11-12-2011 09:22 AM
كل الاردن -
عبد الهادي الراجح
لقد تلقيت مكالمة هاتفية من الصديق العزيز الأستاذ زياد حجازين ودار حوار بيننا في الشأن الوطني والعربي ووصلنا لنقطة أننا في الأردن كنا طليعة الشعب العربي الثائر من أجل الإصلاح والتغير والدليل على ذلك انتفاضة نيسان المجيدة ، التي غدرت بها حكومات لا تريد الإصلاح وحين تحرك الشعب الأردني في 18 من نيسان 1989م ، كان الواقع العربي لا يزال يحكم من الطغاة العملاء ويومها تمكن الشارع الأردني الثائر المطالب بالإصلاح والتغير من إقالة أكبر رموز الفساد والاستبداد وأحد أشهر حلفاء الصهاينة وصديقهم والشاهد على كل المفاوضات السرية بين الأردن السياسي والكيان الصهيوني وحسب ما كتبه مؤرخ الملك حسين (( آفي شلايم )) .
وانتفاضة نيسان أكبر محاولة جادة من الشعب الأردني لإصلاح النظام السياسي وكانت نتيجتها تشكيل لجنة صياغة الميثاق الوطني الأردني برئاسة الزعيم الوطني أحمد عبيدات وجرت انتخابات أكثر نزاهة من سابقاتها باستثناء انتخابات عام 1956م ، التي جرى الانقلاب عليها من القصر كما يقول مؤرخ الملك الخاص (( آفي شلايم )) ، وصارت الأمور بعد هبة نيسان أو هكذا كان يبدو نحو إصلاح شامل يؤدي لنظام ملكي دستوري ولكن للأسف النظام وبسبب حساباته الخاصة تمت إقالة البرلمان القوي وإصدار قانون الصوت الواحد الذي يعد أكبر ضربة للأهداف الوطنية التي نادت بها انتفاضة نيسان المجيدة .
ولأجل تحجيم المعارضة وللأسف الذي أصبح التيار الإسلامي السياسي عمودها الفقري وهو الذي ركب الموجة بدون أن يكون له أي مشاركة فعلية في انتفاضة نيسان ، وهم حصدوا النتائج فقط وشاركوا حكومة مضر بدران بخمس حقائب وزارية وبعد حل المجلس وإصدار قانون الصوت الواحد جرى إفراغ الانتفاضة من مضمونها وللأسف نظرت إليها حكومات وادي عربة وكتبتها المدفعي الأجر بأنها مجرد أحداث شغب احتجاجا على رفع الأسعار ، والحقيقية غير ذلك تماما لنصل بعد ذلك إلى انتخابات 1993م ، وإضعاف المعارضة الوطنية الأمر الذي سهل أمام النظام الوصول لصفقة وادي عربة التي بصمت عليها حكومة ألمجالي آنذاك لتصبح بكل أسف قانونا رغم الرفض الشعبي لها ، ولم تكن هناك معارضة مبدئية لها في ذلك البرلمان إلا من قبل بعض الرموز الوطنية التي تمكنت من الوصول لقبة البرلمان مثل السيدة توجان فيصل ودعاة التيار القومي وعلى خجل الحركة الإسلامية التي قبل ذلك شاركت حكومة بدران بخمس حقائب وزارية .
وبعد تلك المعاهدة السيئة سادت بكل أسف سياسة تكميم الأفواه واستحداث أنظمة وقواني عرفية ولا سيما في ما يخص الانتخابات البرلمانية وكانت النتيجة إفراز مجالس هزيلة لها بكل شيء من عالم البزنس إلى عالم السرقات والتغطية على الفساد ، إلا مصلحة الوطن وقضايا المواطنين .
ومع ذلك كان الشعب الأردني السّباق في طلب الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وعلى ذلك جاء اعتصامي مؤسسة الموانئ في تموز وآب عام 2009م ، والذي كان كاتب هذه السطور الضحية الوحيدة حيث نكل به من قبل أجهزة الفساد والاستبداد وأجبر على بيع ما يمتلكه في هذا الوطن لكي يبقى وكما خلقتني يا رب ، ورغم استجابة الحكومة للكثير من المطالب وإحياء نقابة العاملين في الموانئ وكانت هذه الايجابيات ، وبعد ذلك جاء أيضا إضراب المعلمين الذي قاده خيرة الخيرة من المعلمين وكانت النتيجة وجود نقابة للمعلمين لرعاية شؤونهم وتم تلبية بعض مطالبهم وهم برأي الخاص من أكثر الشرائح معاناة في هذا الوطن ،وبعد ذلك حصل الكثير من الاعتصامات والإضرابات ومنها إضرابات العاملين في وزارة الصحة وقد تم تلبية الكثير من مطالبهم .
وهذا في مجمله تأكيدا أن الشعب الأردني لم يصمت عن حقوقه السياسية والمعيشية وهناك ترابط جدلي لا يمكن فصله بين السياسي والمعيشي أو الاقتصادي بشكل أوسع وشعبنا الأردني كان هو السبّاق في طلب الإصلاح ومحاربة الفساد والاستبداد .
ولذلك أقول كل المحاولات لتضليل هذا الشعب سيكون مصيرها مزبلة التاريخ ولا مساومة على الملكية الدستورية وانتخاب الحكومات والنواب .
وعلى النظام أن يعلم أن كتبة التدخل السريع ونواب أمرك سيدي لا يمثلوا إلا أنفسهم ، والآن الكرة في مرمى النظام لعمل إصلاح حقيقي يسجل له وإلا سيترك الأمر للشعب الذي لن يقبل بأقل من الإصلاح الكامل وغير ذلك سيبقى كالذي يزرع البحر وبحصد في الهواء .
اللهم إني قد قلت ما يملوه عليّ ضميري وواجبي الوطني والأخلاقي ، ولا عزاء للصامتين .
alrajeh66@yahoo.com