أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
العدوان: 31 تموز الموعد المتوقع لفتح باب الترشح للانتخابات النيابية الوطني لمكافحة الأوبئة: الأردن خال من أي إصابات بالملاريا وزير الداخلية: أهمية مشاركة المواطنين في الحياة السياسية والحزبية تنظيم الاتصالات تتخذ جميع التدابير لإيقاف التشويش في نظام "جي بي أس" الملك لماكرون محذرا: الهجوم الإسرائيلي على رفح خطير الملكية: سندخل طائرات صديقة للبيئة إلى أسطولنا ارتفاع الفاتورة النفطية للمملكة 4.9% خلال شهرين توقيف محكوم غاسل أموال اختلسها بقيمة مليون دينار بحث التشغيل التجريبي للباص السريع بين الزرقاء وعمان بلدية إربد تدعو للاستفادة من الخصم التشجيعي على المسقفات القوات المسلحة الأردنية تنفذ 6 إنزالات جديدة لمساعدات على شمال غزة بمشاركة دولية الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال للمستوطنين المتطرفين باقتحام الاقصى المملكة على موعد مع حالة ماطرة استثنائية تستمر 10 أيام أكثر من 34.3 ألفا حصيلة الشهداء في غزة منذ بدء العدوان 18 إصابة بحادث تصادم في الموجب
بحث
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


«شتي أيلول»

بقلم : احمد حسن الزعبي
29-09-2019 06:04 AM

ما زلت أنظر من نافذتي كل صباح، أفتّش في وجه السماء عن أسرابٍ قادمة من هناك، عن ضبط مزاج التوقيت، عن غيمة مختلفة اللون تسحبها الريح إلى طرفي الخيمة الزرقاء، عن برتقالة الضوء تصعد إلى درج النهار، فأجدها خاوية، زرقاء مملة مثل شاشة تلفاز معطوب لا تفاصيل فيها ولا زوار..

حتى الوقت صار مثل موظف رسمي، يقوم بواجبه الروتيني دون متعة، يقوم بما يقوم به لأنه اعتاد على ذلك، والفصول أراها تمرّ فوق جغرافيا أعمارنا فقط لأنها الفصول، لم تعد تحمل إلينا الهدايا من كيس الذكريات، أو تفوح منها رائحتها المميزة، لم تعد تخبئ لنا الغيم الشهي مثل «شعر البنات» خلف ظهرها لتفاجئنا برشّة مطر، لم تعد تنثر لنا العصافير التائهة وقت الغروب.. صارت تعود وتغادر في نفس الوقت من السنة، تغلق باب العمر خلفها دون أن يلامس الجلد قشعريرة برد أو وحدة..

**

عندما كنّا أطفالا كان الخريف شاباً، يفرحنا، يمازحنا، ينفخ علينا هواء بارداً وقت الغروب، يغني للنمل فتخرج الأسراب من ثقوب الطين لتسرق القمح المكسر والشعير الضعيف من تحت غربال أمي، كان يهزّ بيده شجرة التوت فيتساقط شيبها الأصفر المخبأ بين الأخضر الكثيف، كانت ريحه تعاكس اتجاه الدجاج فينفش ريشها وتعيش دور الزعامة، كان يحضر لنا أطباقاً سماوية من طيور «أبو سعد» المهاجرة، تلف فوق حارتنا بشكل دائري نرفع رؤوسنا عالياً عالياً، تدغدغ السماء عيوننا فندمع لا فرحاً ولا حزناً ولكن لأن عيوننا لا تحتمل زرقتها، نصغي السمع قليلاً لنلتقط صرخات الطيور شاهقة الارتفاع ونضيفها مفردة جديدة الى قاموس المتعة، كنا نشعر بالنشوة عندما نرفع رؤوسنا لنراقب الطيور القادمة من الشمال والغرب، فهي الفرصة الوحيدة لنرفع رؤوسنا، حتى هذه صادرها منا فرق التوقيت وثقل هموم الرأس ولم نعد نلتقطها..

كنا صغاراً، وكان للعجين الخامر وقت الخريف رائحة مختلفة، وللخبز النائم في «منسفة القش» طعم مختلف، كنا صغاراً وكنا نطرب إذا ما سقط «لقن الغسيل» المركون منذ الصباح ونركض لنرى «أيلول»، أيلول الذي يوقع الأشياء كلها بدءاً من ورق العنب الى «لقن الغسيل» الى قلب الصبية في حب جارها.. الى الرمان الناضج تحت الشجرة.. أيلول القديم كان يجبرنا أن نخرج من الخزانة معاطفنا وطواقينا لنستقبل أولى قطرات المطر فوق «صبة العريشة» لنحتفي بــ«شتي أيلول»..

أيلول صار قاسياً الى درجة أنه لم يعد يعنيه طول انتظارنا، ولم يعد يبكيه حالنا..

أيلول يعلن إضرابه هو أيضاَ.. تاركاً دفاتر ذكرياتنا يكسوها الفراغ..
الرأي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012