أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


نريد انتخاب حكومة أردنية

بقلم : لميس اندوني
23-05-2012 11:41 PM
لا أستطيع إلا أن أشعر بالغيرة اليوم - وأنا متأكدة أني لست وحدي - من الشعب المصري وهو يقبل على صندوق الاقتراع, لينتخب أول رئيس جمهورية منتخب لأول مرة في تاريخه الحديث والقديم.
صحيح أن الظروف في مصر قد لا تسمح بانتخاب رئيس يمثل ويعكس قوى وصوت الثورة المصرية, فالنظام القديم لم يرحل تماماً, لكن على الأقل يستطيع المصري أن يختار بين وجوه وأفكار متعددة بحرية ويحس بأنه له دور في تقرير مستقبل بلده.
طبعاً, الانتخابات وحدها لا, ولن تنتج نظاما حراً ديمقراطياً ولن تؤدي, بنفسها إلى بناء مجتمع العدالة والقانون, ولكن على الأقل بالنسبة للمصريين الرئيس المنتخب لن يبقى أكثر من أربع سنوات ولن يستطيع كما فعل الرئيس المخلوع حسني مبارك التأسيس لإمبراطورية مالية له ولأفراد عائلته ولحاشيته, مسروقة من كدح الشعب وقوته.
في الأردن الطريق الوحيد للتأثير على وضع الحكومة هو النزول إلى الشارع, وهو تطور إيجابي جديد, لكن الحراك الشعبي يستطيع المساهمة في إسقاط حكومات ولكن قدرته على التأثير بنوعية تشكيلها وتقرير سياستها ضئيلة ومحدودة.
عدا أن المجتمعات تحتاج إلى آليات ثابتة تتيح للمواطن تشكيل وتغيير حكوماته, فالاحتجاجات, وإن كانت سِمة ديمقراطية, لكنها تبقى الملجأ الأخير, وليس الأول, في المجتمعات التي تسمح بانتخاب قياداتها.
في الأردن, فإن الحكومات ليست معينة فقط بل وقبولها من مجلس النواب مضمون حتى قبل تسميتها وإعلانها.
نظرياً فإن مجلس النواب الأردني يمثل إرادة الشعب, بالتالي فإن الشعب يستطيع, نظرياً أيضاً, قبول أو رفض الحكومة المعينة بطاقمها وبرئيسها وببرنامجها.
لكن نظرياً فقط: فإرادة الشعب جرى التحايل عليها من خلال قانون انتخاب يفصل تشكيلة المجلس على مقاس الحكومات المعينة, ويتم تزييف النتائج من خلال تدخل الأجهزة وحتى التزوير, عسى أن يفلت عدد كاف من النواب المعارضين إلى المجلس وينجحوا بإزعاج الرؤساء والوزراء بتعبيرهم عن مصالح وإرادات شعبية.
و لا تنتهي القصة في الانتخابات; فالتفكير الحر غير مسموح للنائب, الذي جرى اختياره, سواء بنزاهة أو بتدخل الأجهزة, لذلك يتم التدخل مرة أخرى خلال جلسات المجلس, خاصة قبل التصويت على مسائل مهمة, أو التصويت على الثقة بالحكومة لضمان النتيجة المريحة خوفاً من استيقاظ عدد من النواب على أصوات قواعدهم الانتخابية التي نسوها بعد الدخول تحت نعمة القبة.
لعلها ليست صدفة تماماً أن تجرى انتخابات تاريخية في مصر في اليوم نفسه الذي يناقش فيه مجلس النواب الأردني بيان الحكومة الجديدة, بينما ينتخب المصريون رئيسهم, في حين عليهم الانتظار حتى معرفة النتيجة, فإن الأردنيين لا حاجة لهم في القلق, فالنتيجة دائماً مضمونة بغض النظر عن اسم رئيس الحكومة وتوجهاته.
لكن تهميش دور الشعب لا ينتهي عند الحكومة, فكما رأينا في عهد حكومة الدكتور عون الخصاونة, فإن تهميش دور الحكومة, يبدأ منذ لحظة توليها مهماتها ومن دون إبطاء أو تردد- خاصة في حال محاولتها الحلم بتحقيق لو ظاهري لولايتها العامة.
بدأت كتابة المقال وفي نيتي إنهاؤه بالدعوة إلى انتخاب الحكومات في الأردن, ولكنني ومن خلال استعراضي الذهني لعمليات الانتخابات البرلمانية وجلسات الثقة في مجلس النواب, وجدتني أنتهي بالخوف من هذه الفكرة, فأساس الحكومات المنتخبة حقيقياً هي انتخابات نيابية حرة ونزيهة وفقاً لقانون عصري يؤسس للتعددية الحزبية والسياسية.
أحس بأنني كنت أحلم متأثرة بأجواء الانتخابات الرئاسية المصرية, لكنني صحوت على حقيقية أن الحكومة الأردنية الجديدة, التي سوف تنال الثقة النيابية بالتأكيد, ليس في نيتها تبني قانون انتخابي يسمح بالتمثيل الشعبي الواسع, بل بناء على ما سرب من معلومات فإنها تفضل نظام الصوت الواحد, الذي كما ثبت عملياً يهدم حياة التعددية السياسية ويرسخ التقسيمات العشائرية والإقليمية للمجتمع.
في هذه اللحظة انتابني قلق من المطالبة بحكومة منتخبة لأن ذلك قد يلهم صناع القرار بإخراج قوانين لاحكام السيطرة على عملية الانتخابات وضمان نتائجها.
لا لن يمنعونا من الحلم, ولكن لتحقيق الحلم لا يمكن التخلي عن المطالبة بانتخابات حرة ونزيهة ونظام انتخابي يسمح بتعددية التمثيل الشعبي والسياسي, لأنه يحق لنا أن نطالب بل وأن ننتخب حكومة أردنية.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-05-2012 05:35 AM

ليس فقط الحكومة , فكما هو معروف فالحكومة في الاردن لا ولاية لها البتة وهي مجرد واجهه مهمتها تلقي اللوم في حالة الاخفاق وتجيير الفخر لغيرها في حال الانجاز مقابل مزايا وعطايا ورواتب وتقاعدات كلها مجزية لافراده.الصحيح الذي لايمكن القبول باقل منه هو ان يكون صانع القرار منتخبا من الشعب .لا يجوز ان يكون اي مسؤول يصنع قرارات مصيرية في البلاد غير منتخبا وغير مفوضا من الشعب فهذا حكم القرون الوسطى التي ولت الى غير رجعة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012