أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


مسلسل الجريمة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
18-02-2015 12:53 AM
أضافت الجريمة المروعة التي ارتكبتها عصابات الظلام على الساحة الليبية بحق واحد وعشرين مواطن مصري حلقة اخرى الى مسلسل الترويع، الذي جعل المنطقة تغرق في بحر من الدماء، ويسهم في السير بها نحو اوضاع متردية في غاية القتامة، وتفتح البلاد العربية نحو آفاق من التدخل الدولي وجعلها تحت الوصاية الدولية، وفتح الباب على مصراعيه نحو الفوضى والحرب الاهلية.
تزداد الجريمة بشاعة وترويعاً عندما تتم المحاولة من اجل اصباغ المسحة الدينية عليها، سواء من جهة القاتل او جهة المقتولين عندما تم اختيارهم من الاقباط، بقصد متعمد نحو اثارة وتأجيج التعصب الديني بطريقة مجنونة، يصبح الدهماء فيها حطباً ووقوداً، وتضيع فيها الاوطان ويصبح مستقبل الاجيال على حافة المجهول.
ان اختيار هذا اللون من الحرب الطائفية والدينية والمذهبية، يعد ذلك فتحاً لباب جهنم، وادخال المنطقة في مسلسل من الصراعات العمياء التي لا تخلو من روح انتقامية تدبيرية بحق الاسلام والعرب وشعوب المنطقة، ولا تخلو المسألة من هدف اغراق المنطقة في فتنة لا نهاية لها ولا افق، ولذلك بات من المؤكد ان مثل هؤلاء الجهلة يمثلون لعنة على المنطقة ولعنة على شعوبها، ومستقبل ابنائها.
ما عادت المرحلة بحاجة الى مزيد من التشخيص، ومزيد من المبالغة في وصف الجريمة، وانما نحن بحاجة الى صياغة استراتيجية مواجهة شاملة تتجاوز حدود الشجب والاستنكار، الى الوصول الى مستوى التعبئة الشاملة فكرياً وثقافياً، ودينياً، وامنياً وعسكرياً، على مستوى رسمي وشعبي، وعلى مستوى المدارس والجامعات وكل مؤسسات المجتمع، بطريقة منهجية مدروسة، يكون لكل فريق ولكل مؤسسة، ولكل فرد دور واضح فاعل بحسب تخصص كل واحد وقدرته وامكاناته.
الوضع الليبي اصبح اكثر قرباً من حافة الانهيار ولم تعد القوى السياسية الليبية قادرة على الامساك بدفة المجتمع وما عاد هناك مؤسسة قيادية قادرة على ضبط الاوضاع، وفي هذا السياق لا بد من المصارحة بأن تدخل بعض الاطراف العربية بأموالها لخلق الفتنة في ليبيا عن طريق وقف العملية السياسية بالقوة كان له أكبر الاثر في التدهور المريع الذي اصبح سيداً للمشهد، والمصيبة ان بعض الاطراف تعتبر ذلك نصراً مؤزراً وتفتخر بقدرتها على افشال الانتخابات الليبية وافشال الحكومة المنتخبة، على طريق استنساخ صيغة الانقلاب العسكري الناجح في بعض الدول العربية، وهذا ما جرى ويجري في اليمن، مما يقتضي الاشارة الى المشكلة بصراحة وجرأة.
نحن امام حالة تخريب ممنهج، وامام حالة عنفية مصنوعة وممولة، وليس هناك تفسير لحادث ذبح واحد وعشرين عاملا مصريا قبطيا الّا في هذا السياق المجنون، وسوف يسجل التاريخ هذا السلوك السياسي الشائن من بعض الدول التي صنعت الارهاب ومولته، واتاحت الادوات والوسائل لهذه العصابات لممارسة القتل المروّع، وفسح المجال للامداد بالمال والرجال، تحت اشراف الاجهزة الاستخبارية العالمية والاقليمية المصحوبة بدور اعلامي ممنهج.
حلقة العنف المجنون سوف تأخذ مداها، وسوف تحصد مزيداً من الارواح، ولكن ما ينبغي التأكد منه أن الاصابع والايدي التي تصب الزيت على النار بالسر والعلانية لن تنجو من الحريق الذي سوف يدخل عقر دارها بشكل مؤكد بعد كشف الحقائق المروعة للجماهير، ولن يتم اخفاء الحقيقة الى امد بعيد.
(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012