أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 30 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 30 نيسان/أبريل 2024


الأردن.. مخاطر الوضع القائم

بقلم : فهد الخيطان
02-05-2015 01:19 AM
الاستقرار هو ميزة الأردن عن غيره من الدول المحيطة. لكن هذه الميزة لا تعني أبدا المحافظة على الوضع القائم. ولأن البعض في مراكز صناعة القرار يفكر بهذه الطريقة، فقد بدأنا نلحظ، في الآونة الأخيرة، تآكل مزايا الاستقرار على أكثر من صعيد، خاصة في المجال الاقتصادي.
الاستقرار في جانبه الاقتصادي، يواجه في الوقت الراهن تحديا لم يحسب المخططون حسابا له. صانع القرار الاقتصادي في الأردن لم يضع التطورات السياسية والإقليمية في حسابه.
سياق الأحداث في دول الجوار؛ سورية والعراق على وجه التحديد، كان يشي بأن حركة التبادل التجاري ستواجه مشكلات كبيرة مع تردي الأوضاع الأمنية في البلدين.
الخيارات والبدائل شحيحة من دون شك. لكن من بين القليل المتاح، تنشيط ديناميكيات الاقتصاد على المستوى الوطني، ومد السوق الأردنية بعناصر تزيد من حيويتها ونشاطها، لامتصاص بعض من الآثار السلبية لتراجع الصادرات.
والملفت اليوم أن شكوى القطاعات الاقتصادية من السياسات الحكومية، تفوق ما تعانيه من مشكلات جراء الظروف الإقليمية. الشكوى من قوانين الاستثمار والضريبة والجمارك، وسياسات العمالة، والبيروقراطية، تتصدر هموم القطاع الخاص.
يضاف إلى ذلك، انعدام الثقة بالخطط والبرامج المقترحة لتحريك عجلة الاقتصاد، والافتقار لجسور التواصل بين الجانبين.
إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، سيغدو الاستقرار قيمة شكلية في الأردن؛ إن لم يترجم إلى سياسات تساعد في تحفيز الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
القراءات الحالية لمعدلات البطالة، لا توحي بانفراجة قريبة في المستقبل. بموازاة ذلك، سيصعد مؤشر الفقر الذي بات يقترب من الخط الأحمر.
لا يمكن لصانع القرار أن يتجاهل هذه المؤشرات الخطيرة، والاعتماد على الجانب الأمني لتأمين الوضع القائم. نظرية الوضع القائم أصبحت مصدرا للتهديد، وينبغي التفكير بمقاربة جديدة لتغيير هذا الوضع.
على المدى القصير، المملكة بحاجة إلى خطة عاجلة لتحفيز الاقتصاد الوطني. إنجازها يتطلب جلوس ممثلين عن القطاعين العام والخاص على طاولة واحدة، وإدارة حوار عملي وسريع للاتفاق على حزمة من الإجراءات الفعالة والقابلة للتطبيق الفوري للخروج من عنق الزجاجة أولا، ومن ثم العمل بهدوء وروية على خطط أبعد مدى.
على المستوى الوطني، ثمة حاجة لطرح الأسئلة الصعبة: هل نريد استقرارا سياسيا وأمنيا، واقتصاديا بالطبع، أم المحافظة على الوضع القائم؟ الأمران مختلفان تماما. استمرار الوضع القائم ليس شيئا مغريا أبدا. راجعوا نتائج استطلاعات الرأي؛ الثقة بالمؤسسات المدنية متراجعة، وبالمؤسسات العسكرية والأمنية مرتفعة. هذا ليس وضعا سويا، وينعكس بشكل سلبي على مظاهر الحياة العامة.
هناك انطباع بأن الوضع القائم للسلطات يضمن الاستقرار، فلماذا التغيير؟
الحقيقة أن الوضع القائم أصبح عبئا على الاستقرار، ومعطلا للإصلاح والتقدم للأمام. حالة الاقتصاد تعطينا مثالا قويا على ذلك، وأداء السلطة التشريعية يعزز الشعور كل يوم بخطورة الوضع القائم.
التحولات الرهيبة في المنطقة من حولنا، تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، ومديدة. علينا التفكير بطريقة ديناميكية وخلاقة للتكيف معها، والتغلب على آثارها الكارثية. التمسك بالوضع القائم، يعني المخاطرة بالاستقرار في المستقبل.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012