أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


«أغبى» عملية اغتيال في التاريخ!

بقلم : أحمد ذيبان
23-10-2018 03:21 PM

بجملة «رحمه الله» اختتم البيان الرسمي السعودي، الذي تضمن الاعتراف بمقتل الصحافي جمال خاشقجي، داخل قنصلية المملكة في إسطنبول، بعد صمت وإصرار على الإنكار استمرّ 17 يوماً، لم يحظَ الفقيد خلالها بكلمة نعي أو أسف على اختفائه من مسؤول سعودي! وكل الاهتمام الرسمي والإعلامي ونشاط «الذباب الإلكتروني» كان يتركز و»يتلعثم»، وهو يتحدّث عن «مؤامرة كونيّة» تستهدف المملكة ودورها المحوري.. مرّة تتهم قطر وقناة الجزيرة بتدبير المؤامرة، ومرّة تتهم إيران أو تركيا و»الإخوان المسلمين»، أو التشكيك بارتباط خطيبة جمال التركية «خديجة جنكيز» بمخابرات أجنبيّة للمشاركة بتنفيذ المؤامرة! لكن الأكثر سخرية كانت التعليقات المتهافتة، التي كانت تصدر عن بعض وسائل الإعلام المصرية، التي كانت تزايد على الإعلام السعودي، في إنتاج الذرائع والأكاذيب وتوزيع التهم بصنع المؤامرات!

تبرير أقبح من ذنب ..! هكذا جاء الاعتراف السعودي بمقتل جمال، والقرارات التي أعقبته بإعفاء مسؤولين وتوقيف 18 شخصاً مشتبهاً بهم، في بيان مفاجئ صدر بشكل خجول في ساعات الفجر الأولى، ثم الحديث عن «تقارير داخلية» مضللة للقيادة!

هذا الاعتراف نتج بفعل ما سببته القضية، من حصار دبلوماسي وإعلامي وسياسي دولي وضع السعودية في «خانة اليك»، وضغوط من قبل الإداراة الأمريكية، بهدف إيجاد مخرج يحفظ ماء وجه القيادة السعودية، ولا يؤثر على الصفقات التجارية الهائلة الموقعة مع السعودية وأهمها صفقات التسلّح! وهو ما أكد عليه الرئيس ترامب مرّات عديدة. ويبدو الاعتراف السعودي ترجمة عمليّة لما قاله ترامب في وقت مبكر بالإشارة إلى «قتلة مارقين»! وهو ما أكده الاعتراف السعودي بصيغة اتهام أشخاص يتولون مسؤوليات أمنيّة وسياسيّة بارزة وإقالتهم، وتبرئة الملك وولي العهد باعتبارهما لا يعرفان ما حدث في القنصلية!

وشر البلية ما يضحك! فقد بني الاعتراف على «كذبة كبيرة» مثيرة للسخرية، لا يصدّقها حتى الأغبياء.. «خاشقجي» قتل خلال شجار مع بعض الأشخاص كانوا متواجدين في القنصلية! وهي رواية قوبلت بتعليقات تندّر واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وشكوك واسعة على المستوى الدولي سياسياً وإعلامياً!

وكما الزلزال ينتج عنه توابع، تمخضت عن «الكذبة الكبيرة» سلسلة من الأكاذيب المرتبطة ببعضها.. فمن الصمت والإنكار والتمنع إلى الاعتراف.. قتل الرجل في مشاجرة، ثم تغيير الرواية بأن الفريق الأمني المكوّن من «15» شخصاً من المخابرات والأمن، ذهب إلى إسطنبول لإقناع خاشقجي بالعودة إلى المملكة وعندما رفض، ارتكب الفريق «خطأ» فحاول خنقه لكن جمال مات!

والسؤال الكبير الذي يتفرّع عنه أسئلة كثيرة: هو أين الجثة، يقولون سلمت إلى متعهد محلي لدفنها! ومن هو المتعهد الذي سلمه السائق جثة جمال وأين دفنها؟ أليس أهله أولى بتسلم الجثة لدفنها وإقامة عزاء له وهو حق إنساني؟ ولماذا كان بين فريق الاغتيال خبير في التشريح والطب الشرعي، قطع الجثة خلال «15» دقيقة، وغير ذلك من الأسئلة المتعلقة بتفاصيل الجريمة، التي لا تجيب عنها الرواية والتصريحات السعودية المتناقضة!

رواية صادمة تنسف كل التصريحات والتعليقات، التي صدرت عن مسؤولين ووسائل الإعلام السعودية خلال 17 يوماً، وبضمنها ما قاله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بأن خاشقجي غادر القنصلية بعد «20» دقيقة من دخوله لها، ثم كذبة تعطل كاميرات المراقبة، والمشهد المسرحي الذي ظهر فيه القنصل محمد العتيبي، وهو يتجوّل داخل غرف القنصلية مع مراسل وكالة رويترز، بعد اكتشاف فضيحة اختفاء خاشقجي، في محاولة بائسة لنفي وجود الرجل داخل القنصلية!

يجمع المراقبون والباحثون على أن هذه واحدة من أكبر عمليات الاغتيال «غباء» في التاريخ، حيث ترك القتلة الذين أرسلتهم السعودية لتصفية خاشقجي، وفق خطة مدبرة مسبقاً على شكل كمين، خلفهم كماً هائلاً من الأدلة الدامغة، على ارتكاب الجريمة بأمر من أعلى هرم السلطة، ربما لم يكن الملك يعلم كما بدا من تصريح صدر عن العائلة الحاكمة، بسبب حجب المعلومات عنه من قبل ولي العهد، لكن الأمر شبه المؤكّد أن نجله ولي العهد، هو من أمر بتنفيذ العملية الإرهابيّة!

كاتب وصحفي أردني..الراية


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012