أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


انطباعات السفير

بقلم : ماهر ابو طير
09-12-2014 01:12 AM
في مقالة لافتة للانتباه، من سفير بريطانيا، في الأردن، بيتر ميليت، عن الربيع العربي، ونشرها موقع الخارجية البريطاني الإلكتروني، يحلل السفير ملف الربيع العربي بشكل عام، وحالة تونس تحديداً.
يروي السفير انطباعاته عن زيارة قام بها الى تونس، وعبر هذه الانطباعات، يدخل الى ملف الربيع العربي، ورأي السفير قد لا يعبِّر عن الخارجية البريطانية، وقد يحمل تعبيرا غير مباشر، لأن السفير في النهاية، لا يمكن أن يكتب بمعزل عن وظيفته، والمقالة تحمل إشارات توجب التوقف عندها.
يسأل السفير ويجيب قائلا: « لماذا اختارت تونس التسوية بدلا من الصراع، السبب الرئيس هو أن تونس لديها شعور قوي بالهوية الوطنية التي تضع المصلحة الوطنية الجماعية في المرتبة الأولى وهذا يعني أن جميع شرائح المجتمع من الجماعات العلمانية والإسلامية ورجال الأعمال والنقابات جميعها شاركت بهدف القيام بما هو أفضل للأمَّة وليس من أجل مصالحهم»؟!.
إجابة السفير حول مبدأ التسوية بدلا عن الصراع، تشخص كل المشهد في العالم العربي، فأغلب الدول العربية التي عصف بها الربيع العربي، اختارت مكوناتها بدلا من الصراع، غير ان السطر الناقص في تأويلات السفير يتعلق حول منسوب العنف الموروث في الشخصية العربية، بين بلد وآخر، وفي تونس فإن منسوب العنف في التكوين الاجتماعي، منخفض جدا، وهذا يسمح بسيطرة مبدأ التسوية على الصراع، لأن غياب العنف عن الشخصية الاجتماعية، يؤدي ضمنيا، الى مجتمع لا دموي، ويتجنب الصراع وانفجاره وكلفته.
في دول عربية أخرى، يقول تحليل الشخصية الاجتماعية، ان العنف كامن أو ظاهر، وموروث في الشخصية الاجتماعية، إذ نادرا ما يتم تخليق العنف في يوم وليلة، وبالتالي الصراع الدموي، وهذا يعني أننا في دول أخرى مثل ليبيا وسورية وغيرها من دول، لم تنزع شعوبها للصراع، لولا وجود جينات العنف لدى احد طرفين، النظام او المعارضة-الشارع، وبالتالي فإن انفجار الصراع، جاء طبيعيا جدا، جراء الاختلاف، وتعريف كل طرف للمصلحة الوطنية الجماعية.
للمفارقة فإن التسوية في تونس، تعبير عن الحرص على المصلحة الوطنية الجماعية، مثلما يقول فرقاء الصراع الدموي، في دول أخرى، إن صراعهم الدموي تعبير عن فهم كل طرف، للمصلحة الوطنية الجماعية.
لقرَّاءة الربيع العربي، لا يمكن أن نعزل سمات الشخصية الاجتماعية لكل شعب، أو نظام حكم، واذا كانت تونس في الصف الاول، فهذا لم يأت نتاجا للربيع العربي، بل لأن الموروث الاجتماعي المتراكم عبر عقود، سمح بتفوق مبدأ التسوية على الصراع الدموي، ولا يصح هنا أن نقرأ المشهد ونحلل معانيه، اعتمادا فقط على تأريخ الربيع العربي فقط، وتجاهل ما سبقه من إيجابيات أو سلبيات لدى كل شعب.
الخلاف مع السفير يأتي أيضا عند اعتقاده الذي يقول فيه... «الموضوعات الرئيسة من تونس صالحة للبلدان الأخرى،الحكم وسيادة القانون، الحوار والنقاش السياسي، التسوية والإجماع، احترام آراء الآخرين والموافقة من خلال الشمولية»... وأعتقد بصراحة اتكاء على النقطة الأولى، أي قياسات العنف في التكوين الاجتماعي المتراكمة والموروثة، لفهم الحاضر، ان استخلاص السفير هذا غير صحيح، لأن السلبية ذاتها ستنطبق على بقية شعوب الدول الأخرى، بذات قدر الدموية، لأن المحرك السلبي يطغى على الحوار بفعل ما في التكوين الداخلي، من عنف كامن يميل الى الرفض والصراع والاختلاف.
خلاصة الكلام، إن إمكانية نسخ انموذج تونس في دول الربيع العربي الأخرى، تبدو مستحيلة لاعتبارات كثيرة، والمطابقة تبدو جائرة وغير موضوعية.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-12-2014 02:54 AM

.
-- لماذا إختار السفير البريطاني في الاردن للحديث بإيجابية عن تونس تحديدا هو مكمن الموضوع .

-- ما ارادته أمريكا "بربيع الجمهوريات العربية " هو تغيير الطاقم الحاكم الموغل بالفساد على حساب مصالحها بأنظمة رشيقة عصرية مطيعة و قاسية .

-- وكُلفت خلايا " زغرب " بتدريب لوجستي لنخب شبابية عربية مختارة تطمع بالحرية بمعايير سطحية و تولت امريكا تمويل نشاطاتها .

-- في الوقت المحدد تحركت النخب لتقود تظاهرات مبرمجة و طلبت امريكا من مراكز نفوذها في الاجهزة الداخلية الامنية و الجيش الوقوف على الحياد فسقطت الانظمة حسب البرنامج المخطط .

-- لكن ما حدث في ايران في 1979 تكرر فقط في تونس و هو قفز القوى المرتبطة ببريطانيا و استيلائها على السلطة .

-- فما فعلة الخميني و آيات الله في ايران كرره الغنوشي و الاخوان في تونس بل تفوقوا في سلمية التحرك و قبولهم بالتعددية .

-- السفير البريطاني بالاردن يشعر طبعا بالأسى لتحول الاردن للمظلة الامريكية لذى يتغزل بالتجربة التونسية المعكوسة .

.

2) تعليق بواسطة :
09-12-2014 08:51 AM

you are good man for m i 6

3) تعليق بواسطة :
09-12-2014 11:52 AM

أن أسوأ التفسيرات لخراب الربيع العربي وأكثرها سقوطا ولؤما , هو لوم الشعوب "الضحيه" لأنها لا تنزع "للسلميه" كما يقول الكاتب . ولو كان الشعب التونسي أكثر ميلا للسلميه خلافا لأشقائه العرب "كما يقول الكاتب" لما رأينا العدد الأكبر من مقاتلي التنظيمات الجهاديه في سوريا هم من التونسيين . ولكن في تونس من كان ميالا للسلميه هو بن علي وهو الذي تفاجأ بالثوره وهرب من البلاد قبل حرقها وبالتالي سمح هذا للأطراف الوطنيه أن تبني التجربه التونسيه ولم يعمل بالقاعده الأثيره " الأسد أو نحرق البلد " , ولو كانت السلميه هي أساس هذه القصه كما يقول الكاتب فلا يمكن أن يقارن أحد بجنوح الشعب المصري الشقيق للسلميه وهو الشعب الذي كاد خطاب عاطفي لمبارك أن يجعله يترك الثوره كامله , لقد نشرت الصحف مقالا لأحد كبار الكتاب الأمريكيين يقول فيه " أن السلوك الطبيعي هو أن يتطُرف الشعب السوري بعد كل ما عانى من نظامه , ولو لم يتطرف هذا الشعب بعد كل ذلك لكان هناك خطأ ما في ذلك الشعب " .



أن من أفسد الربيع العربي هم من قتلوا مئات الالأف وهجروا ملايين السوريين , وهم من احضروا المرتزقه لكي يقتلون الناس في ليبيا وهم من جعلوا الجيوش عصابات طائفيه في العراق وهم من مولوا الثورات المضاده في مصر وغيرها ,,,, فما الخطأ العظيم في ثوره مصر أبان حكم الدكتور مرسي عندما كانت المناضرات الشفافه بين المرشحين في انتخابات بأجواء سلميه راقيه لم تحسم من المره الأولى , وفي أجواء قامت بها حتى الجماعات التي تتبنى العنف مثل "الجماعه الأسلاميه " بنبذ العنف والمشاركه في الأنتخابات والحياه السياسيه , أليس هذا هو ما جعل اعداء الديمقراطيه يدفعون المليارات لتمويل الثورات المضاده وجعل الدول التي ترفع الشعارات الأسلاميه تتهم الأحزاب "الأسلاميه " الفائزه بالأنتخابات بالأرهاب .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012