أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 18 أيار/مايو 2024


يا فضيحتنا!

بقلم : د.محمد ابو رمان
16-07-2015 01:24 AM
الصفقة النووية الإيرانية-الأميركية بالنسبة للعرب، أشبه بإعلان فضيحتهم على الملأ. ولعلّ من يتابع المزاج الشعبي العربي عموماً، سيشعر بحجم المرارة في قلوب الناس وأجوافهم، ومدى الشعور بالخيبة من أداء النظام الرسمي العربي، الذي أصبحت علامته التجارية الكبرى 'عبقرية الفشل'!
لا نناقش هنا سياسة إيران الخارجية تجاه سورية والعراق، ولا الموقف من دور رجال الدين في الحكم، لكن الجانب الآخر من المقارنة بين إيران والعرب، وهو أنّ إيران تتصرّف كدولة ومؤسسات، لها تقاليدها السياسية، وهناك رجال دولة في مواقع من المسؤولية لديهم الجرأة على اتخاذ قرارات جريئة، بينما العرب قبائل وطوائف وأفراد؛ لسنا دولا حقيقية، ومؤسساتنا كرتونية، والمسؤولون موظفون مغلوبون على أمرهم، وليسوا رجال دولة حقيقيين!
المفاوض الإيراني قدّم تنازلات حقيقية في البرنامج النووي، ينظر لها التيار المحافظ على أنّها هزيمة، لكنّه امتلك الشجاعة والذكاء والصبر والنديّة، فخرج باتفاق تاريخي ينهي عزلة إيران ويرفع العقوبات عنها، ويعيد تنشيط الحياة الاقتصادية، وفوق هذا وذاك يجلس إلى الطاولة لإدارة شؤون المنطقة مع القوى الكبرى!
ماذا عن السلوك التفاوضي العربي؟ أغلبه اتفاقيات تحت الطاولة، وصفقات مشبوهة، ومواقف ازدواجية؛ الأولى معلنة لا قيمة لها سوى كلام فارغ للضحك على الذقون، والثانية هي الحقيقية التي يعرفها ويفهمها الساسة الغربيون جيّداً.
القرار الإيراني يدور حول تقييم عقلاني لمصالح إيران القومية. أما قراراتنا، فهي غرائزية تتحكم بها أهواء وأمزجة بعض المسؤولين والسياسيين، ولا تخضع لأيّ مساءلة أو محاسبة من أيّ طرفٍ داخليّ كان!
ثمّة ديمقراطية دينية في إيران، تقيد العمل السياسي والحزبي والحريات العامة والخاصة، وتعطي التيار المحافظ نفوذاً كبيراً، وتجعل من مرشد الثورة وصيّاً على النظام السياسي؛ ذلك صحيح. لكنّ هناك انتخابات وتداول سلطة وتوزيع سلطات ورقابة على عمل المسؤولين.
لا نقول بأنّ إيران نموذج يحتذى، فهناك جوانب كثيرة تجمعها بنا، نحن أبناء العالم الثالث. لكنّها دولة. وقد يفتح الاتفاق الحالي الأفق واسعاً لتغييرات داخلية كبيرة، تعيد تعريف النظام السياسي وتحجيم ولاية الفقيه، فيما نحن العرب ما نزال ندور في حلقة مفرغة؛ نتراجع اقتصادياً وسياسياً، ونفشل عسكرياً وأمنياً. وبالرغم من عشرات المليارات التي تقتطع من موازنات الشعوب وتذهب إلى الجيوش، لكنّها لا تصمد ساعات قليلة في أيّ معركة عسكرية.
بيت الداء والوباء في العالم العربي هو الاستبداد الذي يجلب الفساد، والتخبط، وغياب الحاكمية، وانعدام الأمانة لدى المسؤولين، وتقزيم الدول والأنظمة إلى أفراد وقبائل وطوائف. ومن دون الديمقراطية والتعددية، فإنّ العرب مهدّدون فعلاً بالانقراض السياسي والقومي، والانهيار الأخلاقي والثقافي، وهو السيناريو الذي بدأنا نرى نتائجه في كلّ من العراق وسورية واليمن وليبيا ومصر.
الفرصة التاريخية الوحيدة التي كانت تقدّم مساراً بديلاً للعرب للخروج من الوحل، هي الثورات السلمية الشعبية. وحتى إن نجحت الثورة المضادّة في ضرب الطموح الديمقراطي المشروع لدى الشعوب، فإنّ النظام الرسمي العربي بصيغته الراهنة لا يمكن أن يستمر، لأنّه فقد مدّة صلاحيته، وتخلّى عنه الجميع، بمن فيهم 'العمّ سام'؛ فلا يوجد بديل -أبداً ونهائياً- عن الديمقراطية والتعددية ودولة المواطنة والقانون، إلاّ الفوضى والدماء والتفكك و'داعش'!
الصفقة الإيرانية-الأميركية ليست فقط نجاحاً لـ'إيران الدولة'، لكن الوجه الآخر لها أنّها بمثابة تأكيد المؤكّد، وإعلان آخر صريح بأنّ النظام الرسمي العربي فاشل، فاشل.. لم يعد يمتلك أي شرعية أو سمعة جيدة أو قيمة إيجابية حقيقية، فهو فشل في الاقتصاد والأمن والتنمية والديمقراطية والحروب العسكرية!

(الغد )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-07-2015 12:12 PM

احيانا يا دكتور كتاباتك تحرك الروح ومنها هذه المقالة. لكن عندما ترضخ للنفاق والتطبيل تفقد هذه الميزة.

2) تعليق بواسطة :
16-07-2015 05:21 PM

أين المشكله أن تتوصل إيران والغرب إلى اتفاق نووي يمكن إيران وشعبها من الاستخدامات السلمية الطاقه النوويه.. ومع التأكد أنها مراقبه100% للابد حتى لا تتمكن من صنع سلاح نووي اطلاقا؟!
أين المشكله!؟ والله لا أجد مشكلات ءالا في عقول هذه الأمم المختلفه المسماة بالعربيه!!
ماذا قدم تمام للعالم سوى القتل وداعش والقاعدة والتخلف والأنانية وفساد الشعوب والحكام؟؟!! (دعوكم من الإسلام.. فهو من ا الله مش منكم.. واسلام لله.. سلام وآمن ورحمة.. وسلامتكم قتل وجنون وتخلف! )
انشر صديقي المحرر.. دعنا نصدق مع أنفسنا!

3) تعليق بواسطة :
16-07-2015 05:58 PM

الناس في العالم العربي على دين ملوكهم ، اذاعبد الحاكم الشيطان غأن شعبه سيعبد الشيطان ذاته دون السؤال عن السبب ، شعوبنا تؤمن باستمرار ان الزعيم على حق ولايجوز مساءلته لأنه فوق الشبهات ومنزه عن الخطأ ولاينطق عن هوى ان هو الا وحي يوحى ، وان اخطأ الحاكم لاسمح الله فانهم سيجدون له الاعذار الجاهزة على الدوام وان غاب عن ساحة المسؤولية فلا يذهب الا للاستجمام والراحه من عملع الشاق ومصروفاته غير محدوده لانه يغرف من بحر هائل لاينضب ومطالب باسعاد من حوله جميعهم حتى الطباخين والحراس والخدم والمنافقين ، العرب

4) تعليق بواسطة :
16-07-2015 07:54 PM

الشعوب العربيه لم تعد تؤمن باوطانها لان اوطانها لم تعد تدار الا من تجار وطامعين بخيراتها
فضعف الحس الوطي وانهارت وتنهار على التوالي وتعاني
فلا رغبه لاى مواطن الا الطحالب منهم للعيش والقبول بالمعطيات التى لا امل فيها الا وزيد من الفقر والفساد والذل
الادعاء بدول المؤسسات انفضح

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012