سياسات الإغلاق

السبت , 27 نيسان/أبريل 2024

سياسات الإغلاق

بقلم : إسماعيل الشريف
15-11-2020 12:38 AM

«إذا كان لديك أسبوعان للعيش، كيف ستتعامل مع الناس؟ هل ستتحدث معهم؟ الحكومة تُعِد المقابر، المستشفيات تُجهّز الأسِرّة، يجب عليك إعداد نفسِك، اغسل يديك، والبس قناعك، واتخذ المسافة الآمنة، حسِّن من سجلّك مع خالقك، لا أحد يعرف اليوم ولا الساعة»، كيوس ماجوب، فيلسوف.
ها نحن نخرج من حَجْرنا مرةًأخرى،أربعة أيام كانت غاية من التعاسة، بُرِّر قرار الحجر بأنه لتحقيق التباعد الاجتماعي بعد الانتخابات، ولكن ما شاهدناه بأعيننا من تهافت الناس على الأسواق والمخابز قبل يوم الحجر «العظيم» ينسف فكرة التباعد الاجتماعي، ثم ما شاهدناه على «فيديوهات» لمراكز بعض المرشحين والفائزين ذكّرني بأفلام الحروب العالمية الثانية وطواف الإفاضة.
متى ستعرف حكوماتنا أن الحجر لا قيمة له؟ جربناه سابقًا وأثبت فشله، فلماذا نخوض فيه مرات أخرى؟!
عبر التاريخ تعرّض العالم لأوبئة أخطر كثيرًا من «كورونا»، راح ضحيتها عشرات الملايين، ولكن مع هذا لم تقم أية دولة بإغلاق كامل لاقتصادها، المريض كان يحجر في منزله،أو كما قرأنا وشاهدنا في العديد من الأفلام الوثائقية مثلًا عن بناء مستعمرات لمرضى الجذام يتم حجرهم فيها.
عندما اجتاح وباء كورونا العالم،أغلقنا الاقتصاد بالكامل، ثم عندما عدنا، لم يتمكن منا المرض فقط، بل تمكّن منا المرض والجوع والبطالة، وفشلت العديد من الأعمال في العودة مرة أخرى، كان من المفروض أننا نعد العدة للموجة الثانية، ولم يتم ذلك، وإنما عدنا إلى المربع الأول؛ الإغلاق!
فكرة الإغلاق الشامل جاءت من شخص واحد غضيب اسمه «نيل فيرغنسون» البريطاني، عالم الأوبئة وخوارزميات انتشارها،ويعمل في جامعة أمبيريال، وهو مستشار رئيس الوزراء البريطاني جونسون، والغريب في فيرغنسون هذا،أنه حصل من بيل جيتس على تبرع لقسمه بـ 79 مليون دولار، وبالطبع تدور شبهات كثيرة حول بيل جيتس في مسألة كورونا، أشرت إليها في مقالات سابقة، والمسألة الأخرى أنه اضطر لتقديم استقالته بعد أن ثبتت مخالفته للحظر الذي اقترحه على جونسون بإحضاره لعشيقته بعد أن فضح الإعلام فعلته هذه.
حقق معه البرلمان البريطاني، بعد أن فشل الإغلاق الأول، وناقش ادعاءاته بحتمية موت نصف مليون بريطاني وأكثر من مليوني أمريكي في الأشهر الثلاث الأولى من الجائحة، فكان دفاعه بأنه بنى فرضيته على معلومات خاطئة أخذها من الصين، التي قالت:إن 20% من المصابين سيتوجهون إلى المستشفيات.
وعندما طبقت معادلات فيرجسون على السويد التي لم تقم بإغلاق لاقتصادها،كانت نسب الوفيات أقل كثيرًا من المتوقع، وفي 24/4/2020رفعت ولاية جورجيا الأمريكية الحظر مخالفة توقعات مستشفى مساشوتش للأمراض التي توقعت وفاة 23.000 شخص وإصابة أكثر من 750 شخصًا يوميًّا، ففي منتصف شهر أيار كانت الوفيات أقل بكثير من التوقعات، فقد بلغت الوفيات ألف وخمسمئة شخص والإصابات كانت أقل بكثير من التنبؤات.
أحسنت الحكومة بالاستمرار بفتح الحضانات حمايةً للأمهات العاملات، وأتمنى أن يتم فتح القطاعات الأخرى المغلقة مثل الأندية الرياضية؛ حيث إن استمرار إغلاق هذه القطاعات سيترك ظلاله على آلاف الأسر.
علماء الأوبئة يقيّمون الأمور من وجهة نظرهم الُمعتبَرة، ولكن أن تبنى سياسات الدولة على وجهات النظر هذه أمر خاطئ، علينا الاعتراف بأن سياسات الإغلاق كانت خاطئة، والخطأ الأكبر أن ندافع عنها، آن الأوان لفتح كافة القطاعات وتنظيمها، ومسك العصا من المنتصف، وفرض هيبة القانون.الدستور