أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


سلوكيات مخزية ودروس مؤذية يتعلمها أبنائنا ومواطنينا من تصرفات "وبلطجة" بعض النواب

بقلم : ا.د. أنيس خصاونة
24-06-2012 09:49 AM



العمل البرلماني والمداولات التي تتسم بها مجريات عمل السلطة التشريعية تستند أو يجب أن تستند إلى المشاركة والحوار المبني على الحجة والدليل والتفاوض مع الأطراف والرؤى المتعددة واحترام الرأي الآخر وكل ذلك يعني أن هذا الحوار يتم وفق أسس سلمية حضارية . ومن المعروف أن مجلس النواب هو بيت الشعب ومصدر التشريع وقد كان ينظر له عادة باحترام شديد وقد سمحت القوانين للمواطنين بحضور جلسات هذا المجلس كنظارة يشاهدوا ما يجري من تداولات ومناقشات وتبادل الأفكار والتسويات التي يتمخض عنها عمل مشرعين الوطن ليتعلموا من ذلك الحوار المدني الراقي الذي يتعامل به نوابنا. ولتعميم الفائدة والتعلم من بيت الديمقراطية ومن جهابذة الفكر الديمقراطي من النواب المحترمين فإننا عادة من نرسل طلاب مدارسنا وجامعاتنا ليشاهدوا عن كثب الرقي والدبلوماسية والحس الديمقراطي الذي يتعامل به نوابنا تحت قبة البرلمان.

نعم هذا كان صحيحا في الماضي ولم يعد له صلة كبيرة بما يسود العمل النيابي في الأردن الآن . والصحيح أن ما يحدث في مجلس النواب من بعض النواب أصبح مخجلا ومخزيا ليس فقط بإعطاء صورة غير حضارية عن الأردن في الخارج ولكن في الأذى النفسي والسلوكي والتربوي الذي يلحق بأبنائنا الذين ينظرون لممثلي الشعب على أنهم هم المثل الأعلى لهم!. أي مثل أعلى وأي قدوة تلك التي يعطيها النواب ممن أيديهم دوما على الزناد ويتصرفون تماما مثل تصرفات بعض الأفراد في حسبة الخضار أو العصابات التي لا ترى غير الهجوم الجسدي، والاعتداء اللفظي، والتهديد والوعيد وقضم أطراف الآخرين وعض آذانهم !

صحيح أن مثل هذه الظواهر العنيفة نسمع عنها أحيانا في إيطاليا وتركيا وأوكرانيا ولكنها نادرة بدلالة أن الصحافة وأجهزة التلفزة الأجنبية تغطي تلك الأحداث لندرتها.الوضع في الأردن وخصوصا في المجلس الحالي للنواب أصبح مختلفا ولا تكاد تمر جلسة أو اثنتين إلا وتسمع عن لكمات وأحذية متطايرة وتهديد وهجوم جسدي وأحيانا صفعات على الوجه سواء من النواب لزملائهم أو من بعض النواب لأطراف أخرى من المجتمع المدني . والعجيب أن نواب بعينهم يتصرفون بطريقة عنجهية غير حضارية وبشكل مستمر ومستهتر بكل القيم البرلمانية فكيف نتحاور مع هؤلاء؟ وما الذي يتعلمه أبناؤنا من سلوكياتهم؟ وكيف ستنعكس هذه التصرفات على سلوكيات أولادنا ومواطنينا مع بعضهم البعض؟ وما هي القدوة التي يمكن أن نأخذها من نواب على هذه الشاكلة ممن 'سيوفهم مشرعة ورماحهم جاهزة وألسنتهم جاهزة لكل ألفاظ العنف والتقريع والإساءة؟ أليست هذه هي البلطجة بعينها التي تحدث عنها المصريون أم هي الزعرنة والتشبيح التي يفهمها ويعرف معانيها بعض وليس كل الأردنيون؟ وهل يستوي أن يكون بيت الشعب وسلطتنا التشريعية موئل ومأوى لهكذا أنماط سلوكية مشينة يندى لها جبين شتى مخلوقات الله.

أسئلة كثيرة لا نجد إجابات شافية عليها ولعل أبرزها من ينتخب مثل هؤلاء نواب العنف والأذى ؟من يمثلون وكيف وصلوا إلى مجلس النواب؟ واضح أن الدوائر التي يمثلها هؤلاء النواب دوائر يعرف الناس بعضهم بعضا ويعرفون من يتوفر فيه الحد الأدنى والخصائص السلوكية التي تمكن بعضهم من أن يجلس في هكذا مؤسسة الأصل بها أن تكون هي ومن يعمل فيها مثلا أعلى لبقية الأردنيين. هل غرر بهؤلاء الناخبين الذين أفرزوا نوابا متخصصين في الشتم والعراك بالأيدي والإساءة للآخرين والمزاودة عليهم في الوطنية ؟هل يمكن أن يعيد هؤلاء الناخبين انتخاب مثل هؤلاء النواب الذين يحرجون دوائرهم ومجلس النواب الذي ينتمون إليه ويؤذون سمعة الوطن ويسيئون لمشاعر أبناء وطنهم وناشئته وأجياله؟

يتعلم الأردنيون في مدارسهم وجامعاتهم أن فاقد الشيء لا يعطيه فهل من الممكن أن يكون بعض نوابنا بهذه المواصفات العنفية والعدوانية صالحين لإرساء قواعد الديمقراطية وتعزيز مسيرة الإصلاح السياسي وهم يرمون اتهاماتهم عن اليمين وعن الشمال فتارة يشتمون الإخوان المسلمين وتارة يلعنون جبهة الإصلاح وأخرى يطعنون باليساريين والاشتراكيين . الأردنيون في الوقت الذي يتندرون ويسخرون فيه من تصرفات النواب الشتم والسباب والعراك الجسدي فإنهم يشعرون بالخجل والحزن على ما آلت إليه أمور بعض مشرعيهم وممثليهم كما وينتابهم القلق على مستقبل العمل البرلماني في الأردن إذا ما تكرر الدفع بمثل هؤلاء نواب المفاجئات 'والمباطحات' 'والملاكمات' إلى الوصول إلى هكذا مواقع متقدمة تتطلب حس عالي بالمسؤولية والصبر والاحترام لأراء الناس ومواقفها؟ المؤسف أننا علمنا أن بعض الأمهات أصبحت تخيف أبنائها المشاكسين بإحضار النائب المرعب اذا ما استمر في المشاكسة

التقدم والتخلف كما قيل من أحد خبراء التنمية والتقدم لا يكمن في المباني والأبراج العالية والسيارات التي يركبها الناس والملابس التي يرتديها ولكن تكمن في الكيفية التي يتخاطب الناس فيها مع بعضهم البعض وكيفية احترام الرأي الآخر، ومدى احترام القوانين واللوائح، واحترام حقوق الناس والاحتكام للغة العقل والحوار السلمي وليس للعصي والهروات . نعم لقد أسيء لسمعة الأردن وسمعة كل مواطنيه بتصرفات بعض النواب المسيئة لكل القيم البرلمانية والأخلاقية والديمقراطية والتقاليد الأردنية التي كان ينبغي عليهم الدفاع عنها وبثها ونشرها وإرساء قدوة حسنة ومثل أعلى لأبناء ناخبيهم ومواطني بلدهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونسأل المولى جل في علاه أن يرفع عنا هذا الكرب وذاك الابتلاء في بعض أعضاء مجلس نوابنا .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012