أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


الدور التركي عبر توظيف مصر الثورة!
05-02-2012 07:28 AM
كل الاردن -

 

 
alt

المحامي محمد احمد الروسان


عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

 
لأسباب اقليمية ودولية عديدة, لكنها عميقة وذات مفاعيل وتفاعلات رأسية وعرضية, تشي بأداء سلوكي سياسي ودبلوماسي واستخباري تركي مختلف ومتعدد, على طول خطوط العلاقات التركية – المصرية، وظهر ذلك بشكل واضح ما بعد زيارة أرودوغان لمصر الثورة العام الماضي، وما تبعها ويتبعها من زيارات غير معلنة، للمسؤولين الأتراك من مختلف الأختصاصات لمصر حتّى اللحظة, وهذه السمفونية التركية الأستراتيجية، ازاء مصر الثورة، مصر ما بعد نسق مبارك السياسي البائد، صارت تكتسب أهمية فائقة, خاصة أنّها تجيىء متزامنةً, مع مخاضات غير مكتملة على خط العلاقات التركية – الأسرائيلية, بمفهومها المخاضي التكتيكي لا الأستراتيجي حتّى الآن, حيث الأخير ما زال قائماً في خضم ما يجري.
 
أحسب أنّ التفاهمات الشاملة, على خط العلاقات المصرية – التركية ما بعد مبارك ومذكراتها, وحاجت أنقرا لأنفاذها, في لحظتها التاريخية الحالية, بحيث تتموضع وتتنمط بالمجلس الأعلى للتعاون الأستراتيجي التركي – المصري, المجلس الصفقة السياسية – العسكرية – المخابراتية المربحة لتركيا تحديداً, وعبر مقاصّات سياسية تجريها أنقرا مع القاهرة, في سبيل انفاذ التفاهمات ومذكراتها الموقعة, ان لجهة السري منها, وان لجهة العلني منها, حيث الأخيرة بمثابة: "عظمة" تتسلّى بها بعض أجهزة استخبار ساحات عربية, ترصد تداعيات استراتيجية أرودوغان ازاء مصر ودبلوماسيته.
 
لكن هناك تساؤلات تحفّز العقل على التفكير: هل دبلوماسية أرودوغان في مصر تعني حملاً كاذباً, وبالتالي ندخل في اشكالية الحمل الكاذب؟ أم الى أي مدى واتجاه تجنح؟ وهل المطلوب هو اقامة المجلس الأعلى للتعاون الأستراتيجي المصري – التركي؟ أم فقط حوار تركي مصري, لأقامة علاقات ثنائية قويّة ومتطورة, ثم تظهر آفاق اقامة الشراكات الأستراتيجية بمعناه المعروف للجميع, وخاصةً لدى خبراء العلاقات الدولية؟ من سيقود الشرق الأوسط, مصر, أم تركيا, أم من؟.
 
بتقديري انّ التطورات الأقليمية والدولية الجارية, قد أبطلت قيادة الطرفين عملياً, فتركيا ما زالت غير قادرة على احتواء, خطر عمليات حزب العمال الكردستاني في مناطق جنوب شرق تركيا، وقصف مواقع حزب PKK  قبل يوم مؤشر بهذا الأتجاه, وغير قادرة على اخراج القوّات الأرمنية, من أراضي حليفتها أذربيجان, وغير قادرة على الحصول على اعتذار رمزي من تل أبيب, أمّا مصر ما بعد الثورة, فأمامها سلاّت من المشاكل الداخلية، واحداث بورسعيد الأخيرة، وتداعياتها المستمرة مؤشر على كل ذلك, ان لجهة السياسي منها, وان لجهة الأمني, وان لجهة الأقتصادي, وان لجهة الأجتماعي والفكري, وأمامها مشوار طويل لكي تصير قادرة, على محاربة الفقر والبطالة, وتوفير الغذاء والطعام, لأكثر من ثمانيين مليون مصري, في جل الجغرافيا المصرية. 

نعم بلا أدنى شك, تزايدت فعاليات الدور التركي, في مسرح الصراعات السياسية الشرق الأوسطية, وخاصة في المنطقة العربية, مع دخولات لتركيا بعمق على خط الصراع, على حقول الغاز في شرق المتوسط على طول خط الفالق السياسي:- حزب الله ( لبنان) – اسرائيل – اليونان وما وراء هذا الخط, لجهة دمشق وطهران والعلاقة مع أنقرا, ولأنقرا طبيعة خاصة لدورها, وحدود محددة, يمكن تجاوزها لاحقاً عبر ميكانيزمات تطورها, ولون الحزب الذي يحكمها, وكيف تريد واشنطن والغرب الأوروبي, ضرورة اسقاط النموذج السياسي الأسلامي التركي, على كافة بلدان الشرق الأوسط, طالما أنّه يمثل الأعتدال الأسلامي, الذي من شأنه أن يتيح تطبيع العلاقات مع اسرائيل, على النحو الذي سوف يقود ويؤدي, الى ادماج وتسييل الكيان العبري الطارىء على كل شيء, بالكامل في المنطقة, دون حاجة لأنفاذ شرط قيام الدولة الفلسطينية- لذلك الفيتو الأمريكي دائماً وأبداً قائماً لأفشال قيام الدولة-, وشرط التخلي عن القدس المحتلة, وشرط الأنسحاب من الجولان السوري المحتل.

الجمهورية التركية تعوّل كثيراً, على تداعيات انفاذ تفاهماتها مع المجلس العسكري المصري, كتداعيات اقليمية ودولية لجهة الكيان العبري, ولجهة ايران, ولجهة الأتحاد الأوروربي, باعتبار أنّ العالم العربي وجل الشرق الأوسط, عمقنا كأتراك وان اختلفنا صراعاً أو تنافساً مع دول فاعلة فيه كأيران مثلاً.
 
وفي المعلومات, وقّعت اسرائيل اتفاقية تعاون عسكري مع اليونان, حيث نظرت الى ذلك تركيا, أنّه بمثابة نقطة تحول جديدة, في معادلة توازن القوى الشرق الأوسطية, وخاصة في شرق المتوسط كمجال حيوي تركي, وجنوب شرق المتوسط أيضاً, وبالتالي توقيع تركيا مع مصر هذه الشراكة الأستراتيجية, من شأنه أن يهدف الى موازنات عميقة للصفقة اليونانية – الأسرائيلية - العسكرية, حيث الأخيرة تستهدف تركيا ومجالاتها الحيوية, في مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط وما تزخر به من ثروات طبيعية وخاصة الغاز والنفط, ونتفهم تصريحات أرودوغان المستمرة , بأنّ تركيا لن تسمح بتحول شرق المتوسط لجهة حدودها, الى بحيرة يونانية قبرصية اسرائيلية, خاصة وانّ لبنان الدولة ولبنان المقاومة – حزب الله, يعتبر تلك المناطق آراضي محتلة لا متنازع عليها مع الدولة العبرية, وتلك المناطق تشكل مجالا حيوياً لتركيا, ويمكن اعتباره كجزء من أمنها القومي, لذلك هناك محادثات وتفاهمات جرت وتجري الآن وبسرعة فائقة, على خط علاقات أنقرا – حزب الله – بالتقاطع مع ايران, رغم مواقف أنقرا من الحدث السوري، ورغم الصراع التركي – الأيراني غير المعلن، وتجليات تداعيات هذا الصراع، في زيارة وزير خارجية تركيا للبنان الأخيرة.
 
تركيا سعت وتسعى الى وجود أذرع لها, ان لجهة الداخل المصري, وان لجهة الخارج المصري – الأقليمي, وتحديداً اسرائيل, لذلك استراتيجية أرودوغان ازاء مصر الثورة، في جزء منها تستهدف, لبناء الروابط والعلاقات مع النسخة المصرية, من جماعة الأخوان المسلمين, كذلك لأضعاف الروابط المصرية – الأيرانية, عبر تعزيز الروابط التركية – المصرية, لجعل مصر تقف الى جانب تركيا, في حالة أي توترات في مضامين وكواليس, العلاقات التركية – الأيرانية.
 
كذلك تهدف استراتيجية حزب التنمية والعدالة التركي، الى وضع القوى الأسلامية المصرية, تحت سيطرة ونفوذ تركيا, ليتيح لأنقرا السيطرة على توجهات الأسلاميين المصريين, أو على الأقل التأثير عليهم وتهدئة غضبهم وحنقهم المتزايد, ضد الولايات المتحدة الأمريكية, والتي هي حليفة تركيا الدولة والحزب – حزب التنمية والعدالة. 

أنقرا وكأنّها ترغب, في احتواء حركة حماس, وتحويلها الى وكيل تركي في المنطقة, وبالتفاهم مع التنظيم الدولي للأخوان المسلمين, وبالتالي مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي.
 
كما أنّه هناك أبعاد غير معلنة, لهذا السلوك الدبلوماسي – المخابراتي  التركي في المنطقة, وتحديداً لسلّة تفاهمات خط العلاقات الجديدة المستحدثة بالمعنى السياسي والأمني, على خط علاقات الرياض – أنقرا, محور تكتيكي حتّى الان, ممكن يصبح استراتيجي مستقبلاً, يشي الى وضع حركة حماس, ذات الأتجاهات السياسية الأرتباطية الخارجية المختلفة, في خانة اليك السياسي والأمساك بها كورقة, بعد أن تمّ تدويخها, مع نجاحات ضغوط ترويضها, لجهة النجاح في اصطيادها, بعد وقوعها مكرهةً بفعل الحدث السوري, والموقف منه, في شباك الدبلوماسية القطرية - الغازيّه.
 
ولجهة مصر, في ظني وتقديري يسعى محور الرياض – أنقرا, في الأسراع في استعادة مصر وفقاً للمفهوم الأمريكي, الى معسكر حلفاء العاصمة دي سي الأمريكية في المنطقة بعد مبارك, حيث الحكّام الجدد لمصر لهم مواقفهم, من مسألة الأرتباط بمحور واشنطن – تل أبيب في المنطقة, خاصة مع تصاعد الحدث السوري, لجهة الخارج السوري منه، وفي أروقة وكواليس مجلس الأمن الدولي , لذلك سعى ذات المحور \ محور واشنطن – تل أبيب, لتوظيف واستخدام خط العلاقات التركية – السعودية, ما بعد انطلاق الحدث الدمشقي, لكي تقوم جل هذه العلاقات, بدور الوكيل الأقليمي الحصري, لأدخال مصر في معسكر تركيا – السعودية, وهذا من شأنه أن يوفّر مظلات آمنة, تتيح ابقاء القاهرة, ضمن حظيرة حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة, حيث هناك رأي عام مصري ثوري, ضد الأرتباط بمحور واشنطن – تل أبيب, ومجلس عسكري حاكم لم يحسم أمره بعد, بحالة الأرتباط بعمق في ذلك المحور, الذي يرفضه الرأي العام المصري الثوري.
 
www.roussanlegal.0pi.com
 
mohd_ahamd2003@yahoo.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012