أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


"مجتمع المهاجرين" والحقيقة الضائعة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
07-06-2012 11:09 PM
عندما زار 'كلينتون' رئيس الولايات المتحدة الأردن عام 1994م، بعد توقيع معاهدة وادي عربة، وخطب في البرلمان الأردني خطبته المليئة بالإساءات للشعب الأردني وللدولة الأردنية ولهويته ولثقافته، ومن جملة ما قال آنذاك أنّ المجتمع الأردني يشبه المجتمع الأمريكي من حيث أنّه 'مجتمع المهاجرين'، ويبدو أنّ هذا المصطلح له دلالة سياسية معروفة ومقصودة، ويستعملها كثيراً بعض القادة والساسة الأردنيين بقصد تعميق هذا المفهوم ودلالاته الخطيرة.
المجتمع الأمريكي 'مجتمع مهاجرين'؛ هذا صحيح إلى حدٍ ما، في ظلّ تهميش السكان الأصليين الذين يطلق عليهم الهنود الحمر، الذين تعرضوا لحرب إبادة من المهاجرين الجدد من الجنس الأبيض الذين توافدوا من الدول الأوروبية بشكلٍ أغلبي في القرن الخامس عشر وما بعده، وتواطأ العالم كله مع هذه الجريمة التاريخية التي ذهب ضحيتها جنس بشري عريق سكن القارتين منذ فجر الإنسانية، واستطاعت الولايات المتحدة أن تصهر هذا الخليط من المهاجرين من كلّ الأصول والمنابت في بوتقة مجتمع جديد اسمه المجتمع الأمريكي، الذي يتربع على رأس هرم القوة في العصر الحديث.
تشبيه المجتمع الأردني بمجتمع المهاجرين، فيه إجحاف وظلم واعتداء من ناحية، وفيه مغالطة تاريخية وإنسانية وأخلاقية من ناحية أخرى، أمّا المسألة الأكثر خطورة، التي يجب أن يتنبه إليها كل السياسيين وكل المؤرخين وكل قوى المجتمع الأردني العربي والإسلامي، وكل الأجيال الجديدة، أنّ إطلاق هذا المصطلح على المجتمع الأردني يأتي في سياق خدمة مخطط حماية الكيان الصهيوني وصبغ الشرعية على وجود الاحتلال والاغتصاب العدواني الاستيطاني على أرض فلسطين، ويأتي في سياق مخطط مصادرة الذاكرة الواعية للشعب الأردني، ومصادرة ذاكرة الأجيال في خضمّّ المحاولات المحمومة لتطويع شعوب المنطقة مع هذا الواقع المفروض بالقوة الغاشمة وفرض التبعية الذليلة المطلقة على زعماء دول الجوار ودول المحيط العربي.
الشعب الأردني رحب بما يملك من معاني الإخوة العربية بكلّ القادمين من الدول العربية وتمثل الأخوة الإسلامية للترحيب بالقادمين من الشيشان والشركس ودول البلقان بعد الثورة البلشفية وآثارها، ولكن هذا الترحيب يجب أن لا يؤدي إلى إلغاء هوية الأردن وهوية شعبه الأصلية، وتحويلهم إلى هنود حمر، وفقاً للمعادلة التي تروجها العصابات الصهيونية الذين أقنعوا العالم بأنّ فلسطين أرضٌ بلا شعب من أجل الاستيلاء عليها أمام أنظار شعوب العالم وتواطؤ الدول الكبرى، ويروجون في الوقت نفسه بأنّ الأردن أرضٌ بلا شعب، من أجل إنجاح المقولة والإمعان في تهجير الفلسطينيين إليها على سبيل التوطين الدائم من أجل إتمام مخطط التصفية الرهيب على حساب فلسطين وشعبها وعلى حساب الأردن وشعبه وهويته وعلى حساب الأمّة العربية والإسلامية كلها، ويتواطأ مع هذا المخطط كل من يقبل بهذه المقولة ويروجها برغبة غريزية ويتجاهل المخطط العملي الذي يجري على الأرض ويؤدي إلى ضياع الأردن وفلسطين معاً.
الحل لا يكمن بإثارة الخلاف بين مكونات الشعب الأردني، فهذا مرفوض بكل المعايير ومحل خطورة كبيرة وهذا ما تريده (إسرائيل)، نقل الصراع الموجه ضدها على أرض فلسطين إلى أرض الأردن وخلق صراع داخلي يؤدي إلى نسيان مواجهة الاحتلال ونسيان جذر المشكلة الحقيقي، فالحل يكمن في انخراط الفلسطينيين والأردنيين جميعاً في مشروع مواجهة المخطط الصهيوني في الأردن أولاً، وحمايته من النفوذ الصهيوني ليكون مقدمة لمواجهة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، بجهدٍ عربيٍ موحد وشامل يجمع مصر والشام كلها في جبهة واحدة موحدة، تستند إلى عمقها العربي والإسلامي، وهذا هو مضمون الإصلاح الحقيقي.


(العرب اليوم)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-06-2012 12:55 AM

أعتقد أن هذا كلام بناء لأنه لطالما تم القفز على الهويه الوطنيه الأردنيه وأتهم من يحاول أعلاء شأنها بالعنصريه والأقليميه ولعظيم الأسف من قبل الشقيق الذي هو ايضاً تعرض لمؤامرة طمس هويته الوطنيه ...... دائما وبأصرار حافض الوطنيون الأردنيون على وجهه نضرهم الثابته في أن الأردن تعرض لمؤامرة شاركت فيها أطراف معروفه للجميع تهدف الى الغاء الهويه الفلسطينيه وتحويل الأردن الى الوطن البديل ... أعتقد أن الأخوان المسلمون أبتدأو بوضع يدهم على الفساد الأكبر وهو ضياع الوطن وهو أهم من سرقه ميناء أو فوسفات .وكما يقال أن تأتي متأخراً خير من لا تأتي أبداُ .

2) تعليق بواسطة :
08-06-2012 02:58 AM

كلام كلينتون صحيح لان الاردنيين الاصليين الان اصبحوا ""هنود حمر""----وكنا نعول على امثالك في الاخوان المسلمين من ""الهنود الحمر"" بالعمل على حمايتنا لكنم مع الاسف تعملون لصالح الغير واخر ما يهمكم الاردن والاردنيين--ماذا فعلت انت وعربيات والفلاحات والعضايله والزيود بشان قوننة فك الارتباط لكي لا نصبح ""هنودا حمرا"" بالواقع؟؟ لاشئ انتم من تنفذون الوطن البديل وياحيف عالرجال..........

3) تعليق بواسطة :
08-06-2012 11:21 AM

كيف يكون الانخراط (الاردني الفلسطيني) في مواجهة المشروع الصهيوني في الاردن وفلسطين؟ واي مشروع يمكننا من استعادة حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، ويعطي زخم ديمقراطي لعملية التغيير في الاردن، من غير ان يشكل ذلك مقدمة للمشروع الصهيوامريكي الساعي الى منح اللاجئين في الاردن حقوقا بديلة على حساب اشقائهم؟ اذا كنت فعلا ضد هذا الحل فهل تعتقد ان الاخوان المسلمين لا يلهثون خلف هذا الحل؟ وهو الحل الوحيد الذي يمكنهم من بلوغ السلطة في الاردن.. المقصود، الا تعتقد ان مصلحة الاخوان الفعلية تكمن في الانخراط الفعلي في المشروع الصهيوامريكي وان ممارساتهم ومواقفهم تصب في هذا الجانب تحديدا، وإلا ما تفسيرك لمواقف حمزة منصور وبني ارشيد وغلاة الاخوان الذين لا محو فلسطين من مفرداتهم كما حذفوا حق العودة وبات كل من يتكلم عن حق العودة مجرد عنصري حقود في نظرهم ونظر اتباعهم.

4) تعليق بواسطة :
08-06-2012 03:39 PM

احسن من كتب عن الاردن وتاريخه ناهخض حتر حيث اثبت ان الاردن كان قائما ومنضما ولو على شكل قبلي وعشائري قبل الثوره الكبرى وقبل الهجرات الفلسطينيه

5) تعليق بواسطة :
08-06-2012 03:41 PM

I tend to agree with you but the these points . Yes all immigrants in Jordan should be treated equally so we have this new Jordan . I suggest in order to move forward , we have a national conference with all political parties and probably our Palestinian partners from west bank ....etc to have a plan . Do we need all people to go back is this realistic and can be done .I do not think so . So the other alternative compensation from USA and Israel or UN .Jordan has had hundreds of thousands of refugees in the past which became partners to us in building Jordan and also they created economical burden , because they multiplied like rabbits and thier reason was to fight Israel and they needed men . Now they have not fought isarel and are burden on the economy . Having said that we have an issue in Jordan that we can not move towards free elections to our Prime minister or Governments because we fear a Jordanian from Palestinian origin may win and the greatest fear that PLO or Fateh or Hamas influence these elections and the people since most of them politically are royal to these parties. So Jordanians have reasonable fear of the political loyalty of most Jordanians of Palestine origin. Jordanians and Palestinians on both sides of the river have no control over the solution as many stakeholders involved US, Israel...etc.We have in Jordan real issue to wait until final solution of the Palestine problem. I think the national conference should be able to resolve on Jordanians identity and finalize who is considered to be Jordanians with preservation for the rights of Jordan for compensation and move forward on political arena. Jordan because of this dilemma is loosing a lot .In fact what we see in Jordan of economic set backs and corruption is attributed in a way to this issue. Our fear to have a Jordanian with political loyalty to Fateh , PLO, or Hamas is legitimate but we should sit and talk about frankly and resolve it..

6) تعليق بواسطة :
09-06-2012 12:33 AM

انها بداية الصحوه وعودة الذاكره ولو انها متأخره..جميل ان تعود وتدافع عن وطنك وهويتك وكيانك المهدد..اهلا وسهلا بك دكتور غرايبه.......

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012