أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


من الميادين الى الصناديق.. انتصارات الاسلاميين هل كانت مفاجأة؟
05-12-2011 08:26 AM
كل الاردن -

alt
 حسين الرواشدة

 
لم يكن وصول الاسلاميين الى الحكم في تونس والمغرب واقترابهم في مصر من انتزاع اغلبية في البرلمان مفاجأة، ولم يكن –ايضا- حدثا معاكسا لاتجاه الثورات التي انطلقت هناك، فالدين كان حاضرا –وبقوة- في كل الميادين التي اعتصم فيها الناس احتجاجا على الانظمة والتدين –بمختلف انماطه- كان “فاعلا” في ايقاظ شعلة “التغيير” داخل الشعوب التي عانت طويلا من الظلم والاستبداد.

على مدى العقود الماضية حاولت الانظمة السياسية انتاج انماط محددة من التدين لترسيخ شرعيتها، وتكريس همينة المؤسسة الدينية الرسمية لمواجهة حالة التدين الثقافي والسياسي واغراق الافراد واشغالهم في قضايا الايمان الفردي والاخلاص والطاعة وتراشق فتاوى التكفير والتخويف من العنف والارهاب لكن يبدو ان محاولات اختزال “فكرة” الدين في انماط استهلاكية او شخصية او اجرائية لم تنجح مما اتاح للناس –اولا- ان يعبروا عن تدينهم بوسائل جديدة تتناسب مع فهمهم للدين من جهة ومع حاجاتهم الى الحرية والكرامة والحياة الفضلى التي حرموا منها، ومما اتاح –ثانيا- للحركات الاسلامية ان تملأ الفراغة بخطاب اكثر تأثيرا واقناعا للناس من خطاب الدين الرسمي.

حين قرر المجتمع ان يستعيد عافيته لم يجد امامه سوى “الدين” لكي يستعين به، ومن هنا كانت “التربة” التي خرجت منها كل الثورات العربية وكل حركات “التغيير والاصلاحتربة “دينية” بامتياز، الرموز التي اشعلت الهتافات والمساجد التي خرجت منها الاحتجاجات والقيم التي رفعت في الشعارات و”الشهادة” التي ظلت حاضرة في وعي “الثوار” كلها كانت تعبر عن الوازع الديني الذي حرك الناس حتى من غير المتدينين للنزول الى الميادين والمطالبة بالتغيير.

لماذا حدث ذلك؟ لديّ اسباب عديدة منها ان الانسان العربي “متدين” بطبعه، وان الدين يشكل الباعث الاساسي لحركته، وان لديه قناعة راسخة بان طريق استرداده لهويته وكرامته يمر “بالضرورة” من خلال “الدين” كما ان الرد على الانظمة التي استلبته حقوقه وغربته عن جوهره وعلى الآخر الاجنبي الذي “اهانه” واراد ان يلحقه به.. لن يكون مؤثرا الا اذا استند الى حقيقة واحدة وهي استدعاء “حالة الامة” التي يشكل الدين اساسا “لعافيتها” وباعثا على وحدتها ودليلا على مدى قدرتها على استئناف مشروعها الانساني وتقديم تجربتها بلا خوف ولا تنازل وبدون شعور بالدونية.

اذن، اذا كانت الثورات العربية قد خرجت من مهاد ديني “لاحظ ان ثمة فرقا جوهريا بين الدين والتدين” واذا كانت الشعوب هي التي صنعتها فان انحياز الناس الى الاسلاميين باعتبارهم يمثلون “من وجهة نظرهم” “التدين” الذي ظل ممنوعا ومضطهدا وبعيدا عن الحكم وعن الفساد يبدو خيارا مفهوما، ومع اننا لا نريد ان نسأل فيما اذا كان هذا الخيار صحيحا ام لا، وفيما اذا كان يعبر عن افلاس تجارب الاخرين مقابل الرغبة في “تجريب” الاسلاميين، او عن الشوق الذي يراود الانسان العربي لاستعادة “نسخة” من تاريخه البعيد، فان المهم هنا هو احترام “ارادة” الناس وتقدير اختياراتهم مهما كانت ما دام انها عبرت عن نفسها بوسائل مشروعة ونظيفة، والاهم من ذلك هو الاعتراف بان “تاريخا” جديدا قد بدأ في عالمنا العربي وهذا التاريخ تكتبه الشعوب ويتوافق مع هويتها ومرجعيتها وسواء كان الاسلاميون ابرز الفاعلين فيه او كان غيرهم فانه يبقى حلقة من حلقات طويلة تحتاج لمزيد من الفهم والتوافق والبناء لا الى التناوش والصراع والهدم.

يبقى نقطة اخيرى هي ان ما حدث في “الميادين” العربية صبت بشكل او بآخر في “صناديق” الانتخابات وارجو هنا ان نتذكر مشاهد الحضور الديني (بكل رموزه وانماطه ورغبات الناس التي عبّرت عنه) لكي نفهم حقيقة النتائج التي افرزتها صناديق الانتخابات ولكي لا نصدق ما يقال عن تهم عن “اختطاف” الثورات وعقد الصفقات وخيارات الناس البسطاء وغيرها من مقولات الذين اكتشفوا وزنهم في الشارع فبادروا الى “شيطنة” الاخرين واشهار فزاعات التخويف من “الاسلاميين” القادمين الى الحكم.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-12-2011 06:01 PM

نعم ان الحضور واضح
لقد إنخرطوا في معاهدة السلام وشاركوا في الحكومه
وقالوا في الثوره المصريه كل شىء فمنهم من حاور عمر سليمان ومنهم من أنكر التصرف وغيره كثير والزمن ليس عنا ببعيد ...............
أما في الأردن فقد قرأت بياناتهم عام 1989 واستقالوا من المجلس المصادق على وادي عربه ولم يتسنى لي الإحتفاض بملف الخبز 1996
السؤال متى غادر الإسلاميين بوابة الديوان
ومع ذلك فإن المرحله القادمه لهم فإن زورت الإنتخابات لإبعادهم ستصنع القادمه لهم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012