانية التي سيتحمل تداعياتها الأردن وحيداً.
كما أنّ معطيات الواقع السوري في حالة تغيّر مستمرة، ما يجعل الاستقرار النسبي الراهن مسألة مشكوكا فيها على المدى البعيد. أما احتمال عودة 'الدولة السورية' الموحّدة، فقد أصبح أمراً خارج الحسابات، حتى وإن حقق النظام انتصارات تكتيكية في حلب، فمن الواضح أنّ 'الحسم العسكري' لم يعد ممكناً.
الوضع في العراق لا يختلف كثيراً، حتى وإن حقّقت قوات التحالف اختراقات عسكرية مؤخراً، وبدا الوضع السياسي أقل تعقيداً. إذ إنّ الأزمة السُنيّة ما تزال قوية، وإمكانية استعادة الثقة بين أطراف العملية السياسية مسألة في غاية الصعوبة. وما يطرح اليوم على السُنّة من قبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وحكومته، هو إقليم شبه مستقل، وما الحرس الوطني الجديد إلاّ تكريس للتقسيم الطائفي بصورة مؤسسية!
عمل الأردن، خلال الأعوام الماضية، على تمتين علاقته بعشائر الأنبار والقوى المجتمعية هناك. ونجح في نسج شبكة سميكة وقوية معها. إلاّ أنّ تنظيم 'داعش' حقق مؤخراً تقدماً كبيراً في هذه المناطق المحاذية للأردن، وأصبح اللاعب الأقوى فيها، ما يجعل الحالة هناك شبيهة تماماً بالمناطق الجنوبية في سورية.
بالضرورة، الوضع في الضفة الغربية والقدس لا يختلف كثيراً، وحالة السلطة الفلسطينية والصراعات الداخلية هناك لا تبعث على الاطمئنان مطلقاً. بينما مصر مشغولة تماماً بوضعها الداخلي وأزماتها الأمنية والسياسية والعسكرية. ودول الخليج تنظر بقلق شديد إلى تمدّد الحوثيين في اليمن، فيما تخترق النزاعات العميقة البيت الداخلي بصورة واضحة وغير مسبوقة.
إزاء هذا الفراغ السياسي الرسمي العربي، وحجم التحديات الكبرى، يحمل الأردن وحيداً عبء تداعيات حالة إقليمية ملتهبة. لكن الأغرب من هذا وذاك أنّ الأشقاء في الخليج يقدمون دعماً هائلاً بمليارات الدولارات لكل من مصر ولبنان، فيما يتم 'تقطير' الدعم المالي للأردن.
هذا وذاك يدفع، بالفعل، بـ'مطبخ القرار' إلى ضرورة إجراء رؤية عميقة للاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة، والأخطار المحتملة، والتحولات الهائلة في البيئة المحيطة، والمقاربة الأردنية في التعامل معها.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012