أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


لا حِرّك أنقيت.. ولا ماءك أبقيت
09-02-2012 07:40 AM
كل الاردن -

alt

حسن بلال التل

عجيب هو تخبط بعض التصرفات والقرارات الحكومية حتى تكاد تناقض نفسها وبعضها البعض بلا مبرر أو شكل مفهوم, فتجدها تتشدد حيث يجب اللين, وتلين حد الطراوة حيث يجب الحزم, وتجامل الغير في حقوق الأفراد التي لا تملكها, وتتزمت في أمور نخبوية لا تقبل التزمت.

نهاية الأسبوع الماضي أقرت الحكومة مشروع قانون الأحزاب الجديد, والذي للصدق لم أقرأ منه سوى ما ورد من تفاصيل في الخبر الرسمي, وكان أبرز ما ورد في الخبر إقرار (كوتا) نسوية يجب توافرها في الهيئة التأسيسية لأي حزب قبل أن يقدم أوراقه للترخيص, هذه الكوتا نسبتها 10% من عدد الهيئة التأسيسية!!

وبما أن عدد الهيئة التأسيسية المقترح في القانون هو 250 شخصا, فيجب أن يكون منهم 25 سيدة.. كلام جميل لو أخذناه على عواهنه هكذا, أو لو ارتجينا منه مرضاة منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة العالمية, لكنه في الواقع العملي العقلي محض هراء.

العمل الحزبي هو عمل فكري عقدي, يستوجب قناعات راسخة وإيمانا بالأسس الفكرية والعقدية والمبادئ السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية للحزب, فماذا لو أن حزبا كان من مبادئه محاربة فكرة الكوتا جملة وتفصيلا لأنها غير دستورية مثلا؟, أو ماذا لو أن حزبا عجز عن إيجاد 25 سيدة يؤمنّ بمبادئه, أو عجز عن إيجاد 25 سيدة يسمح لهن أزواجهن مثلا أن يكن عضوات مؤسسات في حزب؟؟ ألا يرى هذا الحزب النور؟؟

أي فهم سقيم لمبادئ حقوق المرأة هذا؟؟ إن تمكين المرأة ليس له معنى إلا منحها الفرصة لإثبات وجودها وجدارتها, لا فرضها على الواقع فرضا و(خاوة). فالحزبية ليست مسألة جندرة وجنس, إنه عمل فكري عقدي قد لا يجد من بين كل 10 آلاف شخص إلا واحدا يؤمن به.

ثم إذا سلمنا بأن هذا القرار جاء لتمكين المرأة وترسيخ دورها الديمقراطي, فما قول الحكومة ورئيسها في أن في الأردن أحزابا عدة تسنمت المرأة منصب رئيسها وأمينها العام دون هذه الكوتا, فيما لا تزال المرأة مغيبة عن أي من مواقع الصف الأول داخل الحركة الاسلامية, أكبر القوى السياسية على الساحة وأكبر حلفاء هذه الحكومة ورئيسها, ومن المستبعد أن يتغير هذا الواقع في المدى المنظور؟!؟

على الجانب الآخر, وقبل أسبوعين أصدر اتحاد شركات التأمين قرارا من تلقاء نفسه وأخطر به الحكومة إخطارا مجردا, بأنه سيتوقف عن إصدار بوالص التأمين الإلزامي للسيارات, هذا بعد أن سبق وقرر الإتحاد ذاته أن يرفع الرسوم, وأخطر الحكومة إخطارا بذلك أيضا, ثم قرر أن يسمح لعدد من شركاته أن تمتنع عن العمل بالتأمين الإلزامي, ثم قرر أن يضيف رسما قدره 40 دينارا يدفعها المتسبب بالحادث للمتضرر مباشرة سواء أكانت قيمة الضرر تعادل هذا المبلغ أم لا, وكلها قرارات غير قانونية, ولم يتفضل الاتحاد إلا بإخطار الحكومة بها مجرد إخطار, هذا رغم أن القانون ينص صراحة أن أي شركة تعمل في تأمين السيارات يجب أن تعمل بالتأمين الإلزامي, ووفق الأسعار المقرة رسميا, وإلا ستخسر رخصة التأمين على المركبات كليا, وأن اتحاد شركات التأمين ليس إلا هيئة تنسيقية أشبه بمكتب سكرتاريا كبير مهمته تسهيل الاتصال بين مجموع الشركات والجهات الأخرى, لكنه في واقع الحال تحول إلى أخطبوط ومافيا مالية ضخمة تفرض شروطها على البلاد والعباد والحكومات, ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منه. وها هو اليوم يطالب برفع قيم بوالص التأمين بما يتناسب والتضخم!, فيما الحكومة لا تجرؤ على الحديث عن ربط الرواتب بمعدلات التضخم!!

حكومتنا الرشيدة؛ قبل التخبط في قضايا النخب, والتشدد في مسائل لا تقبل الشدة, كُرمى لعيني منظمة دولية أو هيئة إقليمية أو شخصية نسوية, كان الأولى الالتفات إلى حال شعب يقبع ثلثاه بين خط الفقر المدقع وقاع الطبقة الوسطى المتلاشية وهو يُطحن صباح مساء بين الأضراس الذهبية لحفنة من المليونيرية الذين أصبحوا فوق كل قانون ودستور..

صدقا, نظرت مطولا إلى تصرف الحكومة في هاتين الواقعتين اللتين لم يفصل بينها سوى أسبوع فلم أجد ما أقوله لها خيرا مما قالت العرب: لا حِرّك أنقيتِ ولا ماءك (ولا ماءنا) أبقيت!!.


hsntall@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-02-2012 02:13 PM

يا حكومه ولا تكونوا كالشاةالتى كان حتفها,,, بحفر ذراعيها فلم تر محفرا

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012