أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


قراءة سريعة في كتاب : الوهادنه بين الماضي والحاضر
09-02-2012 08:51 AM
كل الاردن -

alt

 د.خليف الغرايبة
 

    مع إطلالة هذا العام الجديد ،أسعدنا المؤرخ الاجتماعي الأخ الفاضل العقيد الركن المتقاعد محمود حسين الشريده بإصدار سفره الذي طالما انتظرناه بشوْق ، هذا السفر الموسوم :""الوهادنه بين الماضي والحاضر""، ليشكّل مرجعاً مهماً في التاريخ الاجتماعي  لمنطقة عجلون بشكل عام والوهادنه بشكل خاص ، الكتاب أصدرته مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية والنشر والتوزيع في إربد ، وصمم غلافه الأستاذ حمزه الشريده، الكتاب من القطع المألوف، بحجم 243 صفحة ، وصفحاته صفراء فاتحة  ذهبية جميلة تليق بالعنوان والمكان والإنسان الذي أخذته الحميّة والجُرأة ليكون من أوائل (بل الأول) الذين ألّفوا في هذا الموضوع الحسّاس الشائك .
    الأخ الكريم أبو محمد صاحب همّة عالية ، في عمله هذا (خاصّة التأليف في الأنساب) برهن لنا وأعاد إلى ذاكرتنا بأن العربي -عموماً- يمتاز وعلى الفطرة بحبّه لِعِلمَيْ الأنساب والفراسة ، التي افتقدتها الأجيال العربية مع مرور الزمن ، علماً بأن الإسلام حثّ عليهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -بما معناه- " الناس مأمونون على نسبهم" وقال عليه الصلاة والسلام " من ادّعى نسباً غير نسبه فليتبوأ مقعده من النار" أو كما قال عليه الصلاة والسلام، كما أشار عليه الصلاة والسلام إلى شرط النسب في الزواج كشرطٍ مهم من الشروط التي يجب أن تتوفّر في الفتاة .
  وعودة إلى هذا الكتاب "المفخرة " لأنّه الأول من نوعه في المنطقة من جهة ولأنه يحتوي على معلومات ميدانية اجتماعية على درجة كبيرة من الأهمية من جهة أخرى، استهلّ الباحث الكريم الكتاب بتعريف موجز عن الملامح الجغرافية لبلدة الوهادنه وأراضيها (أي البلدة وأحواض الأراضي التابعة لها ) والتي تصل مساحتها إلى 80كم2( ما يعاد ثمانون ألف دونم) ، وتاريخياً كانت الوهادنه تدفع أعلى الضرائب للدولة العثمانية على مستوى منطقة عجلون بمفهومها الواسع(حيث كانت تشمل حوالي 75% من شرقي الأردن).
    ولأن الاقتصاد المهم الذي كان يعيش عليه سكان شرقي الأردن (منذ القدم وحتى خمسينيات القرن العشرين) هو اقتصاد موقع أو اقتصاد مكان ( ما بعد اقتصاد المقايضة مباشرة ) ولاتّساع الأراضي الزراعية للوهادنه في الغور والشفاغور والجبل فقد كانت منطقة جاذبة للسكان وبامتياز ، ولذلك تنوّعت وتعددت العشائر بها ،وجاءت معظم هذه العشائر على شكل فرد أو مجموعة قليلة العدد من الأفراد، وكان في فترات زمنية متفاوتة في العهد العثماني ( من 120- 300 عام ) وهذا يعني أن نسب معظم هذه العشائر يتراوح من أربعة أجيال إلى عشرة بأحسن الأحوال( كما هو في عشيرة الخطاطبة زعماء المنطقة  قبل مجيء فريح -جد الفريحات - في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وقد أجاد وأشاد الأخ الفاضل محمود الشريده في دراسة أنساب العشائر رغم كثرتها ، فأشار إلى نسب العشائر المسلمة(أبو احمده والخطاطبه والسمارنه والسواعي والشريده (وأبناء عمومتهم العقايله)  والشقاح والشقبرات والشنتاوي والشويات والعمايره والغزو والفطيمات والوحشات ) كما أشار إلى نسب العشائر المسيحية (البدر والحداد) .
    انتقل الباحث  بعد ذلك إلى الإدارة المحلية مشيراً إلى الأحلاف والتكتلات العشائرية وإلى الزعماء المحليين : الشيخ حمْد الخطابي( الذي تسلّم الشيخة منه نسيبه فريح ) والشيخ محمد الشقيرات ( حيث شيّخته عشيرة الفطيمات صاحبة البأس آنذاك)  ، والشيخ فارس الوحشات(حامي المدراجين) ، ولم يغفل المؤرّخ الكريم عن "الوهادنه  الحاضر" فأفرد دراسة موجزة مفيدة لها على الصفحات من 180إلى 230 عن الإسكان والتعليم والأوضاع الاقتصادية والخدمات الاجتماعية وخدمات البنية التحتية .
    وفي الختام وضع الباحث خمسة ملاحق قيّمة مفيدة اشتملت على قوائم بأسماء النباتات (66صنف) والأشجار البرية(22صنف) والطيور البرية(28نوع) والزواحف ( 11نوع)  وقائمة بأسماء الأماكن المهمّة( 132 مكان)، وأتبع كل ذلك بسبعة سندات تسجيل عثمانية تُشير إلى المُلكية الواسعة للبعض من أهل الوهادنه .
  باختصار : الكتاب جدير بالاقتناء وهو سفر ثمين وخليط رائع من علوم التاريخ الاجتماعي والجغرافيا التاريخية والانثروبولجيا الحضارية ، يعطيك ألف عافية أبو محمد وإن شاء الله صدقة جارية في ميزان حسناتك ، ونتمنّى عليك أن تُفكّر بإصدار كتاب رديف يحتوي عل ستة فصول وليدة ورائعة من هذا السّفر ، وهي : دراسة تفصيلية للملاحق الخمسة ومُلحق القواشين (سندات التسجيل)التي أوردتها في الكتاب ، أليست كل مفردة يا عزيزي اشتملتها  الملاحق (نبات أو طير أو شجرة برية أو مكان كان له مدلول وقصّة وأهميّة ؟؟؟؟!!! ودورك أيها الحبيب رسم وإبراز هذه اللوحة الجميلة التي عاشت عليها ومعها أجيال عديدة قبل أن نعيش مرحلة الاقتصاد المالي الخدمي الحضري الذي اقتلعنا من جذورنا) .بارك الله فيك أهنئك أيها الباحث الفذ وأهنئ الوهادنة التي تُحبّها ونشاركك حبّها لتوثيقك إياها ، والوهادنه تستحق وأنت ابنها البار من الذين يهدونها هذا الاستحقاق .....

khlaifgh@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-02-2012 10:49 PM

الكتاب يوثق جزء من واقع الاردن الذي يحاول البعض ان يجعل منها انها كانت ارض فارغه , نرفع القبعة لهذا العمل المميز و نحترم التوثيق و البحث الذي تمتع به الكاتب و اتمنى ان يكون بداية لعدة بحوث اخرى في القرى الاردنية لنوثق التاريخ الحقيقي و الوزن التاريخي للاردنين و الاردن منذ القدم

2) تعليق بواسطة :
09-02-2012 10:53 PM

اشكرك وبارك الله فيك يا اخ محمود على هذا العمل والجهد الرائع الذي قمت به الحقيقه هذا الكتاب مفخره ونحن نعتز بك وبعملك وجزاك الله خيرا

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012