أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024


لماذا نحن العرب متخلفون؟

بقلم : د. معن المقابلة
04-04-2018 06:05 PM

قد تكون الاجابة المباشرة على هذا السؤال أننا لم نجرؤ حتى يومنا هذا الاجابة على الكثير من القضايا والمسائل والاسئلة الجوهرية ، بل ان الكثير من هذه القضايا والمسائل والاسئلة اصبحت سبباً في نزاعاتنا وصراعاتنا الظاهرة والمستترة ، حكاماً ومحكومين ، نخباً وعواماً ، فنحن نكاد نكون الأمة الوحيدة في هذا العالم التي لا زال تاريخها محط خلاف، وسببا للفرقة لا للوحدة ، فمنا يرى بهذا التاريخ سبباً في تخلفنا وتراجعنا ، بل ويعتبره البعض السبب الرئيس في هذا التخلف الذي تعاني منه الأمة ، والحل من وجهة نظرهم قطع صلتنا بهذا التاريخ والاستفادة من التجارب الحديثة في الغرب واليابان ، بينما البعض الأخر يرى بهذا التاريخ كنزاً وبلسماً وترياقاً لكل مشاكل الأمة ومصدراً لتطورها وتقدمها ، فهو الشيء الوحيد الذي يحق للامة ان تفتخر وتعتز ، ولطالما ردد انصار هذا الرأي عبارة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – : “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله” ، او قول الامام مالك – رحمه الله – :”لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”.
وليس هذا فحسب بل نجد الخلاف على علماء الأمة ومفكريها قديماً وحديثاً ، فالبعض يرى بهؤلاء العلماء ابعد ما يكونون عن العلم ، فهم كفرة وزنادقة واخرجوهم من الملة ، كابن رشد وابن سينا والفارابي والسهروردي “المقتول” – قتل بأمر من صلاح الدين الأيوبي- ….الخ قديماً ، وفرج فودة وحسين مروة ومحمد اركون …الخ حديثاً ، بينما يرى انصار هؤلاء انهم علماء مستنيرون حملوا مشروعاً تنويرياً حداثياً يتعامل مع تاريخ الأمة على انه تاريخ من صنع البشر قابل للمراجعة والنقد ، مشروعاً سينقل الأمة من حالة التخلف الى حالة التقدم ومواكبة الأمم الحديثة.
كما ان الأمة لازالت مختلفة حول الدولة العثمانية ، التي حكمت عالمنا العربي زُهاء اربعة قرون ، هل هي دولة مستعمِرة ومحتلة ام هي امتداد لدولة الخلافة والتي حمت البلاد العربية من اطماع الدول الاستعمارية الغربية؟ على اعتبار انها دولة تدين بالإسلام دين العرب ، وقد اخذ هذا الخلاف يتصاعد في الآونة الأخيرة ، بعد وصول الاسلاميين للسلطة في تركيا ، فقد اعتبرهم البعض امتداداً للعثمانيين ، ثم تأجج هذا الخلاف بعد انخراط تركيا في الملفين العراقي والسوري.
ثم دخلت نخب الأمة بسجال عنيف طيلة ما عرف بالربيع العربي حول زعمائها ، فمنهم من يضع هؤلاء الزعماء بمرتبة الخالدين والملهمين وولاة الأمر التي ارسلتهم العناية الالهية لإنقاذ الأمة ، ومخالفتهم رجس من عمل الشيطان ، ومدعاة للفتنة وشق لصف الأمة ، بينما البعض الأخر يرى بهم العكس تماماً ، عملاء ومستبدين ، معظمهم جاءوا بانقلابات عسكرية غير شرعية ، او على ظهور دبابات اعداء الأمة ، او بانتخابات مزورة ، كما يروا بهؤلاء الزعماء سبباً في هزائم الأمة ، وسداً منيعاً في سبيل تقدمها وازدهارها.
هذا الانقسام الأفقي والعمودي والذي اخذ يتجذر في جسد الأمة كل يوم في كثير من المسائل الجوهرية ، اصبح عائقاً ومثبطاً في تقدمها ونهضتها ، وفي صراعها مع التخلف والجهل والفقر والمرض ، بل ان هذا الانقسام اذا ما استمر سيولد بيئة مثالية لصراعات عنيفة قد تؤدي في نهاية المطاف لحروب اهلية دموية ، كما حدث في اوروبا والولايات المتحدة ، وللخروج من هذا المأزق ، ولتجنب الانزلاق في وادي الصراعات الدموية السحيق ، يجب على النخب الاجتماعية والثقافية والاكاديمية والسياسية اخذ دورها بكل شجاعة ، من خلال عقد حوارات مفتوحة بين هذه النخب ، تتبناها مؤسسات المجتمع المدني والجامعات والمراكز البحثية ، وتنطلق هذه الحوارات من ارضية الثقة المتبادلة ، والابتعاد عن لغة التخوين ، والحكم على النوايا ، وان ليس هناك جهة محددة تحتكر الحقيقة ، وان كل شيء قابل للبحث والحوار ، اليس في تراثنا مقولة احد الأئمة الكبار وهو الامام مالك – رحمه الله – “كل يؤخذ عليه ويرد الا صاحب هذا القبر” وأشار الى قبر الرسول – صل الله عليه وسلم – ، فليس من المعقول ان كل كتب التراث في تفاسير القرآن والحديث كتب لا يأتيها الباطل من خلفها ولا من بين يديها ، واصبحت او تكاد بمنزلة القرآن الكريم والصحيح من احاديث الرسول.
باحث وناشط سياسي / الاردن
Maen1964@hotmail.com


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012