أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


فيشيه ألأنظمة والتيارات والأحزاب العربية
02-02-2012 08:55 AM
كل الاردن -

alt

 عبدالحليم المجالي


تابعت كمواطن عربي مداخلات العرب في جلسة مجلس الأمن التي عقدت بتاريخ 31 كانون ثاني – فبراير في نيو يورك للبحث في الحالة السورية , وكان أول المتحدثين الشيخ حمد رئيس وزراء ووزير خارجية قطر , وأعلن انه سيتحدث بالعربية , تلاه مباشرة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي , وتحدث بالعربية أيضا , الوزير والأمين العربيان قدما مبادرة عربية وطلبا من مجلس الأمن تبنيها والتدخل لحماية المدنيين من بطش النظام السوري حسب أدعائهما . كان من الممكن أن يتكلم شخص واحد طالما أن المضمون للكلمتين واحد ولكن العادة العربية لا تسمح بذلك ولولا العوائق اللوجستيه لجاء كل من يستطيع الحديث لتكون الفزعة اكبر . جاء الرد من مندوب سوريا والذي افتخر أيضا بالحديث بالعربية واستنجد بشعر نزار القباني كتنبؤ سبق هذه الأيام الحالكة لسوريا بخذلانها من العرب " دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو إليك العربا"
 
 
 انتابني شعور مركب من اليأس من هذه الأمة العربية التي يطالب أمين عام جامعتها بالتدخل الدولي في قضية عربية صرفة لعجز تلك الجامعة عن عمل أي شيء عربي نابع من مصلحة الأمة ومتطلباتها , والشعور بالذل والهوان وأنا أرى القضية العربية تطرح أمام أعداء الأمة ويطلب العون والفرج منهم ومن مجلس لا يذكره العرب إلا بالانحياز التام للصهيونية والاستعمار منذ الانتداب البريطاني ومرورا بالقرارات الدولية المجحفة صياغة وتطبيقا بالأمة العربية وقضاياها , والفيتو الأمريكي الجاهز لإجهاض أي نية بإنصاف العرب , والشعور بالأسف الشديد لما وصلت إليه الأمة من تشتت ومن غباء يطرح جانبا سلاحا فتاكا وهو سلاح الوحدة والرؤية ألمشتركه للأمور والتفكر بمصير الأمة وما يمكن أن يتركه التدخل الأجنبي من آثار سيئة على المنطقة بأسرها , وشعور بالخزي والعار من غياب قيادة عربية راشدة تكون مرجعا لكل تائه أو شارد .
 
 حاولت أن استحضر مثلا من التاريخ يشبه الحالة العربية المتلبسة والتي تتراوح بين التقصير و الخيانة , تلك الحالة التي عبر عنها موقف الجامعة العربية وموقف المواطنين العرب المنقسم بين مؤيد للتدخل الأجنبي ومعارض له , فقفز إلى ذهني حكومة فيشي الفرنسية التي جاءت بعد الاحتلال الألماني النازي لفرنسا والتي أخذت اسمها من البلدة التي تم اجتماع الجمعية الوطنية الفرنسية فيها للتصديق على اتفاقية الهدنة مع ألمانيا المنتصرة بتاريخ 22حزيران – يونيو 1940 , تم بموجب هذه الاتفاقية تقسيم فرنسا إلى منطقتين الأولى خاضعة للسلطة العسكرية الألمانية مباشرة والمنطقة الثانية للحكم والسيادة الفرنسية بشكل اسمي , استمرت حكومة فيشي 4سنوات وكانت سياستها تتناغم مع أحوال ومستجدات الحرب . بغض النظر عن التفاصيل انتهت حكومة فيشي وذهنيها الاستسلامية في عام 1944 عندما دخلت حكومة فرنسا الحرة بقيادة ديغول باريس بعد تحريرها تماما من الاحتلال وإلغاء جميع قوانين فيشي وتشريعاتها .
 
 من أركان القياس وجود تشابه بين المقاس والمقاس عليه , حكومة فيشي جاءت بعد هدنة مفروضة من المنتصرين على المهزومين , وجاءت لتتناغم مع نتائج تلك الحرب العدوانية , ومن شروط الهدنة التقسيم , والوضع العربي اليوم يكاد يعود إلى زمن الهدنة الأولى بعد احتلال فلسطين عام 1948 , ولعل ما تطالب به حماس الآن , وان أعطته اسما آخر – تهدئة- يثبت ذلك , كما أن حالة اللاسلم واللاحرب التي آل إليها الصراع العربي الإسرائيلي , وما وصلت إليه مفاوضات السلام , دليل آخر على ذلك . من أدبيات فيشي أنها بدلت شعار الثورة الفرنسية ( حرية مساواة أخوه ) إلى شعار ( العمل الأسرة الوطن ) والمتتبع للوضع العربي منذ حركات الاستقلال إلى اليوم يجد أن الأنظمة العربية غيرت أهم الشعارات المطروحة في الخمسينيات وهما الحرية والوحدة وطرحت بدلا منهما التضامن – الذي لم يتحقق يوما – و الاعتدال والاقتصاد والسلام الزائف , ونلمس اليوم ارتماء العرب في أحضان أمريكا مع وجود الدليل الملموس المتكرر عند كل انتخابات رئاسية أمريكية على تحيزها لإسرائيل ومعاداتها للحق العربي , ومع علمنا يقينا أن أمريكا تحتل أرضا ومياها عربيه وهي شريك فعلي للمحتل الإسرائيلي .
 
 حكومة فيشي الفرنسية مثال على الخيانة الوطنية , وان وجد من يبررها جدلا , فالأنظمة العربية التي قضت على آمال الوحدة والحرية عند مواطنيها تشبهها إلى حد كبير , والمواطنون العرب اليوم لا يجدون حرجا في التعبير عن ذلك جهارا نهارا . التياران القومي والإسلامي , وما ينبثق عنهما من أحزاب , ووجودهما معا على الساحة العربية وما يشكلانه من محصلة في النضال الوطني العربي , ليسا بأحسن حال من الأنظمة العربية , ولم يسلما أيضا من النقد الحاد من الجماهير العربية المستقلة التي تنشد فكرا وحدويا وتحرريا قابلا للوجود والتطبيق . عانينا جميعا من خطأ في الاجتهاد السياسي مابين عبد الناصر والإخوان المسلمون قديما , واستمرت تلك المعاناة , وبرزت ثنائية قاتلة من القومي والإسلامي لا حل لها إلا بالمراجعات العميقة لكلا التيارين وخاصة الإخوان المسلمون وعليهم الاستماع بكل انتباه لما يثار حولهم من شكوك وريبة . كما تخلص الفرنسيون من ذهنية حكومة فيشي سيتخلص العرب من تلك الذهنية بالنضال ضدها .. وان غدا لناظره قريب .
 
abedabed1944@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-02-2012 12:35 PM

1-((مندوب سوريا والذي افتخر أيضا بالحديث بالعربية واستنجد بشعر نزار القباني كتنبؤ سبق هذه الأيام الحالكة لسوريا بخذلانها من العرب " دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو إليك العربا"))... والشعب السوري ماذا يقول يقول ما قاله نزار قباني ايشاً...:أيها الناس: لقد أصبحت سلطانا عليكم فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدونى... إننى لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصرونى ..اتركوا أطفالكم من غير خبز..واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعونى ..إحمدوا الله على نعمته ..فلقد أرسلنى كى أكتب التاريخ، ..والتاريخ لا يكتب دونى ..إننى يوسف فى الحسن ..ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعرى ..وجبينا نبويا كجبينى وعيونى غابة من شجر الزيتون واللوز فصلوا دائما كى يحفظ الله عيونى..الى آخر القصيدة....
2-اي فخر يفخره هذا الجبان الذي انزل جيشاً لمواجهة كلمة !!! ذهبنا وتشتتنا في المقال والمآل حتى اصبحت الكذبة حجة لتبرير الحفاظ على ظالم هو اسوء من النيتو بالف مرة ...
3-اذا كان النيتو شيطاناً فاين هي ملائكة النصرة العربية؟؟؟!!!!
4-ان في مقالتك منطقاً يبتعد عن التوصيف المتطابق مع الحالة الفيشية ... انت تعرف ان (فيشي المعاصر) ليس خارج سوريا بل هو داخلها وهو من انزل الدبابات منذ 1976 لتدك البشر ... اذاً الفيشي المستقبلي غير واضح بينما الفيشي الحالي هو الذي ينقل لنا مباشرة انجازاته الداخلية في سوريا وآخرها مذبحة كرم الزيتون..!!

2) تعليق بواسطة :
02-02-2012 12:38 PM

5-لا احد مع التدخل الأجنبي واول من اعلن ذلك الثوار السوريون انفسهم لكن النظام الفاشستي البعثي هو من اجتر التدخل لسوريا بتصرفاته الهمجية السادية وقد جنت على نفسها براقش وخصوصاً عندما تاتي عل يد مؤسسة فاشلة كالجامعة العربية التي لم تجد مراقبا سوى متهم بقضايا ابادة ليكون رئيسا للجنة مراقبة على ابادة!!
6-الحل موجود وهو عند الشعب السوري نفسه فليكن رهاننا على من خرج بوجه الدبابة البعثية الفاشستية حاملاً ابناءه على كتفه .... غير آبه بالخوف لأنه نزع من صدورهم.. فلن يمر عليهم فاشستياً آخر حتى لو جاء بأي عباءة ..فلنعلم ان الجيل الحالي مختلف عن اجيال الأربعينات والخمسينات ..اذ انه اصبح اكثر وعياً واكثر شجاعة...

3) تعليق بواسطة :
02-02-2012 10:47 PM

مع اني لااتفق مع طرحك في كثير من القضايا الا انني اوافقك اليوم في كل ما تقول يا أخ محمد السكر العدوان فأن فيشي داخل سوريا

4) تعليق بواسطة :
03-02-2012 04:48 AM

الى الاخوة العدوان والمحامي راكان , اشكركم على اقراركم من حيث المبدأ على ان هنالك ذهنية فيشيه في الوطن العربي . لقد حصرتموها في سورية واما وجهة نظري فقد عممتها على الانظمة والتيارات والاحزاب العربية لانني انظر الى الموضوع من حيث المحصلة العامة وليس من باب تفاصيل هنا وهناك وانا لست مع التعصب لفكرة مسبقه بل مع طرح الموضوع والنظر اليه من عدة زوايا لا من زاوية واحدءة ضيقه ... لكم كل الاحترام والتقدير

5) تعليق بواسطة :
03-02-2012 12:07 PM

*-مع كل الإحترام لك سيدي فانا اتفق معك على عموم الفيشية في كل الوطن العربي لا بل انا لا افرق بينها وان تفاوت حجم التمثيل الحقيقي لهذه الفيشية .. ولكن يجب ان نعانق الشعوب التي خرجت عليها لتبعدها وتتخلص منها لا ان نضعها بجدليات تخويفية من المستقبل وان كنت لا اقلل من حجم تخوفاتك بل هي مشروعة جداً وهذا دليل غيرة وحرص يحسب لك ..لكن صدقني الرهان في النقطة السادسة التي ذكرت في تعليقي السابق ويدعمها ان طبيعة الثورات والر بيع العربي ان لها هوية خاصة بانها ثورات عامة لشعب وليس لفئات .. وان فشل هذا الرهان لا قدر الله اذاً لا خير فينا للأبد....

6) تعليق بواسطة :
04-02-2012 07:04 AM

من أروع المقالات التي قرأت عن وضعنا العربي الحالي.

أجدت وأحسنت يا أبا محمد، حكومة فيشي تجسد تماما وضع حكومات العرب منذ بدايات القرن العشرين وحتى الآن،

أحييك على تفاؤلك، الذي أشاطرك إياه، سنخرج من هذا الوضع بإذن الله طالما أن هناك قادة فكر مثلك لا يستسلمون للأمر الواقع الردي، ويؤمنون بالوحدة ومتابعة النضال ضد المستعمر وإن طال الزمن.

تحياتي وإحترامي لك يا نشمي

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012