الدكتور نصر البطاينه

 ما ان دخلنا بوابة التجمع الجامعي والذي يضم جامعتي الشارقه والامريكيه حتى استقبلنا بالورود على الوانها وتعدد انواعها وبالمساحات الفسيحه الخضراء ,وبالاضواء التي تزاحم الشمس تألقاً وسطوعاً,لا أخالني في عتم الليل وقد قاربت الساعة على منتصف الليل...تدثرنا طيب المشاعر لنرخي ارواحنا تدب في نوم عميق..
 اصطحبنا في صبيحة اليوم الثاني الى وسط مدينة الشارقه, ولدي مخزون ذهني بأن ليس في الامارات سوى دبي وابو ظبي, لكن كانت المفاجأه انها حديثه تعج بالابراج العاليه والشوارع الفسيحه والحدائق الغناء تتوسطها بركة صناعيه تحيط بها الورود والمساحات الخضراء ,الى جانبها مسجدٌ قل مثيله في روعة البناء واتساع حوضه, غادرنا باتجاه دبي,سلكنا طرقاً لم اشهد لها مثيلا في امريكا من حيث الاتساع والتنظيم والنوعيه, تعلوها جسوراً ومن اسفلها انفاقاً, بنيت ضمن افضل المواصفات ناهيك عن اللوائح الارشاديه العملاقه لتستطيع الاسترشاد قبل الوصول,تحف بجانبي تلك الطرق مساحات خضراء وأخرى ارجوانيه وثالثه صفراء فحمراء ...ورود تستغرب كيف تم استنباتها والحفاظ عليها في بلد صحراوي غيّر من المعتقد بعدم صلاحيتها للزراعة,,اما النخل الباسق فهو يجاور تلك الفسح الخضراء ليترك ظلالاً حيث تذهب اشعة الشمس الذهبيه,,لله دركم شعب دبي فأنتم على اختلاف منابتكم ومشاربكم ترعون هذا الانجاز فبوركت اليد التي تعمل, ففي دبي خيرة الخيره من اقتصاديين واطباء ومهندسين وغيرهم جاءوا لتعظيم الانجاز بالمزيد من العمل الخلّاق والدؤوب..
 وما ان اقتربنا قليلا حتى بدأت الابنية العملاقه تحاور الغيوم وتعلو شموخاً بحجم الانجاز, ابنية لا مثيل لها ففي كل بناء هنالك ابداع بشري,,وفي المجموع لوحة فنيه تنافس دافنشي بما تحوي من فن المعمار وزخرف الايدي التي حملت القلم والفرشاة ,شوارع لا اجمل تحيط بها اشجار الزينه وقد رسمت اشكالاً تبهر العقل وتزيد الجمال جمالاً..
 اشكر مضيفينا فقد اصطحبنا الى اكبر المولات في العالم وبما يحوي ليس من الاحتياجات بقدر الابداع الانساني المتمثل في التنوع,,صلّينا في مسجدٍ داخل برج خليفه المعجزه,,برغم صغر المساحة لكن هنالك احترام للدين فلم يكن المسجد اقل جمالا من محيطه,,وذهبنا بين اروقة المكان لنصل الى الاكواريوم بجمالية وابداع الانسان وبما يحوي من الكائنات البحريه والتي قلما نشاهدها على غير التلفاز,وكذلك امكانية الغطس ليكون اكبر نافذة بحريه تم تصميمها في العالم,,يا لروعة المكان ويا لجمالية المشهد..
 تركنا الاكواريوم وذهبنا بعدما غربت الشمس الى الفناء المحيط باكبر ناطحة سحاب في العالم,برج خليفه,حيث البركة الصناعيه تحيط بها من كل الجوانب المطاعم والمقاهي والزائرين جاءوا من كل حدب ليشاهدوا النافوره العملاقه ورقصاتها على انغام اغاني محمد عبده والموسيقى الاجنبيه ,تأسرك حركات الماء وانعكاس الضوء والارتفاع الشاهق لانبعاث رذاذ الماء,منظر اسطوري لا يمكن للعين ان تراه الا في دبي.. ناهيك عن اعلى قمة البرج وانبعاث الضوء بمختلف الوانه وكأنه يبعث انفاساً تزاحم انفاس مشاهديه..انتهينا بعد احتساء القهوة والكباشينو والتونا خاصة آدم,,عدنا ادراجنا واعيننا لا تغمض لنشاهد اكثر فأكثر,,عدنا والعود أحمد الى الحضن الدافىء في شارقة المُعز, بين احضان الطبيعة الخلابه..لنا استكمال في مقال قادم بإذن الله.لكن قبل ان انهي فقد شعرت بطمأنينة النفس هناك حيث حقاً ارض السلام والابداع والتعايش...
 
 nasr-dr@live.com