أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024


لكي نجتاز استحقاقات ازمة الدولة باقل الخسائر
03-01-2012 08:58 AM
كل الاردن -

alt

جازي الجازي
كما كان متوقعا، فقد اثار الظهور اللافت للاخوان المسلمين في مظاهرات الجمعة في عدد من المدن الاردنية وما صدر عن بعض صبية التنظيم من تصريحات، موجة من الجدل وصل الى كبريات الصحف الاردنية، حيث لم تستطع صحيفة كالرأي كظم غيضها، بل وذهبت باتجاه لغة التهديد والوعيد، وكأن ما اتاه مسلمو الاردن خارج السياق، او انه ترحيل لنا من عالم اخر.

صحيح ان الاخوان تعمدوا اللجوء الى استعراض للقوة، والاكثر صحة انهم سيلجأون في قادم الايام الى استخدامها فعلا لا قولا، وان وجهتهم نحو السلطة ستغدوا اكثر جلاء ووضوحا من اي فترة سابقه في تاريخهم السياسي، ولا اظن ان صناع القرار السياسي او الامني يغيب عن بالهم حتمية الوجهة المستقبلية للاحداث في مقبل الايام نحو اتجاه من هذا القبيل، لان من صنع مقدمات احتمالات كهذه هم واضعوا استراتيجية الامن الوطني الاردني.

ولن يكون مفيدا الان تبادل الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية ما قد تؤول اليها اوضاع البلاد من تطورات تنذر بكثير من ضرورات التحسب والانتباه، لان الاهم هو ان ننجو من حتميات الانزلاق الذي بات استحقاقا له علاقة وطيدة واكيدة بخصائص مرحلة برمتها، لم يكن بمقدور صناع القرار تجنبها، لانهم تشابهوا مع غيرهم في صناعة الازمة التي تعصف الان بالدولة التي انتجها رحيل استعمار لم يكتمل.

وفي اطار التفكير بسبل النجاة من براثن هذه الازمة لا بد من الاعتراف مسبقا بان اقل السبل خسارة ستكون من تلك التي لها ثقل كبير ووجع مؤلم، ولكن ان نبدأ خير من نغمر رؤسنا في رمال الوهم، ولاول مرة قد لا يكون امامنا اي قدر من امكانيات الاختيار، اذ اننا قد وضعنا انفسنا في منتصف الزاوية الحرجة.

وحتما فان الاقدام على الاصلاح الذي قد يرضي الاخوان وغيرهم من بعض قوى اليسار والتحديثيين، ويصل بنا الى الملكية الدستورية لن يكون المخرج الذي سيقودنا من ظلمات النفق الى نور الفضاء الرحب، بل ربما او من المؤكد ان اصلاح من هذا القبيل هو الذي سيقود الشعب الاردني الى بئر لا قرار له.

فازمة الاردن انها ليست ازمة دولة فقط وازمة نطام سياسي، فهي بالاضافة لكونها هكذا فانها ازمة، انهيار المشروع القومي العربي، وازمة تغيير جذري في مفهوم الامن القومي العربي، وهي اخيرا ازمة نظام عربي اقليمي، بات على درجة من الرخوة جعلت من تفاعلاته رهينة تفاعلات محيطيه الاقليمي والدولي.

والمؤسف ان اطراف المعادلة الاردنيةوالمعادلة هنا ليست داخلية فقط- لا يدركون نقطة التوازن الحقيقية فيها، او انهم لا يريدون تصديق رؤيتها لما لها من ثقل اخلاقي وانساني وتاريخي يضع كل من يدركها تحت طائلة المسؤولية التاريخية ان لم يلتزم بقواعد المحافظة عليها.

فالشعب الاردني لم يعد بمقدوره معالجة ازمة الدولة والانتقال بطبيعة النظام السياسي الى متطلبات البناء الديمقراطي، حيث لن يكون سعيدا ابدا باستبدال ولاء باخر، كما ان اي تغيير قد لا يعود عليه باية فائدة تذكر هذا اذا لم يسجل تدهورا في وضعه ازاء انعدام رؤية الاطراف الاخرى الى اي شيء اخر خارج المصالح الفئوية الضيقة.

ولتجاوز هذا العجز ولكي نجتاز استحقاقات ازمة الدولة باقل الخسائر لا بد من استخراج عوامل التداخل في مكونات الازمة الاردنية، على المستويين الداخلي والخارجي، ويتأتى ذلك عبر ضرورة اعادة النظر بمفهوم المواطنة اولا، وبتحديد الحصة الاردنية في اعادة بناء مفهوم الامن القومي العربي.

وان لم تسارع كافة الاطراف لانجاز فك الترابطات في مدخلات المعادلة الاردنية، فانه لن يكون بمقدورنا اجتياز استحقاق ازمة الدولة والنظام السياسي في الاردن، الا عبر فوضى لن تنتهي قبل انهاك كل الاطراف، كذلك فان وظيفة الاستقرار الاردني الاقليمية ستفقد فاعليتها بما يترك فراغا قد امنيا وسياسيا في طول المنطقة وعرضها





 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012