أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024


وزارة البيئة بلا بيئة

بقلم : طه عبدالوالي الشوابكه
15-10-2015 11:57 AM
(ترويدة شروقية في حضرة الحاجة أم يعقوب, العجوز المقدسية في عمان الشرقية وهي تكنس أزقة بيتها المتهالك بجريد نخل ناشف كل صباح بتفان وأريحية تطيح بهيلمان الأشاوس المتأنقين).
لا ادري من الذي اختار مبنى الوزارة ليكون في هذا المكان من العالم ؟
لا ادري حين كان المبنى مستأجرا من هو صاحب الحظ الذي قام بتأجيره للحكومة لينتفع باجر طيب يعينه على بلاوي الحياة قبل أن تتملكه الحكومة منه بثمن يشفي الغليل؟
الشقي الذي يراجع الوزارة لأمر ما, عليه أن يلف ويدور ويتفرس في كل الفلل والعمارات باحثا عن ثقب يدس فيه انف سيارته, عليه أن يدوخ الدوخات السبع ليجد له مصفا حول الوزارة (العرين والأبهة والسماء السابعة) ولو على بعد آلاف المترات, حيث لا مصفات ولا أرصفة وكلها عمارات متخمة بمداخل وحواجز حجرية تمنع الوقوف والاصطفاف أمامها إن لم يكن أدبا وذوقا وعرفا فهو حق مكتسب لمالك البيت الذي يجاور هذه الوزارة, لا ادري عن الوزير والموظفين أين يصطفون بسياراتهم طيلة اليوم وأظنهم على جنبات الشارع, يأتون باكرا لحجز أماكنهم فيضيق المكان بأضيق مما هو كائن؟
حين ( حصلت على حليب السباع مهرا لدخول وزارة البيئة) دخلت بعد جهد جهيد والعرق يتصبب مني والوهن والسأم قد أصابا مني ما أصابا, تنهدت تنهيدة من دخل أول باب من أبواب الجنة بعد طول قصاص, استوقفني موظف الاستقبال المتخندق خلف صندوق خشبي يقضم نصف مدخل الوزارة, سألني: من أنت؟ وماذا تريد؟ أجبته إنني ملعون مطرود من رحمة هذا الوطن, متسول, شحاد, يسيل لعابه على مصف لسيارته التي تركها قلقا يتحسب مخالفتها حين يخرج وقد تركها مزدوجة على قارعة الطريق.
للوهلة الأولى نسيت قضيتي التي جئت من اجلها في خضم بيئة تنسيك حليب أمك, تابعت حديثي معه بقرف واشمئزاز, قلت له جئت لأتسول شربة ماء ومنديلا من ورق لأمسح به عرقي المتصبب كأني خارج من مشاجرة حامية الوطيس للتو, رقبتي تشنجت من تكرار الحركة يمنة ويسرة للبحث عن مصف (كأني جرو اصطناعي من جراء التابلوهات في المركبات الفارهات), عيوني زاد منها الحول من فرط البحث في الطرق الفرعية حول الوزارة بلا فائدة كأني مشتبه به يتصعلك بين المنازل.
دهش الموظف من طريقتي في الرد عليه , قلت له الم يكن الأجدر بكم أن تختاروا مكانا للوزارة في موقع أفضل؟ في مكان قريب على خلق الله يضم مساحة بسيطة تكفل اصطفافا آمنا مريحا ولو لبضع دقائق وبأجر مهما يكن؟ هل من الضروري أن تكون أم اذينة بنت العز هي الموقع المختار لهذه الوزارة؟ ترى من المحظوظ ابن المحظوظ حفيد المحاظيظ صاحب هذه العمارة الذي خلصتموه منها واشتريتموها منه على حساب جيب المواطن ضحكا على ذقن الوطن بأرباح مضاعفة بعد أن تنفع بإيجارها ما تنفع من الخزينة حين كانت مستأجرة؟
هز الموظف رأسه ولم يجب على أي من استفساراتي, فقلة الرد رد.
صعدت إلى الطوابق العلوية وكررت تساؤلاتي على مسمع بعض الموظفين فقالوا: حتى سياراتنا لا نجد لها مصفا أيضا وهي معاناة يومية.
الوزير بسلامته من كل أمر حتى أمر الاكتظاظ على مدخل وجنبات الوزارة نفسها له صدر البيت طبعا, أما البقية فحسبهم من كل هذه المنغصات أنهم قراد يتشعلق في أهدابه فهو عميد وزارة مترفة تختفي تحت الإبط عن أنظار الوطن مثلما تختفي عن قضاياه خوفا من الروائح والملوثات.
السيارات تجثو كالطرائد المبطونة على مدخل الوزارة وما حولها, يذكرك مشهدها بمخلفات معركة أو غنائم حربية ألقيت على عجل ليتفرغ المنتصرون للاحتفال بالنصر, من يزور المكبات ومحلات الخردة (السكراب) في مشاريق عمان يرى جوا مريحا منتظما يبعث على الراحة والسرور أكثر مما تبعثه هذه الوزارة, أليس الضجيج والتلوث البصري والسمعي والضيق النفسي وتعكير المزاج من مسؤوليات وأبجديات الهواة من نشطاء المحافظة على البيئة وعناصرها البشرية؟ وعليه فأين وزارة البيئة المتخصصة من كل هذا؟
إلى متى تبقى الوزارات والمؤسسات الحكومية مراتع وتكايا ومؤسسات مستقلة للجباية والتنفيع من حاصل القسمة والأبهة والبريستيج لفئات من نبلاء جدد ليس أكثر؟ كيف استقلت هذه الوزارة وانفردت وانقسمت على نفسها بعد أن كانت (وزارة الشؤون البلدية والقروية والبيئة)؟ من الذي اختار مكانها وأظن الوزير الحالي ليس له ذنب في هذا الا ذنب التماهي مع المشكلة لتصبح (البيئة) وزارة بميزانية منفصلة لم تمكنها من ترجمة ابسط مضامينها بموقع ومصف للموظفين والمراجعين إذا افترضنا جدلا أن للمراجعين أهمية في رؤية ورسالة الوزارة؟ إلى متى سنظل في حالة تدليس وضحك على ذقن الوطن والشعب بحجة تعاظم وتنامي القضايا لنتجرأ بتفصيل وتكييف المواقع والمناصب كأنها طربيزة أو كرسي من قش لا يكلف متخذ القرار سوى دراهم معدودة؟ متى سنكف ونرعوي عن ترجمة أحلام وهواجس التنفيع في حلم يقظة وسهرة عابرة لا تتعدى سويعات, ندني هذا ونقصي مصلحة المجاميع الجامعة لصالح نفر من شخوص أحسنوا الدعاء والابتهال في محراب متخذ القرار في ليلة قدروية وباب السماء مفتوح لهم على الدوام؟
لله درك يا وطني! كم أنت جواد ولطيف حين تقدر الأمور بأكثر مما تستحق أن تكون!!؟ يقولون: الكرم أن تعطي مما هو موجود, أما الجود فهو أن تعطي وتجود بأكثر مما هو متاح وموجود.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-10-2015 09:29 PM

مكان مبنى الوزارة مختار بعناية حتى لايغامر أحد بالذهاب لها او مراجعتها لأن البيئة في الاردن ماشاء الله ولا اروع لايشم المواطن الا رائحة المسك والرياحين والورود، سيارات الديزل والباصات والصهاريج والقلابات طغى ثاني أكسيد الكربون الخارج من فوهات عوادمها على اكسجينات الهوايات في الاردن كان بنفسي اسمع مسؤول يولي مسألة البيئة ادنى أهتمام، وعن مكان الوزارات والدوائر كثير منها يحتاج الوصول اليها الى سيارة طلب بعشرين دينار ويوم كامل نصفة ينقضي على الطريق قبل الوصول في الازمات

2) تعليق بواسطة :
15-10-2015 09:30 PM

كان الله بعون الكاتب ونأمل ان يكون عاد الى سيارته ووجدها سالمة غانمة ؟؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012