أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


وحتى الكرة...يحكمها المنطق

بقلم : جمال الدويري
13-11-2013 11:25 AM
يقول مثل شعبي كويتي 'الكورة مدور وما يندرى', للدلالة على أن كرة القدم ليس لها ثوابت ولا أسس او زوايا تستقر وتقوم عليها, وان الضعيف قد يربح والقوي قد يخسر يوما ما دون تفسير مقنع لذلك.
صحيح ان للحزين يوم يفرح فيه, وقد يربح مباراة ليست له ولا بالأمل, فيكون هذا خروجا أنيا وربما وحيدا عن ميزان القوى الكروي الذي يحكم بالغالب نتائج النزالات والمنافسة, نعم تكون هذه طفرة لها ظروفها وحيثياتها ومفاتيحها التي قد لا تفتح نفس الباب مرة اخرى. ومثل ذلك, فإنه صحيح أنه من الممكن ان يتعثر فريق ما, له من التاريخ الكروي والمهنية والاحتراف وسجل النتائج ما يخيف كل منافس, ويسقط بقفزة اللامنطق ويخسر مباراة كانت ربما قبل صفارة النهاية بدقائق 'تحصيل حاصل' وفي الجيب, وهذه هي الأخرى ليست مقياسا ولا معادلة حسابية يمكن الاخذ بقانونها او الاعتماد على ارقامها.
من يتابع منتخبنا الكروي, أدائه ونتائجه ومستواه, فإنه لا يصل الى القناعة بأنه أمام خط بياني واضح المعالم, متصاعد بحساب او متنازل بحساب, أو أمام وحدة رياضية متجانسة تقوم على خبرات وقدرات وتخطيط دقيق يناسب عالم الكرة العالمية التي وصلت الى حد الكمال المحكوم للعلم ونظرياته الثابتة.
مع كل حسي الوطني الدافق ورغبتي الشخصية الجياشة بالحصول على كأس العالم في البرازيل, العام القادم, فلا بد وقبل مباراة اليوم أن اسجل مرارتي وحنقي على الفنيات الضعيفة التي ترافق أداء فريق الفزعة الكروي الوطني, والتي تجعل من أدائه ونتائجه, تذبذبا غيرمنسجم وسياق غير متناسق, غير ملبٍ لطموحات وأمال شعبنا العزيز, وحقه بفرحة الفوز والتحصيل.
ورغم انني لست من أصحاب الخبرة, أوممن يدعون القدرة على الحكم المحترف على بواطن كرة القدم, الا انني بالتأكيد متابع جيد لتطورات هذه الرياضة الجميلة منذ عقود وعلى كل المستويات, وشاهد عيان على الكرة الالمانية, مثلا, وفنون اهلها في ارضها ومعظم ملاعبها, والتي اصبحت ظاهرة عالمية متميزة ومدرسة يحتذى بها عالميا.
ومع علمي الأكيد ان المقارنة غير منطقية ولا واردة, وأن لنا امكانياتنا ولهم امكانياتهم, ولكن أبجديات الكرة الأولية واساسياتها التي يجب على كل من يريد احترافها او تمثيل وطنه بها, واحدة وثابتة ولا تحتاج للملايين ولا لما يشبه 'الاليانس ارينا' او 'الأولومبيا شتاديون' الالماني, لغرسها في مهارات اللاعبين او على 'سِنّة' أشوازهم, على رأي معلقينا.
وأولى هذه الأبجديات هي بالتأكيد بعد اللياقة البدنية وتقنيات النفس, شهيقا وزفيرا طيلة تسعون دقيقة هي زمن المباريات الكروية تقريبا, هي مهارة استلام الكرة وتوزيعها, وهنا لا بد من تسجيل الواقع المحزن والأليم الذي تعاني منه كرتنا الوطنية, وبدون مواربة او مكياج, والذي أُلخّصه بأن معظم لاعبينا يفتقرون لهذه الأولوية الأساس التي يُبنى عليها ما تبقى من اللعب والأداء وبالضرورة النتائج والمراتب.
يحزنني دائما أن أرى كرة ترتد بقوة عن أقدام لاعبينا, ولأمتار تزيد على تلك المسافة التي تفصل بين مستقبِلها ومرسلِها, فإما ان تذهب مباشرة للخصم أو تجبر لاعبنا على بذل جهد مضاف للحاق بالكرة والاستحواذ مجددا عليها, وهنا يحدث ما لا تحمد عقباه وما يبعثر الجهد ويشتت التركيز ويضيع الخطة ان وجدت,
يفقد اللاعب اللاهث خلف كرته المرتدة من قدمه بعض ثقته بنفسه, ويصاب بإرهاق اضافي لا مدعاة رياضية لاضاعته او بذل جهده, اضافة الى تأخر الفقرة التالية من اللعب وسلاسة التحرك نحو شباك الخصم او حماية الشباك الذاتية, مرورا بخسارة الكرة المتواتر وانتقالها لأقدام الخصم وارتفاع نسبة تهديده لمرمانا.
وبالمحصلة, فإنه قبل أن نكتب شعر وأدبا كرويا متقدما وعالميا أيضا, فإنه لا بد من تعلم حروف الكرة الهجائية وأساسيات النحو والصرف الرياضية التي تحكم تداول هذه المُدوّرة الجلدية التي سحرت العالم وصنعت تجارة المليارات.
نعم, يا اتحاد كرتنا, ويا ايها المسؤولون عن شبابنا وفرقنا الكروية, من أطفالها وحتى فرقنا الأولى, علموهم تقنية ايقاف الكرة الصحيحة قبل ان ترسلوهم الى مناددة الكبار, وكونوا منطقيين موضوعيين بالطموح والأمل والاعتماد على الفزعة واللعب الرجولي, قبل ان تُعشّموا شعبكم ومريديكم والخائفين على الكرامة الوطنية الكروية بالوصول الى البرازيل او حتى الرجوع بكأس العالم الكروية, وحتى لا تكون السقط مدوية.
على فكرة, شباب الأوروغواي القادم الى عمان, هو شباب محترف ولديه اخلاق الفارس, ولا اعتقد انهم سوف يقسون علينا كثيرا, ولهذا, ولهذا فقط, سوف لا نسمع معلقنا الفذ يكثر اليوم من التكرار 'استر ياللي بتستر' والأمل بالله كبير ان نجاري كرة الضيوف بعض الشئ.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012