أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


فروة الشيخ وديمقراطية الرعيان

بقلم : تمارا سالم الدراوشة
12-05-2014 11:58 AM
عندما نشاهد ذلك الراعي الذي يقود بمفرده قطيعا كبيرا من الأغنام ،وتشعر بأن هناك طريقة خفية يلقي بها الراعي أوامره وتعليماته للقطيع ، وأن هناك إستجابة خفية ، وترى كيف ينقاد ذلك القطيع الكبير لتعليمات الراعي ، التي قد لا تتعدى المناداة بالصوت أو قد تصل إلى إلقاء حجر بإتجاه منطقة معينة ، يفهم القطيع من خلال صوت ذلك الحجر، أن تلك المنطقة محرمة ، وخط أحمر لا يجوز أن تقترب منها ، والغريب أنها تنصاع لأوامره وتعليماته .
الراعي شخص عادي لم يدرس السياسة أو فنون القيادة الحديثة ، أو الأساليب المتطورة في فنون الرعي ، أو تلقى كورسات عن الرفق بالحيوان أو فنون تطويعه .
الجواب على ذلك ، أن الراعي ومثله كثيرون قد تدربوا على فن قيادة القطعان من الأغنام ، وتوارثوها عن الأباء والأجداد ،ويعلموها لأبنائهم ولكن بطريقة تختلف ، إلا أنها تؤدي إلى نفس الهدف ، وهو السيطرة على القطيع مما يجعل المراقب والمتابع للمشهد ، يشعر ظاهريا بروعة الديمقراطية التي يمنحها الراعي للقطيع ، ومستوى الحرية التي يتمتع بها القطيع ،إضافة إلى العلاقة التي تربط الراعي بالقطيع ، كل ذلك ظاهريا فقط ، لكن عند الخوض في العمق ، تجد أن تلك الديمقراطية التي يمارسها الراعي مع القطيع ، والتي لم يمارس بها العنف علنا ، إنما هي ثقافة الخوف التي تربى عليها القطيع ، فسياسة الراعي الحقيقية إتجاه القطيع أنه عندما يجد أن هناك عدد من الأغنام تحاول أن تتطاول على تعليماته ، أو ترفض سماع صوت حجارته التي يلقيها بإتجاه المناطق الممنوع الإقتراب منها ، أو حتى عندما تتجاهل صيحات الراعي وتحاول الإقتراب والتجاوز الى المناطق التي لا يسمح الراعي بالوصول إليها ، فإن العقاب عند الراعي هو ذبحها أولا بأول ، وتقديمها طعاما لأسرته أو لضيفه ، ولذلك نجد أن الراعي عندما يختار من القطيع ليذبحه فإنه يختار من تلك التي تزعجه ولا تلتزم بتعليماته ، وبالتالي تسبب له المشاكل مع أصحاب المناطق التي يمنع أصحابها إقتراب الأغنام منها ،فيبقى الخيار مفتوحا أمام أفراد القطيع.....
هذه هي ديمقراطية الرعيان التي تقوم على مبدأ التخلص مباشرة من كل من يخالف تعليمات وأوامر الراعي .
هذا ذكرني بفروة الشيخ (وأقصد شيخ العشيرة ) والفروة تعني أفراد عشيرته وقبيلته التي هو يتزعمها ، وإختارته شيخا عليها ،ليراعي شؤونهم ويسعى لخدمتهم ، لكن مع تطور الزمن وإختلاف الثقافات والسياسات ، إختلفت نظرة الشيخ لفروته (أفراد عشيرته) فأصبح ينظر إليهم على أنهم موجودين فقط لتسهيل مهمته في تحقيق مصالحه الشخصية .
وتحضرني هنا قصة لأحد الشيوخ ، وحسب الرواية أنه إختلف مع أفراد عشيرته ، وعندما إحتد النقاش بينهم وقف أحد أفراد العشيرة وبعد أن طفح الكيل معه ، قال مخاطبا شيخ العشيرة ، يا شيخ (إنت تعاملنا مثل فروتك ،إذا شعرت بالبرد وضعتها على كتفك ، وإذا دفيت رميتها وجلست عليها ) فغضب الشيخ لتطاول ذلك الرجل ،وأعتقد أن مصير ذلك الرجل لن يكون أحسن حالا من مصير تلك الشاة التي خالفت ذلك الراعي .
مما سبق أعتقد أن العالم اليوم بحاجة إلى ديمقراطية حقة ،ظاهرا وجوهرا بنفس المستوى ، وأن يكون هناك حوارا من طرفين وليس من طرف واحد بينما الطرف الأخرلايملك الوقت حتى يسمع .
لذلك يجب أن تعالج القضايا كل القضايا بشكل فعال وسريع ينسجم مع الواقع ، وأن نتوقف عن نظام الفزعة الذي بات سلوكا يحكمنا ونلتزم به ، فننفعل مع الحدث والقضية ونسعى إلى التهدئة وبعد ذلك نتناساها ولا نذكرها ، إلا إذا ظهرت على السطح مرة أخرى ،ولكنها قد تظهر في المرة القادمة بطريقة مختلفة قد يصعب علاجها أو حتى تناسيها.
وأخيرا فإني أقول ، إن من لا يحمل هم الوطن ، هو بالتأكيد هم على هذا الوطن .
عاش الأردن قيادة وشعبا وترابا

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-05-2014 12:59 PM

السيد المحرر لقد اغفلتم اسم كاتب المقال .

رد من المحرر:
لم نغفله مكتوب اسم الكاتبة تمارا الدراوشة

2) تعليق بواسطة :
12-05-2014 02:10 PM

هذا كلام يساهم في تآكل الذات .

فعندما تقول لجماعه انكم تعيشون مثل الغنم في ذلهم ولايفعلون شيئا ولن يفعلوا طبعا فهذه مساهمه أخرى في اذلالهم .

هذه كتابات مترفه ليس منها اي طائل سوى تعزيز الذل في النفوس وان ادعت الكاتبه انها تحمل هم الوطن .

والمفارقه بما ينتهي به المقال !!!

3) تعليق بواسطة :
12-05-2014 04:00 PM

فكره المقال اعمق مما تتصًور . الفكره اوضحت للقراء أن حريتهم المزعومه لها حدود مرسومه . الكاتبه تقول أن لا الوان رماديه في الديمقراطيه .

4) تعليق بواسطة :
12-05-2014 04:16 PM

،( يا شيخ (إنت تعاملنا مثل فروتك ،إذا شعرت بالبرد وضعتها على كتفك ، وإذا دفيت رميتها وجلست عليها) وهذا ما يحدث بالضبط في الاردن

5) تعليق بواسطة :
12-05-2014 04:26 PM

قصدك العزة التي منحها داعش وارهابيي سوريا للسوريين؟؟ يعني خايف علينا من ذلة النفس وبدك عزة داعش للسوريين...ههههههههههههه

6) تعليق بواسطة :
12-05-2014 05:01 PM

هذا ما يحدث معنا فعلا ولكننا نحاول التعايش معة

ابدعتي يا تمار الدراوشة

7) تعليق بواسطة :
12-05-2014 05:02 PM

دائما مبدعة يا تمارا

8) تعليق بواسطة :
12-05-2014 05:59 PM

رحم الله الشيخ ظاهر الذياب الفايز ،والد الاخ الصديق الدكتور فارس الفايز ،فهو القائل للمير عبدالله المؤسس هذه العبارة" انت تعاملنا مثل فروتك.....!!!!؟؟؟"

9) تعليق بواسطة :
12-05-2014 10:09 PM

اتمنى أن أقرأ تعليق المغترب وللجميع تحياتي

10) تعليق بواسطة :
12-05-2014 10:57 PM

اخالفك الرأي في بعض ما تكتبيه صديقتي العزيزه واود اعﻻمك ان الراعي الذي تقصدينه يعشق غنمه كعشقه ﻻوﻻده ﻻنها معاش له وﻻسرته ولكرمه عند الفزعات لذلك فهي مهمه لديه وﻻ يتنازل عنها بسهوله ... ابنك عندما ﻻ يلتزم بتعليماتك تقومي بمعاقبته فكيف بعناد احدى اﻻغنام .... صديقتي الغاليه اخالفك الرأي بالتشبيه ... العالم تغير وتطور وهناك نهضه شبابيه قويه نحن البدو نعشق البدواه ولكن ﻻ نشبه بالقطيع .... الشيخ اصبح في كثير من المواقف ﻻ يمثل اﻻ نفسه هناك الكثيرين الذين يعشقون باديتهم ويسعون الى تطويرها بدون اوامر الشيخ ...تحياتي

11) تعليق بواسطة :
12-05-2014 10:57 PM

ابدعتي عمتو تمار بوصف الديمقراطيه بكل جراءه

12) تعليق بواسطة :
12-05-2014 10:58 PM

هذا واقع ملموس لاينكره لاشرقي ولا غربي

13) تعليق بواسطة :
13-05-2014 01:03 AM

تعودنا من الكاتبة الكريمة على مقالات قوية في الطرح . ولكن على الكاتب ان يتقبل النقد في هذا المقال بعد واضح عن الواقع وتشبيه لم يوظف في مكانه الصحيح راعي الاغنام اما ان يكون مالكا لها او يعمل بالاجرة وهنا يختلف في تعامله معها ولا يوجد حاكم او شيخ سواء متسلط او ديمقراطي يعمل بالاجرة وهنالك الرعي الحديث حيث يأتي الطعام الى الاغنام ولا تذهب اليه والديقراطية هنا لم تكن في يوم من الايام هكذا اشكر الكاتبة ونتمنى العودة الى قوة المقالات السابقة كما تعودنا منها

14) تعليق بواسطة :
13-05-2014 10:39 AM

ابدعتي تمارا وهذا هوالواقع

15) تعليق بواسطة :
20-05-2014 09:45 AM

اممممممممممممممممممممممممممممممم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012