أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


بدران: موقفنا بدعم العراق ضد إيران حوّل سورية لمصدر قلق أمني للأردن

14-02-2015 12:29 AM
كل الاردن -
الحلقة العشرون من 'سياسي يتذكر'
تواصل زاوية 'سياسي يتذكر' ، النبش في تفاصيل ذكريات رئيس الوزراء الأسبق، ومدير المخابرات الأسبق مضر بدران. واليوم يستكمل ابو عماد، استذكار مواقفه من مفاصل مهمة في تاريخ الأردن.
ويكشف بدران، في حلقة اليوم، عن رأيه في الثورة الإيرانية، وموقفه من شاه إيران محمد رضا بهلوي، وقال: 'كنت اعتبره شخصا جبانا، وقلتها للراحل الحسين'.
كما يكشف بدران بأن زيارة الراحل الحسين إلى طهران، قبل الثورة، أحبطت جهود الوساطة، التي قام بها وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأسبق المرحوم كامل الشريف، بتكليف من بدران، لترتيب لقاء يجمع الحسين بمرشد الثورة الإيرانية اية الله الخميني في باريس.
ويؤكد بدران أن الحسين لما عاد من طهران، شعر بخيبة أمل من الشاه، الذي وصفه لحظة وصوله، بأنه رجل جبان، لأنه رفض اقتراح الحسين الذهاب معه إلى قم، ولقاء القيادات الشيعية فيها، حيث يحظى الحسين باحترام شديد هناك بصفته من آل البيت.
وعن اللحظات الحزينة، بسبب وفاة الملكة علياء بحادثة الطائرة، يكشف بدران اليوم بأن الملكة رحمها الله وقبل مغادرتها إلى محافظة الطفيلة، بعثت للحسين بورقة، أثناء اجتماع رسمي مع أمين عام الأمم المتحدة كورت فالدهايم، تخبره فيها بنيتها المغادرة، فرد الراحل عليها بأن الأجواء غير ملائمة، لتحليق طائرة الهوليكبتر.
وفي حادثة فريدة، يؤكد بدران، ان الراحل الحسين فكر بتغيير ولاية العهد، من الأمير الحسن، إلى ولده من الملكة علياء، الأمير علي ابن الحسين نهاية السبعينيات، حيث كان لبدران وجهة نظر، قدمها للحسين.
وكان بدران تحدث في حلقة أمس عن جوانب مهمة من سلسلة اللقاءات التاريخية التي جرت في نهاية سبعينيات القرن الماضي بين الحسين والراحلين الرئيس المصري أنور السادات، والرئيس السوري حافظ الأسد، والتي كان بدران شاهدا عليها، مستعرضا جهود الوساطة الأردنية لتقريب وجهات النظر بين القاهرة ودمشق، كما تحدث عن جملة الضغوط الأميركية على الأردن لدفعه لتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل إلى جانب مصر.
وفيما يلي نص الحلقة العشرين.
* هل كان لك رأي في الموقف الأردني من الثورة الإيرانية، وهي الثورة التي وقعت وأنت رئيس للحكومة عام 1979، وكانت هناك علاقة تربط الراحل الحسين بشاه ايران؟
- أنا كان لي رأي، لم أغيره في شاه إيران محمد رضا بهلوي، حيث كنت اعتبره شخصا جبانا، وقلتها للراحل الحسين، كان انطباعي عنه مدعوما بموقف قاله لي ذات مرة رئيس الوزراء الإيطالي (برتيني)، الذي زار عمان، حيث قال لي إن الشاه، الذي هرب قبل الثورة بنحو عامين، نتيجة اضطرابات في طهران، وهرب إلى إيطاليا، هو جبان، وقد شعر (برتيني)، وقد كان حينها موظف مراسم في الخارجية الايطالية، بحزن شديد على الشاه، وفي احدى المرات ذهب (برتيني) للكازينو فوجد فيه الشاه، ومباشرة غيّر من وجهة نظره به.
لما بدأت الاضطرابات في طهران تشتد، العام 1978، قدرت، بأنها قد تكون حاسمة في حكم الشاه. في احدى المرات، وكان يتحدث وزير الأوقاف كامل الشريف، بأنه على علاقة طيبة مع وزير خارجية الخميني المقيم في باريس.
مباشرة طلبت منه، أن يذهب لزيارته في باريس، وأن يحاول ترتيب موعد لمقابلة الراحل الحسين بالخميني، وكنت أريد أن نوثق علاقاتنا بالنظام الإيراني الجديد، ويكون لنا مدخل للتعامل معهم.
غادر الشريف إلى باريس، وبالصدفة، عرفت بأن الحسين يريد زيارة طهران، ويلتقي الشاه، ذهبت مسرعا إلى الحسين، وأبلغته بأننا يجب أن نقوي علاقتنا بالنظام الإيراني الجديد، وليس النظام الإيراني المخلوع، وأننا فتحنا قناة اتصال مع الخميني.
الحسين، رحمه الله، أصر على زيارته لطهران، وطبعا فشلت جهود الوساطة، التي قام بها الشريف، والغيت فرصة اللقاء، والسبب بأن الخميني، كان لا يريد أن يكون لقاؤه بالملك الحسين، بعد زيارته لطهران، تبدو وكأنها وساطة بين الشاه والخميني، وتبرد نار الاحتجاجات التي كانت تعم شوارع طهران.
لما عاد الراحل الحسين من طهران، ولدى استقبالي له بالمطار، وقبل أن يسلم علي قال لي: بأن الشاه فعلا كما قلت عنه، رجل جبان، وسألته لماذا؟ فقال رفض الشاه اقتراح الحسين الذهاب معه إلى قم، ولقاء القيادات الشيعية فيها، فهناك الملك يحظى باحترام شديد، كونه من آل البيت، لكن الشاه خاف من الذهاب مع الحسين.

* بالعودة للإغراق في الشأن المحلي، كانت لك محطة مهمة، في مكافحة الفساد، وحولت أكثر من 40 موظفا للمحاكمة بتهمة الرشوة، وذلك قبل أن تستقيل من حكومتك الأولى في العام 1979؟
-نعم، كان وزير المالية محمد الدباس، وكان مدير عام الضريبة عبد الله النسور (رئيس الوزراء الحالي)، كما كان مدير المخابرات أحمد عبيدات، وهم جميعا، أصحاب الفضل في تلك اللحظة، التي أعدنا من خلالها، اعتبار النزاهة والشفافية للجهاز الإداري الرسمي، وعرف من خلال ذلك الموقف أهمية نظافة البيروقراطية الرسمية، التي أردنا لها أن تكون مؤشرا على عدالة ومساواة واستقامة الجهاز الرسمي، وفعلا حولنا قرابة الـ 40 من موظفي الضريبة للمحكمة بتهمة الرشوة، ولم أكن أقبل بأقل من ذلك الحكم بعد الكشف عن ذلك.
فالفساد آفة الحكومات، ومتى توغل في الجهاز الإداري الحكومي، تكون النهاية قد اقتربت، فإذا غابت جهود مكافحة الفساد، فاعلم بأنك كمسؤول تشارك بالفساد، حتى لو لم يدخل جيبك قرش واحد.
لقد كان هدفنا منذ اليوم الأول لي في العمل الحكومي، أن نبتعد عن هذه الشبهات، وأنه يجب أن يكون الجهاز الإداري الحكومي نقيا من مثل هذه التهم، لأنها تهمة لا تفقد المواطن الثقة بالدولة وحسب، لكنها تجعل المواطن أيضا فاسدا، لا يعترف بقانون ولا يعترف بمسؤول يطبق القانون.
وذكرت لك، كيف أن أحد الوزراء دخل عليّ مفتخرا، بأن صديقا له من رجال الأعمال، وعندما عرض على موظف الرشوة، حتى يعجل له في إجراءات معاملته، قال: ما دام مضر بدران على كرسيه، أتمنى أن لا تعيد مثل هذا القول، في مكتب الوزارة، ولقد استكمل كل من عبد الحميد شرف وأحمد عبيدات في حكومتيهما هذا الجهد، وقد استطعنا في تلك الفترة استعادة الثقة بالجهاز الإداري الحكومي والرسمي، لا أقول بأننا قضينا على الظاهرة، ولكن أقول بأننا كافحناها بجدية حقيقية.
*في العام 1977 توفيت الملكة علياء، ماذا عن تفاصيل الذاكرة السياسية حول هذا الحدث؟
-قبل مغادرة الملكة علياء رحمها الله إلى محافظة الطفيلة، وهي الزيارة الأخيرة التي قامت بها قبل وفاتها، بعثت الملكة للراحل الحسين بورقة، أثناء اجتماعنا على الغداء مع أمين عام الأمم المتحدة كورت فالدهايم، وكانت الورقة لتخبر الراحل الحسين بنيتها المغادرة إلى الطفيلة بالطائرة، فرد الراحل عليها بأن الأجواء غير ملائمة، لتحليق طائرة الهوليكبتر، لكن الملكة رحمها الله أصرت على الذهاب، وكان معها الطيار الخاص لجلالة الملك بدر ظاظا، ووزير الصحة محمد البشير، ومرافقها العسكري، رحمهم الله جميعا.
بعد انتهاء الاجتماع، ومغادرتنا، اتصل الراحل الحسين معي، وأبلغني بأن الاتصال مع الطائرة التي تحمل الملكة علياء قد انقطع، ورجح سقوط الطائرة، لكنه أبقى على أمل ضعيف بأن تكون المشكلة أقل من ذلك، وكان الراحل الحسين يضع جهاز الاتصال الخاص مع الطائرة في غرفة نومه.
وصل الخبر الصاعق، بأن الطائرة سقطت، وأن جميع من على متنها توفاهم الله، وهذا ما أبلغني إياه عبد الحميد شرف، الذي كان رئيسا للديوان.
ركب الراحل الحسين طائرته، وكان معه حميدي الفايز، وبعد أن نزل حميدي ورأى هول الكارثة، منع الراحل الحسين من النزول من الطائرة، فالمشهد كان صعبا ومؤلما، على كل من رآه.
اعتكف الراحل الحسين طويلا في بيته، وبقي جالسا لمدة في غرفة نومه، لا يعمل سوى الصلاة، وقراءة القرآن، وكان لا أحد يجرؤ على الدخول على غرفة نومه.
وفي ذات مرة، سألت عنه، فقالوا لي بأنه جالس في غرفة النوم وحده، مباشرة دخلت إلى هناك، طرقت الباب، وأذن لي بالدخول، وسألته بحزم: ما بدنا نشتغل لقد توقف العمل تماما؟!، وهذه بلدك يا سيدي، وانت المسؤول عنها، وما حدا بقدر يشتغل شغلك.
وفعلا، بعدها استعاد الراحل الحسين همته ونشاطه، وسلم بأمر ربه، وحاول أن يخفف كثيرا من آثار حزنه واعتكافه.

*هل صحيح أن الراحل الحسين كان ينوي تسمية ابنه (الامير علي بن الحسين)، من الملكة علياء، وليا للعهد عند ولادته؟
-نعم؛ والأمير الحسن اعتقد بأني وراء الموضوع، لكن هذا ليس صحيحا. لما كنت رئيسا للوزراء، وعبد الحميد رئيسا للديوان، قال الراحل الحسين، بأنه ينوي تغيير ولاية العهد، من شقيقه الأصغر الأمير الحسن، لابنه من الملكة علياء، رحمها الله، الأمير علي.
فوجئت من طرح الراحل، وقلت له: نعم! ثم قدمت وجهة نظري للحسين في الموضوع، وقلت 'هذا الكلام يؤثر علينا كثيرا، ويبعث بشحنة قلق أمني في البلاد'.
وقلت ايضا 'نحن لسنا بصدد التفكير بتغيير ولاية العهد، ولا هي من الأولويات الوطنية اليوم، الأمير علي ما يزال طفلا، والأمير الحسن، اكتسب الخبرة، وقد نكون بحاجته اليوم، أكثر من أي وقت مضى، ثم أنك من ربيت الأمير الحسن، وهو كواحد من أبنائك، فأرجوك يا سيدي أرجئ فكرة تغيير ولاية العهد، حتى وقت آخر، لا نريد أن نبدو مهزوزين أمام المحيط الساخن من حولنا'.
طبعا، تدخل عبد الحميد شرف، الذي أيقظني بمداخلته، وقال للحسين رحمه الله: إن ابو عماد لا يقصد الإساءة، إنما يقول ذلك من باب حرصه على النظام واستقرار البلاد، وهو محب لوطنه ومليكه.
فصحوت على نفسي، بأني بالغت في انفعالي أمام الراحل الحسين.
*كيف كلفك الراحل الحسين برئاسة الوزراء، بعد وفاة الشريف عبد الحميد شرف، وبعد استقالة رئيس وزراء المرحلة الانتقالية قاسم الريماوي؟
-لقد تألمت كثيرا على وفاة عبد الحميد، فهو رجل معدنه نادر، ورجل حقيقي، ومن أهم صفاته، رحمه الله، الاستقامة والنزاهة والإخلاص في العمل، بالنسبة لي كنت أرتاح جدا خلال تعاملي مع هذا الرجل، لما كنت رئيسا للحكومة قبله، وهو كان رئيسا للديوان الملكي، وكنت أشعر بانني مع عبدالحميد أعمل وأنا مطمئن، وكنا نتنافس على خدمة البلد، ولم نكن نتنافس على الإطاحة بأحد.
لم أكن أعلم بأن عبد الحميد رحمه الله كان يعاني من مرض القلب، ولو كنت أعرف بذلك، لما رشحته للراحل الحسين، لأن يكون رئيسا للحكومة، لأن العمل الحكومي لمن يريد أن يكون جادا هو متعب ومرهق، ومؤذ، وعبد الحميد كان مثالا للرجل العام المجتهد والجاد.
وشرف أخلص بصورة منقطعة النظير، وكان حيويا ونشيطا لدرجة ملفتة، كنت بعد تشكيله الحكومة بمدة، قد قررت أن أسافر مع عائلتي إلى الولايات المتحدة، وأريد أن أمضي إجازة طويلة هناك، فقد تعبت جدا من المدة الطويلة في العمل رئيسا للوزراء، بين عامي 1976 وحتى 1979.
بعد مضي 5 أشهر توفي عبد الحميد، واتصل معي الراحل الحسين، وأنا في أميركا، وعزاني بوفاة شرف، صدمت، فقلت له بأني سأعود لعمان، لأكون في جنازته، حاول الحسين منعي فرفضت.
تركت أبنائي في واشنطن، وأبلغت السفارة هناك، بأن يرتبوا لهم بعض أمور الحجز والإقامة، وعدت إلى عمان، واقمت مدة العزاء كاملة، وبعدها عدت لأميركا، وأنا أغادر قال لي أحمد اللوزي، رحمه الله، وكان رئيسا للديوان، بأن علي أن لا أتأخر في العودة إلى عمان، لم أتوقف طويلا عند ما قاله اللوزي وغادرت.
وشعرت بذنب ثقيل، فأنا من رشح عبد الحميد شرف للمسؤولية، والمسؤولية هي من قتلته. بقيت لفترة وأنا غير مصدق حقيقة وفاته.
بعد أن مكثت في أميركا نحو شهرين، عدت إلى عمان، ولم أخبر أحدا عن عودتي، حتى مطلع الأسبوع الجديد، اتصل معي وزير البلاط عامر خماش، وجاء لزيارتي في البيت.
وما أن عرف الناس بأني عدت لعمان، حتى امتلأ البيت بالمهنئين، وإذ بإشاعة عودتي للحكومة، تسري بين الناس، وأنا آخر من يعلم.
وكانت زيارة خماش لي بهدف أن يعرف إن كنت سأوافق على العودة للحكومة، فقد أبلغت الراحل الحسين، لما تركت الحكومة العام 1979، بأني لن أقبل العودة مجددا، بعد الذي عرفته من التعب وواجهته من الصعاب.
ولما كلفني الحسين بتشكيل الحكومة تحت ضغطه علي، قال لي أن الناس صاروا يُقتلون بالشوارع، ويريدني أن أضع حدا أمنيا، لأي تجاوزات أمنية استخباراتية، فقد اغتيل في عمان اللاجئ السياسي السوري عبد الوهاب البكري وقتها، وامتثلت لأوامره، ولما رأيت عبد الحليم خدام، بعد تشكيل الحكومة، وكنا في احدى الاجتماعات الرسمية، قلت له بأن عليهم أن يتوقفوا عن أي خطط تستهدف الأمن الأردني، ولو كنت رئيسا للحكومة، وقت اغتيال البكري، لسلمت فعلا القاتل، الذي نفذ عملية الاغتيال في عمان، وكان سوري الجنسية، جثة هامدة.
وفعلا، قبلت بتشكيل الحكومة، إكراما لذكرى عبد الحميد شرف، وليس لسبب آخر.
وكان من الأسباب الأخرى، التي جعلت الراحل الحسين يعيدني للحكومة، هو استضافة عمان لمؤتمر القمة العربية العام 1980.

* ومباشرة، كان أول ملف من ملفاتك، التي أبلغك الراحل الحسين بها، هو إبعاد قيادات الاخوان المسلمين السوريين من عمان، وهي خطوة قام بها الحسين مع المرحوم عبد الحميد شرف، وكنت لا تعلم بها بسبب وجودك خارج الحكومة؟
-لقد سألني الراحل الحسين، إن كنت على علم بالأمر، وقلت له بأن شرف لم يسبق وأن أتى على ذكر الأمر، فقال بأنه ساعد الاخوان المسلمين، الذين لجأوا إلى الأردن، على السفر لدول عربية أخرى، والسبب بأنه لا يريد أي سبب لتوتير العلاقات الأردنية مع سورية، وفعلا فقد كان حافظ الاسد كثير الشكوى منهم.
وأذكر بأن إخوانا مسلمين من سورية لجأوا إلى الأردن، وأذكر بأن الرئيس حافظ الأسد قال للراحل الحسين، خلال جنازة جوزيف بروز تيتو، في العام 1980، عن مشكلة إخوان سورية المقيمين في الأردن.
وقد كلفني الملك، وأحمد عبيدات الذي أصبح وزيرا للداخلية في حكومتي، في شهر آب 'اغسطس' 1980، أن نزور دمشق، ونتحدث للأسد عن المعلومات التي في حوزتنا.
قابلت الرئيس السوري الأسد، ليبلغني بأن الاخوان المسلمين في الأردن يتآمرون عليه، وانهم يجتمعون في منطقة الرصيفة، وحدد لي لون باب مكان الاجتماع، ووصفه بأنه 'باب زينكو مدهون بلون أخضر'.
كان احمد عبيدات، لم يمض على خروجه من المخابرات فترة بسيطة، فهو انتقل من العمل مديرا لدائرة المخابرات إلى الحكومة وزيرا للداخلية، وبعد أن سألته، أكد لي بأن معلومات الأسد ليست صحيحة، وأن المنطقة التي يتحدث عنها، فيها نحو 280 باب 'زينكو جميعها مدهونة بلون أخضر'. لكنه بدأ فعلا بتجميع المعلومات عن الأمر، واستطاع أن يحدد طبيعة المشكلة.
مباشرة، طلبت لقاء الأسد، وغادر معي عبيدات، وطلبت من ابو ثامر (عبيدات) أن يتحدث بكل ما لديه من معلومات أمام الأسد، وهي تعليمات الراحل الحسين له، وأن يتعامل أمام الرئيس السوري كما يتعامل أمام الملك الحسين، فلا يوجد عندنا ما نخفيه عن السوريين، من معلومات، خصوصا وأنهم يتهموننا بالتآمر.
وأبلغت الأسد، قبل أن يبدأ عبيدات بالحديث، بأننا نتبع اسلوبا مهنيا فنيا في التحقيق، وتدقيق المعلومات، ولا نتبع اسلوب الضرب والتعذيب، وكيف لي أن أعاقب سكان منازل منطقة عدد أبوابها 280 بابا، وأزعج كل من في تلك المنازل، مقابل معلومات للمخابرات السورية، غير دقيقة، وأننا حققنا في الأمر، لكن ليس على طريقتهم، فأسلوب الإكراه والإرهاب سيضلل معلوماتنا، ولن يأتي لنا بالحقيقة، التي نبحث عنها، وبأننا لن نغير طريقتنا تحت أي ظرف.
تحدث عبيدات بكل وضوح، وعُرف عن عبيدات قدرته على شرح المعلومات الأمنية، التي يملكها، وعرضها بمنتهى المهنية، وشرح له الموقف، وقدم كل ما بحوزته من معلومات.
بعدها قلت للأسد: إن الإخوان المسلمين ليسوا هدفا عندنا، وسألت الأسد، بأنك تتعاون مع الحزب الشيوعي السوري، وهو حزب يشارك بالحكومة، ويدعم النظام السوري، فهل اشتكينا بيوم من الأيام من أن الشيوعيين يتآمرون علينا، ويريدون اسقاط النظام الأردني؟
وتابعت: 'كما انت متحالف مع الشيوعيين، نحن متحالفون مع الإخوان المسلمين، وهم لا يشكلون أي خطر على النظام الأردني، وهم مع النظام وليسوا ضده'.
وتابعت ايضا 'نحن يا فخامة الرئيس، بيننا اتفاقية دفاع مشترك، وأمنكم اليوم من أمننا، ونحن لا نغير اتفاقاتنا، لأن عدونا مشترك، وهي اسرائيل، ولا نريد أن نكون مصدر قلق لبعضنا، ويجب أن نتفرغ لمواجهة عدونا الواحد'.
وأبلغته بأننا، وقبل أن يشتكي الرئيس من الإخوان المسلمين، اتينا بقياداتهم، وحذرناهم من اللعب بالأمن السوري، من عندنا، فنحن لا نقبل ذلك.
وأذكرك بموقفي من العراق، عندما ضللنا السوريون، وقالوا بأن العراقيين يحشدون على حدودهم، فحشدنا نحن على حدود العراق لحماية سورية، منعا للعبث بالأمن السوري من خلالنا، ومن خلال حدودنا، أوقفناها ومنعناها عن القيام بمثل هذه الأعمال، كما ذكرت لك سابقا.

*الغريب، انه وفي أعقاب الحديث عن إعلان الوحدة الأردنية السورية، انقلبت الأمور تماما، وصارت سورية، مصدر قلق أمني للأردن، بداية ما السبب؟
-السبب كان موقفنا المعلن من دعم العراق في الحرب العراقية الإيرانية، وموقف السوريين المعلن من دعم إيران، ولذلك حشد السوريون على الحدود الأردنية، في محاولة لقطع الطريق على إمداد العراق، عن طريق ميناء العقبة. خاصة قطع امدادات الجيش العراقي من ميناء العقبة خلال الحرب مع ايران.
وكنت تحدثت لك كيف واجهنا مثل هذا الحشد على الحدود السورية، وكيف جندنا اكثر من 17 الف عسكري في تلك الفترة، لنخفف الضغط عن الحدود السورية، وقد افاد ذلك كثيرا.
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-02-2015 03:23 AM

نحن لا نتبع اسلوب الضرب والتعذيب في تحقيقاتنا!!!!

2) تعليق بواسطة :
14-02-2015 04:35 PM

المذكرات مهمة والكلام لدولته من قلب الحدث ولكن وبسبب الظرف الذي مر بها الوطن في الأيام السابقة باستشهاد طيارنا البطل معاذ الكساسبة لم يتسنى لي وربما للكثيرين الاطلاع على جميع الحلقات راجيا التكرم بوضعها في زاويه على الموقع ليتم الرجوع اليها مع خالص الشكر والمودة

3) تعليق بواسطة :
14-02-2015 05:37 PM

اؤيد ما جاء في طلب السيد منذر حمدان معظم المواقع تضع جميع الحلقات اسفل الحلقة الحالية وشكرا لكم.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012