أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


الباخرة "سور" للمرة الثانية .. الفرق بين لجنة التحقق وبين لجنة التحقيق
13-03-2012 08:48 AM
كل الاردن -

alt


الدكتور حسين عمر توقه

باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي

" افتكري يا جدران . يا أوفى من الإنسان . صوتي مع الأذان .  حيقول في كل أوان . يا ظالم لك يوم مهما طال اليوم . يا ويلك يا ظالم يا ويلك "

إن الفساد والفقر هما الآفتان الرئيستان اللتان التصقتا بالحراك الثوري العربي  فكلما زاد الفساد زاد الفقر  وكلما زاد الفقر إزدادت الهوة بين الحاكم والمحكوم . ولكن الغلبة ستكون في نهاية المطاف مهما طال الإنتظار بيد الشعب .
ولعل أقسى أنواع الفساد هوالفساد الذي يتناول استيراد مواد غذائية فاسدة غير صالحة للإستهلاك البشري ولا تتطابق مع المواصفات والمقاييس ومحاولة تسويقها دونما وازع من خلق أو ضمير . حتى الأعلاف المخصصة للأبقار كانت غير صالحة للإستهلاك الحيواني.
لقد شاهدتُ كغيري من المواطنين رفض النواب لإحالة ملف الفوسفات للقضاء . كما تابعتُ مرافعة  دولة رئيس الوزراء على مجريات القضية . الذي ولى نفسه محاميا وقاضيا بالإضافة الى دوره رئيس الحكومة . بدل أن يؤيد تحويل القضية الى القضاء وأود أن أذكره بتصريحه في السابق أن معظم قضايا الخصخصة تشوبها شبهات فساد
وإن سؤالي هنا إذا كان عدد من رؤساء الوزراء السابقين ورؤسا ديوان ملكي سابقين ووزراء سابقين قد لبوا دعوة لجان التحقيق النيابية المختلفة ومثلوا بكل تواضع واحترام أمام أعضاء ممثلي الشعب فكيف يرفض  رئيس مجلس إدارة الفوسفات السيد وليد الكردي المحترم دعوة لجنة التحقيق النيابية وهي الممثل لمجلس الأمة الممثل الشرعي لإرادة الشعب الأردني فهل هو أكبر من القانون وهل هو أهم من أي مواطن أردني عادي . حتى وإن كان خارج البلاد كما ورد في بعض الأخبار فلقد اختار رئيس مجلس إدارة الفوسفات الوقت الخطأ ليكون خارج البلاد وإن أي طائرة تستطيع نقله من أقصى المعمورة إلى عمان في أقل من يوم .

من الواضح أن معظم قضايا الفساد التي يعاني منها الشعب الأردني قد وقعت في عهد حكومات سابقة قبل حكومة القاضي عون الخصاونه . ولكن هناك حادثة هامة وقعت في عهد دولة القاضي عون الخصاونه  ألا وهي هرب   الباخرة "سور" تحت سمع ونظر كافة الأجهزة  الحكومية الرسمية وشبه الرسمية. بدءا بسلطة إقليم العقبة ومرورا بمحافظ العقبة وإنتهاء بكافة الأجهزة الأمنية  والجمارك وقد وعد دولة القاضي بتشكيل  ( لجنة تحقيق ) بعد إنتهاء ( لجنة التحقق ) من طرح ما توصلت إليه من نتائج . ونحن وحتى هذه اللحظة  لا زلنا ننتظر من دولة القاضي الوفاء بوعده .  سيما وأنه قد تم  قبل أسابيع تعيين أحد أبناء هذا الوطن الشرفاء السيد ناصر المدادحه  رئيسا لمجلس مفوضي سلطة إقليم العقبة.
لقد طالعتُ بإهتمام بالغ وقائع المؤتمر الصحفي الذي تم عقده  يوم الإثنين الموافق  28 تشرين الثاني 2011  بين كل من معالي وزير الدولة  لشؤون الإعلام والإتصال الناطق الرسمي بإسم الحكومة السيد  راكان المجالي ومعالي وزير الدولة للشؤون القانونية الدكتور إبراهيم الجازي  مع مجموعة من الصحافيين وقد تم نشر وقائع هذا اللقاء في الصحف الرسمية والمواقع الإلكترونية.
وقبل التطرق إلى أهم العناوين التي تناولها هذا المؤتمر يحق لنا أن نوجه الأسئلة التالية الى الحكومة والتي تم في عهدها هروب هذه الباخرة .
أين هو الأمن الوطني بل أين هي سيادة الدولة ؟
 أين هى سلطة إقليم العقبة وأين هي السلطات المختلفة المسؤولة عن ميناء العقبة ؟.
ما هو سر المرجعيات المختلفة . فإذا كان ميناء العقبة بهذا السؤ قبل تسليمه الى الجهة الإماراتية المشترية فكيف سيكون الحال بعد عامين ؟.
كيف تتم عملية هروب  " ولا أقول تهريب "  باخرة شحن  في عتمة الليل تحت سمع وأنظار  كافة الجهات الرسمية  بدءا بمحافظ العقبة والمفوض العام وكافة الأجهزة الأمنية والقوة البحرية الملكية  والجمارك
هل حقا القوة البحرية الملكية بحاجة الى معدات وأجهزة  حديثة ومتطورة ورادارات لتعزيز عملها ؟
" إلا أن الكابتن  استغل ذلك وولى هاربا بعد إطفاء أجهزة الإنارة والرادار لإخفاء تعقب الباخرة التي تحمل شحنة ذرة صفراء زنة 18 ألف طن مخالفة للمواصفات والمقاييس الأردنية وغير صالحة للإستهلاك الحيواني "

أما أهم العناوين التي برزت خلال هذا المؤتمر الصحفي فهي :

" عيب في الإتفاقية يخلي شركة الميناء من المسؤولية "
" اللجنة المشكلة كانت للتحقق وليس التحقيق "
"الباخرة  سور ليست الأولى التي تغادر الميناء بشكل غير قانوني"
"صلاحيات سلبت من السلطات البحرية لصالح شركة الميناء وأخرى انتزعت من مؤسسة الموانىء"
" لا وجود لشبهات فساد في مغادرة الباخرة وإنما إهمالا وتقصيرا"
" إنه نظراً لوجود ممارسات  سابقة لدخول مواد غير صالحة للإستهلاك الى الميناء عبر السفن فقد أوصى تقرير اللجنة بإرسالها الى هيئة مكافحة الفساد للنظر فيها "
" وأشار الوزير الجازي أنه تم التحايل  على برج المراقبة من الإتصالاات الواردة من وإلى البرج "
" قال الجازي  بموجب القانون لا نستطيع معاقبة أي موظف مقصر في العمل من دون التحقيق معه "
" إن اللجنة وجدت ضرورة تزويد القوى البحرية بمعدات وأجهزة  حديثة ومتطورة ورادارات لتعزيز عملها

وقبل ذلك صرح معالي وزير النقل الأردني أن تعدد المرجعيات  فيما يتعلق بالنقل البحري هو السبب الرئيسي الذي استدعى رئاسة الوزراء لتشكيل  لجنة تقصي حقائق بهروب الباخرة وليس وزارة النقل إذ يتبع النقل البحري لشركة الإرشاد والقطر – شراكة بين  شركة تطوير العقبة والقطاع الخاص -  ومؤسسة الموانىء التي يرأسها  رئيس مجلس مفوضية  العقبة إضافة  الى الى القوى البحرية التي تتبع للقوات المسلحة  والسلطة البحرية التي تقع تحت مظلة وزارة النقل.  وأكد معالي وزير النقل أن تعدد المرجعيات في النقل البحري من أهم المشاكل التي تواجه وزارة النقل  كونها تبعثر الصلاحيات مشيرا إلى مطالبات قدمها في حقيبة وزارية سابقة تتعلق بأهمية وجود النقل البحري تحت مظلة جهة واحدة مما يسهم بتحديد الصلاحيات. وتابع أن لجنة التحقيق والتي ستعلن نتائجها في الأيام المقبلة  شُكلت من جهات لا علاقة لها بشكل مباشر  في النقل البحري وإنما جهات على إطلاع بالقطاع.
وفي تصريح سابق لمدير السلطة البحرية  المهندس معتصم الساكت ل          " الغد " أن السطة البحرية أبرقت عاجلا الى الموانىء والسلطات البحرية التركية لإحتجاز الباخرة " سور " بعد عملية تتبع لها أظهرت تواجدها في ميناء مرسين التركي مشيرا الى أن الجهات المينائية والسلطات التركية  لم ترد على البرقية بعد. وبين الساكت أن فحوى البرقية  قد جاء فيها  أن الباخرة " سور " هربت من ميناء العقبة ليلاً بعد أن استأذن  كابتن الباخرة  المتخفظ عليها من برج الإتصال المتواجد فيه موظفين من السلطة البحرية وشركة ميناء العقبة للخدمات البحرية أن يقوم بتصويب  أوضاع الباخرة بإجراء عملية جر " سحب" أي تعديل وضعها في المرسى من خلال فك المخطاف . وجاء في البرقية " إلا أن الكابتن استغل ذلك  وولى هاربا بعد إطفاء أجهزة الإنارة والرادار لإخفاء تعقب  الباخرة التي تحمل شحنة ذرة صفراء زنة 18 ألف طن مخالفة للمواصفات والمقاييس الأردنية وغير صالحة للإستهلاك الحيواني"
ملحوظة " لقد بقيت الباخرة سور 85 يوما في مياه العقبة ولم يخطر ببال قبطانها أن يصوب أوضاعها إلا  بعد منتصف ليلة من ليالي العيد"
فلنناقش أيها المواطن الأردني معا كل عنوان من العناوين السابقة
• "عيب في الإتفاقية يخلي شركة الميناء من المسؤولية"
إذا كان العيب في الإتفاقية يخلي شركة الميناء من المسؤولية فلماذا لا نحمل المسؤولية للذين أقروا هذه الإتفاقية والمسؤولين الذين أقروها  فهم وحدهم  يتحملون المسؤولية الحقيقية أو المالية ولماذا لا تطالب الحكومة الحالية بإلغائها أو تعديل بنودها ؟
• " اللجنة المشكلة كانت للتحقق وليس التحقيق "
إذا سلمنا  بالمبدأ القائل أنه بموجب القانون لا تستطيع الحكومة  معاقبة أي موظف مقصر في العمل من دون التحقيق معه  وهذا لم يحصل في عمل لجنة التحقق. والسؤال هنا بعد أن تم عرض تقرير لجنة التحقق متى تبدا الحكومة التحقيق  مع كافة الأطراف المشتركة في هذه الحادثة وليس مع الموظف المقصر في العمل فحسب إلا إذا كان مفهوم الموظف بمعناه المطلق ويشمل أعلى المستويات من المسؤولين.
• " الباخرة سور ليست الأولى التي تغادر الميناء بشكل غير قانوني "
إذا كانت الباخرة سور ليست الأولى التي تهرب من الميناء فلماذا لم نتعلم من الأخطاء السابقة وهل تم تقديم المسؤولين عن البواخر المهربة سابقا الى العدالة أم أنها حفظت وسجلت ضد مجهول ؟
• " صلاحيات سلبت من السلطات البحرية لصالح شركة الميناء وأخرى انتزعت من مؤسسة الموانىء "
أين هي أبسط مبادىء الإدارة العامة والهيكل التنظيمي والوظيفي لكل وزارة ودائرة ومؤسسة حكومية. وما هو حكم القانون في الإصطلاح الذي استخدمه معالي الوزير " صلاحيات سلبت " فمن الذي سلب هذه الصلاحيات ومن أي جهة سُلبت هذه الصلاحيات ومن الذي أصدر أوامره بهذه الخصوص . بل وكيف يسمح المسؤولون في مؤسسة الموانىء بالتخلي عن مسؤولياتهم . إننا نتحدث هنا عن دولة وعن قوانين وعن حكومة ولا نتحدث عن مزرعة خاصة تديرها الأهواء والمصالح.
• " لا وجود لشبهات فساد في مغادرة الباخرة وإنما إهمالا وتقصير "
   ولكن هناك وجود شبهات فساد في السماح بإدخال مثل هذه الشحنة فمن هو الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن استيراد مادة غذائية وصفت بأنها مخالفة للمواصفات والمقاييس الأردنية وغير صالحة للإستهلاك الحيواني . من هم هؤلاء النفر الذين حاولوا تمرير هذه الشحنة وتسويقها داخل الأردن . كما أن الإقرار بوجود إهمال وتقصير لايقل فداحة وجرما عن شبهة الفساد وقد آن الأوان في اتخاذ الإجراءات القانونية من أجل محاكمة هؤلاء المهملين والمقصرين .
• " إنه نظراً  لوجود ممارسات سابقة لدخول مواد غير صالحة للإستهلاك الى الميناء عبر السفن فقد أوصى تقرير اللجنة بإرسالها الى هيئة مكافحة الفساد للنظر فيها "
كنا قد سمعنا عن السمنة في صهاريج النضح وعن مياه الشرب الملوثة بالمياه العادمة  والآن نستمع الى ممارسات سابقة لدخول مواد غير صالحة للإستهلاك الى الميناء عبر الميناء. ألا يحق لنا كمواطنين بعد أن زففتم الينا هذه البشرى العطرة أن نعرف تاريخ هذه الممارسات السابقة ومن هم أصحابها وهل تم استهلاكها من قبل المواطن الأردني وهل تمت محاسبة المسؤولين الذين تم في زمنهم إدخال مواد غير صالحة للإستهلاك البشري.
• "وأشار الوزير الى أنه التحايل  على برج المراقبة من الإتصالات الواردة من والى البرج "
هل نتحدث هنا عن لعبة أطفال أم نتحدث عن مسؤولية وطنية وهيبة دولة وكيف يتم السماح لموظفين غير محترفين في تولي مسؤولية حساسة . فإذا كان الموظف بهذه السذاجة وخانته لعبة الكلمات فماذا عن الأجهزة الأخرى التي تراقب وتتابع تحرك كل قارب وزورق فما بالك ونحن نتحدث عن باخرة شحن بسعة 18 ألف طن . كنت أتمنى ألا يتم التطرق الى هذه الواقعة وألا يتم استخدام مصطلح " التحايل " لأن المواطن الأردني يشعر بالإهانة والخجل إذا كان مستوى الموظفين المحترفين بمثل هذه الضحالة في المنطق والتصرف.
• " إن اللجنة  وجدت ضرورة تزويد القوة البحرية الملكية بمعدات وأجهزة حديثة ومتطورة ورادارات لتعزيز عملها "
إن جلالة الملك لم يقصر في يوم من الأيام في تزويد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بأحدث الأسلحة والمعدات والأجهزة . وإنه لمن المؤلم والمحزن  ومن خلال هذا التصريح بخصوص القوة البحرية الملكية أن نكتشف بأن هذه القوة البحرية تفتقر فعلا الى المعدات والأجهزة الحديثة والمتطورة ورادردرات لتعزيز عملها. أين هي رئاسة الأركان وما هي الإجراءات الواجب اتباعها فورا لتلافي مثل هذا العجز .
والآن فإنني أعود كمواطن أردني لأذكر دولة القاضي عون الخصاونه أن يفي بوعده وأن يخبرنا أولا هل تم تشكيل لجنة  للتحقيق في هذه الحادثة وإذا تم تشكيل هذه اللجنة فما هي نتائجها ولماذا لم يتم إطلاع المواطن الأردني عليها

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012