أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


وصفي التل مدرسة العقل والخلق والرجوله

بقلم : سليمان نصيرات
27-11-2013 07:32 PM

سليمان نصيرات
عندما يتناول الكاتب بالبحث والدراسه اراء ومواقف شخصيه بارزه وفريده من شخصيات الأردن عليها ذلك الاجماع والحب من كافة الاردنيين ,وهذا لم يتحقق لاي شخصيه سياسيه اردنيه للان ، فانه لا يفيئه حقه ، لقد كان وصفي التل علامة بارزه في تاريخ الاردن من خلال تاريخه الناصع ومواقفه ورجولته واخلاصه لوطنه وقيادته وامته.
لقد كان وصفي التل ابنا بارا بوطنه وامته العربيه ، ومناضلا صلبا بالفعل والقول من اجل فلسطين وعلى ارض فلسطين ، فقد احب وصفي فلسطين وعشق قدسها وترابها وشعبها ،وترجم ذلك جهادا على ارضها وفي سبيلها ، ولقد كان حريصا ان يحظى بالشهاده على ارضها ،ولم يدر بخلده ان تغتاله يد اثمه عميله وعدوه لفلسطين وقضيتها على ارض الكنانه .
لقد كانت شخصية وصفي شخصيه شموليه وذات ابعاد عديده قل ان تجدها في شخصية واحده ، وللإحاطة ببعض جوانب هذه الشخصيه ، فلا بد لنا من التطرق لبعض هذه الابعاد وبشكل مقتضب وبما يسمح المجال في هذا المقال
الشخصيه الشامله
ففي بعده العسكري فقد كان وصفي التل عسكريا مقداما ومحترفا وذا رؤيه استراتيجية متقدمه . وفي بعده السياسي فقد كان سياسيا ذا نظره استشرافيه للمستقبل ، صلبا في الحق لا يعرف المداوره في المبدأ ، ومعتزا بهذا الوطن فكرا ورساله ويرفض اشباه السياسيين واصحاب دكاكين المزايدات السياسيه ، وفي بعده الاداري ، فقد كان ر جل دوله عز نظيره ، مثالا في التواضع وحازما الى درجة الشده ، ومرنا الى درجة اللين مع العاملين معه ، وفي بعده الانساني ، كان مثالا وقدوه في البساطه ، لقد كان من الشعب والى الشعب ومنذورا لخدمة الشعب ، لذلك لم يمت وصفي رغم غيابه لمده قاربت الاثنين والاربعين عاما ، في حين ان العديد من السياسيين لا يتذكرهم الناس وهم أحياء بعد تركهم المنصب لفتره وجيزه .
لقد كان وصفي مدرسه فكريه عمادها العقل ولحمتها الخلق في زمن طغت فيه العاطفه على العقل والغوغائية على المنطق ،والانتهازية على الخلق .
وللإحاطة بالملامح العامه لمدرسة وصفي التل ، مدرسة العقل والخلق والرجوله ، فلا بد من استعراض بعض اراءه ومواقفه من العديد من القضايا التي تحدد الملامح العامه لهذه المدرسه ، تلك الآراء والمواقف التي كانت سابقه لعصرها ، وربما ذلك كان من اسباب عدم فهم البعض او قصر فهمهم لها ، وبالتالي لم تكن احكامهم عليها صائبة لا بل بعضها متجنية ، ولكن وبعد مرور عدة عقود على تلك الآراء والمواقف ، فقد تبين للقاصي والداني سداد رأيه وصحة مواقفه ، ولكن بعد فوات الاوان ، وبعد ان اوصلتا مدارس الغوغائية واستجداء عاطفة الشارع الى الهزائم المتكرره في معظم ساحاتنا السياسيه والعسكريه .
البعد الفلسطيني
اما موقف التل من القضيه الفلسطينية فهو موقف واضح لامناوره ولا مداوره فيه ، ففي الوقت الذي كان فيه الصوت العالي والفعل الواطي هو الطاغي ،والمعارك الوهميه تدار من خلال المذياع ، والارض السليبه تحرر على الورق لاستدرار عواطف الجماهير اليوم وندمها غدا ،فان وصفي كان يرى ان قضية فلسطين ليست قضية شعب اجتث من فوق ارضه فحسب ،وانما هي قضية الوجود والمصير العربي .وكان ينادي بالحل المستند على ركائز العقل والعمل ، وفي ذالك يقول : ان المخطط لمعالجة قضية فلسطين ينبغي ان يستند على عدد من الركائز ومنها: الركيزه العسكريه ، والتي تتمثل في حشد كافة الطاقات العسكريه العربيه لهذه المهمه ، والركيزه الثانيه وهي الركيزه العربيه ،والتي لا تتم الا من خلال وحده عربيه حقيقيه وعزل القضيه الفلسطينيه عن جو التناقضات والنزاعات العربيه والركيزه الثالثه وهي الركيزه الفلسطينيه ، وفي هذا المجال يقول وصفي التل : لا يمكن تجاهل دور الفلسطينين الرئيس والاساس في تخليص وطنهم وضرورة حشد طاقات الفلسطينين سياسيا وعسكريا واعلاميا وماليا ، واما الركيزه الرابعه ، فهي الركيزه الشعبيه ، والتي تشمل تعبئة القوى الروحيه للشعوب العربيه والتي لا تقل اهميه عن التعبئه الماديه ، والركيزه الاخيره وهي : الركيزه الماليه التي تستند على استخدام الثروات العربيه الطائله من اجل معركة التنميه والتحرير .

البعد القومي
واما وصفي في بعده القومي ، فانه كان يعشق امته ويعمل من اجل نهوضها وعزتها ، وفي مقال له حول سبل النهوض القومي فانه يحدد عددا من العوامل والتي تسهم في النهوض القومي وفي مقدمتها الغنى الروحي والمادي والخلق الرفيع المعطاء ، ويبرز ركائز ذلك النهوض وهي : الدين والتراث والتاريخ والتي تجعل من الانسان العربي صاحب رساله خلق ورسالة حضاره وتعطيه الزخم الروحي والايمان بالحق والعدل والايمان بالعقل وما يفرضه ذلك من الاحتكام الى المنطق والايمان بالحريه ، والتي لا يمكن للعقل ان يكون حرا خلاقا الا في جوها .وهذه الركيزه تبرز اهمية توجهاته الديموقراطيه في زمن وئدت فيه الديموقراطيه وشاع الاستبداد والدكتاتوريه وسلبت حرية الانسان العربي تحت ستار من الشعارات الزائفه .
البعد العسكري
واما في الجانب العسكري في مدرسة وصفي التل ، فقد كان وصفي صاحب رؤيه عسكريه استراتيجية متميزه ، استندت في جزء منها على الدراسه والمطالعه ،وفي جزء آخر على التجارب العمليه في الميدان ، والتحليل المستند على العقل ، وقد كتب العديد من المقالات ووضع العديد من الخطط والتحليلات في الاستراتيجيه العسكريه وبخاصه فيما يتعلق بفلسطين والصراع العربي الاسرائيلي . وتعد كتاباته مرجعا قيما للباحثين في الاوضاع العسكريه العربيه في تلك الفتره ،
واما عن علاقة الجيوش العربيه بالسياسه ، فانه يحلل دور الجيوش العربيه وانغماسها في السياسه بحيث انحرفت عن واجبها الاساسي وتورطت في ميدان لا خبرة لها فيه بحيث افسدت المناخ السياسي ، وكانت سببا اساسيا في هزيمة عام 1967 التي كانت كارثة على الامه العربيه لا زلنا نعاني من اثارها وارتداداتها حتي الان . ان توالي الانقلابات العسكريه واقحام العسكر في السياسه ، جعلت من الاعتماد على الضابط او الجندي يستند الى موقفه السياسي وليس استنادا على مقدرته وكفاءته ، وبالتالي فقد تركز تدريب الجيوش على اللون السياسي بدل التركيز على تدريبه على السلاح والتعبئه العسكريه .
ميدان العقل والخلق
واما في ميدان العقل والخلق في مدرسة وصفي التل ودورهما في معاركنا ، فان وصفي يقول: انا مقتنع اقتناعا عميقا ان هزائمنا المتتاليه في معارك فلسطين ومنذ بداية المواجهه مع الحركه الصهيونيه تعود في معظمها الى دخولنا كافة معاركنا بدون تخطيط واعداد واعتمادا على الارتجاليه ، وكذلك اختلاف الآراء والمواقف حول النظر للخطر الصهيوني ، فهناك الآراء التي تنتظر النصر على يد منقذ من خارج الامه ، وهناك مواقف الذعر التي تصور الاعداء على انهم جبابره ، ومواقف خداع النفس واطعام الجوز الفارغ ، وهناك الذين يطالبوا ان نلدغ من نفس الجحر مرتين ، وهناك المواقف التي تغطي الانهزاميه والفرار، اما بالتسويف او بادعاء التعقل والحكمه ، ومواقف الوصوليه والانتهازيه ، ومدارس الاقتباس الاعمى ونسخ الكربون .
المنهجيه السياسيه
واما عن المنهجيه السياسيه في مدرسة التل الفكريه فانه يقول : انا لا اعرف الاعيب السياسيين في المراوغه في المبدأ ، ومن واجبي ان اخدم الناس وان اقول لهم الحقيقه سواء صفقوا ام لم يصفقوا ، انني اعتقد اننا في مرحله نمو سياسي ، وكل من يحاول ان يرى ابعد للامام يتعرض في اغلب الاحيان الى التشكيك والمزايده .
العلاقه ما بين العروبه والاسلام
واما عن ارائه في موضوع العلاقه ما بين العروبه والاسلام والتي ما زالت مفتوحه للنقاش للان وتمثل تحديا فكريا وسياسيا للتيارات القوميه والاسلاميه فان وصفي يقول وانطلاقا من فهم عميق لهذه العلاقه العضويه والتاريخيه : ان الاسلام هو اساس القوميه العربيه وان اية دعوه تحاول الفصل ما بين العروبة والاسلام هي دعوه غريبه عن المفهوم الصحيح للقوميه العربيه ، كما ان مفهوم القوميه العربيه في بعده المجرد المنسلخ عن بعده الاسلامي هو اضعاف للكيان العربي والعالم العربي تجاه الاخطار التي تهدده فان هذا البلد الذي يرأسه ملك هاشمي وراءه تاريخ آل البيت الطويل في احتضان العروبه والاسلام عليه مسؤوليات كبيره ، وكذلك فان ارتكاز الاردن على ركني العروبه والاسلام الوسطي تضع عليه مسؤوليات كبيره في جميع الاتجاهات سواء في الداخل او في الخارج .
البعد الوطني
واما موقف وصفي في الموضوع الوطني وبخاصه دعاوى الإقليمية ، فقد قال في مؤتمر صحفي له في تشرين الثاني عام 1970 ، انا اردني اعتز وافتخر بانني عربي اردني ، واعتقد ان اهل الاردن من احسن العرب ومن اكثرهم وعيا واشدهم وطنيه ، وانا اعتز بهم لآنهم ابعد الناس عن الإقليمية بحكم تاريخهم وموقعهم الجغرافي ، ولا توجد عائله او عشيره في الاردن الا وضحت وسقط منها شهداء في سبيل فلسطين . الإقليمية ليست معروفه عندنا في الاردن ، فنحن جزء من العالم العربي وان وجودنا كدوله قام على اساس الوحده وتربيتنا البيتية تربيه لا اقليميه . وللإحاطة بكافة جوانب شخصية وصفي التل السياسي المحنك والعسكري الشجاع والاداري الفذ فلا بد للحديث من صله .


.
..

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012