أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


المشكلة في التوقيت

بقلم : جمانة غنيمات
14-05-2015 12:39 AM
من الكواليس أو بالتلميح 'الصريح'، أعاد رئيس الوزراء إلى الواجهة الحديث عن رفع أسعار الخبز.
د. عبدالله النسور، وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده على هامش إطلاق وثيقة 'الأردن 2025'، يوم الإثنين الماضي، قدّم شرحاً مفصلاً لدعم الخبز الذي تقدر قيمته بحوالي 180 مليون دينار سنويا؛ يقال إن غالبية المستفيدين منها هم من أصحاب المداخيل المرتفعة، كما من غير الأردنيين.
نيّة الحكومة رفع أسعار الخبز قديمة، لكنها غيّبت الموضوع لحين. فكان هذا التأجيل مجرد تورية لتهدئة الشارع، بعد ردود الأفعال التي شهدها البلد عقب قرار تحرير أسعار المحروقات.
الحكومة تحوم حول الفكرة بحذر كبير خشية من رد الفعل، لمعرفتها التامة بشدة حساسية قضية الخبز عند الأردنيين، بحكم ما له من قيمة معنوية تفوق تلك المالية التي تتحدث عنها الحكومة وتحسبها بـ'النكلة'؛ فالخبز هو رمز العيش والحياة. ولذلك، أيضاً، تُعدّ خشية الأردنيين من اقتراب الحكومات من تسعيرة الخبز تاريخية، ولطالما حركت الناس وأزّمت علاقتهم بحكومات سابقة.
في ملف آخر لا يقل حساسية عن الخبز، تهمس الحكومة بشأن الكلفة العالية لدعم الكهرباء على الخزينة. وهي تدور وتحوم باحثة عن سبيل لتقليص هذه الفاتورة، قدر المستطاع.
لكن ما تنساه الحكومة وترفض الاعتراف به، هو أن المعطيات والدوافع التي كانت تستلزم و'تبرر' تخفيف دعم الخزينة للخبز والكهرباء، قد اختلفت كثيرا بعد تراجع أسعار النفط (والغذاء) عالميا، وبحيث صارت شركة الكهرباء اليوم تحقق نتائج مالية طيبة، بل وأرباحاً، الأمر الذي تحاول الحكومة إخفاءه عن الرأي العام.
غير المقبول هو ضعف الشفافية وتغييب الحقيقة بشأن الانعكاسات الإيجابية لانخفاض أسعار النفط على المشهد المحلي. إذ تتمسك الحكومة، بكل مسؤوليها، باللغة ذاتها التي درجت على استخدامها حين كانت الأزمة في ذروتها، بشأن عجز شركة الكهرباء، ومعاناة الخزينة بالتالي جراء ذلك.
عدم 'الاعتراف بالنعمة' هو محاولة أخيرة من حكومة د. النسور لتمرير آخر القرارات الصعبة؛ المتعلقة بدعم الخبز والكهرباء، ولتنهي بذلك خطتها المنقوصة للإصلاح، طالما أن الإصلاح الاقتصادي بالنسبة لها يقتصر على القرارات المعيشية الصعبة، في مقابل تجاهل البيئة التشريعية المشوهة، وإبقاء الهدر والإنفاق التفاخري على حالهما.
في حال تمكنت الحكومة من تمرير هذين القرارين، فإنها ستدخل التاريخ بأنها الحكومة الأردنية التي سجلت رقما قياسيا على صعيد اتخاذ قرارات اقتصادية-اجتماعية قاسية، وجهت ضربات متتالية للطبقة الوسطى التي هي أساس تماسك المجتمع، قبل أن تكوي بنار هذه القرارات، أيضاً، الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل.
ملفا الخبز والكهرباء وإصلاحهما، هما طريق الحكومة لإطالة عمرها. فهي تذكّر بزيادة أسعارهما لتحذير من سيخلفها من عظم ما ينتظره. ومن ثم، فأغلب الظن أن الحكومة باقية، لأن برنامجها لم ينته بعد، وعليها المضي في تنفيذه؛ مستنزفة ما تبقى في جيوب الأردنيين!
الشجاعة الحكومية للخوض في هذين الملفين، منبعها ربما الأرقام المغلوطة التي تقدمها عن ارتفاع الدخل الحقيقي للفرد بنسبة 7.5 %؛ فما الضرر من زيادة أسعار الخبز والكهرباء، كما يقول وزير المالية د. أمية طوقان؟! لكن هذه النسبة 'المفاجئة' بحاجة لتفسير، بإيضاح المعايير التي بُنيت عليها.
اليوم، تقول الحكومة إنها لن ترفع الأسعار، بل ستتخلص من الدعم المباشر للسلع، لتخفيف التشوهات المالية وتقليص العجز. وهي محقة في ذلك، ولا اعتراض على المبدأ. إنما الاعتراض يأتي على التوقيت. وهنا لتسمح لنا الحكومة بإسداء النصح لها بعدم الاستعجال. فعليها تسهيل حياة الأردنيين، كما ملايين الضيوف العرب، وآخرهم اللاجئون السوريون الذين تقول الحكومة إن كلفة استضافتهم تكاد تصل 3 مليارات دولار؛ وماذا تساوي القيمة 'المتواضعة' لدعم الخبز أمام هذا الرقم؟
صحيح أن الدعم يمثل تشوها، لكن حال الناس سيئة، بمن فيهم من تتراوح مداخيلهم بين 800-1000 دينار شهريا، بحيث لا يقوون على تحمل مزيد من القرارات الصعبة. وفكرة الدعم النقدي فقدت بريقها، بعد أن أوقفت الحكومة صرفه عقب تراجع أسعار النفط عالمياً. فرفقا بالناس والفقراء وأبناء شعبك يا حكومة! وأجّلي إلغاء الدعم عن الأردنيين إلى حين ميسرة!
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-05-2015 12:59 AM

نعتذر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012