أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


الاردنيون .. حين يحتاجهم الوطن

بقلم : فيصل تايه
14-06-2022 11:45 PM

لم تشهد البشرية جمعاء ظروفاً اقتصادية عصيبة وأحوالاً معاشية بالغة التعقيد كما تشهدها الآن ، فقد عصفت الأزمة الاقتصادية العالمية بعصب الحياة في أغلب بلدان العالم وتحت وطأة الحرب الروسية الاوكرانية ، ففي تقرير نشرته مجلة 'ريل سمبل' الأميركية ، صورت الكاتبة لورين فيليبس الأزمة الاقتصادية الحالية مثل 'وحش مجهول' يتربص بنا جميعا، ويجعلنا هذا الوضع نتساءل إذا كنا سنتمكن من دفع إيجارات بيوتنا وتسيير مصالحنا أو تسديد اقساط الرهن العقاري الشهر المقبل ، أو حتى الحفاظ على وظائفنا في العام المقبل ، وغيرها من الأسئلة.

فالازمة الاقتصادية العالمية التي وضعت العالم في محك صعب ، واوصلته برمته الى انهيار اقتصادي غير مسبوق ، حيث يتوقع العديد من الخبراء الاقتصاديين أن يستمر في التراجع ، وبالإضافة إلى ذلك ، فقد تزعزع استقرار الأسواق العالمية وفقدت الاستثمارات في جميع المجالات قيمتها ، وباختصار تام ، فان الأمور لا تبشر بالخير ، ومن الصعب تحديد كيف ستبدو الأمور في الأشهر المقبلة ، ومع ذلك يعتقد الخبراء أن هناك أملا في الخروج وتخطي هذه الأزمة ، كل ذلك وحسب ما جاء على لسان كبيرة واضعي إستراتيجيات الاستثمار لدى شركة 'آلي إنفست'، ليندسي بيل .

وبما اننا في الاردن جزء من هذه المنظومة الكونية التي تضررت ، ذلك يدفعنا أن نواجهه التحديات بكل همة ومسؤولية ، وبمزيد من الإصرار على تخطي المرحلة ، وحيث اننا نعلم أن البوح في هذا الأمر مقلق ، والاستجابة للأزمة مؤلمة ، وأشدّها إيلاماً يقع في البعد المعيشي والاجتماعي ، فمصادر الإيرادات قلت ، والدعم الخارجي قد تقوض ، بل جفّت منابعه واستنفذت ، ولا نحتاج “تعقيدات جديدة” خاصة بعد ان خضنا تجربة مريرة مع 'كورونا' ، والأزمة الاقتصادية العالمية القائمة التي أضرّت بالاقتصاد العالمي ، حيث ان دول كبيرة أصبحت في مهب الريح ، ونحن ما زلنا نعتمد في دخولنا على أنفسنا ، ما يدفعنا أن نبتعد تماماً عن “إملاء الحلول” وتقديم الوصفات الصورية الجاهزة للاقتصاد ، فمن السذاجةٌ ادعاء أي فردٍ أو مسؤولٍ أن لديه الوصفة المناسبة لمواجهة المتوقع ، وشأن الحكومة الان وضع استرايحيات انقاذية لمواجهة المحتمل ، وما هو مطلوب اليوم التكاتف الوطني والمكاشفة لمواجهة التحديات وكلاهما (التكاتف والمكاشفة) يحتاج الى الثقة المتبادلة بين الدولة والمواطن ، وذلك يحتاج الى المشاركة الحقيقية حتى نستطيع أن نقوم بالتضحيات المطلوبة، وهي تضحيات قد تكون “مؤلمة” ، فخدر الأزمة التي نعيشها الان لن يستمر بعون الله و'الفاس لن يبقى بالراس' ، فهذه هي رؤيتنا للمشهد الاقتصادي الحالي .

اننا ونحن نعيش هذه الظروف ونرى المواطن يعاني من ضنك العيش ، وبالمقابل نرى البعض 'ممن أنعم الله عليه من فضله' لا ينظر إلا تحت قدميه وكأنه يخاف رفع رأسه وسطوع الشمس في عينيه ، ربما لا يحتمل السطوع لأنه يجبره على إغلاق عينيه الجاحدتين ، فمواقف الشدة تصنع الرجال وتظهر أصل معدنها ، ونعلم انه لم يمر علينا خلال العقود الماضية مواقف صعبة أشد مما نمر به اليوم ، وكم اننا أحوج ما نكون للحمة وطنية شعارها التعاضد والتكاتف ، فاليوم ' الوطن ينادي' وهذا يدفعنا بالوقوف صفا واحدا لتجاوز هذه المحنة وتداعياتها وتأثيرها المباشر على الاقتصاد .

هي رسالة للأثرياء والمقتدرين واصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبيرة وكبار التجار للمبادرة باعلان مساهمتها الوطنية من خلال اطلاق مشاريع وطنية للحد من تأثير تبعات الأزمة العالمية ومساندة جهود الدولة ، حيث نحتاج الى مبادرات «مقدرة» وليست خجولة وعلى قدر الطموحات في نطاقها المالي ، سواء كان ذلك بتخفيض هامش الربح لدى مؤسساتهم بنسب تسهم في رفد الاقتصاد ، ام بمبادرات خلاقة من ذوي النفوس الطيبة وحسب مقدرتهم ، ونستطيع أن نعول على الخيرين ، ولا ان تبقى الطموحات والآمال معلقة الا أن تظهر مبادرات بحجم حق الوطن وتعكس مستوى الشعور بالمسؤولية والانتماء والتضحية ورد الجميل.

دعوني التأكيد أن كل ذلك يقودنا للحديث عن حضور أقوى لأصحاب الثروات ورؤوس الأموال المليارية والمليونية ، فبعض المستثمرين في القطاعات الكبيرة لديهم عوائد معلنة كبيرة وهم من توجه لهم الرسالة اليوم ، وعلى وجه التحديد من استفاد من سنوات خير هذا البلد ، خاصة مجموعة الشركات التجارية المعروفة سواء ممن يملكون العديد من الوكالات التجارية أو المستحوذون على قطاعات اقتصادية كبيرة فهؤلاء في وقت الرخاء استفادوا بحكم تجارتهم والآن جاء وقت رد الجميل لهذا الوطن ، وننتظر منهم المساهمة الفعلية التي ينبغي ان تدعم جهود الحكومة وان توجه لتغطية التبعات المالية التي ولدت الضائقة الحالية ، فدورهم ينبغي أن يكون واجبا عليهم وحقا للمجتمع ليحذو آخرون حذوهم ، فلن نقوى على احتواء هذه الأزمة الا بتكاتف جهود الخيرين وذلك من واقع إحساسهم بالمسؤولية المجتمعية ، ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) وبذلك فهم يرسلون رسائل إيجابية للمجتمع من جانب المساهمة في التقليل من حدة المخاطر على المجتمع وعلى الاقتصاد والتقليل من فترة التأثر حتى لا تمتد لفترة طويلة.

اختم لاقول مخاطباً حكومتنا الموقرة : اننا نحتاج الى قيادة الجهد التشاوري بكل همة ومسؤولية وبمكاشفة حقيقية لواقع الحال لما يحمله المستقبل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من متطلبات ، بترميم جسور الثقة بين كافة الأطراف من مجتمعنا الاردني الواحد المُتأثرة منها والمؤثّرة من مؤسسات وافراد وقطاعات وبوضوح ، من خلال ايجاد آليات للتشاور الحقيقي مع الفعاليات والخبرات للوصول إلى استراتيجية اقتصادية عملية فاعلة ومَرنةٍ بذات الوقت للتفاعل مع التطورات وتحمل صيغ قابلةٍ للتطبيق ، وبالعمل الجدي المستمر على مدار الساعة ، برعاية ملكية سامية حيث ذلك يعطي قوة وتحفيزاً للإنجاز .

والله ولي التوفيق

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012