أضف إلى المفضلة
الخميس , 09 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
السعودية تضم 3 دول لقائمة المؤهلين لـ«تأشيرة الزيارة إلكترونياً» 3.2 مليون دينار تكلفة مشروع الصحراوي من القويرة حتى جسر الشاحنات مفتي المملكة: الخميس غرة شهر ذي القعدة اشتعال صهريج في طريق العقبة الخلفي الأمير الحسن: الحوار بين أتباع الأديان يتمثل بتحقيق العدالة ورفع الظلم بينهم مكافحة الأوبئة: لا آثار جانبية لدى متلقي لقاح أسترازينيكا منذ عامين ألمانيا تقدم 619 مليون يورو كمساعدات تنموية للأردن الأوقاف الاردنية تُحذر من الذهاب للحج بدون تصريح الملك يحذر من العواقب الخطيرة للعملية العسكرية البرية في رفح مليون دينار لدعم إقامة مشاريع الصناعات الغذائية أورنج الأردن تطلق بالشراكة مع المجلس النرويجي للاجئين برنامج تنمية المهارات الرقمية للأردنيين واللاجئين تعيين أسماء حكام مباريات الأسبوع التاسع عشر بدوري المحترفين سلطة إقليم البترا تُطلق 26 خدمة إلكترونية جديدة العيسوي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية في مأدبا والعاصمة - صور انخفاض احتجاجات عمال الأردن إلى النصف في عام 2023
بحث
الخميس , 09 أيار/مايو 2024


امرأة الخمسين

بقلم : سهير بشناق
26-07-2021 12:21 AM

جلست أمام طبيب الأمراض النفسية الذي تطرق أبوابه للمرة الاولى بعد أن بدأت بعمر الخمسين وقبل ان يبدا الطبيب بطرح تساؤلاته كي يتعرف قليلا عما تعانيه.

أخبرته بأنها لم تقصده لمرض نفسي أو بوادر قلق يحول بينها وبين ذاتها لكنها كل ما تريده أن تبوح لإنسان لا يعرفها ولم يلتقها من قبل ولا يحفظ اسمها ولا ملامحها ولا يشاركها تفاصيل أيامها بعد أن اصبحت امرأة دخلت عامها الخمسين، إنسان لا تحتاج منه سوى أن يتفهم بوحها ومخاوفها وهي التي فقدت قدرتها على البوح لمن حولها لادراكها بانهم نقطة في بحرها الذي لم تعد تعلم الى اين سيأخذها..

وتبوح..

ليست سنوات العمر التي تقلقني فقد تصالحت منذ زمن مع فكرة العمر والحياة وانا ادرك جيدا ان العمر بما تحياه وبكيف نعيشه لا تعيني الاعوام فهي مجرد أرقام تمر بنا نكاد لا نتذكرها ولكننا نتذكر الايام التي عشناها بها، نتذكر لحظات السعادة والألم ونحيا ونحن نخزن بذاكرتنا كل ما بها وجوه من نحب... لهفة الحب.. تلك الاماكن التي عشنا بها تفاصيل طفولتنا.. ألم فراق من أحببنا.. أحلامنا.. هي تلك التي تبقى لنا وتتجدد معنا عاما بعد عام وان كبرنا..

وأنا بعمر الخمسين محملة بتجارب الحياة وخيباتها وآلامها وسعادتها وكل ما مر بي لا اشعر بالغربة عن ذاتي بقدر غربتي عن الاخرين الذين يتعاملون مع الانسان تبعا لتاريخ ميلاده فيحددون له اسلوب حياته وشكله ويبدأون بمصادرة أحلامه ورغباته التي تبدو له هي الامل..

غربتي عن الاخرين لا تحددها فرق السنوات بقدر ما هي حاجتي الحقيقية الى أن اتذكر جيدا بأني ما زلت على قيد الحياة وبأني أملك مساحة خاصة يجب ان تكون لي بعد تعب الاعوام التي مضت أحياها كما أريد دون ان أسمع اصواتهم «امرأة في الخمسين من عمرها» ودون ان تلاحقني نظراتهم التي تعكس استغرابهم ان اردت ان احيا كما اريد وان اجدد طفولة رافقتني منذ زمن بقلبي كي اتمكن من استيعاب الحياة دون ان افقد أملا ما او ان اتوقف عن أحلام وان باتت مؤجلة وقد لا تتحقق..

عندما تبدأ المرأة بعمر الخمسين تحيا بمواجهة شرسة بين واقعها وبين ذاتها تعلم جيدا بأنها لم تبخل يوما على من أحبت بعطائها وتفهمها فتكون تارة الام وتارة آخرى الصديق والحبيبة والزوجة والاخت لانها تتقن ان تكون كل هذه الادوار مجتمعه تؤديها بكل مراحلها بجدارة ليأتي اليوم الذي تشعر به انها باتت تحتاج فقط لمن يفتح لها ابواب القلب والعقل ويمنحها الفرصة لان تبوح وان تحيا دون ان يحكمها رقم السنوات فتجد بقلوبهم مرفأ أمان..

نحن نخجل ان نعلن تعبنا لأن من نحبهم اعتادوا على ان نكون دوما أقوياء نقف معهم وخلفهم فنخفي آلامنا ونسرق من الايام لحظات نحياها بيننا وبين أنفسنا كي لا نتذكر اننا بدانا بعمر الخمسين..

لا أعلم يا طبيبي إلى الآن لماذا نحن فقط من يحكمنا العمر.. فيصبح التعبير عن الحب والمشاعر محرما.. ويصبح المشي تحت المطر لا يتلاءم مع أعمارنا.. واطلاق اصوات ضحكاتنا برفقه من نحب شيء نخجل منه لاننا بالخمسين من أعمارنا؟

غربتي ليست بسنوات العمر.. غربتي بأنني اتمنى البوح بما في اعماقي دون خوف.. وان احيا لحظات ايامي دون ان احتاج دوما لاثبات بأن ما زال بالقلب حنين لطفولة مضت.. ولرغبه ما بتجاوز كل ألم كي اتمكن من الثبات باتزان وسط سنوات وايام بكل ما فيها كفيلة بأن توصلنا يوميا لحافة الانهيار.. لكي احيا دون خوف من سنوات العمر التي لا اراها سوى ارقام تتغير عاما تلو الاخر..

ما زال بقلبي الكثير للبوح يا طبيبي لكني كسحابة تمر تمطر ولا تمتلك الجرأة على أن تسير تحت المطر..

(الرأي)


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012