أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


حين يقول (العربي) كلمته.. ولا يمشي!
15-11-2011 08:13 AM
كل الاردن -


alt

حسين الرواشدة

 
لم يعد المواطن العربي بحاجة الى ان يسأل عن مشروعية انتزاعه حريته وكرامته، فقد سقطت كل "الفتاوى" الدينية والسياسية التي كانت تحرضه على الدخول الى بيت الطاعة او تحذره من الخروج على النظام، او تختزل دوره في مواجهة "الشيطان": شيطان النفس وشيطان الاحتلال والاستكبار تحت لافتة "الصمود" والممانعة، حيث لا يجوز ان يعلو اي صوت على صوت "المعركة" التي لم ينتصر فيها ابدا.

ثمة من يريد الان ان يحشر المواطن العربي بين فكي كماشة القبول بالاستبداد والقمع والموت وبين "شر" التدويل والاستعانة بالاجنبي والتخدل العسكري وفتنة الحرب الاهلية.. وثمة من يريد ان يقنعنا بان اشواق الناس للحرية والتحرر من الظلم و"الرق" لا قيمة لها مقابل الثمن الباهظ الذي ستدفعه الامة اذا ما اطاحت بأنظمتها المستبدة، والذريعة الجاهزة لتسويق هذه "المقولات" المغشوشة يحملها -يا للمفارقة- مناضلون سابقون باسم "العدالة والحرية والديمقراطية" لكنهم -للاسف- سرعان ما استقالوا من "مبادئهم" ومواقفهم حين زلزلت ثورات الشعوب "الانظمة" التي استلهموا منها افكارهم.

الآن استعاد المواطن العربي "وعيه" وروحه الحقيقية، ولم يعد بحاجة للاستعانة "بصديق" لكي يدله على الصواب، سواء كان هذا الصديق من "النخب" السياسية التي ساهمت في سرقة عمره او من النخب الثقافية التي افسدت وعيه وتفكيره لم يعد ايضا ينتظر في طابور "المستمعين" للوعاظ الذين اوهموه بان وظيفته في هذه الدنيا لا قيمة لها مقابل ما ينتظره في الآخرة وبان عليه ان يصبر ويتحمل ويتسامح املا في الثواب وكأنما هو مشروع "اضحية" وليس مخلوقا مكرما ومطلوبا منه ان يصون حريته وينتزعها ويدافع عن كرامته لكي يعمّر حياته بالعدل ويستحق امانة التكليف التي لا تستقيم مع "القبول" بالذل او الشعور بالعبودية او الركون الى الظالمين.

لقد ولّى زمن "النخب" وانتهى عصر "الشعوب القاصرة" وطويت صفحة التاريخ التي كان عنوانها "الطاعة" المطلقة، ومع ميلاد المواطن العربي من جديد تغيرت معادلات الولاءات القديمة وسقطت اوهام ومفاهيم وافكار "معلبة" انتهت صلاحياتها منذ عقود وكأن "الغفلة" التي اجبرت الناس على "شرائها وابتلاعها" انذاك، قد انكشفت عن "يقظة" عامة كسرت حواجز الخوف وفتحت امام الشعوب بابا واسعا نحو "الحرية" هذه التي لا يمكن ان يقايضوا عليها او ان يتنازلوا عنها مهما كانت البدائل المطروحة، ومهما كانت المخاوف والتضحيات ونذر الشرور القادمة.

ثمة من لا يزال غير مقتنع بهذه الحقيقة، وثمة من يريد ان "يزرع" في الطريق الجديد الذي عبّدته الشعوب بدمائها وصرخاتها "الغاما" وفزاعات للتخويف من القادم: الاجنبي على طائرته، الفتنة الطائفية وصراعاتها المدمرة، العدو المتربص على الحدود، جدران الصمود حين تسقط ويتسلل منها "الطامعون" في النفوذ.. اما الشعوب التي تصرّ على تحررها فلا مكان لها في المعادلة و/ أو الاوطان التي "سرقت بالكامل" فلا قيمة لبقائها من دون بقاء الزعيم الاوحد واما "الاعمار" التي سرقت والاموال التي نهبت فلا بأس ان تذهب كرمى لعيون الواقفين على خطوط "الممانعة" والتصدي للعدو الذي لم تجرحه شوكة بعد.

من حق المواطن العربي -ولو لمرة في العمر- ان يقول كلمته ولا يمشي.. ان يفتي لنفسه ويستفتيها، ان يتحرر من وصاية "النخب" التي خدعته، من حقه ان يقرر مصيره بعيدا عن الاسئلة المغشوشة التي تريد ان تورطه في قبول الحاضر خوفا من مواجهة المستقبل والغيب.. او تريد ان تخيّره بين امرين مرّين: الاذلال او الاحتلال.. وكأنه "بالحرية" لا يستطيع ان يواجه الاثنين معا.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012