أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


زرقاويون الى جامعة دمشق

بقلم : رشاد ابو داود
01-05-2023 03:18 AM

لم نكن نعرف من الشام الا ما قرأناه في كتب الجغرافيا والقليل الذي شاهدناه في التلفزيون الأبيض و الأسود وخاصة مسلسل 'صح النوم ' ومقالب غوار الطوشة و حسني البورزان - وفطوم حيص بيص .
وقتها لم يكن التلفزيون قد دخل بيوت معظمنا . كنا نتجمع أمام واجهة محل للأجهزة الكهربائية في شارع السعادة بالزرقاء دون ان ندخله و..'نتمتع' بمشاهدة المسلسل وقوفاً. بعد ذلك توسع اقتناء الجهاز المصغر عن سينما النصر و سلوى والحمرا وريكس التي كانت في أقصى شمال المدينة .ولسبب بعدها كانت تذكرتها بثلاثة قروش و نصف فيما السينمات الأخرى بخمسة قروش كنا 'نحوشها' من مصروفنا طيلة أيام الأسبوع .
في الحارة كان أول بيت يدخله التلفزيون لرجل شبه مقتدر . والحقيقة لم يكن هو صاحب قرار شراء الجهاز بل زوجته التي كانت 'رجل البيت ' . وقد جعلت من البيت سينما مصغرة بدون كراسي بل فرشات على الأرض ، والدخول بقرش للكبار و تعريفة للصغار لمشاهدة 'صح النوم ' أو حلقات المصارعة التي كان يعلق عليها المرحوم رافع شاهين الاعلامي الشهير الذي قدم برامج 'فكر و اربح' و 'جائزة المليون ' الذي قدمه اوائل التسعينات على شاشة التلفزيون السوري .
كانت الشام ، رغم بعض الخلافات السياسية أحياناً ، أقرب الى عمان من العقبة ، وعمان أقرب الى الشام من اللاذقية وادلب . المسافة لم تتغير لكن العلاقات تفعل . أما الناس فانها لا تتغير ، أهل وأنسباء وأقارب وأصدقاء . الرمثا و درعا توأمان باللهجة والقرابة والتجارة . منذ القدم اردنيون في دمشق و حمص و حلب ، و شوام في عمان و الزرقاء والمفرق و اربد و..معان .
قبل انشاء الجامعة الأردنية العام 1962 كان الكثير من الطلبة الأردنيين يتوجهون للدراسة في جامعة دمشق التي تاسست العام 1923 أو جامعة حلب التي بدأت بكلية الهندسة كفرع من جامعة دمشق العام 1946 ثم جامعة مستقلة عنها العام 1958 كثاتي جامعة سورية . المسافة قريبة والتكلفة قليلة ، التكسي دينار و نصف و بترين عمي ابو زهير اثنين وثلاثين قرشاً .
وفي محطة عمي ابو زهير تجمعنا أكثر من مائة طالب زرقاوي لنذهب الى الحياة الجديدة التي تنتظرنا في الشام . فالجامعة هناك لم تكن تشترط معدلاً مرتفعاً . شهادة التوجيهي تكفي . لكن اذا كنت 'أخو أختك ' انجح في سنوات الدراسة وخاصة في السنة الأولى !
كنا في السنة الأولى لغة انجليزية حوالي ألف طالب مقسمين على فئات ، منهم حوالي مائتا طالب أردني . تساقط منهم في السنة الثانية نصفهم . منهم من حول الى كلية أخرى يشرح فيها الدكتور باللغة العربية ، ومنهم من عاد الى الزرقاء بخف واحد من خفي حنين .
ففي المحاضرة الأولى دخل الدكتور ياسر الداغستاني مدرس مادة الشعر و النثر وبدأ الحديث باللغة الانجليزية . صار يتحدث ونحن ننظر الى بعضنا كأننا في كوكب آخر أو الأستاذ هو من كوكب آخر . ضج أغلب الطلبة مطالبين اياه بالحديث بالعربي . فقال ، انتم طلبة لغة انجليزية وأنا لن أتحدث الا بالانجليزي . من لا يفهم فليحول الى كلية أخرى من الآن' . طبعا قالها أيضاً باللغة الانجليزية !
أستاذ مادة المسرح اعتقد كان اسمه الدكتور فؤاد شعبان تحدث ساعة الا ربع عن نشاة المسرح الاغريقي و أوديب ملكاً ووو .في نهاية المحاضرة ، التفت الي زميلي وقال
' شووو قال ؟' يقصد عن كل المحاضرة التي لم يفهم منها شيئاً .
وصلنا بعد ثمان ساعات بالقطار الى محطة الحجاز بدمشق ، الى عالم آخر وكان في استقبالنا التاريخ بمجده و عظمته . توجهنا الى فندق دلنا عليه زميل قدبم واذ بصاحب الفندق ..أردني !
وتلك حكاية أخرى .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012