أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


نخب لأجل المستقبل

بقلم : جمانة غنيمات
21-05-2015 01:20 AM
ليس لديّ اعتراض على المسؤولين كبار السن؛ فـ'الدهن بالعتاقي' كما يقول المثل الشعبي.
لكنْ ثمة سؤال ملحّ هنا: لماذا كلما تأزم موقف، واحتاجت الدولة إلى مسؤول 'جديد' ذي اسم ثقيل، عادت إلى شخصيات تخرّجت من مصنع النخب الأردني قبل عقود طويلة؟
ويرتبط بهذا حكماً سؤال آخر، ملحّ أيضاً، وهو: ماذا حل لذاك المصنع؛ ولماذا تعطلت ماكينة إنتاج النخب في الأردن، بحيث يكون المسؤول 'الجديد' ليس إلا مسؤولاً عتيقاً معتقاً، ولا نقول قديماً؟
لا أدري من يملك جوابا حقيقيا شافياً عن السؤال الذي يطرحه الشباب خصوصاً، وهم الذين يشكلون 60 % من المجتمع، بشأن دورهم وحجم مشاركتهم، طالما أن البحث دائم مستمر في القوائم القديمة التي تضم أسماء نخب وشخصيات أيام زمان.
اتكاء الدولة على الجيل القديم من المسؤولين لأداء الأدوار الصعبة، هو إقرار طوعي واضح بأنها (الدولة) عجزت عن خلق كفاءات جديدة، وقيادات قادرة على إدارة أمرنا وتدبره. وآخر الأمثلة الكثيرة على ذلك، وزير الداخلية الجديد سلامة حماد، الذي أُعيد إلى الخدمة العامة وهو في عقده السابع؛ أطال الله عمره، ومتعه بالصحة والعافية.
ومن نافلة القول التأكيد على أن الحديث هنا ليس تعبيراً عن موقف من شخص الوزير حماد وأقرانه، بل يبقى ضروريا حتما الاستفادة من مسؤولي الحقب السابقة، واللجوء إليهم للاستعانة بخبراتهم في الأزمات، أو في أي موقف يحتاج فيه البلد إليهم. أما الأهم، وجوهر المسألة هنا، فيتمثل في تأمين مستقبل الأردن، عبر صيانة وتفعيل مصنع إعداد النخب المحترفة، بحيث يُخرّج لنا كفاءات أردنية قادرة على إدارة البلد وحمايته مستقبلاً ودوماً.
إذ للأسف، يبدو هذا المصنع معطلاً، وتكاد تكون مهترئة مكائنه التي يُفترض أنها تتوزع على أكثر من مستوى ومؤسسة. أما الانقلاب على هذا الواقع وإعادة بث الحياة في المصنع المهمل، ربما منذ منتصف تسعينيات العقد الماضي، فيحتاجان إلى قرار وإرادة، لأن العطب الحالي هو نتيجة عودة الدولة خطوات عن طريق الديمقراطية، وأخذها البلد باتجاه قانون 'الصوت الواحد' الانتخابي، والذي لم يقيّد النخب فحسب، بل وحَدّ من إمكانية اكتشافها.
مصلحة البلد من ناحية، وطموحات الشباب الذين يشكلون غالبية الأردنيين، من ناحية أخرى، تستوجبان إعادة تفكير في ماهية المؤسسات التي صنعت رجالات الماضي الذين لا غنى عنهم. وليس المطلوب استنساخ هذه المؤسسات بالضرورة، بل وضع نموذج متطور يواكب التغيرات الكبيرة والمتواصلة التي لحقت بالبلد خلال العقود الماضية.
اليوم، صارت محاولة تشكيل حكومة في الأردن، أو إشغال موقع رفيع، مسألة شاقة مرهقة للذهن، بحكم محدودية النخب التي تخلقها المؤسسات الرسمية؛ المدنية والعسكرية. وتصبح القضية أكثر تعقيداً بإضافة مؤسسات المجتمع المدني، ومنها النقابات والأحزاب.
الاعتراف بهذه الإشكالية ضرورة، حتى نحمي مستقبل الأردن بعد عقدين من الزمان. فهذا الوطن شيّده ورعاه أبناؤه الأقوياء، ولمثلهم تحتاج حمايته وصون مسيرته؛ شخصيات ثقيلة، يُستثمر فيها اليوم لتكون قيادات المستقبل. وضمن هؤلاء، الشباب المهمشون فكريا، الذين يصعب عليهم الانخراط بشكل حقيقي وفاعل في العمل الوطني العام، طالما أن الأطر والأوعية الفكرية المنشودة غائبة بشكل تام.
وبناء المستقبل بحاجة لأحزاب من نوع مختلف، تقودها شخصيات برؤية إصلاحية وطنية أيضاً، فتكون بذلك حقاً حاضنة للشباب ليبنوا قدراتهم وقناعاتهم، بدلا من تركهم صيدا سهلا للفكر المتطرف غير السوي.
يمكن للدولة أن تلجأ إلى نخب العقود الماضية. لكن هذا الأمر غير ممكن إلى ما لانهاية. فلا بد من التحضر للمستقبل، وليدرك شباب اليوم أنهم قادة الغد.
مصلحة الأردن تقتضي من بعض من يمسهم الكلام، التخلي عن بعض أنانيتهم، لإفساح المجال للشباب. فتمكين الشباب يتجاوز العبارات الرنانة بأنهم مركز الكون، فيما هم فعلياً على الهوامش في أغلب الأحيان.
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-05-2015 07:37 AM

فشل جيل الشباب في ادارة الدولة وسيفشل جيل صغار الشياي الذين يعانون الان من البطالة
السبب سؤ اختيار المسؤولين و اعتقد انها سياسة مدروسة هدفها طمس جيل الشباب تحطيم نفسياتهم لغاية في نفس يعقوب
هناك اسماء تم تسليمها مرسسات و وزارات قوية و اداروها بعقلية اميركية و غربية لا تتناسب معنا ولا مع ثقافتنا فدمروا هذه المؤسسات و اغرقوها بالفساد وامانة عمان مثال صارخ ولا تزال تعاني من عهد الفساد الذي جثم عليها لحمس سنوات كانت كفيلة لتدميرها

2) تعليق بواسطة :
21-05-2015 12:02 PM

كنت كثيرا ما اسمع جلالة الملك الراحل (الحسين) – رحمة الله – يركّز في جميع خطاباته على فكرة وكلمة (الاجيال القادمة) ...
كنت شابا يافعا ، وكانت تدور في ذهني اسئلة كثيرة ومتعددة حول هذا الموضوع بالذات ...؟؟؟ لماذا الاجيال القادمة ولا نكون (نحن) في ذلك الحين ...؟؟؟ وهل من الافضل ان تقوم بإعداد العدة والبناء والتجهييز للاجيال القادمة ...؟؟؟ ام ان الافضل هو بناء (الجيل) نفسه وإعداده وترك خياراته في البناء تعود لفكره ونظرته واولوياته هو في المستقبل ...؟؟؟

3) تعليق بواسطة :
21-05-2015 12:03 PM

اعتقد ، ان الامر ينبغي ان يسير فيما بين الخيارين بشكل متواز ، فلا يجب ان نُهمِل (التركة) التي سنُخلّفها لمن من من بعدنا ، قال صلى الله عليّه وسلّم ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة)) ، من هنا ، ينبغي ان تكون (التركة) عامل قوة وارض صلبة ومؤسسة التأسيس الصحيح تستطيع الاجيال القادمة من (البناء) عليها – بل – والتوسع والتمدد والإنطلاق من خلالها ...

4) تعليق بواسطة :
21-05-2015 12:04 PM

اما من الناحية الاخرى – موضوع المقال – فأنني اعتقد ان المثل الصيني الذي يقول (لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد ) ينطبق تماما على ما ينبغي ان تكون عليه طريقة إعداد (الاجيال القادمة) ... ان نعلمهم (الصيد) والريادة والقيادة ونصنع الانسان الذي سيقود المستقبل ويصطاد الخير للوطن وابناء الوطن ...

5) تعليق بواسطة :
21-05-2015 12:05 PM

للانصاف ، لا يمكن ان نحصر كل شيء او قرار في قالب (صغير) وضيق ونقول ان الشباب هم من يجب ان نتكيء عليهم (فقط) ، فالإعداد والإستعداد للمستقبل موضوع منفصل عن (الجدارة) والمقدرة على القيادة والقدرة على الإصلاح وضبط الامور، تقدير الخبرات والتجارب واحترام العقول الناضجة والافكار المستنيرة والإستفادة من تجارب وحكمة الشيوخ من الامور التى يجب ان (لا) نتعمّد تركها بحجج بناء الاجيال القادمة ، فالدولة ومصالح الناس وحقوق العباد لا يعقل لأن تكون حقول (تجارب) ومدارس لإعداد (الاجيال القادمة) ...

6) تعليق بواسطة :
21-05-2015 04:19 PM

لم نقرأ لك رأيا في آداء وزير الخارجية ناصر جودة وهو من الجيل الذي تفضليين !!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012