أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 14 أيار/مايو 2024
الثلاثاء , 14 أيار/مايو 2024


يحدث في مصر الآن ... انتبهوا

بقلم : ناهض حتر
03-12-2012 11:44 PM
ألفباء الشرعية الانتخابية أنها دنيوية ومؤقتة ومقيّدة، قانونيا وسياسيا، وتخضع، تاليا، لسلطة القضاء وشرعية المعارضة. وأساس ذلك أن الشرعية الانتخابية هي (1) شرعية متحركة ، من حيث أن عمرها يمتد حتى الانتخابات التالية لا غير، (2) وشرعية منقوصة بالضرورة، من حيث أنها تمثل الأغلبية ( النصف زائد) ولا تمثّل الإجماع، (3) وشرعية سياسية، من حيث أنها تفويض مؤقت بتطبيق سياسات، وليست تفويضا بفرض صيغة أيديولوجية .
وتشكّل هذه القيود والتحديدات، الفاصل بين القوى الديمقراطية والقوى الانقلابية التي تستخدم الشرعية الانتخابية كشرعية مطلقة، وكاملة، وأيديولوجية؛ بحيث تعصف بسلطة القضاء، وتفرض سيطرتها الحزبية والأيديولوجية على الدولة، وتخلط بين الأغلبية البسيطة والاجماع، وتجرّم المعارضة، وتنشئ، في النهاية، نظاما دكتاتوريا.
وهذا هو ما يفعله الإخوان المسلمون في مصر؛ فقد حصلوا على شرعية انتخابية لمنصب الرئيس، محدودة للغاية ( 51 بالمئة) ولم يتمكنوا منها إلا بفضل التحالف مع القوى القومية واليسارية في مواجهة مرشح النظام المباركي، أحمد شفيق. ومع ذلك، فإنهم يستندون إلى تلك الشرعية المؤقتة والمنقوصة والتحالفية، للقيام بانقلاب شامل للاستيلاء على الدولة المصرية، مستخدمين الصلاحيات الرئاسية والإعلانات الدستورية القاراقوشية والبلطجة الصريحة معا.
ولا أظنها حدثت من قبل واقعة كالتي شهدتها مصر، يوم الأحد الماضي، حين أرسل رئيس منتخب، المئات من أنصاره لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا، ومنعها من الانعقاد بالقوة، في اليوم التالي لإطلاق مظاهرات تشتم المعارضين وتخوّنهم وتكفّرهم، وتعتبرهم ' قلة '، مع أن بينهم مرشحاً رئاسياً حصل على أكثر من خمسة ملايين صوت هو حمدين صباحي ومرشحين رئاسيين آخرين وقادة عشرات الأحزاب الوطنية واللجان الثورية، إضافة إلى الكتلة القبطية التي تعدّ عشرة ملايين.
علينا الانتباه، هنا، إلى أن الدكتاتورية تقع في صلب الفكر الإخواني من خلال القول بفكرة 'التمكين'. وهي فكرة انقلابية في جوهرها. وهكذا، فإن ما يسمى التطور الديمقراطي لدى ' الإخوان' لا يعدو كونه ضربا من البراجماتية في استخدام الوسائل الانتخابية من أجل ضمان تمكينهم من السلطة للقيام بانقلاب، كما يحدث في مصر الآن. ولكن، حين تكون الوسائل الانتخابية مغلقة، فإنهم سوف يلجأون للسلاح، كما هو حاصل في سورية الجريحة.
انقلاب من أجل ماذا؟ تطبيق الشريعة.. حسنا.. وماذا بعد؟ ليس لدى ' الإخوان' سياسات تختلف عن السياسات الساداتية ـ المباركية: الاستبداد، الإدارة الشُرطية للمجتمع، حكم رجال الأعمال، اقتصاد السوق النيوليبرالي، الصداقة والتحالف مع الإمبريالية، والتعايش مع إسرائيل. إنما لديهم ميزة هي التي أقنعت واشنطن بتسليمهم مقاليد السلطة، وتتمثل في قدرتهم على إدارة الفقر بما يحول دون الثورة الاجتماعية.
من حسن حظنا، كأردنيين، أن المشروع الإخواني انكشف سريعا في أكبر دولة عربية، بوصفه مشروعا دكتاتوريا عاريا. ولذلك، على القوى التي لا تزال تتحالف مع ' الإخوان' أن تمعن النظر جيدا في سيرورة الأحداث المصرية؛ لقد استخدم ' الإخوان'، الثوريين الشباب، وألقوا بهم جانبا، واستخدموا القوى الديمقراطية والقومية واليسارية، و قفزوا على ظهرها إلى السلطة، وحين بدأوا يتمكنون ـ بفضل التفاهمات مع الولايات المتحدة وإسرائيل ـ تنكروا لوعودهم السابقة، وصادروا الثورة، واعتبروا الثوريين والقيادات الوطنية و60 بالمئة من الشعب المصري، مجرد ' قلة' من 'الخونة' و' الكافرين' .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012