أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


مسلسل الربيع العربي
20-03-2012 08:59 AM
كل الاردن -


alt

حسين البشابشة

لم يدر في خلد متابعي مسلسل " الربيع العربي " ان ينتصف هذا المسلسل بتعقيدات المشهد السوري، وذلك بعد ان مرت المشاهد التونسية والمصرية بسلاسة وتأخر عرض المشهد الليبي بسبب بعض التعقيدات الاقليمية والقبلية داخل المجتمع الليبي وان انتهى المشهد ، في الوقت الذي كان المشهد اليمني بين شد وجذب حتى وصل الى حالة من حالات الهدوء بعد خروج  الشخصية الرئيسية ، الرئيس علي عبد الله  صالح ، بقدر أقل دموية من ذاك الذي حصل في مع بطل المشهد الليبي ، الراحل القذافي. في خضم هذه الأحداث كان المشهد السوري يشتد سخونة وضراوة، وان كان الكثير من متابعي هذا المسلسل ، كانوا قد توقعوا ان ينتهي المشهد السوري بنفس تسارع المشهد الليبي ، وهذا الذي لم يحدث ، ولن يحدث، لاسباب خارجة عن ارادة المنتج والمخرج. للمشهد السوري متغيرات وعوامل كثيرة ومتعددة ومتشابكة، داخليا ، وأقليميا، ودوليا. فعلى المستوى الداخلي ، لم يكن " اهل الحارة" مع اتجاه التخلص من الرئيس بشار  وان كان جلهم كذلك، لكن تعقيدات التركيبة الطائفية في سوريا ، والتي لعب النظام السوري بورقتها وجعلت بعض الأقليات تلتف حوله خوفا مما قد تحول اليه الأمور من عمليات انتقامية كان قد أوجد على الارض واقعا آخر ، أضطرت معه كثير من القوى الاقليمية والدولية ان تراجع حسابتها وان تبحث عن بدائل أقل كلفة ماديا ولا اقول بشريا، فلطالما كان الدم العربي رخيصا في بورصة المصالح الدولية
الحالة السورية استوقفت الجميع ، من اشد المتفائلين بالربيع العربي ، الى اكثرهم تشاؤما. فالمعطيات الدولية والاقليمية ، والمتغيرات على الأرض محيرة. والقتل مستمر والدم لا يزال ينسكب في ازقة وشوارع الشقيقة سوريا، والمداولات والاجتماعات على كافة المستويات  الدولية والاقليمية والعربية ، لم تسفر لغاية كتابة هذه الكلمات عن واقع جديد يبعث الأمل في نفوس السوريين وكل من احب سوريا. روسيا والصين وكذلك ايران ، تراهن على بقاء النظام السوري بل وتقدم له الدعم السياسي والاقتصادي وكذلك السلاح، وذلك لمصالحها الخاصة، فالروس لن يفقدوا آخر معاقلهم في المياة الدافئة بعد أن خسروا معظمها لصالح أمريكا، فطرطوس مثلا هي الميناء الوحيد في الشرق الاوسط الذي ترسو فيه حاملة الطائرات الروسية الوحيدة، اضافة الى مليارات الدولارات من الديون الروسية على سوريا كأثمان لاسلحة ما استخدمت الا لسفك الدم السوري للاسف، اضافة الى الى الكبرياء الروسي الذي تم خدشه مرات عديدة من قبل الامريكان والغرب، وخوف الروس من انعكاس قيام نظام اسلامي في سوريا على تقوية شوكة الاسلاميين في الجمهوريات السوفييتية السابقة ،لا بل في الشيشان التي لطالما كانت الشوكة الدائمة في الخاصرة الروسية. أما التنين الصيني فسياسة العناد الناعم لتحقيق مكاسب لاحقة عن طريق ابتزاز تغيير المواقف ولعبة اعطني ، فأعطيك. وأيران قضية أخرى وعويصة، فالتحالف الايراني السوري قديم ومتجذر منذ قيام الجمهورية الاسلامية وبداية الحرب العراقية الايرانية فيبداية الثمانينيات، أضافة الى أن ايران تعول على الورقة السورية كثيرا وتعتبرها خطها الدفاعي الاخير من اي هجوم غربي او امريكي او اسرائيل على برنامجها النووي، وتعتبر سوريا قاعدة عمليات متقدمة لها وكذلك حزب الله، لذلك لن تغير أيران من موقفها الداعم للنظام السوري مادام الملف النووي الايران بين شد وجذب على طاولة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن  والبنتاغون . لعبة المصالح المنتنة تظهر بأقسى صورها في الحالة السورية، والمواطن السوري على مذبح هذه التناقضات. سياسات الدول والمصالح لا تؤخذ بحسن النوايا، ودموع الارامل والثكلى والاطفال ما هي الا آثار جانبية للمصالح الدولية. كم هو قبيح هذا الذي يحدث، وكم هو محزن هذا الربيع العربي، فأزهاره تفتحت في برك من دم، ونسماته لوثتها رائحة الاجساد الممزقة والبارود. قد يرد البعض ان لا حرية بلا ثمن، وثمن الحرية الدم، وهذا لا شك فيه ، ولكن كم من الدماء يجب ان تسكب قبل ان يصبح الربيع العربي ربيعا حقا!!؟ وهل يتحمل الضمير الانساني هذا الى مالا نهاية؟
يتبع في حلقة جديدة من مسلسل الربيع العربي...


 huse973@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-03-2012 11:05 AM

الأستاذ حسين..تحية وإحتراما.

مقال طيب وجميل وتشريح نطاسي بارع لربيعنا العربي الذي اضحى خريفا في بعض البلدان ...وإن يكن( اللي بده يسكر لايعد اقداح)بعني شعبناالعربي مستعد لدفع اي ثمن للخلاص مما هو فيه كما قال الشاعر وللحرية الحمراء باب ...بكل يد مضرجة يدق.
الأمن والأمان يا سيدي نعمة لاتقدر بثمن ,ولكن ان يكون الامان سببا لتعاستي وظلمي وتخلفي وتبعيتي..فأنا لااريده...ساتحمل تبعات ذلك البركان الذي قذف الطغاة الى مزبلة التاريخ.. ايا كانت حرائقةالى ان يهدأ بعد ذلك سيجني ابنائي واحفادي ثمار تضجيتي وبؤسي وشقائي طوال عمرياللذي عشت..انا معك في تعقيد الوضع السوري وتأثير الموقع الجغرافي ومصالح الدول الذي ذكرت زاده تعقيدا فالارباح والخسائر لتلك الاطراف هي التي تحدد مواقفها. لك تحيلتي وشكري على غيرتك على امتك ووطنك.











0

2) تعليق بواسطة :
20-03-2012 04:36 PM

اشكرك عمو ابو حسن ع المقال الرائع والله يحفظ اردنا بشعبه وقائده مع خالص التقدير

3) تعليق بواسطة :
21-03-2012 08:53 AM

تحليل رائع مرتكز على قاعده ثقافية واسعة0000 الى الامام

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012