أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


تعليم الديمقراطية وديمقراطية التعليم المرجوة

بقلم : فيصل تايه
18-10-2022 04:29 PM

أعلنت وزارة التربية والتعليم والمركز الوطنيّ لتطوير المناهج البدء بتدريس مادة 'الدّيمقراطيّة والمشاركة في الحياة العامّة' المساندة لمادّتي التّربية الوطنيّة والمدنيّة للصّفّ العاشر ، وتاريخ الأردنّ للصّفّ الحادي عشر ، اعتباراً من الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي الحالي ، بعد تدريب تخصصي للمعلمين المشمولين بتدريس هذه المادة ، ذلك أن الدور الاكبر في ايجاد بيئة ديمقراطية تسمح بانطلاق حياة سياسية فاعلة في الاردن تتحمله وزارة التربية والتعليم ، فالقيم الديمقراطية التي يجب ان نرتكز اليها تبدأ من المدرسة 'مناهج تدريس وممارسات' ، ذلك لتكرس مفهوم المواطنة وسيادة القانون وقبول الاخر ، وضمن استراتيجية بعيدة المدى تعي ان التغيير المجتمعي مسيرة تراكمية ومتدرجة ، وهي اساس تشكيل البيئة السياسية التي تسمح بتطور حياة سياسية فاعلة ، وترسيخ ثقافة ديمقراطية تقتضيها مصلحة الاردن.


ان الخطوات الجادة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم نحو منح الطلبة في مدارسهم الفرصة للمشاركة في صنع القرار حول القضايا ذات المغزى ، وما شهدته المدارس مؤخراً من حالة ديمقراطية تمثلت بالانتخابات البرلمانية الطلابية الا دليل يمكن أن يكون له تأثير على إحساس الطلبة بالمسؤولية ، بمنظور جماعي يؤثر في سلوكهم الاجتماعي الإيجابي ، وفهمهم للقيم والعمليات الديمقراطية التي نسعى لغرسها في نفوسهم ، اضافة لرفع كفاءتهم الشخصية والسياسية ، وما يرافق ذلك من استراتيجيات تعليميّة موجهه نحو بيئة مدرسية ديمقراطية فاعلة ، فالتعليم الناجـح هو التعليم الذي يستند في اساسه على الديمقراطيـة لكونهـا تمثـل فـي العمـق أسـلوبا للحيـاة وممارسـة نتعلمهـا ونتربـى عليهـا، فالمدرسـة كانـت وما تزال تشـكل أهم أدوات ترسـيخ قيـم الديمقراطيـة ومبادئهـا، وبالخصـوص علـى صعيـد تأهيـل اإلانسـان وتحديـث المجتمــع .

ان القيم الجوهرية التي تسعى وزارة التربية والتعليم الى تحقيقها تتطلب أن تكون المدرســة هي المحــرك الاساســي لتطويــر الديمقراطيــة ، ذلك لترســيخ قيمهــا وإغنـاء معانيهـا وتعميـق أخالقياتهـا والتربيـة علـى ممارسـتها، مـن خـلال المزاوجـة فـي وظيفتهـا بيـن تعليـم المعـارف والمهـارات وبيـن تلقيـن القيـم والاخلاق ، فدورهـا لـم يعـد يتوقـف عنـد حـدود تنفيـذ وإنجـاز المشـاريع التربويـة، بـل يتعـدى ذلـك للمسـاهمة فـي تحقيـق مشـروع مجتمعـي بأكملـه ، ينعم فيه كل مواطن بالحرية والتعلم والعمل والنقــد ، ثــم الانفتاح والتســامح ، فالثقافة المدرسية التشاركية والديمقراطية تحدث فرقًا كبيرًا في بعض اللبنات الأساسية للمسؤولية الاجتماعية ، لذلك فمــن البديهــي القــول بجدليــة ان علاقة المدرسة بالديمقراطيــة ، تلازمية عضوية ، إذ الا يمكــن الحديــث عــن المدرسة فــي غيــاب الحديــث عــن الديمقراطية أو العكــس .

ان رهـان الديمقراطيـة الذي نعول عليه في مدارسنا والذي جاء نتيجة التحول الجذري في سياسات وزارة التربية والتعليم والتي تتطلبها طبيعة المرحلة القادمة يمثـل الهـدف الاسـمى لوظيفـة المدرسـة وبالخصـوص علـى مسـتوى بنـاء وتكويـن شـخصية الطالب المتوازنـة القـادرة علـى الاسـتيعاب والانتـاج والتكيـف والاندمـاج ، ولكـن السـؤال المطـروح هـو مـا السـبيل الامثـل للارتقـاء بالمدرسـة الاردنية إلـى مصـاف المـدارس الديمقراطيـة المتقدمـة ، لكن وقبـل الاجابـة عـن هـذا السـؤال المحـوري يستحسـن بنـا الإشارة إلـى أن مـا نعنيـه بديمقراطيـة المدرسـة والتعليـم عامـة، يتحـدد باختصـار شـديد فـي مجمـل الاسـاليب والممارســات االاداريــة والبيداغوجيــة والســلوكية المتبعــة فــي تحقيــق العدالــة التربويــة فــي مفهومهـا الشـامل ، بـدءا بإلزاميـة التعليـم وتعميمـه ومجانيتـه وانتهـاء بتفعيل مسـاراته ومناهجـه وبرامجـه فـي التدريـس والتكويـن والتأطيـر والتقويـم والتوجيـه، بفـرص متكافئـة .

وأخيراً ونحن نسعى جاهدين إلى هذا التحول الحقيقي ، مع ادراكنا العميق ان المدرسـة تشـكل القاعـدة المرجعيــة للديمقراطيــة والتنميــة ، عبــر الارتقاء بالانســان والمجتمــع، فكــراً وثقافــة واقتصــاداً وسـلوكاً وتمدّنـاً ، وبذلك فنحن مع التوجهات الجادة لإصلاح المدرسـة وجعلهـا رافعـة أساسـية لخدمـة الديمقراطيـة والتنميـة، وتشجيع دورهــا فــي ترســيخ قيــم العدالــة التربويــة ومبــادئ تكافــؤ الفــرص، وتجويـد مضامينهـا حتـى تصبـح قاطـرة لبنـاء المواطـن الحر المسـؤول وترسـيخ مقومـات المجتمع الديمقراطـي المنشـود ، وتوفيـر شـروط الاندمـاج فـي مجتمـع العلـم واقتصـاد المعرفـة مـن خـلال تجديـد وظيفتهـا، لتصبـح بالتالـي مؤسسـة مندمجـة فـي بيئتهـا، خادمـة لمحيطهـا وقـادرة علـى ربـح رهـان الديمقراطيـة ومعركـة التنميـة.



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012