أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


«الحزم» محاولة لاستعادة العافية..!

بقلم : حسين الرواشدة
29-03-2015 12:47 AM
فجأة صحا العرب على الخطر الايراني الذي اطل عليهم (هذه المرة) من اليمن، وحين انتبهوا الى “تعطّل” السياسة عن مواجهته ذهبوا الى الحرب، وهي بالطبع ليست حربا (فقط) ضد الحوثيين الذين يعتبرون جزءا من النسيج الوطني اليمني ولا حليفهم الرئيس المعزول ، ولكنها ضد التمدد الايراني الذي اختطف هذه الجماعة الزيدية وحولها الى طائفة تخوض حروبه بالوكالة.
قبل عشر سنوات بالضبط برز نجم الحوثيين في اطار تمرد جرى صناعته وتوظيفه لحسابات يمنية داخلية واخرى اقليمية ودولية ، لكن بعد اندلاع الثورة وعزل الرئيس تغيرت خارطة التحالفات ، واصبح الحوثيون “اداة” مطلوبة لاعادة ترسيم حدود القوى داخل الساحة اليمنية وفي محيطها الحيوي، سواء من قبل النظام القديم الذي سعى الى العودة للحكم او من قبل بعض الدول الاقليمية التي اردت اقصاء الاسلام السياسي وتأديب المحسوبين عليه ، او الاخرى التي اغراها الفراغ للتمدد وانتزاع النفوذ، اما النتيجة فكانت ما حدث في سبتمبر من العام الماضي حيث اجتاح الحوثيون صنعاء وانسحب امامهم الجيش في ظروف غامضة ما تزال لغزا حتى الان.
بهذا المعنى فالتمرد الحوثي ليس صناعة ايرانية خالصة، وانما ولد من رحم يمني مزدحم بالتناقضات والمظلوميات ، ومن بيئة سياسية عربية تعرضت للتجريف والعجز فلم تستطع ان تفرز سوى هذه المسوخات التي داهمتنا مرة على هيئة داعش ومرة اخرى على شكل الحوثيين ، لكن ايران التي ترصد المشهد العربي باهتمام قفزت على المركب ، كما فعلت في العراق وسوريا، وحاولت ان تقبض على اليمن ، وهدفها هو الامساك برقبة الرجل العربي “المريض” وربما بيعه في سوق المفاوضات النووية مع الدول الكبرى ، وفي هذه اللحظة بالضبط ادرك العرب ان رهاناتهم على “اوباما” كانت خاسرة، وان امامهم فرصة اخيرة لاستدراك “كارثة” بحجم الفضيحة ، فقرروا ان يتحركوا باتجاه الحل العسكري لانقاذ ما يمكن انقاذه.
“عاصفة الحزم” وان جاءت متأخرة ، الا انها يمكن ان تفهم في سياق ردة فعل اضطرارية لاحساس العرب جميعا بالخطر، كما يمكن ان تكون “بروفة” صالحة للتكرار في مناطق اخرى : ربما تتشجع تركيا لتكرارها في سوريا ، او مصر للتدخل في ليبيا ، لكن علينا ان نتذكر ان الحرب - وان كانت ضرورية احيانا - الا انها ليست نزهة ولن تستطيع وحدها ان تحسم الصراع ، فهي دائما بحاجة الى ادوات “ السياسة” لكي لا تتحول الى “فخ” للثارات الطائفية وتصفية الحسابات التاريخية ، وعلينا ان نتذكر ايضا ان الحرب حين تنتقل من الدائرة “الوطنية” سواء اكان الصراع فيها او عليها ، الى الدائرة الاقليمية ،حيث يتشكل ولاول مرة تحالف عربي ، وبقيادة عربية ضد نفوذ خارجي تمظهر في عنوان “محلي” ، فاننا سنكون امام حرب اقليمية بدأت لكن لا نعرف متى وكيف ستنتهي، وهي حرب وان كانت تتحرك في اطار المصالح السياسية الا ان عناونيها الخلفية تشكلت على صور طائفية ومذهبية ، او حرب “هويات” قومية، ليس في اليمن فقط ، وانما في العراق وسوريا ، وربما تمتد الى معظم دول اخرى.
ايران التي تركت لقاسم سليماني ان “يلوح” بأعلام النصر في القنيطرة وتكريت ، لم تتوقع ان يستيقظ الرجل العربي المريض ، لكن على ايقاع “الحسم “ في لوزان حيث تدور معركة المفاوضات الاخيرة حول الملف النووي ، جاءت عاصفة “الحزم” لتقلب الطاولة من جديد في منطقة انفجر فيها التاريخ ولم يعد احد فيها محصنا من ارتدادات هذا الانفجار.
المنطقة الان تدفع ثمن فواتير متراكمة لاخطاء سياسات فاشلة وتحالفات مقلوبة ، افضت الى اجهاض ارادة الشعوب وثوراتها، والى القبض على “الاسود” واقصائهم لحساب توظيف القرود “والاستثمار” بجنونهم ، كما انتهت ايضا الى انكشاف هشاشة “الدولة” العربية وعجزها عن مواجهة الاخطار التي تحدق بها من كل اتجاه، خاصة على صعيد هجمة”المشروعات” الكبرى التي تتصارع على المنطقة ، وتصاعد نبرة المشروع الايراني الذي استطاع ان يتغلغل في اربع دول عربية ، الامر الذي وضع العرب امام خيارين : خيار الخمول والانتظار الذي يؤدي بالنتيجة الى الاستسلام والقبول بالهزيمة ، او خيار الرد ،باية طريقة ، للخروج من حالة الموات واستعادة ما امكن من حيوية للتوازن والوقوف على الارض مرة اخرى.
على الارجح اننا الان امام الفصل الاول من “قصة” طويلة وستطول ، ربما نعرف ابطالها ومسارح احداثها لكننا لا نستطيع ان نتنبأ بمساراتها ونهايتها ، كما اننا لانعرف كيف ستتدحرج “كرة” الحرب والصراع فيها، ويبقى ان قدر هذه المنطقة ان تظل وقودا للحروب ومنقعا للدم حتى تهتدي الى حلول تخرجها من ازماتها كما فعلت الامم الاخرى التي عايشت تجارب مماثلة ، وتجاوزتها بالسياسة لا بالحرب، وبالديمقراطية لا بمزيد من الاستبداد والقمع.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
29-03-2015 08:10 PM

نعم سيدي هي حرب هويات وقوميات كانت نتاج الفوضى الخلاقة التي تسللل من خلالها
خفافيش الظلام في بلاد فارس لينشهوا جسد هذة الامة المنهكة ونعم لهذة الصحوة ولسنا دعاة عصبية ولكننا نعيش في بلادنا العربية ووطننا العربي العزيز وعلينا ان ندافع عن وجودنا وحضارتنا العربية الاسلامية في وجة الاعداء نعم لابد من الاعتماد على سواعدنا فكل الرهانات والتحالفات مع الغربي البعيد أفضت الى بيع بلادنا للاخر وما كانت البوابة الشرقية للوطن العربي ان تسقط لولا حروب ال بوش الانتقامية وتدمير العراق العظيم وتسليمه للمليشيات -

2) تعليق بواسطة :
29-03-2015 08:16 PM

الايرانية الحاقدة والفاقدة لهويتها العربية -اذكيف لجنرال لم يحلم يوما بأن يجتاز حدود العراق ان يدير عمليات في محافظة صلاح الدين وعلى ابواب تكريت ؟!
وان يجاهروا بأمبراطوية فارس؟!
... لقد كان اللقاء الاخير بين العاهل السعودي الراحل واوباما بمثابة العتاب الاخير اذ لاسكوت بعده والخطر يداهم الجميع بعد ان أفضت سياسات أمريكا في المنطقة الى هدم هوية المنطقة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012