30-11-2010 05:51 AM
كل الاردن -
هل المفاعلات النووية آمنة؟
أكسيد اليورانيوم هل هو ثروة أم ورطة؟
يمتاز الأردن بشعبه فجميع أبنائه يحبونه و يهتمون به و يدافعون عن مصلحته و مقدراته و يسعون للرقي و النهوض به في جميع مناحي الحياة. و ها هم قد بدؤوا بتحقيق غايتهم و مبتغاهم؛ فعلى الصعيد العربي أصبح الأردني نموذجاً للشرق الأوسط، حيث أصبحنا قدوة للدول المحيطة يراقبون انجازاتنا و يحاكونها في أي مجال نتقدم به. و على الصعيد الداخلي يتفاخر الأردنيون بكونهم قادرين على توجيه انتقاداتهم لأي جهة رسمية لا تقوم بواجباتها الموكلة إليها على النحو الأمثل. فنحن شعب يسعى إلى الكمال و لا شيء سوى الكمال لذا لم و لن ننفك عن توجيه الإنتقادات البناءة.
نعم نحن الأفضل، و لكن هل نتعامل مع جميع أمورنا الحياتية بطريقة مثلى؟ هل نرتكب الأخطاء؟ هل نتعلم من أخطاء الآخرين أم نحن مؤمنون بقدرتنا على التفوق على أنفسنا و غيرنا و حل جميع المعضلات التي تواجهنا؟ هل نتبع الأسس العالمية بتعاملاتنا اليومية؟ هل نحن شعب يسعى أكثر من غيره على لتطوير لذاته؟ هل نقرأ لنتطور؟ هل نقرأ كتيب التعليمات الموجود داخل العبوات الجديدة؟ لقد قمت بتركيب جهاز حاسوب محمول جديد و قام مهندس الحاسوب بإلقاء جميع الأوراق و الكتب المرافقة للجهاز في القمامة أمام عيني مشيراً إلى أنه على دراية كاملة بمضمونها و أنني لست بحاجة لها مطلقاً!. حتى هذه اللحظة لم أستلم أي كتيب تعليمات من أي فني و لم يخبرني أحدهم يوماً ' عليك قراءة هذا الكتيب و الاحتفاظ به'.
لا زلت أتذكر جيداً ذلك الحادث الأليم الذي وقع في رأس العين قبل عدة سنوات عندما انقلب صهريج ينقل البنزين في الشارع نتيجة تلف في الكوابح، اشتعلت النيران وأحرقت عشرين سيارة أخرى و سائقيها. هل كان هناك تحقيقاً عن عطب الصهريج و علاقته بالمعايير و المقاييس في مصفاة البترول بعد الحادث؟ قد يكون هناك العشرات من المدراء الذين فقدوا و ظائفهم جراء هذا الحادث في مصفاة البترول بسبب عدم الالتزام باجراءات السلامة العامة. أنا لا زلت أنتظر أن يخبرني أحدهم عن هذه الحقائق.
ما هي الطاقة النووية؟
نحن بحاجة أن نعرف ما هي الطاقة النووية؟ و ما هو التفاعل النووي؟ فهذا الموضوع بالنسبة لنا ليس أكثر من شيء سمعنا عنه في تلك البلاد البعيدة. أما الآن فهي حقيقة تتداولها الأنباء في الأردن. ها نحن نسير إلى عصر جديد؛ عصر الطاقة النووية بين ليلة و ضحاها.
المفاعلات النووية ليست دوائر حكومية نستطيع نقدها و تصويب وضعها؛ إنها تنظيم من مئات الموظفين الذين يتوخى عليهم العمل بدقة و براعة و مهنية عالية تصل إلى 101% من المثالية و بدون أخطاء، يجب على جميع الكوادر بدون استثناء العمل وفقاً للمعايير و المقاييس المذكورة في كتيب التعليمات في كل دقيقة بل في كل ثانية؛ فليس هناك مجال للارتجال و الاجتهاد، لا مجال لحدوث أي خطأ، لا مجال للتأجيل، لا مجال لأي شيء سوى العمل وفقاً للمعايير و المقاييس؛ إنها الطاقة النووية التي تؤدي إلى كارثة جراء أي فعل خارج الأسس و المعايير مهما كان بسيطاً.
يجب علينا جميعاً أن نعلم أنه لا يمكن أبداً العمل خارج إطار المعايير و المقاييس في المفاعلات النووية، و على جميع العاملين داخل هذه المنشأة العلم بأن كل ساعة و كل لحظة هي حاسمة، و إن حدوث أي خطأ مهما كان متناهي الصغر (بقصد أو من غير قصد) فإننا سندفع جميعنا الثمن (شئنا أم أبينا) و نعيش في منطقة ملوثة بالإشعاعات النووية المسببة للأورام الخبيثة لمئات السنين بل لألاف السنين. و لجميع الذين لا يعلمون عن النظائر المشعة فإن بعض هذه النظائر مثل اليورانيوم 238 يصل عمره النصفي إلى 4.47 بليون سنة بينما الثوريوم 230 يصل عمره النصفي إلى 8000 سنة. ببساطة الإشعاعات النووية تعني الأورام الخبيثة و الموت لك و لغيرك.
الدكتور خالد طوقان عالم أردني له كل الإحترام يحلم بأن يصبح الأردن بلداً متطوراً جداً و يطمح لأن يحول الأردن ليصبح نموذجاً للطاقة النووية في الشرق الأوسط. و لكن أولاً دعونا نناقش هذه القضية بشفافية عالية لنرى إن كان يتوجب علينا العبوس أم المرح أمام هذا الحلم؛ حلم استخدام الوسيلة الأخطر للحصول على الطاقة لاستخدام الوسيلة الأخطر من الطاقة؛ ألا و هي الطاقة النووية.
أكسيد اليورانيوم هل هو ثروة أم ورطة؟
في الواقع أكتشف توفر أكسيد اليورانيوم في الأردن منذ منتصف القرن الماضي و قد تم الإعلان مؤخراً بأن المخزون الإحتياطي منه هو سبعين إلى ثمانين ألف طناً، و هذا المخزون الضخم يصنع مالاً و فيراً في السوق العالمية (جريدة الرأي؛10/5/2009). الحكومة و الجيولوجيون متتوقون لاستخراج اليورانيوم و بيعه (كم هو عظيم أن تقود سيارتك جنوباً باتجاه العقبة و تستمتع بالنظر إلى التلال الناتجة عن تعدين الفوسفات و سيكون المنظر أكثر جاذبية بعد البدء بتعدين اليورانيوم.....).
سأل الدكتور فهد الفانك معالي الدكتور خالد طوقان عن مصدر النقود اللازمة لبناء الأربع مفاعلات النووية التي أعلن عنها (جريدة الرأي؛ 28/3/2010) فكان جواب وكالة الطاقة الذرية الأردنية في اليوم التالي (جريدة الرأي؛ 29/3/2010) بأن هذا المشروع ' لن يكلف الأردن قرشاًَ واحدًا 'َ فكان جواب الفانك في اليوم التالي 'بأن ذلك مستحيل'.
فهل سيتكلف الأردن أم لا؟
دعنا نقوم ببعض العمليات الحسابية لنعرف لماذا صرحت وكالة الطاقة الذرية الأردنية بأن هذا المشروع 'لن يكلف الأردن قرشاًَ واحداً'، لنعمل هذا علينا أن نتكهن مضمون العقد المبرم بين الحكومة الأردنية و أريفا الفرنسية لتعدين اليورانيوم في منطقة سواقة (50 كيلو متراً جنوب عمان).
سعر الباوند الواحد من أكسيد اليورانيوم (وفقاً لموقع البحث الإلكتروني جوجل) حوالي 50 دولاراً أي أن سعر الكيلو غرام الواحد هو 110 دولارات.... سعر الطن هو 110 آلاف دولاراً. في 1/4/2010 أعلن الدكتور خالد طوقان بأن أريفا الفرنسية ستستخرج 2000 طناً سنوياً من أكسيد اليورانيوم و بحسبة بسيطة فإن الثمن هو 220 مليون دولاراً سنوياً.أي أنه في غضون خمس إلى ست سنوات ستستخرج أريفا الفرنسية ما يقارب البليون دولاراً و التي أشعر أنها كافية لتكون دفعة أولى بالحساب على قيمة المشروع لبناء مفاعل يعمل بالطاقة النووية. و إذا ما استمرينا على هذا المنوال فإن مخزوننا سيتلاشى في غضون أربعين عاماً ( المخزون المقدر هو 80 ألف طناً و الكمية المستخرجة سنوياً هي 2000 طناً و بقسمة المخزون على الكمية المستخرجة سنوياً فإن الأربعين عاماً كافيةً لنفاذه تماماً).
هل تعدين اليورانيوم آمن؟
بالتأكيد لا، حيث ينتج عن عملية التعدين كمية وفيرة من الغبارالذي سيتطاير و ينتقل من مكان إلى آخر حاملاً معه أكسيد اليورانيوم الذي قد ينشطر إلى نظائره المشعة (بولونيوم و ثوريوم) و التى تنتج غازات مشعة (الرادون) تفتقر للألوان و الروائح. جميع هذه العناصر تسبب السرطان!!
بعض النشطاء المؤيديين للبيئة يحاجون بأنه من الأفضل عدم العبث بالأرض و تخريبها و إزالة ألاف الأطنان من التربة للوصول إلى اليورانيوم الذي سينتج عنه أكواماً من الحصى و الصخور و الرمال المحملة بنسب متفاوتة من اليورانيوم و العناصر المشعة الأخرى، و هذه الأكوام يجب أن تحرس أربع و عشرين ساعة يومياً إلى أن يتم تصريفها بشكل آمن و إلا سينتهي بها الأمر إلى أن تستخدم هذه الحصى لبناء منازلنا أو لتعبيد شوارعنا ، كم أنا غير متتوق لأن ألعب الكرة مع أطفالي على شارع مشع!. و من ناحية أخرى ما هي المواد المستخدمة في استخراج هذا اليورانيوم (الآمن)؟ حتماً إنها مواد سامة مختلفة ستستخدم لاستخراجه تاركةً خلفها بركاً و بحيرات من المخلفات التي ستتسرب إلى المياه الجوفية بفعل الطبيعة أو الأمطار، وعندها قد يغذى بئر مياه جوفية قريب من مناطق التعدين بهذه المياه الممزوجة باليورانيوم . سيكون ظريفاً جداً أن تكتشف أن حبات البندورة الصحراوية اللذيذة التي استمتعت بها قد رويت بمياه ممزوجة باليورانيوم!.
هل المفاعلات النووية آمنة؟
حتماً ستكون إجابتنا جميعاً لا. لا شيء آمن على الإطلاق ، ما دام هناك تدخل من العنصر البشري لا بد من وقوع أخطاء و لكن بعض هذه الأخطاء قد تدوم طويلاً لآلاف السنين. لذا دعونا نفند الحجج التي أعلن عنها مؤيدو الطاقة النووية لدعم مشروعهم كلاً على حدا:
أولاً: 'يزخر الأردن بمواطنيه المؤهلين علمياً، و قد تم ابتعاث العديد منهم خارجاً '
في واقع الأمر نعم؛ فالأردنيون يتمتعون بكفاءة عالية، و لكن هل ثقافتنا هي ثقافة العمل و فقاً للأسس؟ هل نشأنا على اتباع و التقييد بالبروتوكولات و المقاييس؟ كم من المنشآت الأردنية تم تكريمها دولياً على عملها المتميز و فقاً للمعايير و المقاييس أو الأسس المدونة؟ هل يعرف أي منا لماذا كسرت الرافعة المستخدمة في مشروع بوابة عمان؟ و من هو المسؤول عن هذه الرافعة و هل هي رديئة منذ البداية أم تم تحميلها بضعف الحمولة المقررة لها؟ هناك العديد من الأسئلة للمئات من الأخطاء اليومية التي يجب أن نتأكد من التزام مرتكبيها بالمعاير و المقاييس آملين بأن لا تكون ناتجة عن أخطاء بشرية. هل نريد أن نجرب إذا ما كنا قادرين على الالتزام بالمعايير و المقاييس بالنسبة للطاقة و النفايات النووية؟ بالنظر إلى تجربة الكوريين - الذين أبرموا عقداً لإنشاء معهد للأبحاث النووية في جامعة العلوم و التكنولوجيا- فقد تعرضوا للعديد من الحوادث و الكوارث النووية . (http://news.bbc.co.uk/2/hi/asia-pacific/465858.stm)
سأكون آخر من يدافع عن هذا المشروع فأنا غير مستعد اطلاقاً أن أشهد إجلاء آلاف المواطنين بعيداً عن محيط منطقة ما ( الإجلاء من التلوث المشع يكون بمساحة دائرة نصف قطرها 10 كم) في ربوع هذا الوطن الحبيب تلوثت بسبب حادث نووي لمئات أو آلاف السنين لمجرد خطأ بشري ناتج عن عدم الالتزام بالمعايير و المقاييس. تبعاً لإحدى الحوادث التي وقعت في اليابان و التي تسببت بموت العديد قرر اليابانيون التدقيق في جميع المفاعلات النووية في بلادهم وأشارت هذه التدقيقات إلى أن جميع الوثائق كانت مزورة و أنهم تبنوا بروتوكولات خاصة لراحة عملهم بدلاً من المدونات و الأسس الرسمية و التي أدت إلى عدة أزمات و كوارث نووية. (http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/2/hi/asia-pacific/6903146.stm)
ثانياً: الأردن و الهزات الأرضية.
وفقاً للسويسريين فإن الأردن سيكون من أكثر الأماكن عرضة للهزات الأرضية في المنطقة كل مئة عام و ذلك بسبب موقعها الجغرافي ضمن حفرة الانهدام؛ وهي منطقة ذات نشاط زلزالي عنيف.
(http://www.swiss-cooperation.admin.ch/jordan/en/Home/SDC_Programmes/Disaster_Risk_Reduction/Seismic_Hazard_Maps)
يعتقد مؤيدو الطاقة النووية بأنهم قادرون على بناء منشآت مضادة للصدمات و قادرة على تحمل الهزات الأرضية و سيلجؤون إلى اليابانيين في هذا الأمر - كونهم يشاركون وطننا معاناته في التعرض للهزات الأرضية- و ذلك لتجنب تبعاتها. في مقالة عن مخاوف اليابانيين من الطاقة النووية كتبت ال ب.ب.س في 17/7/2007 بأن التشريعات اليابانية تنص على أن تكون المنشآت النووية قادرة على تحمل هزات أرضية بقوة تصل إلى 6.5 درجة على مقياس ريختر و لكن الزلزال الذي ضرب المحيط الهندي في 12/2004 كان بقوة تزيد عن تسع درجات- من المستحيل أن تقدر قوة الزلازال - و في عام 2007 ضرب اليابان زلزال بقوة 6.8 درجة على مقياس ريختر مما تسبب بإغلاق واحداً من أهم المفاعلات النووية و تسرب 400 برميل من النفايات النووية إلى البحر (و لحسن حظهم أن بحرهم مفتوح و ليس خليجاً مغلقاً).
(http://www.moneyweek.com/news-end-charts/economics/earthquakes-threaten-japans-nuclear-plants.aspx)
ثالثاً: و هذا البند بشقين أولهما: إن الأردن بحاجة إلى خليط من الطاقة و ذلك لتقليل الاعتماد على البترول كمصدر رئيسي للطاقة. ثانيهما (و هو المفضل لدي): أن الطاقة النووية هي طاقة نظيفة كونها لا تنتج الكربون.
إن المفاعلات النووية المرتقبة بحاجة إلى ضخ مياه البحر الأحمر من العقبة 10- 15 كيلو متراً شرقاً و بناء محطة لتحلية مياه البحر هناك و استخدامها لغايات تبريد المفاعلات النووية – كون المفاعلات لا تبرد بالماء المالح - (و هذه المحطة ستكلفنا ما يقارب 250 مليون دولاراً) ياللعجب أول محطة لتنقية المياه في الأردن سيتم استغلالها لتبريد المفاعلات النووية بدلاً من أن تروي ظمأ الأردنيين العطشى!. إنني أتساءل: لماذا لا ننفق هذه الأموال لبناء القناة التي ستصل بين البحر الأحمر و البحر الميت و الاستفادة من الطاقة الهيدروليكية الناتجة عن انحدار المياه بدلاً من إنفاقها لإنتاج الطاقة النووية؟ يجادل بعض الخبراء بأن مشروع البحرين بحاجة للقليل من الطاقة لضخ مياه البحر الأحمر 150 متراً صعوداً حتى تصل إلى المنحدر البالغ 420 متراً و الذي سيعمل على تشغيل المضخات طبيعياً.
أنا متأكد أنكم تتساءلون مثلي هل نحن بحاجة مزيج الطاقة؟ إن مشروع شمس معان الذي أعلن عنه حديثاً للاستفادة من الطاقة الشمسية يشير إلى أنه سينتج 100 ميغاوات (و يمكن أن تمتد إلى 165 ميغاوات) بقيمة 400 مليون دولاراً (جريدة الرأي؛ 23/5/2010) فإذا استخدمنا الحسابات مرة أخرى فإننا لسنا بحاجة إلى تلك الاتفاقية مع الكوريين لبناء معهد الأبحاث في جامعة العلوم و التكنولوجيا بقيمة 130 مليون دولاراً لإنتاج فقط 5 ميغاوات. و بالحساب أيضاً فإن استثمار 4 بلايين دولاراً للاستفادة من الطاقة الشمسية بدلاً من الطاقة النووية سينتج ما يقارب 1000 ميغاوات (و يمكن أن تمتد إلى 1650 ميغاوات) بينما الطاقة النووية ستنتج 400 إلى 1200 ميغاوات تبعاً للنظام المستعمل في بناء المفاعل، علماً بأن استهلاك الأردنيين وصل هذا العام إلى 2500 ميغاوات في كل ساعة و هذا يعني أن الطاقة الشمسية قد تكون كفيلة بها.
دعنا أيضاً نتحدث عن طاقة الرياح، يتميز الأردن بواديه الذي يشهد رياحاً سريعة تهب من الضفة الغربية على نقاط مختلفة من الشمال إلى الجنوب. الفجيج مشروع طواحين الهواء في الشوبك أعلن عن قدرته على إنتاج 100 ميغاوات بقيمة 100 مليون دولاراً. و هنا مرة أخرى فإن الحسابات تخبرنا بأنه إذا كان عندنا 10 مشاريع طواحين هواء مماثلة لمشروع الفجيج فإننا سنحصل على1000 ميغاوات بتكلفة بليون دولاراً بدلاً من 5 بلايين دولاراً ثمناً لمفاعل نووي ينتج ما معدله 1000 ميغاوات. بالنظر إلى طاقة الرياح و الطاقة الشمسية فإن التجهزات و الاعدادات اللازمة لانتاجهما بسيطة بالمقارنة إلى الطاقة النووية التي تحتاج إلى العديد من التجهيزات و الاعدادات لإنتاجها. منشأة تيوليسودين فوميا بفنلندا ابتدأ العمل في إنشائها عام 2003 لا تزال قيد الإنشاء و من المحتمل أن ينتهي العمل بها في عام 2012. أما بالنسبة إلى المفاعل على ساحل نورماندي الفرنسي المملوك لأريفا فقد أوقف بناءه تماماً بسبب قضية في المحكمة مدعومة بوثائق مسربة تثبت أن تصميم هذا المفاعل فشل في الالتزام بمعايير السلامة.
إن ما يقلقني حقاً هو علمي بأن الدول المتقدمة لا تخطط لبناء إلا بضع منشآت نووية جديدة (هناك فقط ثلاث منشآت نووية مخطط لبنائها: واحدة في الولايات المتحدة الأمريكية و الثانية في فنلندا و الثالثة في فرنسا). بينما يطمح الإتحاد الأوروبي بمشروعه ديزرتك إلى استئجار مساحات شاسعة من الأراضي في شمال إفريقيا بتكلفة 400 بليون يوروً للاستفادة من الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء و نقلها لدولهم عبر البحر الأبيض المتوسط. إذا كان هذا المنحى الذي تتجه نحوه الدول الأوروبية فلما لا يكون توجهنا نحن أيضاً؟
في الموسوعة العلمية الويكيبيديا هناك قسم مخصص يناقش كفاءة التكنولوجيا الشمسية لإنتاج الطاقة في الفترة الواقعة بين 2005 و2010 حيث تغيرت الكفاءة العملية للتكنولوجيا الشمسية لإنتاج الطاقة بشكل واضح من 17% قبل خمسة أعوام إلى 42% حالياً مع استخدام ألواحاً بخلايا من بلورات السيليكون (ومن يدري فقد تصل إلى 85% في عام 2015). و في مقالة نشرت في 26/7 عن البيئة و الطاقة أشارت إلى أنه كانت تكلفة إنشاء مفاعل نووي تصل إلى 3 بلايين دولاراً في عام 2002 وهي بتزايد مستمر في عصرنا الحالي و قد تصل إلى الضعف أو الضعفينن.
رابعاً: إصرار علماء الطاقة النووية على موضوع أمان الطاقة النووية و كفاءتها فوق طاقة الرياح و الطاقة الشمسية.
أولاً من ناحية أن المفاعلات النووية آمنة: يبرر العلماء ذلك بكونهم سيقومون بإنشاء مفاعلات نووية ذات جدران قوية و تبعاً لذلك ستكون آمنة، و لكن هناك حادثتين ( حادثة تشرنوبل و حادثة ثري مايل إيلاند) حصلتا في دول متقدمة يتميز قانتيها بعملهم و التزامهم بالمعايير و المقاييس هما الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا، فقد أدت بعض التجارب في تشرنوبل عام 1986 إلى انفجار ضخم وصل قذف غباره المشع إلى إيرلندا ( إلى الآن لم يعلم عدد القتلى من الأوكرانيين عقب الانفجار حيث تم إجلاء 43 ألفاً بعد 30 ساعة من الإنفجار) بينما شهدت ثري مايل إيلاند عام 1978 و عام 2009 تسرب للمواد المشعة. إن أعظم الشركات في العالم رغم التزامها بالمعايير و المقاييس قد ترتكب أخطاء جسيمة تؤدي إلى حدوث كوارث نووية.
خامساً: الأردن بلد آمن و مستقر لبناء مفاعل نووي.
لا أحد يضمن ذلك فجميعنا يذكر تلك التفجيرات الإرهابية التي قصدت فنادقنا، و أيضاً صواريخ الكاتيوشا التي سقطت في العقبة و أودت بحياة جندي أردني في عام 2005، و كذلك قذيفة غراد التي ألقيت بالقرب من مستودع في نيسان من هذا العام و أيضاً الصاروخ الذي سقط على بوابة أحد الفنادق في العقبة. إنني لا أريد أن أتخيل ما سيحدث لو أن أحد هذه الصواريخ سقط على مفاعل نووي أو على شاحنة مملوءة بالنفايات النووية، بينما لا آبه إن سقط على طاحونة هواء أو خلايا شمسية؛ فكلاهما يمكن تعويضه في غضون أسابيع أو أشهر و لن ينتج عنهما أي ضرر بيئي و لكن كيف سيكون الأمر مع المفاعل النووي؟!
مزيج الطاقة:
إذا كانت الوكالة الذرية للطاقة النووية مصرة على إيجاد خليطاً للطاقة بدلاً من الاعتماد الكلي على البترول و الطاقة الأحفورية و ترى أن الاعتماد على القناة الواصلة بين البحر الأحمر و العقبة غير عملي فإن طاقة الرياح و الطاقة الشمسية كافيتان و هما الحل الأسلم للوطن.
إننا أبناء هذا الوطن المعطاء غيورون على مصلحته و النهوض به و حريصون أيضاً على أمنه و سلامته. و انطلاقاً من مفهوم كلنا الأردن نرى من واجبنا نحن أن ندافع عن مقدراته و أن نلفت عنايتكم إلى الخطر الكامن وراء هذه التي ستقودنا إلى حافة الهاوية و اتخاذ القرار الصائب الذي سينصب حتماً في مصلحة وطننا الأردن و سيحافظ على مركبنا الآمن من كوارث نووية.
إنني أتمنى أن لا أشاهد أحدهم يعاني من آلام السرطان و لا أن يموت بسبب هذا المرض اللعين – لقد أحسست هذه المعاناة؛ فقد فقدت شقيقي نتيجة إصابته بسرطان البنكرياس- من هنا فإنني أناشدكم جميعاً أبناء هذا الوطن أن تدعمونا و تقفوا إلى جانبنا لإقناع حكومتنا بالتنازل عن تبني هذه المفاعلات النووية. لذا أرجو منكم:
أولاً: مخاطبة دولة رئيس الوزاراء و إعلامه بتأييدنا للطاقة النظيفة عوضاً عن الطاقة النووية.
ثانياً: أقنع النائب الذي يمثلك بضرورة تأييد مشاريع الطاقة النظيفة.
ثالثاً: تحدث و ناقش موضوع الطاقة و مستقبله في الأردن مع أصدقائك و أقاربك. أراهن بأن هذا الموضوع لم يطرح في أي مجلس من المجالس الخاصة.
رابعاً: إذا كنت ممن يحبون الكتابة فاكتب مقالة عن هذا الموضوع و أرسلها إلى جريدتك أو مجلتك المفضلة.
خامساً: إذا كنت تعرف أي شخص مسؤول في الحكومة فتحدث معه بهذا الموضوع و بين له وجهة نظرك.
عبّر عن رأيك لتجد من يسمعك و إلا ستبقى آراؤك و أفكارك سراباً طي النسيان !!
JordanGoGreen 20/8/2010