أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


ثنائية الجامعات والبطالة في الاردن

بقلم : العين علي السنيد
19-09-2023 06:05 AM

اعتقد ان معضلة البطالة المتفاقمة في الاردن باتت تشكل تحديا كبيرا للدولة الاردنية، وبما يتطلب ذلك من مواجهتها باجراءات عميقة تتناسب مع اثارها السلبية بعيدة المدى على المجتمع الاردني.

وهي تنعكس في جانب مهم منها عن مخرجات ما يصل الى سبع وثلاثين جامعة، وكلية جامعية في الاردن، وعلى الرغم مما اثرته هذه الجامعات في مسيرتنا التعليمية ، ورفع سوية الانسان الاردني الا انها عمليا الحقت معظم الجيل بالتعليم العالي، واصبحت تخرج في كل عام ما يصل الى نحو سبعين الف خريج في مختلف التخصصات ، والتي لا تجد لها فرصا في سوق العمل، او في مؤسسات الدولة التي لا يزيد ما يمكن توظيفه منها سنويا عن عشرة الاف خريج يتركز جلهم في وزارتي التربية والتعليم والصحة.

وهذا الحال ظل متواصلا لسنوات طويلة حتى ناهزت طلبات التوظيف في ديوان الخدمة المدنية ما يربو على اربعمئة الف خريج الى اليوم، وواضح ان الحكومة بصدد تغير هذه الالية من خلال تحويل ديوان الخدمة المدنية الى هيئة الخدمة والادارة العامة بدء من نهاية هذا العام.

ورغم ما انجزته المملكة من تقدم ملموس على مستوى المعيشة، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية الا ان ذلك لم يظهر في النفسية العامة بسبب تزايد حجم البطالة ، وما احدثته من اثار سلبية في المجتمع، والمتأتية عن وجود هذا الكم الكبير من الخريجين الجامعيين الذين يبقون لسنوات معلقين على امل الوظيفة الرسمية، وهذه المعضلة تبقى ماثلة في الاردن الى هذه اللحظة.

ويمكن في هذا الصدد الاشارة الى تجربة جامعة مؤتة الجناح العسكري، والتي وائمت بين احتياجات الاجهزة الامنية من التخصصات ، واعداد خريجيها، ولم تتجاوز التخصصات الاكاديمية المطلوبة.

وهذا المسار الاكاديمي الذي سلكته الاجيال الاردنية منذ عقود ابعد الشباب الاردني عن متطلبات سوق العمل الحقيقية، وقد تكونت نسب غير مسبوقة من البطالة في كل المحافظات في حين وجد مئات الالاف وربما ما يصل الى نحو مليون من العمالة الوافدة فرصا لهم في سوق العمل الاردني، وكأننا دولة نفطية.

وقد مارست هذه العمالة مهام الاعمار والبناء في الاردن منذ عقود واسهمت في النهضة العمرانية المشهودة وما تزال تستحوذ تقريبا على معظم المهن التي تنشأ عن قطاع الزراعة، والانشاءات ، والسياحة، وكثير من المهن الفردية .

ومن المؤسف ايضا ان حجم المقيد من هذه العمالة في وزارة العمل لا يزيد عن اربعمئة الف عامل، وربما يتسرب في سوق العمل اكثر من ضعفي هذا العدد ممن يعلمون بلا تصاريح عمل، وبذلك يضيع مردود هذه العمالة على الموازنة العامة، والتي تفرض بطالة قسرية على ابنائنا من غير الجامعيين الذين لم يعد بمقدورهم منافستها نظرا لما اكتسبته من مهارات ، وخبرات مع مرور الوقت، وتوسعها في سوق العمل الاردني.

ولذلك فأنا اعتقد اننا امام تحدي اعادة تصويب مسيرة اجيالنا نحو المهن، والتعليم التقني بشكل مكثف، والتوقف عن مجاراة التعليم العالي بهذه الكيفية التي تنعكس سلباً على مجتمعنا.

ولا حل لوقف توسع البطالة في مجتمعنا الا بتحويل جزء كبير من نشاط جامعاتنا، وكلياتنا، ومدارسنا الى التعليم المهني لكي نستطيع ان ننشأ ارضية وقاعدة من المهنين الاردنيين، والتي ينبني عليها الاحلال في سوق العمل الاردني، ووقف خلل هذا الواقع الذي يؤرقنا جميعا، ولا مناص من مواجهته على المستوى الوطني .


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012