أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


"داعش" والتهديدات غير التقليدية

بقلم : د.باسم الطويسي
08-12-2014 02:20 AM
نعلم أن المعلومات والتسريبات الإخبارية التي تدور حول تنظيم 'داعش' في العراق وسورية، والحرب الدائرة هناك، لا يمكن فصلها عن الدعاية المتبادلة، وما يرافقها أحيانا من عمليات تضليل وإشاعات، تساهم فيها أطراف الصراع. لكن الأمر الذي يجب أن يؤخذ على محمل الجد هو التسريبات الإعلامية التي تحدثت، وفق تقرير أميركي-عراقي، عن سعي هذا التنظيم إلى امتلاك أسلحة غير تقليدية. وهي معلومات وتسريبات لا يمكن مقارنتها بالإشاعات التي أطلقت قبل أسابيع عن إطلاق هذا التنظيم قمرا صناعيا إلى الفضاء، والتي للأسف رددها بعض وسائل الإعلام.
يتحدث التقرير عن محاولات دائبة تقوم بها أذرع 'داعش' للحصول على أسلحة غير تقليدية، وتحديدا بعد أن أصبح التنظيم يمتلك الكثير من الشروط الموضوعية التي تمكنه من الوصول إلى هذه الغاية؛ من امتلاك المال والأرض، وامتداده حتى خارج حدود الأرض التي يسيطر عليها، إلى سيطرته على بعض الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، بجانب احتمال الوصول إلى خبراء عراقيين في الأسلحة غير التقليدية من الذين تم تأهيلهم في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وتم التخلي عنهم وتهميشهم وبعضهم تمت مطاردته في العهود اللاحقة. وهو ما يكرر سيناريو الخبراء العسكريين العراقيين الذين يقدر أنهم انضموا إلى قوات التنظيم المتطرف بعد ما شهدوه من تهميش ومطاردة عقب كارثة حل الجيش العراقي السابق. يضاف إلى ذلك احتمال وصول التنظيم إلى صواريخ ذات رؤوس كيماوية من مواقع سورية.
قد يكون ثمة أهداف دعائية وراء إصدار مثل هذا التقرير؛ من أجل تضخيم قوة 'داعش'، وحشد المزيد من الدعم لقوى التحالف. كل ذلك وارد، لكن علينا أن نلتفت إلى أن كل القوى المتطرفة عبر التاريخ تسعى إلى التفوق الاستراتيجي، بالاستناد إلى عناصر قوة غير تقليدية. ولعل خبرات القرن العشرين فيها أكثر من درس في هذا المجال، إلى جانب أن امتلاك أسلحة قذرة جرثومية، أو تطوير بعض أنواع الغازات السامة، لا يحتاج إلى الكثير من التعقيد إذا ما توفرت الموارد المالية.
قبل أشهر، نشرت وسائل الإعلام الغربية تقارير عن وثيقة وُجدت في أحد المواقع التي كان يستخدمها عناصر من 'داعش'، تتضمن تصورات لخطط مستقبلية للتنظيم، من بينها أولوية هزيمة إيران، وضرورة التحالف مع روسيا، والوصول إلى الأسرار النووية الإيرانية والاستيلاء عليها. وتعرض الوثيقة التي لم يحسم مدى مصداقيتها، استراتيجية طويلة وتفصيلية لجهة التحالف بين تنظيم 'الدولة' وروسيا، من خلال توفير التنظيم منافذ لروسيا للوصول إلى حقول النفط والغاز، مقابل تراجع الروس عن دعم نظامي دمشق وطهران. هذه الأحلام هي جزء من الأدبيات التي أصبحت جزءا من تاريخ الحركات الجهادية، وفي مقدمتها تنظيم 'القاعدة' الذي عرف عنه منذ نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي طموحه للحصول على أسلحة غير تقليدية.
هناك خلفيات موضوعية تجعل من احتمالات وجود محاولات من قبل 'داعش' للوصول إلى أسلحة غير تقليدية، واردة تماما، وتحديدا بعض أنواع الغازات والرؤوس الكيماوية والأسلحة البيولوجية غير المتطورة، والتي ربما أصبحت مسألة الوصول إليها مسألة وقت لا أكثر. وهو الأمر الذي يتفق مع استراتيجية التحالف الدولي طويلة النفس، ما يجعل التهديدات غير التقليدية واردة. وأكثر الأطراف حاجة للحذر هي دول الجوار قبل غيرها.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012