أضف إلى المفضلة
الجمعة , 17 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الجمعة , 17 أيار/مايو 2024


الأزمة السورية وتقاطع المواقف واحتمالاتها
05-03-2012 11:30 PM
كل الاردن -



نصوح المجالي

ما زالت المواقف تتقاطع وتفترق وتتصادم في المسألة السورية في الاقليم وفي الساحة الدولية وبين العرب.
وعلى سطح الاحداث تبرز المشكلة السورية مرسومة بألوان الدم والبارود والصراع الداخلي الذي بدا سلمياً وتحول بسرعة الى صراع مسلح وغير متكافئ, بين شعب يطالب باصلاح دولته ويرفض الاستئثار بالدولة وبين نظام حكم البلاد بقبضة حديدية ولم يترك في الساحة الا من يهللون لسلطانه.
كان يكفي ادخال اصلاحات دستورية وقانونية لتجاوز الازمة, إلا أن أي تغيير في بنية النظام السوري ستطيح بالنهاية بجميع اركانه ورموزه, ولهذا فضّل النظام السوري الهروب الى الامام والمواجهة الامنية في الداخل والمواجهة السياسية مع العالم الخارجي فأحكم اغلاق المنافذ على حرية الرأي وعتّم على ما يجري في سوريا حتى فاحت رائحة الدم وازكمت أنوف العالم.
حاول العرب الدخول للازمة لتسهيل حلها بالاصلاح فاصطدموا بالواقع, فلا مجال للاصلاح الا لما يفرضه النظام من طرف واحد, ولا مجال للحوار الا مع من يختارهم النظام من رهطه, فتحول اكثر العرب الى طرف في الازمة يطالبون بالحشد الدولي والتدخل الدولي لنصرة الشعب السوري.
وعلى خط الازمة السورية دخلت الاحزاب الاصولية بتفرعاتها ولبعضها ثارات عند النظام السوري, فضلا عن مخاوف من تغلغل النفوذ الايراني المذهبي في بلاد الشام, مما اثار حفيظة اسرائيل التي نصحت الولايات المتحدة ودول الغرب بعدم التورط في النزاع السوري خوفاً من وجود نظام ديني متطرف في سوريا, ولهذا اقتصر الجهد الغربي الدولي على الدعم السياسي والانساني في حده الادنى, فتجربة التدخل في العراق انتهت الى خيبة وخسارة كبيرة وضعت العراق في النهاية بتصرف ايران.
ولهذا نرى اسرائيل المتضررة من تحالف سوريا مع ايران وحزب الله ترى في بقاء النظام السوري اهون الشرّين, حتى لا يستبدل النظام السوري بنظام سنّي متطرّف بحسب رأيها, وهذا تقاطع آخر مؤثر في التناقضات يفعل فعله في مسار الازمة, فالمعيار الاساسي لدى الغرب ضمان مصالح الغرب ومصالح اسرائيل.
أما دول الخليج فقد نقلت معركتها مع التغلغل الايراني من تخوم التماس مع ايران في الخليج الى الامتداد الاستراتيجي لهذا النفوذ في سوريا ولبنان, فلا يمكن لدول الخليج التصدي مباشرة لايران ولكن يمكنها تطويق حلفاء ايران في الساحة العربية, بعد أن فقد العرب الامل في تعاون سوريا في حل ازمة لبنان أو لعب دور في تخفيف غلواء ايران في الخليج العربي.
تقاطعات سياسية عديدة حدثت في الموقف العربي فدول الخليج وقفت سابقاً الى جانب نظام صدام حسين ضد ايران في حرب الخليج الاولى, واستطاع العراق في تلك الحرب صد الهجوم الايراني وحماية المنطقة العربية بما فيها الخليج ولم يطل الوقت حتى انقلبت الادوار, وتحالفت دول الخليج مع سوريا ودول عربية والولايات المتحدة ضد صدام حسين في حرب تحرير الكويت, الى ان تم الاطاحة بدولة العراق, مما اطلق العنان للنفوذ الايراني في المنطقة العربية فاصبح العراق تابعاً لايران وسوريا حليفاً ترتبط مصالحه بايران.
واليوم تنقلب مواقف دول الخليج مرة اخرى ضد النظام السوري بعد أن اصبحت منطقة الخليج محاطة بالنفوذ الايراني, من جانب ايران الجارة ومن امتداد نفوذها ايضا في الهلال الخصيب.
أما اسرائيل فتتربص بالجميع شيعة وسنة, عربا وايرانيين, وترى في الازمة وسيلة لحرق الساحة السورية واضعافها, وهدفها اضعاف اطراف التحالف السوري الايراني وتأجيج الصراع بين العرب وايران, فهي تواجه خطرين, الخطر النووي الايراني المحتمل وخطر الاصولية الزاحفة للحكم في المنطقة العربية, وفي جعبتها ضربة عسكرية للمفاعلات النووية الايرانية, قد تخلط الاوراق المنطقة من جديد وتغرقها في صراعات داخلية واقليمية, عندها سيبدو الموقف العربي المناهض للنظام السوري ولايران وكأنه ينسجم مع اهداف اسرائيل, وهذا تقاطع آخر بين المواقف المتناقضة في المنطقة.
فاسرائيل التي افشلت التيار القومي واليسار العربي بحرب حزيران 67, وافشلت خط الاعتدال العربي برفض السلام قد تفشل التيار الديني الصاعد والربيع العربي وتضعه امام حقيقة تفاوت القوة في المنطقة قبل ان يشتد عودة, لقد نجحت اسرائيل في جعل التصدي للمشروع النووي الايراني اولوية دولية, يدعمها موقف اميركي يبدي استعداده لدعم اسرائيل بكافة الوسائل المادية والسياسية والعسكرية, بذريعة الدفاع عن نفسها, كما جاء في خطاب الرئيس اوباما الاخير في الايباك.
لم يستطع الغرب واسرائيل منع المتغيرات المفاجئة التي اتى بها الربيع العربي, فاختارا مواكبتها والتعامل معها بالاحتواء الناعم أولاً, ثم بالصدمة اذا لزم الامر لتوجيه مسارها.
وهذا ما تشير اليه مواقف دول الغرب واسرائيل في هذه المرحلة فاسرائيل تستعد عسكريا وتتحين الفرص لخلط الاوراق وخلط المواقف العربية والدولية المتشابكة انطلاقاً من الساحتين السورية والايرانية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012