أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


مستشفى مجانين للعرب جميعا

بقلم : عبدالحليم المجالي
08-07-2013 09:31 AM

احدث ازمتين من ازمات كثيرة تعصف بالعرب - ولا اقول بالوطن العربي لانه مصطلح زائف ولو في الوقت الحالي على الاقل – الازمة السورية والازمة المصرية واللتان آلتا الى حرب اهلية . الاطراف المتصارعة في الازمتين لهما تفسيراتهم وتبريراتهم , اما من يقفون على الحياد وايديهم على قلوبهم مما يحدث فقد لا يجدون ما يفسرون به ذلك فيما لو رجعوا الى المنطق والعقل . انا واحد من الحياديين لانني ارى الجميع واعني العرب على خطأ فاحش ولا اجد الا صفة واحدة تليق بهم الا وهي الجنون . رجعت الى الذاكرة علي اجد مدخلا لرأيي هذا استند اليه فوجدت فيها قولا للزعيم الاوحد عبدالكريم قاسم ( 1914- 1963 ) احد زعماء العراق المثيرين للجدل وهو يفتتح مستشفى للمجانين في بلاده حيث قال ' هذا المستشفى لي ولكم وللعرب جميعا ' , هذه العبارة روجت لها وسائل الاعلام في حينها ورددناها وحفظناها من باب التندر على زعيم عربي كنا نامل ان يرزقنا الله زعيما وطنيا عربيا فالحا في القادم من الايام ولكن مشيئة الله لم تحن بعد . لو بدانا بعرب العراق وما آلت اليه احوالهم بعد هذا الزعيم الاوحد الذي قاد انقلابا عسكريا غير وجه العراق وحسبنا ماذا خسر العراق من ارواح ومليارات من جيبه ومن جيوب جيرانه من العرب وعدد الحروب الخليجية التي خاضها والحالة التي يعيشها اليوم من فقر وعدم استقرار وتابعنا احصائيات القتلى حيث دلت آخرها ان العراق خسر في احد الاشهر الاخيرة اكثر من الف قتيل الى جانب الخسائر المادية والنفسية المصاحبة لذلك , ولو رجعنا الى تحليل هذا الحال بتجرد فاننا حتما لا نجد الا الجنون يقف وراء ذلك .

الوطن واهميته واحترام مواطنيه له وحصولهم على احترام الاخرين لهم من احترامه وتقديره وصونه عزيزا مصانا من تدخل الاعداء وسفاهة الاصدقاء معيار للعقل والجنون . عندما يكون الوطن الخاص بالعرب مهانا مستباحا من قبل اعداءه مكشوفا لكل طامع وحاسد ولا بوادر من العرب لتلافي الاخطاء التي اوصلته الى ماهو عليه فان مراجعة العقل واردة , تكرار الاخطاء وعدم الاستفادة من ذلك وعندما يلدغ العرب من الجحر الواحد مرات ومرات وبدون عبرة يعتبرونها فالجنون كصفة لهم واردة عند كل ذي عقل سليم . يقولون المقارنة فيها اعمال للعقل ومن باب اولى اجراء المقارنة بيننا كعرب وبين اعداءنا الصهيانة الذين قرروا في يوم ما اقامة وطن قومي لهم في وقت كانوا فيه محتقرين من الاخرين ومشتتين ولكنهم اجتهدوا وخططوا وخلقوا ذلك الوطن بفكرهم وعقلهم وتخطيطهم السليم واستغلالهم لما حولهم من ظروف , وها نحن اليوم نرى انهم مقارنة بنا من ارقى الشعوب واغزرها انتاجا وتاثيرا بالعالم من حولهم ومن اكثرهم احتراما لمواطنيهم الى حد انهم قد يبادلون رفات يهودي بمئات العرب الاحياء . بالمقابل فلننظر الى اصحاب الارض المغتصبة ومن خلفهم العرب واحوالهم التي لا تسر صديق ولا تغيظ عدو وتشتتهم وهبوط قيمة الوطن والمواطنة عندهم . فلننظر الى معاركنا الجانبية البعيدة كل البعد عن جوهر المخاطر المحيطة بنا وانجرارنا خلف دعاة الطائفية والفتن وكيف اننا ضيعنا وطنا محترما ممتدا في جذوره الى اعماق التاريخ .

يقولون الجنون فنون والعقل زينة وكل عمل فيه مخالفة للعقل فيه جنون من نوع ما . العناد والمكابره والفزعة والتناحة السياسية واللامبالاة كلها ضرب من الجنون . انظر الى اقوال وافعال الامراء والعلماء العرب ونهجهم في تناول الامور واتخاذ القرارات حولها وفي طريقة وصولهم الى مناصبهم بداية تجد العجب العجاب . انظر الى فتاوى العلماء والجرأة فيها وخاصة الذين يكفرون من اختلف معهم والى دعاة الجهاد وهم يعلمون سلفا انه موجه ضد مسلمين ويدركون تماما نتائجه الكارثية وقتل الانفس البريئة وبطرق بشعة من المفخخات واتخاذ المساجد ومساكن الابرياء ساحات قتال مما يزيد في حجم الدمار وزيادة اعداد اللاجئين والهاربين من معارك مفروضة عليهم . جاء في الاثر انه يقال لقاريء القران اقرأ وارتق فمنزلتك عند آخر اية تقرأها واليوم يقال للمسلم العربي اقتل ثم اقتل فمنزلتك عند أخر عدد تقتله ومن البسطاء من يصدق ذلك فيطلب الفردوس الاعلى بكثرة ما يقتل ولا يعلم براءتهم وحرمتهم عند خالقهم والا ما معنى ان يفجر مسلم نفسه او يفجر مفخخة في المصلين المحتشدين للصلاة او في العامة من الناس في الاسواق .

من المشاهد الجنونية في الاردن وصول 150 نائبا الى قبة البرلمان من خلال قانون انتخاب قيل فيه انه عصري . جاء هذا القانون بعد مخاض طويل وصعب جرت خلاله مارثونات من المشاورات والحراك وتشكيل لجان للحوار ورفض وقبول وتدخلات من الجميع . القانون زاد عدد النواب ثلاثين نائبا علما بان الاردن يعاني من الزيادة في مصروفات الموظفين والمناصب وخاصة من الدرجات العليا من رواتب وعلاوات ومصاريف سفر وغيرها . اذا كان الزحام يعيق الحركة ويقلل البركة فمخرجات القانون زادت الطين بله وكرست اخفاقات المجالس النيابية السابقه . اعيش على السفح الجنوبي لشيحان الاشم ولو صعد احدنا الى قمته ونظر مباشرة الى موقع ةدميه والى الشمال قليلا لوجد نائبا يمثل عشائر العمرو ولكنه جاء كنائب وطن واذا نظر مباشرة الى سفحه الغربي لوجد نائبين يمثلان عشائر الحمايده احدهم نائب دائرة والثانية نائب كوتا نسائية . واذا نظر الى سفحه الجنوبي والشرقي لوجد ستة نواب ثلاثة من عائله واحده واحد نائب دائرة والاخران نواب وطن الرابع نائب كوتا مسيحيه الخامس والسادس نائبا وطن المجموع في دائرة لا يزيد نصف قطرها عن بضع وعشرة كيلو مترات تسعة نواب تحت اربع مسميات نواب دائرة ونواب وطن ونائب كوتا مسيحية ونائب كوتا نسائية . قبل مدة دعى نادي فقوع الثقافي سعادة النائب رولى الحروب وحضرت مع من حضر اللقاء وشارك في اللقاء سعادة النائب السنيد من ذيبان وكان الحديث منصبا على الشكوى من الاوضاع بشكل عام ومن النظام الداخلي للمجلس وعيوبه بعد جلسة المصادقة على الموازنة وعد الاصوات . علق احد الحاضرين على شكوى النواب بقوله ما معناه جبناك يا عبدالمعين تتعين لقيناك بحاجه الى من يعين . الشاهد في هذا المثال من كثرة النواب وتعدد صفاتهم اننا خطونا خطوات كبيره الى الخلف بدل التقدم عندما اوجدنا قانونا جديدا للانتخاب لمعالجة اخطاء في القوانين السابقه , فماذا يقف وراء هذا القانون العقل ام الجنون ؟.

لاادري هل القول ' اذا انجنوا ربعك عقلك ما ينفعك ' خاص بالعرب ام له ما يشابهه عند غيرهم من الشعوب ؟ فالقول خطير وفيه امكانية ان ينجن القوم عن بكرة ابيهم وفيه تعطيل للعقل الذي يجب ان لايعطل في اي ظرف كان وفيه مخالفة للحديث الشريف : لا يكون احدكم امعة يقول ان احسن الناس احسنت وان اساؤا اسأت . جنون العرب جميعا كحقيقة فيها وجهة نظر , فاذا اخذنا المشهد العام وما يغلب عليه من سواد واسى واحباط فقد يكون كذلك واما اذا نظرنا الى نقاط مضيئة في المشهد هنا وهناك وانجازات فردية فالامر مختلف والامل بالله كبير وما وجدت المستشفيات للمجانين والمرضى الا لطلب الشفاء ولنتذكر ان الانسان قد لطف من تسمية مستشفيات المجانين وسماها مصحات عقليه او نفسية او مراكز تاهيل لتقبل الواقع كما هو والعمل لتغييره من حال الى حال بالمداوة والعلاج .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-07-2013 11:25 PM

احسن مقال قرأته من زمان

2) تعليق بواسطة :
08-07-2013 11:38 PM

أشكرك أستاذنا و شيخنا الفاضل

ذكرتني بكلمة عبد الكريم قاسم "الزعيم الأوحد" فقد سمعتها بالراديو في حينه ، و أذكر الجملة جيدا : إننا بنينا هذا المستشفى لي و لكم و للأمة العربية جمعاء

أطال الله بعمرك و متعك بالصحة و العافية

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012