أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


العدوان يكتب...في رثاء الفارس الذي فقدناه

بقلم : موسى العدوان
05-11-2016 11:51 AM

*أخذ جلالة الملك حسين بتوصية رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي أيده به بعض رجال السياسة، ورفض المشاركة بالتحالف الثلاثيني على العراق، الذي كان يهدف في ظاهره المصلحة العربية، وفي باطنه عودة الاستعمار المقنّع، وتفتيت الدول العربية ونهب ثرواتها.

 

بعد حياة حافلة بالعطاء للوطن وللقوات المسلحة الأردنية، امتدت لما يزيد على أربعين عاما، ترجل المشير فتحي أبو طالب من فوق صهوة الحياة، يوم الخميس الموافق2016 / 11 / 3. لقد شغل الفقيد خلال خدمته العسكرية العديد من المناصب الهامة في القوات المسلحة كان من أهمها: قائدا للفرقة المدرعة الخامسة، مساعدا للاستخبارات للقائد العام للقوات المسلحة، رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، وختمها بعد التقاعد كعضو في مجلس الأعيان.

لقد عرفت المشير فتحي عن قرب، ابتداء من عام 1976 وحتى إحالته على التقاعد عام 1993، من خلال الوظائف التي تقلدتها في تلك الفترة، سواء كانت في المناصب القيادية المختلفة أو في دوائر القيادة العامة، والتي كان آخرها منصب مساعدا رئيس الأركان للقوى البشرية. ورغم أن علاقتي الرسمية معه كان يشوبها شيء من التوتر والاختلاف في بعض الرؤى لبعض القضايا العسكرية، إلا أن ذلك لم ينتقص من احترامي وتقديري له كضابط أعلى، يقف في قمة الهرم القيادي للقوات المسلحة الأردنية.

كان فتحي يتمتع بشخصية قيادية عسكرية فذة، تفرض احترامها على كل من تعامل معها، سواء كان عسكريا أم مدنيا. وكان أشد ما يكون حريصا على مصالح القوات المسلحة، ومتابعة ما يجري في فروعها المختلفة بدقة متناهية، انطلاقا من خبرته في مجال الاستخبارات العسكرية وتجاربه القيادية الأخرى.

ومن صفاته الشخصية أنه كان هادئا وصبورا يعالج الأمور بحكمة وبعد نظر، ويتخذ القرارات الصائبة بعد تفكير عميق، منصفا للآخرين ويعطي كل ذي حق حقه، يجمع بين صفتي الحزم واللين حسب الوضع الذي يفرضه الموقف. وبفعل شخصيته المؤثرة، فقد حافظ على هيبة القوات المسلحة ومكنتها المرموقة، ولم يسمح لأي كان بالتدخل في أمورها سوى جلالة قائدها الأعلى.

كان للمشير فتحي مواقف وطنية كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ولكنني سأذكر موقفا وطنيا واحدا، كنت شاهدا عليه، وهو كالتالي : في عام 1991 وعندما حُشدت جيوش التحالف الثلاثيني، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في عاصفة الصحراء، لإخراج القوات العراقية بالقوة من الكويت، استشار جلالة الملك حسين طيب الله ثراه، رئيس هيئة الأركان المشتركة المشير فتحي أبو طالب في الانضمام إلى قوات التحالف، استجابة لضغوط الولايات المتحدة وبعض الدول العربية. فكان رأي أبو طالب أن لا نشارك بهذه الحرب قائلا :

جلالة الملك . . منذ سنوات عديدة ونحن نقف إلى جانب العراق، باعتبارها البوابة الشرقية في الدفاع عن الأمة العربية في وجه المد الإيراني، وكنت أحد الذين أطلقوا قذائف المدفعية العراقية ضد من هاجموا القوات العراقية، ومن غير المعقول أن نشارك اليوم في الهجوم على العراق أو على أي دولة عربية، أو حتى أن نسمح لأي جيش ينوي استخدام الأراضي الأردنية كممر للحرب على العراق. لأننا إن أقدمنا على ذلك، سنكون بموقف حرج ونفقد ثقة مواطنينا في الداخل. فانسحاب القوات العراقية من الكويت، يمكن أن يعالج بالوسائل السياسية، ومن خلال جهودكم في هذا المجال مع إخوانكم القادة العرب.

أخذ جلالة الملك حسين بتوصية رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي أيده به بعض رجال السياسة، ورفض المشاركة بالتحالف الثلاثيني على العراق، الذي كان يهدف في ظاهره المصلحة العربية، وفي باطنه عودة الاستعمار المقنّع، وتفتيت الدول العربية ونهب ثرواتها. أدى هذا الموقف الأردني القومي إلى غضب الرئيس بوش الأب وقادة بعض الدول العربية.

صحيح أننا واجهنا إثر ذلك ضغوطات كبيرة من الأمريكان وغيرهم، وعانينا من الحصار وقطع المساعدات المالية عن بلدنا من الطرفين، ولكننا سجلنا موقفا قوميا مشرّفا ستذكره الأجيال القادمة بكل فخر واعتزاز. وهكذا حظي أبو طالب باحترام وتقدير جلالة الملك حسين في ذلك الحين.

وختاما أقول : أن المشير فتحي أبو طالب عاش عسكريا محترفا ونظيفا، لم تلوث المادة نفسيته أو يديه، ولم ينظر إلى الصغائر وامتلاك القصور، وحافظ على هيبة ومكانة القوات المسلحة داخليا وخارجيا، ورحل عن الدنيا حاملا حب الأردن وشعبه في قلبه الكبير. ولا يسعنا في يوم وداعه إلا أن ندعو له بالرحمة، وأن يجزيه الله عنا وعن الوطن خير الجزاء ويسكنه فسيح جناته.

التاريخ : 2016 / 11 / 5


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-11-2016 03:50 PM

اخي ورفيق السلاح موسى العدوان لافض فوك فجيشنا العربي الاردني البطل له ميزة عن كل جيوش الوطن العربي فهو عصي على الكومبرادور واللامبالاة وعدم الكفائة فكل الجيوش العربية لم تسلم من امراض الاهمال والبيروقراطية والكومبرادور الا جيشنا النشمي الغانم

2) تعليق بواسطة :
05-11-2016 06:44 PM

لا فض فوك يا باشا ويكفي هذا الفارس الذي ترجل فخرا انه لا يختلف اثنان على صدق انتمائه للوطن وحرصه على مصلحة القوات المسلحة وعزتها وابعادها عن اية تجاذبات او مصالح شخصية سواء كانت هذه المصالح له او للمحيطين به او لاي كان ولذلك كنا نراه ابعد ما يكون عن الاعلام ولم يكن يتعامل مع الوصوليين والمطبلين والمزمرين وغيرهم من المنافقين لان صورته اصلا جميلة ناصعة لا تحتاج لاي منهم واعماله هي التي تتحدث عنه وعن نفسها .... رحمه الله واسكنه فسيح جناته.

3) تعليق بواسطة :
06-11-2016 01:32 AM

اشكرك يا باشا على المقال الرائع ..سيدي توجد شخصيات وطنية خدمت في السلك المدني وشخصيات خدمت في السلك العسكري ..تلك الشخصيات سواء كانت مدنية او عسكرية لايمكن ان تمحى من ذاكرة الاردنيين الملك طلال الملك حسين وصفي التل هزاع المجالي عبد الحميد شرف مشهور حديثة الجازي فتحي ابوطالب

4) تعليق بواسطة :
06-11-2016 08:30 AM

رثاء كبير من كبير لكبير

5) تعليق بواسطة :
07-11-2016 12:12 AM

خالد هجهوج المجالي

6) تعليق بواسطة :
07-11-2016 11:08 AM

تحية للباشا أبا ماجد على وفائه لكل من قدم لهذا الوطن فهذا ديدن الأوفياء وهم قلة في زمن الجحود والنكران ورحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه وإنا لله وإليه راجعون .

7) تعليق بواسطة :
08-11-2016 05:52 PM

شكرا لعطوفة اللواء الركن موسى باشا العدوان هذه الاضاءة الواضحة لشخصية فقيد الجيش العربي الكبير المشير فتحي ابو طالب رحمه الله وانا لله وانا اليه راجعون

8) تعليق بواسطة :
08-11-2016 10:51 PM

معالي الاح موسى بك عدوان يسلم فلمك وما حطته يمبنك غن المشيرابوطالب رحمه الله واتمنى عليك إنصاف رفيق سلاحك المشيرالقائدالشهيد سعدصايل عضواللجنةالمركزيةلقوات العاصفةوالذي عرفتم مواقفه الباسلة ابان حزيران 67 والاستنزاف على الجبهةالاردنيةوصولالصموده الاسسطوري في بيروت خلال الاجتياحخاصةوان الكتيير من مقالاتكم تتجه للتواريخ العسسكرية وسيرات الششهداء

9) تعليق بواسطة :
09-11-2016 10:04 PM

رحمه الله رحمة واسعة لكل زمان دوله ورجال وايضاً هناك رجال حافظوا على الوطن في زمن لا اعتقد بانه مر او سيمر مثله

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012